أدّت العولمة إلى ازدياد الحاجات الاستهلاكية في مختلف المجتمعات وإلى نمو قياسي في الإنتاج العالمي، فتطوّرت حركة النقل التجاري الدولي تبعاً لذلك، ممّا شجع على استحداث خطوط نقل سريعة ذو تقنية عالية بين عدد كبير من الدول المتطوّرة والدول النامية، سيّما خطوط الدول التجارية «الجديدة» كالصين، الهند، والبرازيل .إلَا أن الكثافة المتزايدة في حركة النقل الدولي للبضائع، التي كانت المرتكز الأساسي لتطوّر النمو الاقتصادي العالمي، ساهمت بالمقابل في إظهار عدد كبير من المشكلات عند نقاط التسليم، كوصول البضائع متضررّة أو منقوصة او تالفة مثلاً، إضافةً إلى حالات التأخير في التسليم.
في الأساس، تطوّرت القواعد والمبادئ العامة في النقل الدولي بحسب كل قطاع على حدة، فجاءت التشريعات القانونية مراعيةً لخصائص ومشكلات كل وسيلة نقل لوحدها ولا تعكس سوى خصوصيّاتها. حالياً، يخضع النقل التجاري الدولي لأحكام الاتفاقيّات الدولية المختصّة أكان في النقل بالطرق[1]،) اتفاقية جنيف للنقل بالطرق «CMR» لعام ١٩٥٦ المعدّلة ببروتوكول ١٩٧٨( ، النقل بسكك الحديد[2] ) اتفاقية النقل بالسكك الحديديّة CIM/COTIF»» لعام ١٩٨٠ المعروفة باتفاقية »برن «منذ أول إصدار لها عام ١٨٩٠، والمعدّلة بموجب بروتوكولات ١٩٩٠ و١٩٩٩ و٢٠٠٦( ، النقل البحري[3] )اتفاقية بروكسيل «Convention de Bruxelles de 1924» لعام ١٩٢٤ المتعلقة بمسؤولية الناقل البحري عن البضائع المنقولة بموجب وثائق شحن، والمعدّلة ببروتوكولي ١٩٦٨ و١٩٧٩ «Protocoles de 1968 et de 1979» ؛ وقواعد هامبورغ للنقل البحري «Règles de Hambourg de 1978» لعام ١٩٧٨(، والنقل الجوي[4]، )إتفاقية فرسوفيا Convention de Varsovie» » لعام ١٩٢٩؛ بروتوكول لاهاي Protocole de La Haye» » لعام ١٩٥٥؛ إتفاقية جوادالاجارا Convention de Guadalajara»» لعام ١٩٦١ المتعلقة بمسؤولية الناقل الجوّي عندما تكون الطائرة مستأجرة مع ملاحيّها ؛ بروتوكولات مونتريال Protocoles de Montréal» » لعام ١٩٧٥ (Map 1- Map 4 ) ؛ وإتفاقية مونتريال لعام ١٩٩٩Convention de Montréal de 1999»» (أو حتى النقل النهري عند الإقتضاء[5].
ومع تطوّر تقنيات النقل بالحاويات (conteneurisation)خلال السنوات الثلاثين الماضية واستعمال المستوعبات إضافةً الى ظهور السفن المتخصصّة [6](navires-rouliers)وحاملات الحاويات (porte-conteneurs)، أضحى النقل من إحدى أهمّ الحلقات الاقتصادية التي تحكم العلاقات بين الدول. فأدّت هذه التقنيات اللوجستيّة «الجديدة» إلى تغيير جذري في مفهوم النقل الدولي للبضائع، ممّا شجع على استعمال أكثر من وسيلة نقل مختلفة )بالطرق، بسكك الحديد، بحري وجوي (وربطها ببعضها ضمن إطار عملية نقل واحدة، الأمر الذي سمح بانسياب البضائع من وسيلة إلى أخرى بسهولة أكبر ودون انقطاع أو توقف الحمولة .بالتالي أدّت هذه الظاهرة المتكررة في التجارة الدولية الى نشوء وتطوّر ما يُعرف بالنقل المتعدّد الوسائط الدولي أو «Transport Multimodal International - TMI»
يُعنى بالنقل المتعدد الوسائط الدولي، الذي يُعرف أيضاً بمصطلح» النقـل من الباب الى الباب«، (Door to Door) نقل البضائع من البدايـة حتى النهاية بموجب وثيقـة شحن واحــدة وضمن إطار عملية نقل واحدة، دون انقطاع الحمولة، أي دون اللجوء إلى عمليات التفريغ وإعادة الشحن التقليدية[7]، وذلك على مسؤولية شخص واحـد يُعرف بمتعهـد النقـل المتعـدد الوســائط أو «Entrepreneur de Transport Multimodal» عن طريق استعمال وسيلتي نقل مختلفتين على الأقل[8]. نشير في هذا السياق إلى وجوب التفرقة بين النقل المتعدد الوسائط الذي يقوم أساساً على مبدأ إعتماد وسيلتي نقل مختلفتين على الأقل ضمن العملية الواحدة والنقل المتعاقب، أو ما يعرف أيضاً بالنقل المتتالي، الذي يعتمد على وسيلة نقل واحدة) بحري، جوي، بالطرق أو بسكك الحديد (مستعملة بصورة متتالية، والذي يقوم به عدة ناقلين متعاقبين وليس متعهد نقل واحد.
