الهيئة: الرئيس فيصل مكي.
بنك مصر لبنان ش.م.ل/ابو الحسن
1- الطبيعة المزدوجة لسلطة رئيس دائرة التنفيذ المشتملة على سلطة قضائية وسلطة أخرى آمريّة.
2- تمتع رئيس دائرة التنفيذ في معرض سلطته الآمرية بسلطة إصدار الأوامر على عرائض الخاضعة للنظام القانوني لهذه الأخيرة وبسلطة إدارة المعاملة التنفيذية غير القابلة لأي طريق من طرق الطعن.
3- اعتبار قرار رئيس دائرة التنفيذ بتكليف مأمور التنفيذ ترصيد المعاملة التنفيذية محصور بهذا الأخير فقط دون أي مفعول أو أثر على أطراف المعاملة.
4- عدم قابلية قرار رئيس دائرة التنفيذ بتكليف مأمور التنفيذ بترصيد المعاملة التنفيذية للطعن لدخول هذه المسألة ضمن السلطة الاستنسابية.
5- اعتبار الاعتراض واردًا ضمن المهلة القانونية على الرغم من تقديمه خارج مهلة الخمسة أيّام من تاريخ التبليغ عملًا بقانون تعليق المهل.
6- اعتبار اشتراط الإيفاء بعملة أجنبية محصور بحالة إجازة التعامل بعملة الذهب الأمر غير المطروح في لبنان حيث التعامل بعملة الورق إجباري.
7- اعتبار إلزامية التعامل بالعملة الورقية حائلًا دون اشتراط حصول إيفاء التعهدات النقديّة بالعملات الأجنبية.
8- لا مجال للتذرع بأحكام المادة /356/ من قانون التجارة البريّة عند وجود دين ثابت بعقد قرض وليس بموجب سندات.
9- عدم امكانية اشتراط إيفاء الدين بالدولار الأميركي كون للعملة الوطنية قوّة إبرائية شاملة.
10- اعتبار ولاية رئيس دائرة التنفيذ ولاية حصرية من غير الممكن توسيعهاً في مرحلة الاعتراض على الإيداع.
11- عدم صلاحية رئيس دائرة التنفيذ في النظر بالاعتراض المتعلق بسعر صرف الدولار الاميركي كونه يطال أصل حق الدائن وكيفية احتسابه.
12- وجوب وقف تنفيذ المعاملة لدى وجود منازعة حول تحديد سعر الصرف في العلاقة بين الطرفين.
لدى التدقيق؛
تبيّن؛
أن بنك مصر لبنان ش.م.ل.، وكيله المحامي رامي سميرة، تقدّم بتاريخ 7/7/2020 بمشكلة تنفيذية بوجه السيد ه.ا. عرض فيها، أنه بتاريخ 19/1/2019 وقّع هذا الأخير على عقد قرض استحصل بموجبه على تسهيلات مصرفية بالدولار الأميركي ورد أن التسديد يتم بالعملة المحدّدة له أي بالدولار الأميركي، وأنه استحق عليه مبلغ /84.101/ د.أ. فتقدّم بالمعاملة التنفيذية رقم 1914/2019 تحصيلاً لدينه، فأودع المستشكل بوجهه شيكاً بقيمة /126.783.000/ ل.ل. وإفادة بسعر القطع من مصرف لبنان وطلب ترصيد المعاملة، فصدر القرار بتكليفه إبداء موقفه من ذلك وبتكليف مأمور التنفيذ بترصيد المعاملة، وأدلى بأن إيداع الدين بالليرة اللبنانية ليس تسديداً للمديونية المطالب بها التي هي بالدولار الأميركي والتي تمّ التعاقد على أن يصار إلى تسديدها بهذه العملة، وأن هذا الإيفاء غير صحيح وغير منتج لأية مفاعيل وغير مبرئ لذمة المستشكل بوجهه، وذلك لأن المستشكل بوجهه مدين بموجب سندات لأمر تنطبق عليها أحكام المادة /356/ من قانون التجارة البرية التي تجيز إلزام المدين بتسديد دينه بعملة أجنبية، وأن العلاقة خاضعة لمبدأ الحرية التعاقدية وإلزامية العقود، وأضاف أن الفقرة الثانية من المادة /301/ من قانون الموجبات والعقود أجازت اشتراط الإيفاء بموجب عملة أجنبية، لأن التعامل بعملة الورق ليس إجبارياً، وأن منع البنود التي تعتمد العملة الأجنبية كعملة إيفاء الدين الداخلي لا