ترجم هذا الموقع إلى
بدعم من غوغيل
تنفيذ
للحصول على ترجمة "صادر" القانونية أو أي استفسار info@saderlegal.com

|

{{title}}

لم يتم العثور على المحتوى

مرفق العدالة بين مطرقة الوباء وسندان الحقوق


مرفق العدالة بين مطرقة الوباء وسندان الحقوق

{{subject.Description}}

تزرح حقوق الناس تحت وطأة تفشي فيروس كورونا المستجد، فمنذ مطلع العام 2020 بدأت سلسلة من القرارات التي صدرت عن معالي وزيرة العدل وجانب مجلس القضاء الأعلى والتي قضت بتعليق الجلسات وتسيير المحاكم بالحدّ الأدنى للأعمال الإداريّة والبتّ بالقضايا الطارئة والمستعجلة خصوصاً في حالات الضرورة القصوى. وبدأ العمل يعود تدريجيّاً في الأشهر الأخيرة من العام الماضي... إلاّ أنّ الرياح لم تجر بما اشتهته السفن، فمع بداية العام 2021، وإثر تعاظم أعداد الإصابات في المرض وعدم قدرة المستشفيات على الاستيعاب، ووصول أرقام الوفيات إلى أعداد كبيرة جداً، دخلنا في مرحلة الإغلاق الكامل الأمر الذي استتبع من جديد تعليق الجلسات بالنسبة للمحاكم المدنيّة وإقفال قصور العدل واقتصار العمل فيها يتعلّق بالدعاوى الجزائيّة وتحديداً البتّ بقضايا المحتجزين بإشارة النيابات العامة، وبطلبات إخلاء سبيل الموقوفين لدى المراجع الجزائيّة، فكان آخر قرار بهذا المجال الذي صدر بتاريخ 21/2/2021 وقضى بالاستمرار بتعليق الجلسات لغاية صباح 1/3/2021، وبالتالي فإنّ جميع القضايا المدنيّة معلّقة (ما عدا الأمور الملحّة والطارئة) ما أدى إلى تعطيل مرفق العدالة وإلى أضرار كبيرة وفادحة لحقت بأصحاب الحقوق والمتقاضين وهدر حقوقهم.

أمام هذا الواقع المرير نرى أنّ قرارات معالي وزيرة العدل وجانب مجلس القضاء الأعلى المتعاقبة والمتتالية بتعليق الجلسات ووقف العمل في قصور العدل تجد مبرّراتها المشروعة في التفشّي الكبير للمرض والوضع الصحّي الذي ازداد سوءاً خاصةً في مطلع العام الحالي سيّما وأنّ المحاكم والأقلام فيها هي من الأماكن التي يكتظّ فيها الناس بشكل كبير. إلاّ أنّه، ومن جهة ثانية لا يجوز تجميد المرفق القضائي وتعطيل العدالة خصوصاً في ظلّ الأزمة الاقتصاديّة والاجتماعيّة المتفاقمة لئلا نجد أنفسنا في شريعة الغاب ولكي لا تُهدر حقوق المواطنين بفعل بطء سير المحاكمات التي كنّا نعاني منها أصلاً قبل وجود فيروس كورونا.

فالمشكلة أساساً كانت تكمن في ما يُعرف بالاختناق القضائي نتيجة تراكم مشاكل عديدة أهمّها الاختلال في الميزان لناحية الدعاوى الواردة والدعاوى المفصول بها من جهة وبين نهج خاطئ في تطبيق أحكام قانون أصول المحاكمات المدنيّة من جهة ثانية، إذ كان يتم تبادل اللوائح في الجلسات والاستمهال لجلسة ثانية وثالثة ورابعة لتقديم الأجوبة من فرقاء النزاع، ناهيكم عن أساليب المماطلة والتسويف التي يمارسها البعض منهم من أصحاب النوايا السيّئة لأجل إطالة أمد المُحاكمة وتأخير الفصل بالدعوى والتعسّف باستعمال حقّ التقاضي، واللجوء إلى تقديم طلب معونة قضائيّة فقط لأجل العرقلة، والتهرّب من التبليغ، وتأجيل الجلسات بحيث يفصل بين الجلسة والأخرى وقتاً كبيراً... كلّ هذه الأمور إلى جانب عدد القضاة القليل بالنسبة لعدد الدعاوى ومسألة التكليفات والانتدابات داخل الجسم القضائي التي تُعطي القاضي أكثر من مركز ما يؤدّي بالنتيجة إلى تدنّي في الانتاجيّة في مرفق العدالة... كلها تراكمات أدّت إلى ما نحن عليه اليوم بالرغم من الجهود التي يبذلها مجلس القضاء الأعلى والقضاة في تسريع إجراءات المُحاكمات.