في معظم الأحيان، يكون متعهد النقل شركة نقل مختصّة في وسيلة معيّنة، غير أنها تقدم خدمات إضافية لعملائها كتنظيم وإدارة عمليات النقل الدولي للمراحل التي تسبق أو تلي وسيلة النقل التي تنفذها هي بوسائلها الخاصة، وذلك عبر التعاقد بإسمها مع مختلف الناقلين المختصّين بوسائل النقل المستعملة في السفرة. مثال على ذلك، شركات النقل البرّي التي تقدم لزبائنها خدمات إضافية لتنظيم وإدارة النقل الدولي للبضائع عبر نفق المانش (outre-manche) أو عبر جبال الألب (outre-alpine)، وتستخدم لأجل ذلك العبّارات المائية أو النقل بسكك الحديد، أو حتى النقل الجوي للشحنات البعيدة العابرة للقارات. كذلك الناقلون البحريون والجويون الذين يقدمون خدمات تنظيم وإدارة عمليات نقل إضافية سواء بالطرق، بسكك الحديد أو بواسطة أي وسيلة أخرى، للمراحل التي تسبق أو تلي مرحلة النقل المنفّذة منهم. أما في الحالات الأخرى التي لا يكون فيها متعهد النقل شركة نقل متخصصة في وسيلة معينة، فيكون عندها ملزماً بتنظيم وإدارة كافة مراحل النقل الدولي التي تتألف منها العملية المتعددة الوسائط، عن طريق إبرام عقود نقل دولية مختلفة مع عدة ناقلين، تشمل جميع مراحل السفرة دون استثناء. بالنسبة لمبدأ المسؤولية، تكون هذه الشركات مسؤولة تجاه صاحب الحق عن أي ضرر أو تلف أو فقدان أو تأخير، وفقاً لما يلي: (i) للمراحل التي لا تنفذها بوسائلها الخاصة إنما عبر التعاقد مع ناقلين دوليين آخرين، تكون هذه الشركات مسؤولة بموجب نفس القواعد والشروط المطبقة عادةً على متعهدي النقل ؛ (ii) في حين تبقى وسيلة النقل التي تنفذها هي، بوسائلها الخاصة، خاضعة حكماً للاتفاقية الدولية المختصّة التي تُعنى أصلاً بهذه الوسيلة .وفي جميع الأحوال، لا يجوز لمتعهد النقل التذرع بأسباب الإعفاء وحدود المسؤولية المنصوص عنها في الاتفاقيات الدولية لصالح الناقل المَعني (بحري، جوي، بالطرق أو بسكك الحديد) عندما يكون هو مسؤولاً تجاه صاحب الحق عن الضرر أو التلف أو الفقدان، على أساس الخطأ الشخصي[9].
المشاكل القانونية التي تعتري عمليات النقل المتعدد الوسائط الدولي
مع انتشار النقل المتعدد الوسائط انتشاراً واسعاً حول العالم، بدأت مشكلات هذا القطاع القانونية تظهر، سيّما وانه يعمد من حيث المبدأ، الى استعمال وسيلتي نقل مختلفتين على الأقل، ضمن إطار عملية واحدة متعددة الوسائط، دون انقطاع الحمولة، أي دون اللجوء إلى عمليات التفريغ وإعادة الشحن التقليدية[10]. فتبين للمجتمع الدولي، ان تبدل المشهد التقني والتكنولوجي في مسائل النقل أدى، عملياً، إلى تبدل قسري على مستوى الإطار القانوني. من جهة، نرى انه رغم وجود اتفاقيات دولية ترعى وتنظم كافة قطاعات النقل، إلا ان الحلول المعتمدة فيها لا تشمُل سوى عدد قليل ومحصور من العمليات المتعددة الوسائط، ولا تتلاءم في معظم الأحيان مع المتطلبات العامة لهذا النوع من النقل. مثال على ذلك، بعض عمليات النقل المركّبة «بالطرق / نقل بحري أو غيره» الخاضعة لاتفاقية جنيف «CMR»لعام ١٩٥٦ .فبحسب المادة /٢/، يُشترط لتطبيق ال «CMR» على كامل السفرة، أن تكون مركبة النقل البرّي التي تحتوي على البضائع، منقولة بحدّ ذاتها: بحراً، و/أو بسكك الحديد، و/أو حتى جوّاً قبل أو بعد مرحلة النقل بالطرق، بموجب عقد نقل برّي شامل ودون انقطاع الحمولة.[11] عُرفت هذه التقنية بال (Roll-On / Roll-Off) قوامُها نقل دولي للبضائع» من الباب الى الباب«، وليس مجرّد مراحل مُتتالية في السفرة .بالتالي، يُستفاد صراحةً من نص المادة /٢/ ان العمليات المتعددة الوسائط «نقل بالطرق / نقل بحري أو جوّي أو غيره» التي تتم تقنيّاً مع انقطاع الحمولة، وعددها كبير في النقل الدولي للبضائع، تبقى خارج نطاق تطبيق أحكام اتفاقية ال«CMR» .