يطبّق في لبنان بسبب نص الفقرة الثانية المذكورة، هذا فضلاً على أن المادة /754/ من قانون الموجبات والعقود توجب على المقترض في قرض الاستهلاك أن يرد النقود أو المثليات في الأجل المتفق عليه مقداراً يماثلها نوعاً وصفة، وأدلى على سبيل الاستطراد بأن بند الإيفاء بالعملة الأجنبية هو بن ربط clause d’indexation وبالتالي يتوجب احتساب المبلغ وفق السعر الذي يخوّله الاستحصال على دولار أميركي عند التسديد، أي سعر السوق، وأكثر استطراداً أدلى بأن المستشكل بوجهه لم يسدّد الفائدة المتوجبة على الدين، وطلب بالنتيجة إبطال القرار تاريخ 6/7/2020 وإلزام المستشكل بوجهه بتسديد مديونيته بالدولار الأميركي واعتبار الإيداع الذي أجراه بالليرة اللبنانية هو غير صحيح وغير قانوني وغير منتج لمفاعيله القانونية وغير مبرئ لذمته، واستطراداً طلب إلزامه بتسديد المديونية وفق سعر صرف السوق، وأكثر استطراداً طلب إلزامه بتسديد الفائدة المتوجبة على الدين بمعدل 10.5% تُحتسب وتُضاف على الأصل شهرياً منذ 21/12/2018 ولغاية التسديد الفعلي، على أن يكون القرار نافذاً على أصله، وتضمين المستشكل بوجهه الرسوم والمصاريف والأتعاب كافة؛
وأن المستشكل بوجهه، وكيله المحامي مازن المصري، أبرز بتاريخ 22/7/2020 لائحة جوابية أدلى فيها، أن الفقرة الثانية من المادة /301/ من قانون الموجبات والعقود غير قابلة للتطبيق لأن المقصود بألا يكون التعامل بعملة الورق إجبارياً هو عندما يكون التعامل مباحاً بعملة الذهب أو النقود المعدنية، في حين أنه في لبنان فإن التعامل بعملة الورق إجباري، وأضاف بأن أحكام قانون التجارة البرية غير منطبقة لأن موضوع القرض شراء مسكن وليس قرضاً تجارياً، وأن المصارف ملزمة بسعر الصرف الرسمي المحدّد من قبل المصرف المركزي، أما قيمة الفوائد فتحدّدها دائرة التنفيذ منذ تاريخ تقديم الطلب وحتى تاريخ الدفع الفعلي على أساس الفائدة القانونية أي 9% سنوياً، وطلب في الختام ردّ المشكلة التنفيذية لعدم ثبوت تحقّق الضرر، ولعدم صحتها ولعدم جديتها ولعدم قانونيتها، وإلزام المستشكل بالعطل والضرر، وتضمينه الرسوم والنفقات والمصاريف والأتعاب؛
وأنه في الجلسة المنعقدة بتاريخ 30/9/2020 اختتمت المحاكمة أصولاً؛
بناء عليه
حيث إن المصرف المعترض يطلب إبطال القرار تاريخ 6/7/2020 الصادر في متن المعاملة التنفيذية رقم 1914/2019 والقاضي بتكليف مأمور التنفيذ بترصيد المعاملة؛
وحيث إنه يُستشف من أحكام المادة /829/ من قانون أصول المحاكمات المدنية أن رئيس دائرة التنفيذ يمارس نوعين من السلطات: سلطة قضائية عندما يفصل في مشاكل التنفيذ التي تُقدّم أمامه، وسلطة آمرية عندما يُصدر الأوامر المتعلّقة بالتنفيذ من أجل دفع المعاملة التنفيذية حتى بلوغ نهايتها المرجوة؛
وحيث إنه يقتضي أيضاً التفريق بين نوعين من السلطات التي يمارسها رئيس دائرة التنفيذ في إطار سلطته الآمرية: سلطته بإصدار الأوامر على العرائض وهي تخضع للنظام القانوني التي تخضع له الأوامر على العرائض، وسلطته بإدارة المعاملة التنفيذية التي تتعلّق إجمالاً بالإدارة القضائية وحدها وهي لا تقبل أي طريق من طرق الطعن؛
حلمي الحجار وهالة الحجار: أصول التنفيذ الجبري، /2010/، بند /123/، ص. /259/
