شركة باسيلكو الياس باسيل وشركاه ش.م.م/ شركة فوت سولوشينز ش.م.م
1- اعتبار خضوع الديون النقدية المستحقة في العقود الداخلية لقواعد قانونية ملزمة ومتصلة بالنظام العام حائلًا دون تمسّك الأطراف بمبدأ " العقد شريعة المتعاقدين".
2- اعتبار اشتراط الإيفاء بعملة أجنبية محصور بحالة إجازة التعامل بعملة الذهب الأمر غير المطروح في لبنان حيث التعامل بعملة الورق إجباري.
3- اعتبار إلزامية التعامل بالعملة الورقية حائلًا دون اشتراط حصول إيفاء التعهدات النقديّة بالعملات الأجنبية.
4- باطلان كل اتفاق رامي الى إلزام المدين الدفع بعملة أجنبية دون الاعتداد بحصول الإيفاء سابقًا بالدولار الأميركي.
5- عدم امكانية اشتراط إيفاء الدين بالدولار الأميركي كون للعملة الوطنية قوّة إبرائية شاملة.
6- اعتبار ولاية رئيس دائرة التنفيذ ولاية حصرية من غير الممكن توسيعهاً في مرحلة الاعتراض على الإيداع.
7- عدم صلاحية رئيس دائرة التنفيذ في النظر بالاعتراض المتعلق بسعر صرف الدولار الاميركي كونه يطال أصل حق الدائن وكيفية احتسابه.
8- اختصاص محكمة الموضوع في تحديد سعر الصرف بين الطرفين وليس رئيس دائرة التنفيذ كون ذلك يستوجب الغوص في العلاقة بينهما وتحديد طبيعتها وطبيعة البند الذي حدّد البدل ونية المتعاقدين.
9- وجوب وقف تنفيذ المعاملة لدى وجود منازعة حول تحديد سعر الصرف في العلاقة بين الطرفين.
لدى التدقيق؛
تبيّن؛
أن شركة باسيلكو الياس باسيل وشركاه ش.م.م.، وكيلها المحامي بطرس أرسانيوس، تقدّمت بتاريخ 14/7/2020 باعتراض بوجه شركة فوت سولوشينز ش.م.م. عرضت فيه، أنها استحصلت على حكم قضى بإلزام المعترض بوجهها بتسديد بدلات إيجار متأخرة قدرها /21.000/ د.أ. وفوائدها وعطل وضرر قدره ألفي دولار أميركي، وأن المعترض بوجهها أودعت المبلغ بالليرة اللبنانية مُحتَسباً على أساس سعر الصرف الدولار المحدّد بـ/1515/ ل.ل.، وأدلت بأن العقد شريعة المتعاقدين وأن المعترض بوجهها كانت تُسدّد البدلات بالدولار الأميركي، وأن الحكم صدر بالدولار الأميركي، وأن التسديد بالليرة اللبنانية يسمح لأحد فريقي العقد بأن يغتني على حساب الفريق الآخر، واستطراداً أدلت بأن قيمة الدولار الأميركي في الأسواق تُحدّد وفق العرض والطلب، وأن مصرف لبنان حدّد سعر الصرف بما يوازي /3900/ ل.ل.، وطلبت بالنتيجة إنفاذ القرار الجاري تنفيذ في المعاملة التنفيذية رقم 474/2020 وفق منطوقه بالدولار الأميركي كون العقد شريعة المتعاقدين وكونه لا يجوز إغناء فريق على حساب الآخر، واستطراداً اعتماد سعر الدولار المحدّد من المصرف المركزي المعمول به من قبل المصارف، وتضمين المعترض بوجهها جميع الرسوم والمصاريف والأتعاب؛