من جهة أخرى، نلحظ إمكانية تطبيق عدة اتفاقيات دولية إلزاميّة، في آنٍ واحد، على نفس العملية المتعددة الوسائط، في حين تختلف قواعد وحدود المسؤولية التي ستطبق تبعاً لذلك على متعهد النقل بحسب الوسائل المستعملة في السفرة، ممّا يَخلق حالة عدم استقرار على مستوى النظام القانوني العام. مثال على ذلك، اتفاقيات النقل الجوي، فرسوفيا ١٩٢٩ وتعديلاتها ومونتريال ١٩٩٩، التي اعتمدت نطاق تطبيقي إلزامي محدود لا يشمل سوى مرحلة النقل الجوي فقط مع إعطاء الفرقاء حرية الاتفاق على أحكام مختلفة في وثيقة النقل الجوي تطبق على وسائل النقل الأخرى المعتمدة .بالتالي، يمكن عمليتيّ نقل متعدد الوسائط، بنفس التركيبة وطرق التنفيذ والوسائل المستعملة فيها أن تكون خاضعة لقواعد مسؤولية وحدود مختلفة، الأمر الذي يؤدي بالمطلق إلى استحالة معرفة أي نظام قانوني سيطبق على هذه العمليات بصورة مسبقة.
أمّا المُعضلة الكبرى التي يواجهها النقل المتعدد الوسائط الدولي، تكمن في افتقاره لاتفاقية دولية شاملة إلزامية تُرسي نظاماً قانونياً عاماً لكافة العمليات المركّبة بصرف النظر عن وسائل النقل المستعملة فيها وتنظّم مسؤولية متعهد النقل. لا شكّ في ان الآمال التي كانت معقودة على اتفاقية الأمم المتحدّة للنقل المتعدد الوسائط لعام ١٩٨٠، لسدّ هذا الفراغ التشريعي الدولي قد اندثرت
«des Nations-Unies pour le Transport Multimodal International de 1980 TMI Convention»،
لعدم دخول هذه الاتفاقية حيّز التنفيذ رغم انقضاء أربعون عاماً على اقرارها، وذلك لفشلها في تأمين العدد المطلوب من الدول الأعضاء أو المنضمّة إليها[12].
مازال الإطار القانوني للعمليات المتعددة الوسائط مُبهماً حتى اليوم، خاصةً لناحية القواعد المطبقة على متعهد النقل وأركان مسؤوليته وحدودها، إذ ان مسألة اختيار وسائل النقل المستعملة ضمن السفرة وتحديد مكان وقوع الضرر، تبقى العوامل الرئيسة المتداخلة التي تحدد الاتفاقية الدولية التي ستطبق على متعهد النقل. إن هذا الأمر غير مستغرب على الإطلاق، سيّما وانه حتى على مستوى النقل الدولي الأحادي (بالطرق، بسكك الحديد، بحري أو جوي)، لايزال النظام القانوني لمختلف القطاعات هو بذاته مجزّأً وغير متجانس، بحيث يمكن تطبيق إصدارات أو برتوكولات مختلفة لاتفاقية دولية واحدة، في نفس الوقت، على العملية المتعددة الوسائط. خير دليل على ذلك، النظام القانوني العام للنقل الجوّي الدولي المؤلّف، فعلياً، من عدّة تعديلات وبروتوكولات طرأت على النص الأساسي لاتفاقية فرسوفيا لعام ١٩٢٩، والتي تعتبر كل واحدة منها بمثابة اتفاقية دولية مستقلّة بالنسبة للدول المنضمة إليها. مثلاً، بروتوكول ١٩٥٥، أو اتفاقية جوادالاجارا ١٩٦١، أو صيغة بروتوكولات مونتريال ١٩٧٥، التي يمكن تطبيقها معاً، وفي نفس الوقت، ضمن شبكة علاقات معقدّة ومتشعّبة بين الدول المعنيّة. وخلافاً لما كنّا نعتقد غداة تبنّي اتفاقية مونتريال لعام ١٩٩٩، فقد ازداد الوضع الحالي تعقيداً بفعل انضمام ٦٥ دولة فقط (ومنها لبنان) الى هذه الاتفاقية، في حين لا تزال الدول الأخرى (١٢٤ دولة) تطبق إحدى الإصدارات أو التعديلات المختلفة لنظام فرسوفيا[13] .ولا يختلف الأمر في النقل البحري الذي لم يسلم بدوره من التجزئة على المستوى القانوني، إذ يشكو أيضاً من وجود عدة تشريعات غير متجانسة .فما سمّي أصلاً بــ «توحيد بعض القواعد في مجال وثائق الشحن»، بات اليوم خاضعاً لأربع (٤) اتفاقيات دولية بحرية غير موحدّة وتفتقر إلى التجانس على عدة مستويات، وهي: اتفاقية بروكسيل لعام ١٩٢٤، تعديلات بروتوكول ١٩٦٨، تعديلات بروتوكول ١٩٧٩ وقواعد هامبورغ لعام ١٩٧٨.
أياً تكن وسائل النقل المستعملة ضمن العملية المتعددة الوسائط، تبقى المشكلة المطروحة نفسها، إذ لا يمكن أحد ان يضمن، نتيجةً للسياسات الدولية المتشعبة والمعقدة، انضمام دولة ما الى الاتفاقية الأم وجميع تعديلاتها وبرتوكولاتها معاً أو حتى الانضمام الى اتفاقية جديدة شاملة ترعى قطاع نقل دولي معيّن وتوحّد نظامه القانوني.
