بتاريخ 17/11/2019 ظهرت أوّل حالة إصابة بمرض كوفيد – 19 المعروف بفيروس كورونا المستجدّ في منطقة ووهان في الصين، ما لبث أن امتدّ إلى أصقاع الأرض بسرعة كبيرة ما دفع منظمة الصحّة العالميّة إلى تصنيفه على أنّه جائحة (Pandémie) أي أنّه أوسع انتشاراً من الوباء (Epidémie) إذ أنّ هذا الأخير يكون انتشاره في منطقة جغرافيّة محدودة وبين بلدان متقاربة ومتجاورة بينما الجائحة تنتشر بشكل سريع في مختلف دول العالم. وقد بلغ عدد الإصابات عالميًاً لغاية كتابة هذه الأسطر حوالي 92,022,543 نسمة[1].
وفي لبنان ظهرت أوّل حالة كورونا بتاريخ 21/2/2020، ولغاية تاريخه وصلت أعداد الإصابات إلى 226,948[2]. بتاريخ 15/3/2020 قرّر مجلس الوزراء إعلان التعبئة العامة بموجب المرسوم رقم 6198/2020 المنشور في الجريدة الرسميّة ملحق العدد /12/ تاريخ 19/3/2020، وتمّ تمديد العمل به عدّة مرّات كان آخرها بالمرسوم رقم 7315/2021 تاريخ 31/12/2020 وذلك لمدّة اعتباراً من 1/1/2021 ولغاية 31/3/2021 ضمناً.
ومنذ إقرار مرسوم إعلان التعبئة العامة وتمديده قرّرت الحكومة اللبنانيّة إغلاق البلاد لعدد من المرّات بما يُساهم في استيعاب انتشار المرض من ناحية، ورفع جهوزيّة المستشفيات والأطقم الطبيّة وإراحتها من الإرهاق نتيجة تكاثر الإصابات بين المواطنين من ناحية ثانية. وكان مؤخّراً القرار رقم 3/م ص تاريخ 5/1/2021 الصادر عن رئاسة الحكومة والذي تقرّر بموجبه الإغلاق الكامل اعتباراً من 7/1/2021 ولغاية 1/2/2021. كما وبتاريخ 11/1/2021 صدر القرار رقم 26/م ص قضى بالإغلاق الكامل وحظر التجوّل اعتباراً من الساعة الخامسة من صباح الخميس 14/1/2021 ولغاية صباح الاثنين 25/1/2021.
ومن المعلوم أنّ أيّ إجراء تنظيمي يجب أن يكون له إطار قانوني لأجل تحديد الإجراءات الواجب اتباعها واتخاذها إن من الناحية الاحترازيّة أو من الناحية التنفيذيّة لجهة إدارة الأزمات خصوصاً الصحيّة منها. لذلك وجدنا أنّه من الضروري استعراض النصوص القانونيّة الموجودة في المنظومة التشريعيّة اللبنانيّة التي من شأنها مواكبة مسألة تفشّي الأمراض والأوبئة وتنظيم مسألة الحجر الصحّي والحفاظ على الصحّة العامة.
بدايةً وقبل استعراض النصوص القانونيّة المتعلّقة بالشأن الصحّي لا بدّ من الإشارة إلى أنّ قانون الدفاع الوطني (المرسوم الاشتراعي رقم 102/1983 تاريخ 16/9/1983) نصّ في مادته الثانية أنّه يمكن إعلان حالة التعبئة العامة إذا تعرّض الوطن أو جزء من أراضيه أو قطاع من قطاعاته العامة أو مجموعة من السكّان للخطر. مع العلم بأنّ النشاط الصحّي والطبّي هو جزء أساسي من السياسة الدفاعيّة للدولة التي يحدّدها مجلس الوزراء ويؤخذ فيها القرار في مجلس الدفاع الأعلى وفقاً لما جاء في المادة /8/ من قانون الدفاع الوطني.
ونجد في المنظومة التشريعيّة اللبنانيّة عدّة نصوص قانونيّة لأجل حماية الصحّة العامة وتنظيم الحجر الصحّي ومنع انتشار الأمراض والأوبئة وتعود هذه النصوص إلى عهد الانتداب الفرنسي وحقبة الأربعينات والخمسينات من القرن العشرين. ومن المُلاحظ أنّ المشرّع لم يعمد إلى تعديل هذه النصوص بما يتماشى مع متطلّبات التطوّر ودخول آليّات وأصول جديدة لتنظيم مكافحة الأمراض وإدارة الأزمات الصحيّة عالميّاً.