وأن الشركة المعترض بوجهها، وكيلها المحامي آلان أبي حيدر، أبرزت بتاريخ 30/9/2020 لائحة جوابية أدلت فيها، بأن صدور الحكم بالدولار الأميركي لا يمنع من تسديده بالليرة اللبنانية وفق السعر الرسمي المحدّد من قبل مصرف لبنان بتاريخ الدفع الفعلي، وأن شروط الكسب غير المشروع غير متوافرة، وأضافت بأن سعر الصرف على أساس /3900/ ل.ل. مُحدّد ضمن شروط وحالات خاصة وضيقة وليس كسعر صرف رسمي، وطلبت في الختام ردّ الاعتراض شكلاً في حال تبيّن مخالفته لأحد الشروط الشكلية المفروضة قانوناً، وفي الأساس طلبت ردّ طلب التنفيذ بالدولار الأميركي لعدم صحته وجديته، وردّ طلب اعتماد أي سعر صرف للدولار الأميركي غير سعر الصرف الرسمي، وردّ الاعتراض واعتبار الإيفاء الحاصل منها هو إيفاء صحيح ومبرئ لذمتها واعتبار المعاملة التنفيذية منتهية بالإيفاء، وتضمين المعترضة الرسوم والمصاريف والأتعاب كافة؛
وأن المعترضة أبرزت بتاريخ 14/10/2020 لائحة جوابية أدلت فيها، أن الفقرة الثانية من المادة /301/ من قانون الموجبات والعقود أجازت الاتفاق على الإيفاء بالعملة الأجنبية، وخلصت إلى تكرار أقوالها ومطالبها السابقة؛
وأنه في الجلسة المنعقدة بتاريخ 14/10/2020 كرّر الفريقان أقوالهما ومطالبهما السابقة، واختتمت المحاكمة أصولاً؛
بناء عليه
أولاً: في الشكل:
وحيث إن الشركة المنفّذة ترمي من خلال المعاملة التنفيذية رقم 274/2020 إلى تنفيذ الحكم الصادر عن القاضي المنفرد المدني في بيروت القاضي بإلزام الشركة المنفّذ بوجهها بدفع بدلات الإيجار البالغة /21.000/ د.أ. وفوائدها وعطل وضرر قدره ألفي دولار أميركي؛
وحيث إن المنفّذ بوجهها، بعد أن صدر القرار بإرسال الإنذار التنفيذي، أقدمت على إيداع مبلغ من النقود بالليرة اللبنانية على سبيل إيفاء الدين المحكوم به عليها؛
وحيث إن المنفّذة تقدّمت بالاعتراض الراهن على الإيداع الحاصل لسببين: الأول، لأنه تمّ بالليرة اللبنانية في حين أن الحكم صدر بالدولار الأميركي، والثاني، لأنه تمّ على أساس سعر الصرف المحدّد بـ /1515/ ل.ل. في حين أنه في السوق هو بخلاف ذلك؛
وحيث إن المادتين /369/ و/370/ من قانون أصول المحاكمات المدنية أوجبت على القاضي إعطاء الوصف القانوني السليم للأعمال المتنازع فيها دون التقيّد بالوصف المعطى لها من الخصوم، والفصل في النزاع وفق القواعد القانونية التي تطبّق عليه؛
وحيث إنه بالتالي فإن الاعتراض الراهن، بحسب تكييفه القانوني السليم، يستظل بأحكام المادة /959/ من قانون أصول المحاكمات المدنية التي ترعى الاعتراض على الإيداع؛
وحيث إن المادة /959/ المذكورة أوجبت إبلاغ الإيداع من الدائن الذي يمكنه تقديم الاعتراض على هذا الإيداع خلال مهلة خمسة أيام من تاريخ التبليغ، كما فرضت النظر في هذا الاعتراض وفق الأصول المتبعة في القضايا المستعجلة؛
وحيث إن المعترضة تبلّغت الإيداع بتاريخ 10/7/2020 وتقدّمت باعتراضها هذا بتاريخ 14/7/2020، فيكون الاعتراض الراهن وارداً ضمن المهلة المفروضة قانوناً، هذا فضلاً على استيفائه سائر شروطه الشكلية، الأمر الذي يستتبع معه قبوله في الشكل؛
ثانياً: في الموضوع:
حيث إن المعترضة تطلب، من نحوٍ أول، إنفاذ القرار الجاري تنفيذ في المعاملة التنفيذية رقم 474/2020 وفق منطوقه بالدولار الأميركي كون العقد شريعة المتعاقدين وكونه لا يجوز إغناء فريق على حساب الآخر؛