سيطرة خصوصيات النقل البحري على العمليات المتعددة الوسائط
رغم التطور الهائل الذي لحق بقطاعي النقل البري والجوي خلال السنوات الثلاثين الماضية، إلّا ان أياً منهما لم يتمكن من بلوغ المكانة التي يحتلّها حالياً النقل البحري في الاقتصاد العالمي، كونه يشّكل العصب الأساسي لحركة التبادل التجاري بين الدول[14]. حتى على صعيد الإطار القانوني العام، لم يعد بالإمكان إغفال مسألة هيمنة خصوصيات النقل البحري على عمليات النقل المتعدد الوسائط، خصوصاً في ما يتعلّق بقواعد وحدود المسؤولية وحالات الإعفاء عند الخطأ الملاحي والحريق. فاتفاقية بروكسل، مثلاً، لا ترعى فقط معظم عمليات النقل البحري الدولي، بل تطبق أيضاً بصورة إلزامية على المراحل البحرية الملحوظة ضمن العمليات المتعددة الوسائط، بحيث أصبح اعتماد الخصوصيات البحرية ممرّاً إلزامياً لنجاح أي اتفاقية دولية تُعنى بالنقل المتعدد الوسائط الدولي[15]. خير دليل على ذلك، عدم دخول اتفاقية النقل المتعدد الوسائط الدولي لعام ١٩٨٠ حيّز التنفيذ وفشل جميع المحاولات الرامية إلى استحداث إطار قانوني خاص لهذا القطاع منذ عشرات السنين.
وتلافياً للوقوع في شرك الفراغ التشريعي الدولي، عمدت شركات النقل الكبرى الى إصدار عقود نموذجيّة خاصة بها، تطبق على كافة عملياتها المتعددة الوسائط لترتيب الإطار القانوني لمسؤولية متعهد النقل. من أشهر هذه العقود النموذجيّة، نذكر: Connaissement FIATA de 1992»»[16]، Document BIMCO de 1995»»[17] والــ MULTIDOC 95 de la BIMCO»»، إلخ. إلا ان كثرة هذه العقود لم تكن مُرضية على الصعيد العملي، لأنها تزيد من نسبة التجزئة على مستوى الإطار القانوني العام للنقل المتعدد الوسائط، ممّا يفاقم الوضع سوءًا. وبهدف تفادي هذا التشرذم الناتج عن تُخمة موصوفة في العقود النموذجية وضياع البوصلة، عمدت منظمة الأمم المتحدة للتجارة والتنمية«CNUCED» [18] (أو الأونكتاد) بالاشتراك مع غرفة التجارة الدولية CCI»»[19] إلى وضع قواعد نموذجية اختيارية موحدة عام ١٩٩٢ بهدف تنظيم الإطار القانوني العام لمتعهد النقل عرفت بــ Règles CNUCED /CCI de 1992 pour un Document de Transport Multimodal» »
قواعد ال ««CNUCED /CCI لعام ١٩٩٢
أظهر فشل اتفاقية النقل المتعدد الوسائط الدولي وعدم دخولها حيّز التنفيذ، ان مسألة توحيد النظام القانوني لمتعهد النقل ستبقى مستحيلة ما لم يتم اعتماد أحكاماً خاصةً تُلبّي مصالح الدول التجارية الكبرى، أهمها خصوصيّات النقل البحري المتعلقة بقواعد وحدود المسؤولية، وحالات الإعفاء عند الخطأ الملاحي والحريق. فاقتناعاً منها بهذا الواقع، وضعت الـ «CNUCED» (أو الأونكتاد) بالاشتراك مع الــ ««CCI قواعد اختيارية موحدة عام ١٩٩٢، تستند في جوهرها الى أهمّ أحكام اتفاقية النقل المتعدد الوسائط، مع الأخذ ببعض مورّثات اتفاقية بروكسل المتعلقة بخصوصيات النقل البحري. وخلافاً لأحكام الاتفاقيات الدولية التي تكون عادةً إلزامية بطبيعتها، لا تصبح قواعد ال ««CNUCED /CCI ملزمة إلا عند تبنّيها رضائياً من الفرقاء ضمن بنود عقد النقل المتعدد الوسائط.
عرّفت المادة الثانية/ ٢/ من هذه القواعد الاختيارية متعهد النقل المتعدد الوسائط بأنه: «أي شخص، طبيعي أو معنوي، يوقع عقد نقل متعدد الوسائط ويتحمل بموجبه كامل المسؤولية عن البضائع المنقولة حتى إيصالها سالمة الى المستلم». عملياً، يلجأ متعهد النقل إلى تنظيم وإدارة كامل العملية المتعددة الوسائط بما فيها من مراحل ضمن السفرة دون استثناء، عبر إبرام عقود نقل دولية مختلفة مع عدة ناقلين، في الحالات التي لا يكون فيها متخصصاً في وسيلة معينة. ويَشمل تنظيم هذه العمليات، إضافةً إلى عقود النقل، إتمام جميع الإجراءات والمعاملات القانونية والإدارية الضرورية لإيصال البضائع المنقولة من نقطة الاستلام )مصانع أو مستودعات البائع( حتى نقطة التسليم النهائية.