بدايةً، القرار 188/1920 الصادر بتاريخ 19/4/1920 عن المفوّض السامي الجنرال غورو Gouraud والذي نصّ على الاحتياطات التي يجب اتخاذها للوقاية من الأمراض السارية (المادة /1/)، وهي فرز وعزل المرضى الإجباري في أمكنة معدّة لهذه الغاية إذا رأت السلطات المحليّة ذلك لازماً، والتدابير التطهيريّة أو عند تعذّرها التدابير اللازمة لإبادة المساكن التي يتكون خطر دائم من بقائها، والتدابير التطهيريّة أو إبادة الأشياء التي استعملها أو دنّسها المريض وبالإجمال جميع الأشياء التي يمكنها نقل العدوى، والتعليمات المعدّة لتأمين نظافة الطرق العموميّة والمساكن وملحقاتها والطرق الخصوصيّة النافذة أو غير النافذة والمنازل المأجورة بأثاثها وكل مجتمع مهما كان نوعه، وفرض على الأطبّاء ومأموري الصحّة والقابلات خلال 24 ساعة اعلام السلطات العموميّة عن جميع حوادث الأمراض التي يكونون قد تبيّنوا وجودها (المادة /6/). وحدّد موجبات المؤسسات الصحيّة وأصحاب الفنادق والنزل ومدراء المدارس والمستشفيات العموميّة أو الخصوصيّة وجميع المؤسسات المعدّة لقبول المرضى لجهة إحصاء وابلاغ السلطة الادارية بكل مرض وبائي، وحظر الدنو من المريض إلاّ للأشخاص الذين يعالجونه (المادة /7/)، والاحتياطات التي يجب اتخاذها من هؤلاء ويكون من شأنها منع انتشار الداء، وكيفيّة نقل المرضى (المادة /8/) وتطهير العربات الخاصة لنقلهم والحظر على كل مصاب بمرض سار من دخول أي عربة معدّة للنقل العمومي (المادة /9/)، بالإضافة الى تحديد مدّة العزل Quarantaine للمصابين بمرض وبائي والشروط المتعلّقة بتعديل هذه المدّة سواء كان فيما يختصّ بالمرضى أو بأفراد عائلتهم مع تحديد مدة عزل لكل نوع من أنواع الأوبئة، تتراوح بين ستّة عشر وأربعين يوماً (المادة /15/). كما حدّد القرار المذكور تدابير خاصة تتعلّق بالتطهير وموجبات شاغلي الأبنية والتفتيش الصحّي في المدارس...
وبعد العام 1920 صدر العديد من القوانين والمراسيم المتعلّقة بأنواع معيّنة من الأمراض والأوبئة كالملاريا (1934)، والخانوق (1948)، والجدري (1959).
وصادق لبنان على النظام الصحّي الدولي رقم /2/ الموقّع في جنيف بتاريخ 25/5/1951، وذلك بموجب القانون الصادر بتاريخ 10/8/1955 والذي فرض على ربّان الطائرة أو الباخرة أو المركب عند وصوله إلى الأراضي اللبنانيّة أن يقدّم لموظفي الحجر الصحي تصريحاً خطيّاً حسب منطوق القانون الصحي الدولي رقم /2/ ولا يحق لهذا الربان أن يتّصل بالبر أو بأحد قبل أن يأذن له موظف الحجر الصحي بذلك خطيّاً كما أن إنزال البضائع أو حمولتها يبقى محظوراً قبل الحصول مجاناً على هذه المأذونية (المادة /3/)، وفرض على أطباء وموظفي الحجر الصحي القيام بزيارة البواخر والطائرات حال وصولها فوراً واستلام التصريح والتحقّق منه، أما ربابنة المراكب الشراعية فيتوجّب عليهم فور وصولهم حالاً الحضور لمكتب الحجر الصحي لتسليم تصريحهم والحصول على المأذونيّة (المادة /4/)، وفرض على كل سفينة أو طائرة أو مركب، قبل مغادرة الأراضي اللبنانية، أن يحصل على رخصة من مكتب الحجر الصحي تفيد أنّ لا من سبب صحّي يمنع السفر (المادة /5/)، كما ألزم ربابنة البواخر أو المراكب أو الطائرات، خلال الاقامة ضمن المياه أو الأراضي اللبنانية، أن يصرّحوا لموظف الحجر الصحي عن كل حادث صحي موبوء أو مرض يحصل ضمن البواخر أو المراكب أو الطائرات التي هي تحت قيادتهم، ومنع إنزال المرضى إلى البرّ أو إرسالهم إلى المستشفى أو المعاينة قبل موافقة الحجر الصحي (المادة /7/).
