ترجم هذا الموقع إلى
بدعم من غوغيل
تنفيذ
للحصول على ترجمة "صادر" القانونية أو أي استفسار info@saderlegal.com

|

{{title}}

لم يتم العثور على المحتوى

إرساء ثقافة الحوار من خلال الوساطة كوسيلة بديلة وفعّالة لحلّ النزاعات


إرساء ثقافة الحوار من خلال الوساطة كوسيلة بديلة وفعّالة لحلّ النزاعات

{{subject.Description}}

مقدمة:

يبذل المجتمع الدّولي اليوم جهوداً حثيثة لإرساء ثقافة الحوار ونشرها من خلال الوساطة كوسيلة بديلة لحلّ النزاعات، أثبتت قدرتها وفعاليّتها على تسهيل بدء فن التواصل بين الأطراف، من خلال تحفيز الحوار المباشر وإعادة بناء جذور التواصل بمساعدة طرف ثالث محايد يسمّى الوسيط، يمكّن الأطراف من التوصل إلى إيجاد حلّ للنزاع القائم بينهم وإنهائه بموجب إتّفاق رضائي ملزم. إلا أن النزاعات لا تزال تشكل التّحدي الأكبر للمجتمع الدولي وتلحق أفدح الخسائر وأفظعها في إقتصادات العالم وشعوبها، لذا، تّتجه الأنظار في عالمنا اليوم وأكثر من السابق الى تفعيل دور الوساطة واستخدامها كوسيلة بديلة لحلّ النزاعات، ممّا دفع بالعديد من الدول الى إدخال الوساطة ضمن الخدمات التي تقّدمها المحاكم، لتصبح جزءاً من منظومتها القضائية. وتجدر الإشارة في هذا السياق، إلى ان الأمم المتحدة  قد ضافرت جهودها لإرساء السلم والأمن والإستقرار ولدعم الإقتصاد العالمي لتحاكي مفهوم العدالة الحديث ووضعت إطاراً قانونياً متجانسا ًبشأن الحق في الإستظهار بإتفاقيات التسوية وبشأن إنفاذها من خلال الإعلان عن إتفاقية سنغافورة بشأن الوساطة في شهر كانون الاول من العام 2018، وتعتبر هذه الإتفاقية أداة لتيسير التجارة الدولية والتّرويج للوساطة باعتبارها وسيلة بديلة وفعاّلة لتسوية المنازعات التجارية الدولية، ومن المتوقع ان تضفي الإستقرار على الإطار الدولي الخاص بالوساطة. أما لبنان فلقد كان من بين أوائل الدول العربية التي عمدت الى إضافة قانون الوساطة القضائية إلى ترسانة تشريعاتها من خلال وضع إطار قانوني لتطبيق الوساطة كأداة فعالة لتحقيق العدالة بحيث صدر بتاريخ  24/9/2018  القانون رقم 82 المتعلق بالوساطة القضائية.

في هذه المقالة سوف نقارب مميّزات الوساطة كوسيلة فعّالة ومرنة لحلّ النزاعات، ومدى أهمية دور الوسيط في إنجاح الوساطة من خلال تخصّصه وتمرّسه في تطبيق تقنيات الوساطة وإثقال خبراته بالممارسات اليومية، وكيفية تطوّر الية إستخدام الوساطة لتحاكي مفهوم العدالة الحديث الذي فرضته ثورة التكنولوجيا بالإضافة إلى التحدّيات الي طرحتها جائحة كوفيد-19 لتحقق الـ online Mediation ثورة في مجال حلً النزاعات لتصبح ليست فقط إحدى الطرق البديلة لنظام التقاصي التقليدي إنما الوسيلة الأكثر مرونةً وفعاليةً في حلً النزاعات خارج إطار الإجراءات المقيدة مبقيةً على أهدافها بالرغم من المتغيّرات والتحدّيات المفروضة على أرض الواقع والمتمثّلة في المحافظة على العلاقات الإنسانية.