مبدأ المسؤولية: وفقاً لمبدأ المسؤولية المعمول به في هذه القواعد، لا يكون متعهد النقل مسؤولاً تجاه صاحب الحق عن أخطائه الشخصية فقط، بل عن كامل العملية المتعددة الوسائط بجميع مراحلها، أي عن أخطاء الناقلين الدوليين الآخرين أيضاً الذين يتعاقد معهم لتولي تنفيذ مُختلف مراحل العقد المتعدد الوسائط. بالتالي، يكون متعهد النقل خاضعاً، وان بصورة غير مباشرة، لأحكام الاتفاقيات الدولية المختلفة التي تُطبق أساساً على وسائل النقل المستعملة في السفرة. وعلى غرار قواعد هامبورغ ١٩٧٨ للنقل البحري واتفاقيات فرسوفيا ١٩٢٩ ومونتريال ١٩٩٩ للنقل الجوّي، تبنتّ قواعد ال CNUCED/CCI مبدأ إسناد المسؤولية الى قرينة الخطأ والإهمال. فيُعتبر متعهد النقل مسؤولاً وفقاً للمادة/ ٥.١/ عن تضرر أو فقدان أو تلف البضائع المنقولة وعن التأخير في التسليم، متى كان الفعل أو الحدث الذي تسبب به قد حصل خلال الفترة التي كانت فيها هذه البضائع في عهدته أو تحت حراسته القانونية. إلّا انه يمكن متعهّد النقل دفع المسؤولية عنه وردّها إذا أثبت عدم ارتكابه أو ارتكاب أحد تابعيه أو مأموريه (ومن ضمنهم الناقلين الدوليين الأخرين) لأي إهمال أو خطأ أدى أو ساهم في حصول الضرر أو الفقدان أو التلف أو التأخير في التسليم.
نُشير في هذا السياق، ان اتفاقية النقل المتعدد الوسائط لعام ١٩٨٠، اعتبرت متعهد النقل مسؤولاً عن تضرر أو فقدان البضائع المنقولة وعن التأخير في التسليم، متى حصل الفعل أو الحدث الذي تسبب به خلال الفترة التي كانت فيها هذه البضائع تحت حراسته القانونية. إلّا انه يمكن متعهّد النقل دفع المسؤولية عنه وردّها إذا أثبت انه هو ومأموريه ووكلائه قد اتخذوا كافة التدابير التي يمكن أن تكون مفروضة بصورة «معقولة» (qui pouvaient raisonnablement être exigées) لتفادي هذا الحدث أو نتائجه. تجدر الملاحظة، ان مبدأ إسناد المسؤولية المعتمد في اتفاقية النقل المتعدد الوسائط مشابه لمسؤولية الناقل الجوي وفقاً لاتفاقيتي فرسوفيا ١٩٢٩ ومونتريال ١٩٩٩، المبنيّة على قرينة الخطأ وليس على المخاطر، بحيث لا يمكن الناقل دفع المسؤولية عنه وردها إلا إذا تمكن من إثبات عكس هذه القرينة، أي إثبات انه هو ومأموريه قد اتخذوا كافة التدابير «الضرورية» (mesures nécessaires) لتفادي وقوع الحادث أو أنه كان من المستحيل عليهم اتخاذها (المادة ٢٠ (
حدود المسؤولية: بالمقارنة مع حدود المسؤولية المعتمدة في معظم الاتفاقيات الدولية، خصوصاً تلك المتعلقة بالنقل بالطرق، بسكك الحديد وبالنقل الجوي، وضعت هذه القواعد الاختيارية حدوداً للمسؤولية متدنيّةً نسبياً، بحيث لا يكون متعهد النقل مسؤولاً عن الهلاك أو التلف إلا لغاية /٦٦٦٬٦٧/ حق سحب خاص أو DTS»»[20]، عن كل طرد هَلك أو تُلف، أو /٢/ حق سحب خاص عن كل كيلوغرام من الوزن الإجمالي للبضائع المتضررة أو المفقودة، أيهما أعلى. بالمقابل، وعند انتفاء وجود مرحلة بحرية أو نهرية في العملية المتعددة الوسائط، يكون متعهد النقل مسؤولاً لغاية /٨،٣٣/ حق سحب خاص عن كل كيلوغرام من البضائع المتضررة أو المفقودة. أمّا في الحالات التي يمكن فيها تحديد مكان وقوع الضرر على مرحلة محددة من السفرة، فيُصار عندها إلى اعتماد النظام الشبكي، أو ما يُعرف أيضاً ب Système Réseau»»، الذي يُطبّق قواعد وحدود المسؤولية المعتمدة في الاتفاقية الدولية المختصّة أساساً بوسيلة النقل المشكو منها. فقد نصت المادة /٦.٤/ في هذا الخصوص، أنه: «عندما يحصل تلف أو فقدان للبضاعة في سياق وسيلة نقل محددّة من عملية النقل المتعدد الوسائط، تطبق عليه أحكام اتفاقية دولية معنيّة أو قانون وطني ملزم لحظ حدوداً أخرى للمسؤولية فيما لو كان عقد نقل آخر قد إتفق عليه، فتحددّ حدود مسؤولية متعهد النقل عن هذا التلف أو الفقدان إستناداً الى احكام الإتفاقية الدولية المعنيّة او القانون الوطني الملزم».