وبتاريخ 31/12/1957 صدر قانون الأمراض الانتقاليّة (المعدية) ونُشر في الجريدة الرسميّة لسنة 1958 العدد /2/ تاريخ 8/1/1958 ص. /7/، وهو تعديل للقانون الصادر بتاريخ 20/12/1950. وقد عرّف الأمراض المعدية في المادة الأولى منه على أنّها تلك الأمراض التي تنتقل سواء من المريض أو من السليم الحامل الجراثيم انساناً كان أو حيواناً إلى الأصحاء مباشرة أو بالواسطة والتي تتخذ أحياناً الشكل الوبائي حسب تقدير وزارة الصحة العامة. ونصّ على وجوب عزل المصابين اجباريّاً ومن ثم اتخاذ التدابير الوقائيّة فوراً وبصورة إلزاميّة وفق قرار يُصدره وزير الصحة يبيّن جميع التفاصيل التي تتلاءم مع المرض الانتقالي وطرق انتقال العدوى، وأوجب ايضاً اتخاذ التدابير اللازمة بحق المخالطين وفقا لقرار وزاري تحدّد فيه الاجراءات المقتضية لكل مرض على حدى. وفي المادة الثانية عدّد القانون الأمراض الانتقاليّة (المعدية) التي يتوّجب الإخبار عنها إجباريّاً إلى السلطات الصحيّة (التي كانت سائدة آنذاك) وقد ورد التعداد برأينا على سبيل المثال لا الحصر لأنّ أيّ حالة مرضيّة شاذة تتخّذ منحى الانتشار الواسع يكون من الواجب إعلام السلطات الصحيّة بشأنها بشكل إجباري. وحدّد القانون سبل مكافحة هذه الأمراض عن طريق الإخبار، عزل المُصابين، عزل المُخالطين، العلاج الواقي للمخالطين، التبخير والتطهير، التحرّي عن مصدر العدوى، تصحيح البيئة، التثقيف الصحي العام (المادة /3/). كما أوجب القانون على رب العائلة أو الوصي أو مختار المحلّة أو مدير المؤسّسة الصناعيّة أو التجاريّة (معمل، فندق، مدرسة الخ...) وكل هيئة رسميّة أو خاصة الخ... تُعنى بشؤون صحيّة أو اجتماعيّة عند اشتباههم بإصابة مرض انتقالي لديهم أن يستدعوا طبيباً للتحقيق من المرض والإخبار عنه، وأن يسهّلوا للطبيب مهمّة الإخبار وألاّ يخفوا الحادثة بعد اكتشافها (المادة /5/). وتضمّن القانون أيضاً نصوصاً لتنظيم وإدارة مكافحة الأمراض التي تتّخذ شكلاً وبائيّاً وتنتشر في القرى والمناطق والمدن وتضمّن عقوبات لمخالفة الإخبار عن المرض بالسجن من أسبوع إلى ستّة أشهر وبغرامة ماليّة تتراوح بين عشر ليرات ومئتي ليرة لبنانيّة أو بإحدى هاتين العقوبتين (المادة /15/) (لم يتمّ تعديل مقدار المبالغ الماليّة للغرامة)، كما أوجب إحالة الطبيب الذي يُهمل إخبار السلطات عن المرض الانتقالي إلى محاكمة تأديبيّة أمام مجلس نقابة الأطبّاء (المادة /16/)، ونصّ على معاقبة كلّ من أثبت التحقيق تعمدّه إخفاء حادثة مرض انتقالي، سواءً كان الطبيب المعالج أو رب العائلة أو الوصي أو المختار أو مدير المؤسسة بالحبس مدة لا تتجاوز الستّة أشهر وبغرامة مالية لا تتجاوز المئة ليرة لبنانيّة أو بإحدى هاتين العقوبتين (المادة /17/) (لم يتمّ تعديل مقدار المبالغ الماليّة للغرامة). وقضى بالغرامة على كل من يُخالف أو يعرقل تدابير العزل وسائر التدابير الوقائيّة المتعلّقة بمكافحة الأمراض الانتقاليّة، بغرامة لا تتجاوز الخمسين ليرة لبنانية (المادة /19/) (لم يتمّ تعديل مقدار المبالغ الماليّة للغرامة).