ألوساطة وسيلة بديلة لحلّ النزاعات قوامها فنّ التواصل من خلال تحفيز الحوار المباشر بين الأطراف بمساعدة طرف ثالث محايد متخصّص يسمّى الوسيط

ألوساطة هي وسيلة بديلة لحلّ النزاعات وهي تعتمد على تقنيات التواصل والتفاوض، يلجأ اليها الأطراف لتلافي النزاع أو لحلّه، من خلال الإستعانة بشخص محايد متخصّص يعرف بالوسيط يعمل بتجّرد على تحفيز الحوار المباشر بين الأطراف لمساعدتهم على تحديد مصالحهم وحاجاتهم دون تقييد حريتهم،ّ فللأطراف الحرية في اختيار الحلّ الذي يناسبهم من أجل وضع حدّ للنزاع القائم فيما بينهم، بموجب إتفاقية ملزمة كما للوسيط حرّية في التواصل مع أطراف النزاع وتمكينهم من خلال مهاراته وتمرّسه في إتقان تطبيق تقنّيات الوساطة على بدء الحوار المباشر فيما بينهم.
تعتبر الوساطة إجراء سرّي غير مرتبط بشكليات وإجرءات رسمية مقيّدة وهي تقوم على مجموعة تقنيات علمية ومفاهيم لا يمكن اتقانها واستعمالها إلا بالتخصّص والتدريب بالإضافة الى خبرات شخصية يجب أن يتمتع بها الوسيط ليصبح مؤهّلا للوساطة، أما أهمية تخصّص الوسيط فهي تكمن في سّر نجاح عملية الوساطة، فنجاحها يتوقف حتماً على مدى تخصّص الوسيط من خلال التدريب المتواصل وإثقال خبراته بالممارسات اليومية.
وتجدر الإشارة، الى أن عملية الوساطة قد تبدو سهلة من حيث الظاهر، إلا أنه قد يكون من الضروري جداً من أجل التوصل الى حلّ ينهي النزاع، أن لا تتوقف الوساطة على مظاهر هذا النزاع إنما يقتضي الغوص في أصّله للبحث عن جذوره لمساعدة الأطراف على إيجاد حلّ يرضي الأطراف. إنما ما ينقصنا اليوم في مجال الوساطة، هو تحويل هذه الممارسة الى عمل مؤسّسي حقيقي، لا سيّما لجهة تخصّص الوسيط من خلال مراكز التأهيل أو غرف التجارة، وغيرها من المؤسسات ألمتخصصة المشهود لخبراتها في هذا المجال.

 ألوساطة نوعان منها رضائية وقضائية، فالوساطة الرضائية تقوم على توافق الأفرقاء على حلّ النزاع الذي قد ينشأ فيما بينهم من خلال الوساطة، وإن هذا التوافق يتم غالباً من خلال إدراج بند الوساطة في العقود والإتفاقيات المبرمة بين الأطراف، أما الوساطة القضائية الإلزامية، تقتضي على المحكمة أن تتوقف عن البتّ في النزاع المعروض أمامها، وإحالته إلى وسيط قبل المحاكمة أو أثناء سير المحاكمة لحثّ الأطراف لحلّ النزاع عن طريق الوساطة.