وحيث إنه من القرارات التي يصدرها رئيس دائرة التنفيذ بموجب سلطته بإدارة المعاملة التنفيذية، القرار القاضي بتكليف مأمور التنفيذ بترصيد المعاملة التنفيذية كون هذا القرار بذاته لا يعني سوى مأمور التنفيذ ولا يترتّب عليه أيه مفاعيل أو آثار قانونية على أطراف المعاملة، طالما لم يصدر أي قرار آخر بشأن الترصيد الذي سيجريه مأمور التنفيذ؛
وحيث إنه بالتالي فإن تكليف مأمور التنفيذ بالشكل الموصوف أعلاه يدخل ضمن السلطة الاستنسابية لرئيس دائرة التنفيذ، فيكون غير قابل للطعن، الأمر الذي يستوجب ردّ طلب المعترض لهذه الجهة؛
وحيث إن المعترض، انطلاقاً من حقيقة ما يرمي إليه، يشكو من دفع دينه، المحدّد بالدولار الأميركي، بالليرة اللبنانية على معدل سعر الصرف المحدّد من قبل مصرف لبنان، على خلفية إقدام المنفّذ بوجهه، قبل إجراء البيع، على إيداع مبلغ من النقود بالليرة اللبنانية؛
وحيث إن المادتين /369/ و/370/ من قانون أصول المحاكمات المدنية أوجبت على القاضي إعطاء الوصف القانوني السليم للأعمال المتنازع فيها دون التقيّد بالوصف المعطى لها من الخصوم، والفصل في النزاع وفق القواعد القانونية التي تطبّق عليه؛
وحيث إنه بالتالي فإن الاعتراض الراهن، بحسب تكييفه القانوني السليم، يستظل بأحكام المادة /959/ من قانون أصول المحاكمات المدنية التي ترعى الاعتراض على الإيداع؛
وحيث إن المادة /959/ المذكورة أوجبت إبلاغ الإيداع من الدائن الذي يمكنه تقديم الاعتراض على الإيداع خلال مهلة خمسة أيام من تاريخ التبليغ، كما فرضت النظر في هذا الاعتراض وفق الأصول المتبعة في القضايا المستعجلة؛
وحيث إن المعترض تبلّغ الإيداع بتاريخ 22/6/2020 وتقدّم باعتراضه هذا بتاريخ 7/7/2020؛
وحيث إن القانون رقم /160/ تاريخ 8/5/2020 المتعلّق بتعليق المهل القانونية والقضائية والعقدية، علّق حكماً بين تاريخ 18 تشرين الأول 2019 و30 تموز 2020 ضمناً سريان جميع المهل القانونية والقضائية والعقدية الممنوحة لأشخاص الحقين العام والخاص بهدف ممارسة الحقوق على أنواعها، سواء أكانت هذه المهل شكلية أو إجرائية أو امتد أثرها إلى أساس الحق؛
وحيث إن القانون رقم /185/ تاريخ 19/8/2020 المتعلّق بتمديد المهل ومنح بعض الإعفاءات من الضرائب والرسوم، مدّد العمل، بموجب المادة الثالثة منه، بأحكام القانون رقم 160/2020 لغاية 31/12/2020 ضمناً؛
وحيث إنه، في ضوء تعليق المهل، يكون الاعتراض الراهن وارداً ضمن المهلة المفروضة قانوناً وبالتالي مستوجباً القبول في الشكل؛
وحيث إنه لجهة موضوع الاعتراض، فإن المعترض يطلب، من نحوٍ أول، إلزام المنفّذ بوجهه بتسديد مديونيته بالدولار الأميركي واعتبار الإيداع الذي أجراه بالليرة اللبنانية هو غير صحيح وغير قانوني وغير منتج لمفاعيله القانونية وغير مبرئ لذمته؛
وحيث إن الإيفاء كسبب من أسباب سقوط الموجبات يخضع لأحكام المادة /301/ من قانون الموجبات والعقود إذا كان الدين مبلغاً من النقود؛
وحيث إن الفقرة الأولى من المادة المذكورة أوجبت الإيفاء من عملة البلاد عندما يكون الدين مبلغاً من النقود؛
وحيث إن هذا المبدأ بفرض الإيفاء بالعملة الوطنية مكرّس أيضاً في نصوص قانونية أخرى، إذ يمكن استخلاصه من نص المادة /192/ من قانون النقد والتسليف وإنشاء المصرف المركزي التي عاقبت كل مَن يمتنع عن قبول العملة اللبنانية، والمادة السابعة من نفس القانون التي أعطت للأوراق النقدية التي تساوي قيمتها الخمسمائة ليرة وما فوق قوة إبرائية غير محدودة في أراضي الجمهورية اللبنانية؛