وحيث إن المعترض بوجهها تطلب ردّ الاعتراض واعتبار الإيفاء الحاصل منها هو إيفاء صحيح ومبرئ لذمتها واعتبار المعاملة التنفيذية منتهية بالإيفاء؛
وحيث إن الإيفاء كسبب من أسباب سقوط الموجبات يخضع لأحكام المادة /301/ من قانون الموجبات والعقود إذا كان الدين مبلغاً من النقود؛
وحيث إن الفقرة الأولى من المادة المذكورة أوجبت الإيفاء من عملة البلاد عندما يكون الدين مبلغاً من النقود؛
وحيث إن هذا المبدأ بفرض الإيفاء بالعملة الوطنية مكرّس أيضاً في نصوص قانونية أخرى، إذ يمكن استخلاصه من نص المادة /192/ من قانون النقد والتسليف وإنشاء المصرف المركزي التي عاقبت كل مَن يمتنع عن قبول العملة اللبنانية، والمادة السابعة من نفس القانون التي أعطت للأوراق النقدية التي تساوي قيمتها الخمسمائة ليرة وما فوق قوة إبرائية غير محدودة في أراضي الجمهورية اللبنانية؛
وحيث إن قانون العقوبات جرّم أيضاً كل مَن يأبى قبول النقود الوطنية وذلك بموجب المادة /767/ منه؛
وحيث إنه في إطار نفس السياق التشريعي، وضمن القوانين الحديثة نسبياً، أوجب قانون حماية المستهلك الصادر بالقانون رقم /659/ تاريخ 4/2/2005 على المحترف الإعلان عن الثمن بالليرة اللبنانية، وعاقب في المادة /120/ منه كل مَن يُخالف ذلك، الأمر الذي ينبئ عن توجّه تشريعي ثابت ومتناسق ومتّسق بعدم إمكانية فرض الدفع بالعملة الأجنبية، لا بل بعدم إمكانية رفض الدفع بالعملة الوطنية؛
وحيث إنه إضافة إلى ما تقدّم بيانه، يتبيّن من المادة /192/ من قانون النقد والتسليف وإنشاء المصرف المركزي المشار إليها أعلاه أنها أحالت إلى المادة /319/ من قانون العقوبات التي تتكلم عن إحداث التدني في أوراق النقد الوطنية وزعزعة الثقة في متانة نقد الدولة، الأمر الذي يُستشف منه أن مبدأ الإيفاء بالعملة الوطنية يتعلّق بالنظام العام المالي الحامي للنقد الوطني الذي لا يجوز مخالفته؛
وحيث إن الإدلاء بأن العقد هو شريعة المتعاقدين يصح إذا لم يكن هناك قواعد قانونية إلزامية خالفها الأطراف، إذ أن المادة /166/ من قانون الموجبات والعقود تنص على «أن قانون العقود خاضع لمبدأ حرية التعاقد، فللأفراد أن يرتبوا علاقاتهم القانونية كما يشاؤون بشرط أن يراعوا مقتضى النظام العام والآداب العامة والأحكام القانونية التي لها صفة إلزامية»، وفي حالة الديون النقدية المستحقة في العقود الداخلية يوجد قواعد قانونية ملزمة لا بل متصلة بالنظام لا يجوز مخالفتها؛
وحيث إن إدلاء المعترضة بأن نص الفقرة الثانية من المادة /301/ من قانون الموجبات والعقود يبيح اشتراط الإيفاء بالعملة الأجنبية يستند إلى تفسير خاطئ لتلك الفقرة، إذ لا يمكن فهم كنهها ومراميها إلا بعد الرجوع إلى الأصل الفرنسي وبعد إدراك حقيقة الواقع النقدي في الفترة التي صدر فيها قانون الموجبات العقود أي خلال ثلاثينيات القرن الماضي؛