الوساطة عن بعد تثبت فعّاليتها كوسيلة مرنة لحلّ النزاعات  

تشكّل الوساطة أداة مرنة إستطاعت أن تثبت فعاليّتها في مواجهة التحدّيات التي فرضتها جائحة كوفيد-19 في الوقت التي عمدت معظم الدول والأنظمة في العالم الى الإقفال التام مما أدى الى عرقلة سير عمل المحاكم، بحيث وفّرت الوساطة سبيلاً لجأ اليه الاطراف من خلال الـOnline Mediation  لحلّ نزاعاتهم خارج إطار المحكمة لا سيما في عالم الأعمال والتجارة.
إنما إجراء جلسات الوساطة عن بعد قد يطرح بعض التحدّيات لا سيّما لجهة ضرورة الحرص على بعث الثقة لدى الأطراف المتنازعين لحثهم على إستخدام تقنية الوساطة عن بعد، إذ تعتبر الثقة عنصراً أساسياً وضرورياً للأطراف المتنازعين للجوء إلى هذه التقنية مع مراعاة السرية كميزة أساسية للوساطة، ومن أجل هذه الغاية يقتضي إجراء الوساطة عن بعد من خلال مواقع التواصل الإجتماعي التي تتخذ أقصى التدابير لحماية قاعدة بياناتها منعاً لحدوث أي خرق لجلسات الوساطة قد يطيح بمبدأ السرية، إذ يقتضي إتمام الوساطة بسرية مطلقة بين الأطراف المتنازعين، مع الأخذ بعين الإعتبار تمكين الوسيط من عقد إجتماعات قد يراها ضرورية مع كل من أطراف النزاع، وكذلك كيفية عرض الوثائق أو المستندات ومناقشة بنود الإتفاقية بين الأطراف وتوقيعها ألكترونياً.
لقد أثبتت الوساطة عن بعد أنها وسيلة مرنة لحلّ النزاعات خارج إطار نظام التقاضي التقليدي بالإضافة الى مرونتها وتقليصها لمصاريف ونفقات الدعاوى فلقد ساهمت الوساطة عن بعد في تخفيف أعباء وتكلفة السفر وغيرها من أجور المكاتب ومستلزماتها.

الوساطة ليست مجرد نظرية إنما وسيلة أساسية لحلّ النزاعات
لم تعد ألوساطة مجرد نظرية يمكن التغاضي عنها، بل أصبحت حاجة أساسية لا بد من إدخالها في مجتمعاتنا لإرساء ثقافة الحوار والسلم الأهلي وفضّ النزاعات، وتعزيزاً لدور الوساطة كوسيلة بديلة لحلّ النزاعات، أصبح من الضروري جداً العمل على نشر ثقافة الوساطة في مجتمعاتنا واللجوء إليها كوسيلة بديلة لنظام القاضي من شأنها التخفيف عن كاهل القضاء وخفض وتيرة القلق والتوتر الذي يسود العلاقة بين المتقاضين وبالتالي العمل على نشر الوعي في المجتمعات لإرساء ثقافة ألوساطة وتطبيقها من خلال إدراج بند الوساطة في الإتفاقيات والعقود المبرمة بين الأطراف لا سيما ذات الطابع التجاري، وصياغة هذا البند بشكل واضح ليعبّر عن إرادة وتوافق الأطراف على اللجوء إلى الوساطة كوسيلة مرنة سريعة وفعالة لحلً النزاع من شأنها المحافظة على العلاقات بين أطراف النزاع أو إعادة ترميمها لضمان التعامل المستقبلي فيما بينهم.

خاتمة:
يشهد عالمنا اليوم تطور وتحديث لمفهوم العدالة، بحيث تعمد معظم الدول تدريجياً الى إدراج مفهوم الوساطة ضمن ترسانة قوانينها وتشريعاتها إنما بمفهوم علمي جدّي بعد أن أثبتت الوساطة كوسيلة بديلة لحلّ النزاعات فعاليّتها من حيث سرعتها ومرونتها في حلّ النزاعات ومحافظتها على مشاعر الأفراد وأحاسيسهم من خلال الإبقاء على العلاقات وإعادة ترميمها، فعلى طاولة الوساطة توضع في متناول أيدي الأطراف كافة الوسائل والتقنيات الحديثة ذات الصلة بفنّ التواصل والتفاوض، لمساعدتهم على حلّ نزاعاتهم خارج إطار نظام التقاضي، فالوساطة عمل إرادي وتوافقي، بحيث يعود للأطراف ألحرية ألمطلقة في اختيارها او إيقافها، ومن ثم اللجوء اليها لتلافي النزاع أو لحلّه.
إلا أن الوسيلة الوحيدة لنشر ثقافة الوساطة هي ضرورة المرور بالوساطة كوسيلة بديلة لحلّ النزاعات لتمكين الأطراف من التوصل لكافة أنواع الحلول خارج إطار الإجراءات القانونية إنما دون أن تخرج عن القانون.

 

احدث المواضيع

{{subject.ShortTitle}}

البوابة القانونية الالكترونية الأشمل و الأكثر استخداما في لبنان