حالات الإعفاء: بعد فشل اتفاقية النقل المتعدد الوسائط الدولي، أَيقن واضعو قواعد ال «CNUCED/CCI»، ان نجاح مهمّتهم مرتبط بصورة وثيقة بمسألة تأمين مصالح الدول التجارية الكبرى، أي الإبقاء على هيمنة خصوصيات النقل البحري. فلحظوا لهذه الغاية بعضاً من مورّثات اتفاقية بروكسل ضمن هذه القواعد، نذكر منها حالات الإعفاء من المسؤولية، بحيث يستفيد مثلاً متعهد النقل من إعفاءٍ كاملٍ إذا نتج التأخير عن:
- فعل أو إهمال الربّان أو البحّار أو المرشد أو مأموري الناقل البحري في ملاحة أو إدارة السفينة، أو
- الحريق، إلاّ إذا نتج عن فعل أو إهمال الناقل (القاعدة /٥/)
فالإعفاء الأول من المسؤولية، ينسجم مع نص المادة /٤/، فقرة) ٤ (من اتفاقية بروكسل المعدّلة، التي تلحظ إعفاء الناقل البحري إذا كان الضرر ناجماً عن خطأ في الملاحة أو في ادارة السفينة، علماً ان المسؤولية تبقى قائمة عندما يكون الخطأ ناتجاً عن إدارة الحمولة والبضائع. وقد اعتبر الفقه ان الخطأ في الملاحة يتمثّل عادةً في الأخطاء التي تطال عمليات توجيه وتسيير السفينة وانتقاء الطرق والممرات البحريّة[21]. سار الاجتهاد اللبناني في هذا المنحى عند تطبيق نص المادة /٢١٠/ من قانون التجارة البحرية اللبناني، إذ اعتبر ان الخطأ في الملاحة هو الذي يرتكبه الربّان خلال قيادة السفينة دون التقيّد بقواعد الملاحة[22]. كما أفاد الاجتهاد أيضاً انه يمكن اعتبار الخطأ الفادح في الملاحة الصادر عن ربان السفينة، خطأً تجارياً يُسأل عنه متعهد النقل المتعدد الوسائط الذي اختار هذا الربان، انطلاقاً من القرينة القائلة ان هذا الخطأ يشكل دليلاً على عدم كفاءة الربان وبالتالي سوء اختيار متعهد النقل[23].
أما الإعفاء الثاني، أي الحريق، منصوص عنه في المادة /٤/، فقرة) ٢ (من اتفاقية بروكسل، ويُعتبر الخطر الأدهى الذي يهدد ليس فقط السفينة والبضائع المنقولة بل حياة الربّان والعاملين عليها أيضاً، خاصةً وان نشوبه غالباً ما يكون غير متوقع ولا يمكن تفاديه. وقد أفاد الفقه بإمكانية اعتبار الحريق في بعض الحالات الخاصة من قبيل القوة القاهرة عند تحقق شروطها[24]، سيّما انه لا يجوز إعفاء الناقل البحري من المسؤولية الناجمة عن أضرار الحريق والإبقاء على مسؤولية متعهد النقل، تماشياً مع مبادئ الإنصاف، خاصةً ان لم يكن سبب نشوبه عائداً لفعل الناقل البحري أو إهماله.
في المحصّلة، يبقى تقييم مدى نجاح أو فشل هذه القواعد الاختيارية مرهوناً بصدور توصيات الدول البحرية الكبرى، بشأن الأحكام الخاصة التي أُضيفت تَلبيةً لمصالحها التجارية، في حين تؤكد الأونكتاد ان قواعدها تلقى انتشاراً ملحوظاً لا يمكن إنكاره، خصوصاً بين متعهدي النقل أعضاء الاتحاد الدولي لوكلاء الشحن والمتعهدين المماثلين، أو ما يعرف ب (FIATA)[25].
بوادر الحل: قواعد روتردام (Règles de Rotterdam) لعام ٢٠٠٨
مع تطوّر تقنيات النقل بالحاويات وظهور المعطيات اللوجستية الجديدة، إتّسمت الاتفاقيات الدولية الأحادية بالقصور بعد فشلها في معالجة المشكلات القانونية المستجدة في النقل المتعدد الوسائط. تِبعاً لذلك، استشعرت لجنة الأمم المتحدة للقانون التجاري الدولي «CNUDCI»[26] (أو الأونسيترال)، الحاجة الملحّة إلى وجود اتفاقية دولية شاملة إلزامية، فدرست خلال عام ١٩٩٦ اقتراحاً من اللجّنة البحرية الدولية آنذاك، يدعو إلى إعادة النظر بمسألة هيمنة خصوصيات النقل البحري على العمليات المتعددة الوسائط، واستحداث اتفاقية بحريّة دولية ذات طابع متعدد الوسائط. بعد أكثر من عشر سنوات، أبصرت قواعد روتردام النور في العام ٢٠٠٨، وقد عُرفت ب:
«La convention des Nations-Unies sur le contrat de transport de marchandises effectué entièrement ou partiellement par mer»,
«اتفاقية الأمم المتحدة المتعلقة بعقود النقل الدولي للبضائع عن طريق البحر كلياً أو جزئياً»
تتميّز قواعد روتردام لعام ٢٠٠٨ عن سابقتها، كونها اتفاقية بحرية دولية ذات طابع متعدد الوسائط تتمتّع بنطاق تطبيق موسّع[27]، بمعنى انها تُطبق بصورة إلزامية ليس فقط على عقود النقل البحري الصرف، بل أيضاً على كافة العمليات المتعددة الوسائط التي تتضمن مرحلة بحرية إلى جانب وسائل أخرى مختلفة[28]. ولعل استخدام هذه القواعد لمصطلح «مستند النقل» عوضاً عن «وثيقة الشحن البحري» (Connaissement) هو للدلالة ان المقصود ليس فقط تغطية النقل البحري، بل أيضاً عمليات النقل المتعدد الوسائط التي تتضمن مرحلة بحرية في السفرة (المادة/ ١/ فقرة ١٤).