وبتاريخ 12/6/1959 صدر المرسوم الاشتراعي 133/1959 والذي نصّ على أحكام خاصة تتعلّق بوزارة الصحّة المنشور في الجريدة الرسميّة لسنة 1959 العدد /37/ تاريخ 10/7/1959 ص. /1049/، فاعتبر في مادته الأولى أنّ معالجة بعض الأمراض الانتقاليّة (المعدية) تُعتبر أعمالاً وقائيّة، وفي المادة الثانية أقرّ أنّ المعالجة التي تُعتبر أعمالاً وقائية والتي تتولاها وزارة الصحة العامة مجانيّة وذلك بصرف النظر عن أحوال الأشخاص الماديّة وعن جنسيتهم، كما تكون جميع اللقاحات التي تقوب بها الوزارة مجانيّة.
وبتاريخ 9/11/1959 صدر المرسوم 2460/1959 المتعلّق بتنظيم التفتيش المركزي وقد نصّ في المادة الثامنة منه على المفتشيّات التي تتألّف منهم إدارة التفتيش المركزي ومنهم المفتشيّة العامة الصحيّة والاجتماعيّة والزراعيّة، والتي حدّدت المادة /16/ من المرسوم نشاطها واختصاصها، فتؤدّي مهمّتها في الحقل الصحّي والاجتماعي وتفتش الدوائر الصحيّة والمستشفيات والمفارز الصحيّة الحكوميّة والبلديّة ودوائر العمل والشؤون الاجتماعيّة ومصلحة الانعاش الاجتماعي والمؤسسات الاجتماعية.
وبتاريخ 17/1/1995 صدر المرسوم رقم 6236/1995 المتعلّق بالنظام الداخلي للسجون التابعة لوزارة الدفاع الوطني - قيادة الجيش، والذي فرض في المادة /26/ منه على طبيب السجن أن يزوره ثلاث مرات على الأقل في الأسبوع ويجري فيه تفتيشاً صحّياً شاملاً وأن يتًخذ جميع التدابير الواقية من الأمراض الوبائيّة وأن يعتني بأمر المرضى ويزورهم كلما دعت الحاجة. وفي المادة /28/ أوجب المرسوم أنّه عند اكتشاف إصابة سجين بمرض وبائي يُخشى من انتشار العدوى داخل السجن أو النظارة يتوجّب على آمر السجن عزله والاتصال فوراً بالطبيب المختصّ لمعاينته ومعاينة جميع نزلاء غرفة السجين المريض وملابسه والتقيّد بتوجيهاته. وبعدها يحدّد الطبيب المختص في التقرير الذي يضعه عن حالة المريض السجين مدى خطورة وضعه وضرورة نقله الى المستشفى بالصورة الفوريّة أو المعجّلة أو العاديّة كي يتم على أساسها اتخاذ الاجراءات اللازمة.
وبتاريخ 30/1/2004 صدر المرسوم رقم 11802/2004 المتعلّق بتنظيم الوقاية والسلامة والصحة المهنيّة في كافة المؤسسات الخاضعة لقانون العمل والذي ألغى المرسوم السابق له رقم 6341/1951 تاريخ 24/10/1951 المتعلّق بتنظيم الحماية الصحية في كافة المؤسسات الخاضعة لقانون العمل وتعديلاته. وقد نصّ في مادته الثانية على أنّه يشمل وتسري أحكامه على جميع أصحاب العمل وعلى كافة المؤسسات المنصوص عنها في المادة الثامنة من قانون العمل، وكذلك على مؤسسات المهن الحرفيّة والاسريّة. وقد نصّ في الفصل الثاني على وجوب المحافظة على النظافة العامة في المؤسّسات وتأمين مياه صالحة للشرب، وفرض في المادة /34/ منه على جميع المؤسّسات التي تخضع لقانون العمل، والتي يزيد عدد الأجراء فيها عن خمسة عشر اجيراً، أن يكون لديها طبيب يقوم مقام "طبيب العمل" في حال عدم وجوده، وذلك لمراقبة حالة الأجراء الصحيّة والقيام بالوسائل الوقائيّة والصحيّة في أماكن العمل ولتخفيف خطر التعّرض للأمراض العاديّة والمهنيّة وحوادث العمل.