وحيث إن قانون العقوبات جرّم أيضاً كل مَن يأبى قبول النقود الوطنية؛
وحيث إنه في إطار نفس السياق التشريعي، وضمن القوانين الحديثة نسبياً، أوجب قانون حماية المستهلك الصادر بالقانون رقم /659/ تاريخ 4/2/2005 على المحترف الإعلان عن الثمن بالليرة اللبنانية، وعاقب في المادة /120/ منه كل مَن يُخالف ذلك، الأمر الذي ينبئ عن توجّه تشريعي ثابت ومتناسق ومتّسق بعدم إمكانية فرض الدفع بالعملة الأجنبية، لا بل بعدم إمكانية رفض الدفع بالعملة الوطنية؛
وحيث إنه إضافة إلى ما تقدّم بيانه، يتبيّن أن المادة /192/ من قانون النقد والتسليف وإنشاء المصرف المركزي المشار إليها أعلاه أحالت إلى المادة /319/ من قانون العقوبات التي تتكلم عن إحداث التدني في أوراق النقد الوطنية وزعزعة الثقة في متانة نقد الدولة، الأمر الذي يُستشف منه أن مبدأ الإيفاء بالعملة الوطنية يتعلّق بالنظام العام المالي الحامي للنقد الوطني الذي لا يجوز مخالفته؛
وحيث إن إدلاء المعترض بأن نص الفقرة الثانية من المادة /301/ من قانون الموجبات والعقود يبيح اشتراط الإيفاء بالعملة الأجنبية يستند إلى تفسير خاطئ لتلك الفقرة، إذ لا يمكن فهم كنهها ومراميها إلا بعد الرجوع إلى الأصل الفرنسي وبعد إدراك حقيقة الواقع النقدي في الفترة التي صدر فيها قانون الموجبات العقود أي خلال ثلاثينات القرن الماضي؛
وحيث إن الفقرة الثانية من المادة /٣٠١/ من قانون الموجبات والعقود ولئن أجازت اشتراط الإيفاء نقوداً معدنية معيّنة أو عملة أجنبية، بيد أنها علّقت صحة هذا الاشتراط على ألا يكون التعامل بعملة الورق إجبارياً lorsque le cours forcé n’a pas été établi pour la monnaie fiduciaire، والمقصود بذلك أن اشتراط الإيفاء بعملة أجنبية مباح عندما يكون التعامل مباحاً بعملة الذهب أو النقود المعدنية، في حين أنه في لبنان إن التعامل بعملة الورق هو إجباري ولا يجوز تحرير التعهدات التجارية والمدنية مهما كان نوعها بعملة من الذهب أو بوزن من الذهب؛
زهدي يكن: شرح قانون الموجبات والعقود، الجزء السادس، صفحة /١٦٤/ وما يليها
وحيث إن هذا التفسير يستند إلى أنه قبل ظهور التعامل بالعملة الورقية كانت الديون تُعقد دائماً بالعملة الذهبية وأحياناً بالعملة الفضية، أما بعد الحرب العالمية الأولى، أي في المرحلة التاريخية التي صدر فيها قانون الموجبات والعقود، ظهرت العملة الورقية واستعيض عن الذهب بها وبدأت تشريعات الدول تباعاً في الاستغناء عن العملة الذهبية وفي إعطاء العملة الورقية القوة الإبرائية ثم قوة التداول الإجباري Cours forcée؛
وحيث إن التداول الإجباري يعني أن الدائنين ملزمون بقبض ديونهم نقداً ورقياً دون أن يكون لهم حق مطالبة بنك الإصدار في أن يعطيهم بدلاً من الأوراق النقدية التي بيدهم ما يُعادل قيمتها الاسمية من النقد الذهبي، ومرد ذلك يعود إلى هاجس المحافظة على النقد الوطني والحيلولة دون تدهور ثقة الناس به؛
جورج سيوفي: النظرية العامة للموجبات والعقود، صفحة 225 و٢٣٤ وما يليهما