وحيث إن الفقرة الثانية من المادة /٣٠١/ من قانون الموجبات والعقود، ولئن أجازت اشتراط الإيفاء نقوداً معدنية معيّنة أو عملة أجنبية، بيد أنها علّقت صحة هذا الاشتراط على ألا يكون التعامل بعملة الورق إجبارياً lorsque le cours forcé n’a pas été établi pour la monnaie fiduciaire، والمقصود بذلك أن اشتراط الإيفاء بعملة أجنبية مباح فقط عندما يكون التعامل مباحاً بعملة الذهب أو النقود المعدنية، في حين أنه في لبنان إن التعامل بعملة الورق هو إجباري ولا يجوز تحرير التعهدات التجارية والمدنية مهما كان نوعها بعملة من الذهب أو بوزن من الذهب؛
زهدي يكن: شرح قانون الموجبات والعقود، الجزء السادس، صفحة /١٦٤/ وما يليها
وحيث إن هذا التفسير يستند إلى حقيقة مفادها أنه قبل ظهور التعامل بالعملة الورقية كانت الديون تُعقد دائماً بالعملة الذهبية وأحياناً بالعملة الفضية، أما بعد الحرب العالمية الأولى، أي في المرحلة التاريخية التي صدر فيها قانون الموجبات والعقود، ظهرت العملة الورقية واستعيض عن الذهب بها وبدأت تشريعات الدول تباعاً في الاستغناء عن العملة الذهبية وفي إعطاء العملة الورقية القوة الإبرائية ثم قوة التداول الإجباري Cours forcée؛
وحيث إن التداول الإجباري يعني أن الدائنين ملزمون بقبض ديونهم نقداً ورقياً دون أن يكون لهم حق مطالبة بنك الإصدار أي المصرف المركزي في أن يعطيهم بدلاً من الأوراق النقدية التي بيدهم ما يُعادل قيمتها الاسمية من النقد الذهبي، ومرد ذلك يعود إلى هاجس المحافظة على النقد الوطني والحيلولة دون تدهور ثقة الناس به؛
جورج سيوفي: النظرية العامة للموجبات والعقود، صفحة /225/ و/٢٣٤/ وما يليهما
وحيث إن إعفاء المصرف المركزي من تحويل النقود الورقية إلى ما يقابلها ذهباً تبعاً للتداول الجبري cours forcé يجد تفسيره في أنه لم يكن للأوراق المصرفية أصلاً صفة النقد، بل كانت تمثّل ديوناً لحاملها على مؤسسة الإصدار التي كانت تلتزم عند تقديم هذه الأوراق إليها أن تدفع ما يُقابلها نقوداً معدنية، ذهبية في الأغلب، والتي كانت لوحدها تتمتّع بصفة النقد؛ وكان التداول الجبري إجراءً استثنائياً يأتي ليعفي هذه المؤسسة من هذا الالتزام في الأوقات الصعبة، كالحروب والأزمات، إلا أنه بعد الحرب العالمية الأولى انطوى عهد النظام المعدني وحلّ الورق نهائياً محل المعادن ليلعب وحده دور النقد بكل وظائفه، وإمكانية التحويل إلى ذهب طواها الزمن فلم تعد قائمة إلا من الناحية النظرية، وقد كرّس قانون النقد والتسليف وإنشاء المصرف المركزي ضمناً التداول الإجباري؛
نديم رعد: انخفاض النقد، ومصير الالتزام النقدي في القانون اللبناني، العدل /1992/، ص. /102/ وما يليها
وحيث إنه طالما لا يجوز في لبنان مطالبة المصرف المركزي بتغيير الأوراق النقدية إلى ذهب، فهذا يعني بأن التعامل بعملة الورق إجباري le cours forcé est établi pour la monnaie fiduciaire، وبالتالي لا يعود للمتعاقدين اشتراط إيفاء تعهداتهم النقدية بالعملات الأجنبية، ويقتضي آنئذٍ استبعاد تطبيق الفقرة الثانية من المادة /301/ من قانون الموجبات والعقود في ظل المنظومة التشريعية والنقدية الراهنة؛