ومن جهة أخرى، نجد في قانون العقوبات اللبناني الصادر بتاريخ 1/3/1943 بالمرسوم الاشتراعي رقم 340/1943، نصوصاً خاصة يمكن تطبيقها في حالة تفشّي مرض كورونا. فالمادة /564/ تجرّم من تسبب بموت أحد الأشخاص عن إهمال أو قلة احتراز أو عدم مراعاة القوانين أو الأنظمة وتعاقبه بالحبس من ستة أشهر إلى ثلاث سنوات. وهذه المادة يمكن تطبيقها في حالة تسبّب من نقل العدوى بوفاة الإنسان الذي نُقلت العدوى إليه. كما والمادة /604/ والتي وردت ضمن النبذة الأولى من الفصل الثالث والتي تحدّد نصّاً خاصاً لحالة الأمراض الوبائيّة، تنصّ على أنّه من تسبّب عن قلّة احتراز أو إهمال أو عدم مراعاة القوانين أو الأنظمة في انتشار مرض وبائي من أمراض الإنسان عوقب بالحبس حتى ستة أشهر. وإذا أقدم الفاعل على فعله وهو عالم بالأمر من غير أن يقصد موت أحد عوقب بالحبس من سنة إلى ثلاث سنوات فضلاً عن الغرامة. وفيما يتعلّق بالمراكز الصحيّة التي ترفض استقبال المرضى بحالة طارئة فقد نصّت المادة /567/ على أنّه من وجد بمواجهة شخص في حال الخطر بسبب حادث طارئ أو بسبب صحي، وكان بوسعه إغاثته أو إسعافه، بفعل شخصي أو بطلب النجدة ودون أن يعرض نفسه أو غيره للخطر وامتنع بمحض إرادته عن ذلك يعاقب بالحبس من شهر إلى سنة وبالغرامة من مائتي ألف إلى مليوني ليرة، أو بإحدى هاتين العقوبتين.
وفي الخاتمة، وإن كانت هذه النصوص المتقدّم ذكرها موجودة فعلاً ضمن المنظومة القانونيّة اللبنانيّة إلاّ أنها لا ترتقي برأينا لتشكّل البنية التحتيّة الكاملة لإدارة الأزمات الصحيّة في الحالات الاستثنائيّة وهي بالتالي غير كافية لمواجهة تفشّي مرض كورونا المستجدّ إن من الناحية التشريعيّة أو من الجهة التنظيميّة باعتبارها نصوصاً قديمة يلزمها تعديلات جوهريّة وأساسيّة، كما وإقرار نصوص تشريعيّة وتنظيميّة جديدة لتتماشى مع تطوّر الحياة والتقنيّات. وقد ظهرت الحاجة الملحّة لذلك مؤخّراً عندما تبيّن عدم وجود نصوص قانونيّة تنظّم مسألة استيراد واستخدام اللقاحات والأدوية التي تستحصل على إذن الاستخدام الطارئ ورفع مسؤوليّة مقدّمي الرعاية الصحيّة والأطبّاء والمؤسّسات الاستشفائيّة والشركات المصنّعة للقاح من التبعات عن استعمال المنتج الطبّي المسجّل في خانة الاستخدام الطارئ. وعلى أيّ حال، لم نجد أنّ السلطات الإداريّة استعانت بهذه النصوص بالرغم من حاجتها للتعديل أو استأنست بأحكامها لإصدار نصوص جديدة تُحاكي المرض المستجدّ خصوصاً لناحية فرض عقوبات وغرامات أشدّ على المخالفين على غرار ما فعلته دول العالم.