وحيث إنه طالما لا يجوز في لبنان مطالبة المصرف المركزي بتغيير الأوراق النقدية إلى ذهب، فهذا يعني بأن التعامل بعملة الورق إجباري le cours forcé est établi pour la monnaie fiduciaire، وبالتالي لا يعود للمتعاقدين اشتراط إيفاء تعهداتهم النقدية بالعملات الأجنبية، ويقتضي آنئذٍ استبعاد تطبيق الفقرة الثانية من المادة /301/ من قانون الموجبات والعقود في ظل المنظومة التشريعية والنقدية الراهنة؛
وحيث إن ارتكاز المعترض على أحكام المادة /356/ من قانون التجارة البرية لا يستقيم في حالة الملف الراهنة، لأن الدين الجاري تنفيذه ثابت بعقد قرض وليس بموجب سندات لأمر، وبالتالي فإن المادة المذكورة لا تجد لها مجالاً للتطبيق هنا، مع العلم أن نص الفقرة الثالثة من تلك المادة الذي يجيز اشتراط الإيفاء بعملة أجنبية مستبعد التطبيق في حال تعيين سعر إلزامي للعملة الوطنية، كما في الحالة اللبنانية؛
شارل فابيا وبيار صفا: شرح قانون التجارة، الجزء الأول، ص. /813/، بند /5/
وحيث إن المادة /754/ من قانون الموجبات والعقود التي توجب على المقترض في قرض الاستهلاك أن يرد النقود أو المثليات في الأجل المتفق عليه مقداراً يماثلها نوعاً وصفة، والتي تجد تطبيقها في المادة /761/ من نفس القانون، لا تخرج عن المبدأ الذي أرسينا حدوده ومداه في المقدمات والخلاصات التي تسلسلت في ما سلف، ذلك أن قرض الاستهلاك لا يقع فقط على النقود وإنما أيضاً على الأشياء المثلية والتي يمكن أن تستهلك بالاستعمال، وبالتالي فإن وجوب إعادة ما يضارع الشيء المقرض نوعاً وصفةً une chose semblable en qualité et quantité يفترض وجود أنواعاً وأصنافاً مختلفة للشيء المقترض تكون متفاوتة القيمة، كأن تكون من النوع أو الصنف الجيد أو الرديء أو الوسيط، الأمر الذي ينطبق فقط على المثليات ولا يطال النقود المتماثل الوحدات، والتي تبقى خاضعة للمبدأ الوارد في الفقرة الأولى من المادة /301/ من قانون الموجبات والعقود؛
محكمة الاستئناف المدنية في بيروت، الغرفة الأولى، قرار رقم /124/ تاريخ 28/12/1995، العدل /1996/، ص. /53/
وحيث إنه تأسيساً على مجمل ما تقدّم بيانه، لا يمكن فرض الدفع بالعملة الأجنبية، لا بل على العكس لا يمكن رفض الإيفاء بالعملة الوطنية، وعليه يقتضي ردّ أقوال المعترض بأنه يجب الإيفاء بالدولار الأميركي، لأن للعملة الوطنية قوة إبرائية شاملة؛
يُراجع قرارنا الصادر في المعاملة التنفيذية رقم 2219/2018 بتاريخ 15/1/2020: منشور في برنامج إيدريل الإلكتروني، تحت المادة /301/ من قانون الموجبات والعقود
استئناف بيروت، قرار رقم /333/ تاريخ 20/3/1997، القرارات الكبرى، عدد /58/، ص. /80/
هيئة التشريع والاستشارات، استشارة رقم /1461/ تاريخ 14/10/1988، مجموعة اجتهادات هيئة التشريع والاستشارات في وزارة العدل، المنشورات الحقوقية صادر، المجلد التاسع، ص. /9669/
وحيث إن المعترض يطلب، من نحوٍ ثانٍ، إلزام المنفّذ بوجهه بتسديد المديونية وفق سعر صرف السوق، كما يطلب إلزامه بتسديد الفائدة المتوجبة على الدين بمعدل 10.5% تُحتسب وتُضاف على الأصل شهرياً منذ 21/12/2018 ولغاية التسديد الفعلي؛