وحيث إن إدلاء المعترضة بأن المنفّذ بوجهها اعتادت سابقاً على الإيفاء بالدولار الأميركي لا يغيّر من النتيجة المتوصل إليها بشيء، إذ أن كل إيفاء في عقد داخلي يجب أن يكون بالعملة الوطنية وسواء أكان بين تجار أم سواهم، ويبطل بشكل مطلق كل اتفاق يرمي إلى إلزام المدين بالدفع بالعملة الأجنبية، إلا إذا ارتضى المدين الدفع بهذه العملة الأجنبية وقَبِلَ الدائن بذلك؛
Est nulle de nullité absolue et d'ordre public, comme portant atteinte au cours légal de la monnaie nationale, la clause de paiement en monnaie étrangère à l'occasion d'un contrat interne qui ne prévoit aucun mouvement de valeurs par-delà les frontières.
CA Bordeaux, 8 mars 1990 : D. 1990, p. 550, note Ph. Malaurie
En revanche, il n'a jamais été question d'interdire à un débiteur d'offrir de payer en monnaie étrangère plutôt qu'en monnaie nationale. Si le créancier l'accepte, ce paiement – ou cette dation en paiement – est assurément valable et libératoire.
CA Paris, 26 oct. 1951 et 16 mai 1952 : Rev. crit. DIP 1953, p. 377, obs. Y. Loussouarn
وحيث إن صدور الحكم الجاري تنفيذه بالدولار الأميركي يعتبر في هذه الحالة كأنه مؤشر على كيفية احتساب الدين؛
La fixation de la créance en monnaie étrangère constitue une indexation déguisée.
Cass. 1re civ., 12 janv. 1988 : D. 1989, p. 80, note Ph. Malaurie ; RTD civ. 1988, p. 740, obs. J. Mestre – Cass. 1re civ., 11 oct. 1989, n° 87-16.341 : JurisData n° 1989-703074 ; Bull. civ. I, n° 311 ; JCP G 1990, II, 21393, note J.-Ph. Lévy ; D. 1990, p. 167, note E. Sallé de la Marnierre. – Cass. com., 22 mai 2001, n° 98-14.406 : JurisData n° 2001-009672 ; Bull. civ. IV, n° 98 ; D. 2001, p. 2127 ; Dr. et patrimoine déc. 2001, p. 115, obs. Mousseron. – Cass. 2e civ., 21 oct. 2004, n° 02-21.664. – Cass. 3e civ., 18 oct. 2005, n° 04-13.930 : JurisData n° 2005-030336 ; Bull. civ. III, n° 196 ; JCP G 2005, IV, 3430. – Cass. com., 2 oct. 2007, n° 06-14.725 : JurisData n° 2007-040664 ; RJ com. 2008, p. 89, note Auque
وحيث إنه تأسيساً على مجمل ما تقدّم بيانه، لا يمكن فرض الدفع بالعملة الأجنبية، لا بل على العكس لا يمكن رفض الإيفاء بالعملة الوطنية، وعليه يقتضي ردّ أقوال المعترضة بأنه يجب الإيفاء بالدولار الأميركي، وذلك لأن للعملة الوطنية قوة إبرائية شاملة؛
يُراجع: قرارنا الصادر في المعاملة التنفيذية رقم 2219/2018 بتاريخ 15/1/2020: منشور في برنامج إيدريل الإلكتروني، تحت المادة /301/ من قانون الموجبات والعقود