تهدف هذه الاتفاقية إلى تطبيق نظام قانوني واحد على كامل العملية المتعددة الوسائط[29]، بما فيها جميع وسائل النقل السابقة او اللاحقة لمرحلة النقل البحري، عبر إرساء نظام شبكي للمسؤوليةSystème Réseau» »[30]، يخلق نوعاً من التوافق بين مختلف الاتفاقيات الدولية التي يمكن أن تطبق، في آنٍ واحد، على عقد النقل المتعدد الوسائط. تجدر الملاحظة ان النظام الشبكي يُعنى، من حيث التعريف، بالحالات التي يمكن فيها تحديد مكان وقوع الضرر على وسيلة نقل محددة في السفرة، بحيث تُطبّق قواعد وحدود المسؤولية المعتمدة في الاتفاقية الدولية المختصّة التي تخضع لها هذه الوسيلة المشكو منها.
تَبنّى واضعو هذه الاتفاقية «الجديدة «تعديلات جوهرية تطال مسألة هيمنة خصوصيات النقل البحري وتأثيرها المباشر على عقد النقل المتعدد الوسائط، نذكر من أهمها:
- تحديد نطاق واسع لعقد النقل البحري بحيث يشمل كامل العملية «من الباب الى الباب». أي، خلافاً لنصّ اتفاقية بروكسل[31]، يتضمن عقد النقل مرحلة بحرية إلزامية إنّما يُغطي أيضاً جميع وسائل النقل السابقة واللاحقة لها، بحيث لا ينحصر تطبيقه على القسم البحري من السفرة فقط، من الروافع إلى الروافعde palan à palan) ).
- تحرير النقل المتعدد الوسائط، بصورة جزئية، من سيطرة القانون البحري خصوصاً في ما يتعلق بحالات الإعفاء. فبعد مناقشات مستفيضة أقرّ المجتمعون انه حان الوقت أخيراً للتخلّي عن «الخطأ الملاحي» كحالة إعفاء شاملة يستفيد منها الناقل البحري ومتعهد النقل على حدّ سواء. إلاّ أنه إرضاءً للدول البحرية الكُبرى، أبقى المجتمعون مؤقتاً على «الحريق» الحاصل على متن السفينة كسبب للإعفاء ضمن شروط محددة) المادة /١٧/ فقرة ٣) الاّ إذا شبّ بفعل أو بخطأ الناقل البحري أو مأموريه أو تابعيه (المادة /١٧/ فقرة٢).
مبدأ المسؤولية: وفقاً لمبدأ المسؤولية المعمول به في هذه الاتفاقية، يكون الناقل البحري، أو متعهد النقل، مسؤولاً حكماً عن تضرر أو فقدان أو تلف البضائع المنقولة وعن التأخير في التسليم، إذا أثبت صاحب الحق ان الفعل أو الحدث الذي تسبب بالضرر قد حصل خلال الفترة التي كانت فيها هذه البضائع في عهدة الناقل البحري، أو متعهد النقل، وتحت حراسته القانونية (المادة /١٧/ فقرة ١). إلاً انه يمكن دفع المسؤولية وردّها، إذا أثبت الناقل أو متعهد النقل: (i)عدم ارتكابه أو ارتكاب أحد تابعيه ووكلائه ومستخدميه (ومن ضمنهم الناقلين الدوليين الآخرين) لأي خطأ أدى أو ساهم في حصول الضرر أو الفقدان أو التلف أو التأخير في التسليم (المادة /١٧/ فقرة ٢) ؛ أو (ii) ان هذا الضرر أو الفقدان أو التلف أو التأخير في التسليم، ناجم عن إحدى حالات الإعفاء المنصوص عنها في المادة /١٧/ فقرة (٣)، والتي أصبحت خمس عشرة (١٥) حالة بدلاً من سبع عشرة (١٧) حالة[32]، والخطأ الملاحي لم يعد من بينها.
حدود المسؤولية: سجلت قواعد روتردام تقدماً ملحوظاً بالنسبة لحدود المسؤولية مقارنةً مع قواعد ال CNUCED/CCI، غير ان هذه الحدود لا تزال قطعاً متدنيّةً، عند الأخذ بعين الاعتبار تلك المعتمدة في الاتفاقيات الدولية المتعلقة بالنقل بالطرق، بسكك الحديد وبالنقل الجوي. فنصت المادة /٥٩/ ان الناقل البحري، أو متعهد النقل، لا يكون مسؤولاً عن الهلاك أو التلف إلا لغاية /٨٧٥/ حق سحب خاص [33]عن كل طرد، أو ثلاثة /٣ / حق سحب خاص[34] عن كل كيلوغرام من الوزن الإجمالي للبضائع المتضررة أو المفقودة، أيهما أعلى، إلا في حال تصريح الشاحن بقيمة البضائع المنقولة وأدراجها في عقد النقل (déclaration de valeur)، أو باتفاق الفريقين على حدود أعلى للمسؤولية.
