هل انتهت صلاحية شركة سوليدير؟ هذا ما وصلت اليه المستشار المقرر ريتا كرم في تقريرها في مجلس شورى الدولة في 12/10/2020. القاضية كرم رأت انه يجب ادخال الشركة اللبنانية لتطوير واعادة اعمار وسط بيروت ش.م.ل. في المحاكمة التي فتحها صاحب فندق السان جورج فادي خوري ضد الدولة اللبنانية، وخلصت في تقريرها الى قبول طلب إعادة المحاكمة في الشكل وفي الاساس والرجوع عن القرار المطلوب الاعادة بشأنه الصادر عن مجلس شورى الدولة وابطال المرسوم رقم 15909 تاريخ 9/12/2005 المتضمن تعديل المادة الرابعة من النظام الاساسي لشركة سوليدير الذي مدد مدة الشركة الى خمس وثلاثين سنة بدلاً من خمس وعشرين سنة تبدأ من تاريخ التأسيس النهائي عام 1994.
في اعادة المحاكمة وادخال سوليدير فيها
في الشكل، اعتبر التقرير ان المادة 97 من نظام مجلس شورى الدولة نصت على قبول طلب إعادة المحاكمة اذا لم يراع في التحقيق والحكم الأصول الجوهرية التي يفرضها القانون. وان هذه الأصول الجوهرية وفق تعريف الاجتهاد هي الاجراءات التي لا بدّ من اتباعها لاعتبارها من مقومات التحقيق والحكم أي المتعلقة بقاعدة أساسية من أصول المحاكمات لاتصالها بالانتظام العام أو المبادئ العليا التي قد ينص عليها القانون الوضعي صراحة أو يكرس مضمونها أو آثارها، أو تلك التي من شأن عدم مراعاتها المسّ بحقوق المتقاضين او تلك التي لم تمت مراعاتها لادّى ذلك الى تغيير النتيجة التي اقترن بها الحكم. وبعد ان عدد التقرير الاسباب الموجبة، خلص الى ضرورة اعادة المحاكمة والى ادخال شركة سوليدير فيها.
في عيب الاختصاص
اعتبر التقرير بان المستدعي يدلي في المراجعة الاساسية بأن المرسوم المطعون فيه رقم 15909/2005 مستوجب الابطال لمخالفته القانون لانه تضمن تمديد مدة الشركة اللبنانية لتطوير واعادة اعمار وسط بيروت ش.م.ل من 25 الى 35 سنة خلافاً للقانون لأن مجلس الوزراء لا يسعه سوى المصادقة على مقررات الجمعية العمومية غير العادية للشركة في ما يتعلق بتعديل النظام الأساسي فيها.
وأنه وفق قواعد القانون الاداري إن سلطة التصديق Le pouvoir d’approbation تقتصر إما على الموافقة على ما قررته الجمعية العمومية للشركة بحسب صلاحياتها القانونية وفي هذه الحالة يصبح القرار نافذاً، أو على عدم الموافقة وبالتالي رفض التصديق.
وأنه اذا كانت السلطة التنفيذية المتمثلة بمجلس الوزراء تملك صلاحية التصديق على مقررات الجمعية العمومية أو عدم التصديق عليها وفق نص المادة 5 فقرة 9 من المرسوم الاشتراعي رقم 5/1977 واحكام النظام الاساسي للشركة، فان ذلك لا يمنحها إمكانية الحلول محل الجمعية العمومية للشركة واستبدال ما قررته بمقررات اخرى او تعديل مقررتها، انما يقتصر دورها على قبول او رفض تلك المقررات.
وخلص الى اعتبار انه يكون المرسوم المطعون فيه مشوباً بعيب الاختصاص ومستوجباً الابطال.
في الانحراف باستعمال السلطة
التقرير اعتبر كذلك أن المستدعي يدل بأن المرسوم المطعون فيه مستوجب الابطال بسبب اتخاذه لغاية غير الغاية التي من اجلها خول القانون السلطة المختصة حق اتخاذه، لان الهدف من تعديل نظام الشركة الاساسي هو اداء خدمة خاصة الى شركة سوليدير وليس تأمين المصلحة العامة باعتبار أن لهذه الاخيرة منفعة خاصة بهذا التمديد، لا سميا وأن المدة الاساسية للشركة والبالغة 25 سنة لم تكن قد انقضت بتاريخ صدور مرسوم التمديد المطعون فيه بل كان يتبقى منها 14 سنة. في حين ان المشروع الذي انشئت من اجله الشركة وحددّت المدة الاصلية على أساسه كان قد شارف على الانتهاء ولم يبقى منه قيد التنفيذ سوى 10 بالمئة.
فيما المستدعى ضدها ادلت بالمقابل بان السبب المتعلق بانحراف السلطة مستوجب الردّ لأنه لا يكفي الادعاء بأن الادارة انحرفت باستعمال السلطة بل يجب تقديم الاثباتات المادية والقانونية على ذلك. وان التعديل الحاصل بموجب المرسوم المطعون فيه أملته ضرورات واقعية وقانونية تتصل بعمل الشركة وبالمشاريع التي تتولاها والتي تتطالب تمديد الفترة الزمنية لاتمامها. وانه لا علاقة بين مدة شركة سوليدير والمدة اللازمة لتنفيذ اشغال البنية التحتية الملحوظة في العقد، وان المشروع لم يشارف على الانتهاء كما يزعم المدعي.
وبما ان المشترع اراد تحقيق غاية اساسية من انشاء الشركة وهو ترتيب واعمار المناطق المتضررة بسبب الاحداث الامنية التي ألمت بلبنان، وأدت الى تدمير وسط العاصمة. وقد استعان بأداة قانونية هي إنشاء شركة عقارية، حدد موضوعها وخولها القيام بما يلزم، لتحقيق هذه الغاية. وبما ان اعطاء الشركة الحق ببيع العقارات الناتجة عن ترتيب المنطقة وعن ردم البحر والبناء عليها او تأجيرها او استثمارها، لا يعني بأن هذه الاعمال يمكن ان تتحول الى موضوع اساسي للشركة العقارية، وان تعتبر الشركة بالتالي انه طالما استمرت اعمال البيع والتأجير والاستثمار فان موضوع الشركة يكون ما يزال قائما ولها الحق بالتالي ان تمدد مدتها. فالاقرار يعين بذلك الاستمرار بالرشكة دون سقف زمني، ولو صح ذلك لانتفت الحاجة الى تحديد مدة الشركة في نظامها الاساسي كما يفرضه المشترع بموجب المادة الثالثة المذكورة.
وبما ان اضافة هذه المهام الخارجة كليا عن موضوع ترتيب واعمار المناطق المتضررة من الحرب وهو سبب وجود الشركة العقارية، قد جرت دون اجازة المشترع، وبصورة مخالفة للمادة 3 من القانون رقم 117/1991. يكون المرسوم المطعون فيه بالتالي يستوجب الابطال.