أمّا اليوم ونحن نُضيف مسألة تفشّي مرض كورونا على ما سبق بيانه أعلاه أصبحت حقوق الناس في خطر حقيقي ولا بدّ من تنفيذ آليّة لمعاودة العمل في قصور العدل ضمن احترام التباعد الاجتماعي ومقتضيات الصحّة والسلامة العامة واتخاذ التدابير الوقائيّة اللازمة. وفيما يتعلّق بالدعاوى المدنيّة الحلّ بسيط جدّاً وهو تطبيق أحكام قانون أصول المحاكمات المدنيّة بحرفيّتها والتشدّد في ذلك، فقد نصّت المادة /499/ على أنّه على المدّعى عليه أن يقدّم جوابه على الدعوى خلال مهلة خمسة عشر يوماً من تبلّغه الاستحضار. كما نصّت المادة /452/ على أنّه يجب على المدّعي أن يُجيب على لائحة المدّعى عليه خلال مهلة عشرة أيّام من تاريخ التبليغ وللمدّعى عليه مهلة مماثلة لتقديم جوابه الأخير، وعندها لا يجوز للفرقاء تقديم أيّة لائحة بعد انقضاء المهل إلاّ بعذر مشروع أو لسبب يبرّر تقديم أيّ جواب إضافيّ على أن يحدّد القاضي مهلة لذلك عند الاقتضاء وذلك سنداً لأحكام المادة /453/. وعند انتهاء التبادل في القلم يُحيل رئيس القلم أو الكاتب الملف إلى رئيس المحكمة (أو القاضي المنفرد) لتحضير الدعوى للمرافعة بعد استكمال النواقص عملاً بالمادة /456/، ويمكن الفصل بالدعوى بدون تعيين جلسة للمرافعة إنفاذاً لمنطوق المادة /462/ التي نصّت على أنّه "للخصوم أن يقدّموا تصريحاً خطيّاً مشتركاً يُعلنون فيه أنّهم يكتفون بالمدافعات الخطيّة المبيّنة في لوائحهم. فإذا رأت المحكمة أن لا ضرورة لسماع المرافعات الشفهيّة أم لأيّ تحقيق وأن القضيّة جاهزة للحكم جاز لها الفصل فيها دون تعيين جلسة للمرافعة. ويجب في هذه الحالة تعيين موعد لإصدار الحكم في خلال ثلاثين يوماً من تاريخ تقديم التصريح الخطي..."

وبذلك يكون التبادل في القلم ضمن المهل القانونيّة وتكليف الخصوم باتخاذ موقف لناحية الاكتفاء بما أدلوا به في اللوائح الخطيّة والفصل بالدعوى دون تعيين جلسة للمرافعة على النحو المذكور أعلاه هو السبيل الوحيد لكي تعود الحياة لقصور العدل ولكي يتم صون حقوق المتقاضين من الضياع والهلاك. هذا من الناحية الآنيّة العاجلة.

أمّا من الناحية المستقبليّة يجب وضع مشاريع قوانين تتماشى مع المرحلة ومع التقدّم التكنولوجي لاستعمال وسائل التقاضي الإلكترونيّة ووسائل التواصل عن بُعد السمعيّة البصريّة وتشريعها عبر إقرار تعديلات على قانوني أصول المحاكمات المدنيّة والجزائيّة ووضع نصوص جديدة صريحة وواضحة تنظّم تقديم الدعاوى بهذه الوسائل وإجراء التبليغات عن طريق البريد الإلكتروني وصولاً إلى عقد الجلسات وإجراء الاستجوابات وتنظيم محاضر ضبط المُحاكمات رقميّاً والتخلي عن النهج السابق والتقليدي كما فعلت العديد من الدول العربيّة والأجنبيّة التي سبقتنا بأشواط كبيرة في هذا المجال.

احدث المواضيع

{{subject.ShortTitle}}

البوابة القانونية الالكترونية الأشمل و الأكثر استخداما في لبنان