وقرارنا رقم /160/، تاريخ 14/10/2020: غير منشور
استئناف بيروت، قرار رقم /333/ تاريخ 20/3/1997، القرارات الكبرى، عدد /58/، ص. /80/
هيئة التشريع والاستشارات، استشارة رقم /1461/ تاريخ 14/10/1988، مجموعة اجتهادات هيئة التشريع والاستشارات في وزارة العدل، المنشورات الحقوقية صادر، المجلد التاسع، ص. /9669/
وحيث إن المعترضة تطلب، من نحوٍ ثانٍ، اعتماد سعر الدولار المحدّد من قبل المصرف المركزي المعمول به من قبل المصارف؛
وحيث إن المعترض بوجهها تدلي بأن سعر الصرف الرسمي مُحدّد بمبلغ /1507.5/ ل.ل. وبأن سعر الصرف على أساس /3900/ ل.ل. يُطبّق ضمن شروط وحالات خاصة وضيّقة وليس كسعر صرف رسمي؛
وحيث إن المادة /959/ من قانون أصول المحاكمات المدنية أوجبت النظر في الاعتراض على الإيداع وفق الأصول المتبعة في القضايا المستعجلة، وهذا النص يُماثل الفقرة الثانية من المادة /829/ من نفس القانون التي تُنظّم كيفية النظر في المشاكل غير المتعلّقة بإجراءات التنفيذ والتي توجب على رئيس دائرة التنفيذ أن يقرّر أيضاً وفق الأصول المتبعة في القضايا المستعجلة وقف التنفيذ وتكليف مقدّم المشكلة غير المتعلّقة بالإجراءات مراجعة محكمة الموضوع ضمن مهلة يحدّدها له تحت طائلة متابعة التنفيذ في حال عدم تقديم المراجعة في خلال المهلة؛
وحيث إنه لا يمكن إعطاء رئيس دائرة التنفيذ في معرض النظر في الاعتراض على الإيداع أكثر ما هو معطى له من اختصاصات عامة وخاصة، ذلك لأن ولاية رئيس دائرة التنفيذ هي ولاية حصرية، ولأن القانون لم يوسّع هذه الولاية صراحةً في مرحلة الاعتراض على الإيداع، وبالتالي لا يمكن لرئيس دائرة التنفيذ في هذا السياق التصدي إلى أساس حقوق الدائن؛
وحيث إن الاعتراض المنصب على سعر صرف الدولار الأميركي يتعلّق بأساس النزاع، كونه يطال أصل حق الدائن وكيفية احتسابه ويؤثّر على مقدار الموجب، فأي وجهة سيتم تبنيها في احتساب سعر الصرف من شأنها أن تغيّر بشكل كبير جداً في مقدار الدين زيادةً أو نقصاناً، الأمر المحظور على رئيس دائرة التنفيذ التصدي له، فكيف بالأحرى في معرض البتّ بالاعتراض على الإيداع؛
وحيث إنه لا يمكن الأخذ بالرأي الفقهي القائل بأن رئيس دائرة التنفيذ يفصل في الاعتراض على الإيداع على الطريقة المتّبعة في القضايا المستعجلة واضعاً حدّ لكل نزاع أو صعوبة، كالصعوبة الناشئة عن تحديد سعر العملة الأجنبية (سرياني وغانم، قوانين التنفيذ في لبنان، شرح المادة /857/، بند /10/)، لأن الطريقة المتّبعة في القضايا المستعجلة تمنع التصدي إلى أساس النزاع، خاصة في ظل عدم وجود سعر صرف رسمي في المنظومة التشريعية اللبنانية[1]، وبالتالي فإن تحديد سعر الصرف بين الطرفين يستوجب الغوص في العلاقة بينهما وتحديد طبيعتها وطبيعة البند الذي حدّد البدل ونية المتعاقدين في هذا الإطار، إذ من المحظور على رئيس دائرة التنفيذ في معرض نظره القضايا على الطريقة المستعجلة، الخوض في كل هذه الافتراضات والطروحات في جوانبها الإيجابية والسلبية وما يرتبط بذلك من الغوص في أساس العلاقة بين الطرفين، فكلها أمور تقتضي تفسيراً يجرّ ويفتح باب التصدّي إلى أساس الحق، ويدخل في صلب اختصاص محاكم الموضوع؛