وحيث إن المادة /959/ من قانون أصول المحاكمات المدنية أوجبت النظر في الاعتراض على الإيداع وفق الأصول المتبعة في القضايا المستعجلة، وهذا النص يُماثل الفقرة الثانية من المادة /829/ من نفس القانون التي تُنظّم كيفية النظر في المشاكل غير المتعلّقة بإجراءات التنفيذ والتي توجب على رئيس دائرة التنفيذ أن يقرّر أيضاً وفق الأصول المتبعة في القضايا المستعجلة وقف التنفيذ وتكليف مقدّم المشكلة غير المتعلّقة بالإجراءات مراجعة محكمة الموضوع ضمن مهلة يحدّدها له تحت طائلة متابعة التنفيذ في حال عدم تقديم المراجعة في خلال المهلة؛
وحيث إنه لا يمكن إعطاء رئيس دائرة التنفيذ في معرض النظر في الاعتراض على الإيداع أكثر ما هو معطى له من اختصاصات عامة وخاصة، ذلك لأن ولاية رئيس دائرة التنفيذ هي ولاية حصرية، ولأن القانون لم يوسّع هذه الولاية صراحةً في مرحلة الاعتراض على الإيداع، وبالتالي لا يمكن لرئيس دائرة التنفيذ في هذا السياق التصدي إلى أساس حقوق الدائن؛
وحيث إن الاعتراض المنصب على سعر صرف الدولار الأميركي وعلى معدل الفائدة المتوجب احتسابها وكيفيته يتعلّق بأساس الحق، كونه يطال أصل حق الدائن وكيفية احتسابه ويؤثّر على مقدار الموجب، فأي وجهة سيتم تبنيها في احتساب سعر الصرف أو معدل الفائدة من شأنها أن تغيّر في مقدار الدين زيادةً أو نقصاناً الأمر المحظور على رئيس دائرة التنفيذ التصدي له، فكيف بالأحرى في معرض البتّ بالاعتراض على الإيداع؛
وحيث إن تفسير النصوص يحصل بالمنحى الذي يؤمّن التناسق بينها، الأمر الذي يستوجب العطف على الفقرة الثانية من المادة /829/ لاتحاد العلة وبالتالي الاعتماد على الحلّ الذي أتت به؛
وحيث إنه ترتيباً على ما سبق تبيانه، يقتضي وقف تنفيذ كل الإجراءات في المعاملة التنفيذية رقم 1914/2019 وتكليف المعترض مراجعة محكمة الموضوع للبتّ بمعدل سعر الصرف الواجب اعتماده وبمعدل الفائدة وكيفية احتسابها خلال مهلة عشرين يوماً من تاريخ تبليغه هذا القرار تحت طائلة متابعة إجراءات الإيداع في حال عدم تقديم المراجعة في خلال المهلة؛
وحيث إنه يقتضي ردّ طلب العطل والضرر غير المتوافرة شروطه المفروضة قانوناً، إن بسبب عدم ثبوت سوء النية، وإن بسبب ما أعطاه القانون من حق تقدير للمحكمة في هذا المجال؛
وحيث إنه بعد الحلّ المعتمد أعلاه بما أسّس عليه من أسباب تعليل، لا يكون من محل لاستفاضة في بحث أي أسباب زائدة غير مؤتلفة مع هذا الحل أو غير مجدية بالنسبة للمسائل التي تحدّد بها إطار المنازعة؛
لـذلــك
يقرّر:
أولاً: ردّ طلب إبطال القرار تاريخ 6/7/2020 لعدم قابليته للطعن؛
ثانياً: اعتبار الاعتراض الراهن مستظلاً بأحكام المادة /959/ من قانون أصول المحاكمات المدنية؛
ثالثاً: قبول الاعتراض على الإيداع في الشكل؛
رابعاً: ردّ الطلب الرامي إلى إلزام المنفّذ بوجهه الإيفاء بالدولار الأميركي؛
خامساً: وقف تنفيذ كل الإجراءات في المعاملة التنفيذية رقم 1914/2019 وتكليف المعترض مراجعة محكمة الموضوع للبت بمعدل سعر الصرف الواجب اعتماده وبمعدل الفائدة وكيفية احتسابها خلال مهلة عشرين يوماً من تاريخ تبليغه هذا القرار تحت طائلة متابعة إجراءات الإيداع في حال عدم تقديم المراجعة في خلال المهلة؛
سادساً: ردّ طلب العطل والضرر، وردّ كل ما زاد أو خالف؛
سابعاً: إعادة ملف المعاملة التنفيذية إلى مرجعه في القلم؛
ثامناً: تضمين المعترض نفقات المحاكمة كافة؛
قراراً معجّل التنفيذ يفهم ويجري النطق به علناً
بتاريخ صدوره الواقع فيه الرابع عشر من تشرين الأول 2020
* * *