وحيث إن إثارة مسألة تتعلّق بأصل الحق في معرض الاعتراض على الإيداع توجب التصدي لها بعد العطف على الفقرة الثانية من المادة /829/ من قانون أصول المحاكمات المدنية لاتحاد العلة وبالتالي يقتضي الاعتماد على الحلّ الذي أتت به تلك الفقرة، لأن تفسير النصوص يحصل بالمنحى الذي يؤمّن التناسق بينها؛
وحيث إن المنازعة حول تحديد سعر الصرف في العلاقة بين الطرفين المتنازعين هو من الجدية بمكان ما يستوجب وقف التنفيذ وتكليف المعترضة مراجعة محكمة الموضوع ضمن مهلة معيّنة؛
وحيث إنه ترتيباً على مجمل ما سبق تبيانه، يقتضي وقف تنفيذ كل الإجراءات في المعاملة التنفيذية رقم 474/2020 وتكليف المعترضة مراجعة محكمة الموضوع خلال مهلة عشرين يوماً من تاريخ تبليغها هذا القرار، للبتّ بمعدل سعر الصرف الواجب اعتماده، تحت طائلة متابعة إجراءات الإيداع في حال عدم تقديم المراجعة في خلال هذه المهلة؛
وحيث إنه بعد الحلّ المعتمد أعلاه بما أسّس عليه من أسباب تعليل، لا يكون من محل لاستفاضة في بحث أي أسباب زائدة غير مؤتلفة مع هذا الحل أو غير مجدية بالنسبة للمسائل التي تحدّد بها إطار المنازعة؛
لـذلــك
يقرّر:
أولاً: قبول الاعتراض على الإيداع في الشكل؛
ثانياً: ردّ الطلب الرامي إلى إلزام المنفّذ بوجهها بالإيفاء بالدولار الأميركي؛
ثالثاً: وقف تنفيذ كل الإجراءات في المعاملة التنفيذية رقم 474/2020 وتكليف المعترضة مراجعة محكمة الموضوع خلال مهلة عشرين يوماً من تاريخ تبليغها هذا القرار، للبتّ بمعدل سعر الصرف الواجب اعتماده، تحت طائلة متابعة إجراءات الإيداع في حال عدم تقديم المراجعة في خلال هذه المهلة؛
رابعاً: ردّ كل ما زاد أو خالف؛
خامساً: إعادة ملف المعاملة التنفيذية إلى مرجعه في القلم؛
سادساً: تضمين المعترضة نفقات المحاكمة كافة؛
قراراً معجّل التنفيذ يفهم ويجري النطق به علناً
بتاريخ صدوره الواقع فيه الثامن والعشرين من تشرين الأول 2020
* * *
[1] نتيجة انضمام لبنان إلى اتفاقيات Bretton Woods واعتماد الذهب كنقد عالمي والمحافظة على سعر ثابت لنقد كل دولة، حدّد قانون النقد الصادر في 24/5/1949 سعر الليرة اللبنانية بـ /405.512/ مليغرام من الذهب الخالص، وهو المعدّل المُصرّح به إلى صندوق النقد الدولي، لكن بعد صدور قانون النقد والتسليف وإنشاء المصرف المركزي في 1/8/1963، صار تحديد سعر الصرف من صلاحية المشرّع الذي لم يستعملها حتى تاريخه، وبالتالي فلا صلاحية لمصرف لبنان بتحديد سعر الصرف الرسمي، لأن تحديد سعر الليرة يدخل في النطاق التشريعي وليس في دائرة التنظيم: هيئة التشريع والاستشارات، استشارة رقم /881/ تاريخ 9/10/1985، مجموعة اجتهادات هيئة التشريع والاستشارات في وزارة العدل، المنشورات الحقوقية صادر، المجلد الحادي عشر، ص. /11252/.