أخيراً، نُشير إلى أن هذه الاتفاقية تدخل حيّز التنفيذ، وفقاً للمادة/ ٩٤/، بعد انقضاء سنة واحدة على انضمام/ ٢٠/ دولة إليها. للأسف، ان عدد الدول المنضمّة، حتى اليوم، لم يتجاوز بعد الخمس (٥)[35] وهم: بنين، كاميرون، كونغو، إسبانيا وتوغو. ويتوجب على الدول التي تصدّق على اتفاقية روتردام أن تنسحب في الوقت نفسه من عضوية الاتفاقيات البحرية السابقة، أي اتفاقية بروكسل ١٩٢٤ وتعديلاتها، أو قواعد هامبورغ ١٩٧٨، ولا يسري مفعول هذا الانسحاب إلا من تاريخ بدء نفاذ قواعد روتردام بالنسبة للدولة المعنيّة (المادة ٨٩) تلافياً للوقوع في فراغ تشريعي على الصعيد الدولي.
وخلافاً لما كنّا نعتقد غداة افتتاح الجلسات التحضيرية، فقد تبيّن ان قواعد روتردام هي اتفاقية بحرية دولية ذات طابع متعدد الوسائط، وليست فعلاً اتفاقية نقل متعدد الوسائط. فمن جهة، يُشترط لتطبيق هذه القواعد وجود مرحلة بحرية ضمن عملية النقل إلى جانب وسائل أخرى مختلفة، إذ يُستفاد من نص المادة /١.١/ إن نطاق تطبيق هذه الاتفاقية لا يشمل عقود النقل المتعدد الوسائط التي لا تتضمن قسم بحري ضمن السفرة[36]. ومن جهة أخرى، تبنّت هذه القواعد النظام الشبكي للمسؤولية الذي تَخضعْ بموجبه وسيلة النقل التي حدث الضرر خلالها إلى أحكام الاتفاقية الدولية الأحاديّة المختصّة بها أصلاً. أي انها نَظّمت فقط مسألة تداخل وتشابك القواعد القانونية المختلفة التي تحكم المراحل السابقة واللاحقة للنقل البحري، عوضاً عن استحداث نظاماً قانونياً إلزامياً، يُطبّق بصرف النظر عن وسائل النقل المستعملة في العملية المتعددة الوسائط.
رغم وجود شوائب عديدة تَعتري اتفاقية روتردام، يُجْمع الفقه ان دخولها حيز التنفيذ يؤسس، حُكماً، لمرحلة جديدة في موضوع النقل المتعدد الوسائط الدولي، إذ تُرسي نوعاً من التوافق بين مختلف الاتفاقيات الدولية المتعلقة بمسؤولية الناقل، وبالتالي متعهد النقل، في العمليات المتعددة الوسائط التي تتضمن مرحلة بحرية[37]. كما اشاد الفقه أيضاً بإنجازات هذا المشروع المُتقدّم، نذكر أهمها:
- المعالجة الجديّة لعقد النقل الدولي كوحدةٍ متكاملةٍ لا تتجزأ وليس كمجموعة من وسائل نقل متشابكة ومترابطة، تقنياً فقط، عند نقاط التسلم والتسليم،
- الأخذ بعين الاعتبار التطور التقني في قطاع النقل المتعدد الوسائط بالحاويات، وصدور العديد من قوانين التجارة الإلكترونية التي تعتدّ بالمستند الإلكتروني وتمنحه القوة الثبوتية كالمستند الخطي، بحيث استحدثت هذه القواعد نظام السجلات الإلكترونية إلى جانب مستندات النقل الورقية، فأصبح مستند النقل البحري الإلكتروني مساوٍ تماماً للمستند الورقي لجهة إثبات عقد النقل وتمثيل البضائع المنقولة) المادة ٨ فقرة ب (
- توسيع نطاق التزامات الناقل، خلافاً لنص اتفاقية بروكسيل، بحيث أصبح ملزماً بإعداد سفينة صالحة للملاحة والإبقاء عليها كذلك وإبقاء عنابر السفينة والحاويات المقدمة منه مهيأة وآمنة لنقل وحفظ البضائع حتى نهاية السفرة (المادة ١٤)، وليس جعل السفينة صالحة للإبحار قبل السفرة فقط
- توسيع نطاق التزامات الناقل في موضوع البضائع، بحيث ألقت هذه القواعد على عاتقه موجب استلام البضائع من الشاحن وتحميلها وحفظها والاعتناء بها، ببذل العناية اللازمة، وتسليمها إلى المرسل إليه (المادة ١٣)،
- توسيع نطاق التطبيق في الزمان عبر اعتماد نظام قانوني يُعطي الفرقاء حرية التوافق على تطبيق هذه القواعد على كافة العمليات اللوجستية والنقل السابقة و/أو اللاحقة لمرحلة النقل البحري، مما يساهم في حل المشاكل القانونية الناجمة عن مراحل النقل السابقة لاستلام البضائع في ميناء الشحن وتلك اللاحقة لتسليم البضائع في ميناء التفريغ[38]،
- توسيع نطاق مسؤولية الناقل في موضوع الأشخاص التابعين، بحيث تطبق هذه القواعد على أي شخص يستعين به الناقل بصورة مباشرة أو غير مباشرة، وليس فقط وكلائه ومستخدميه (المادة ١٨)،
- إلغاء حق الناقل في الإعفاء من المسؤولية عن هلاك البضائع أو فقدانها أو تلفها أو تضررها، بسبب عدم صلاحية السفينة للملاحة بعد بدء السفرة، كما اعفائه عن أعمال أو إهمال أو خطأ الربان أو البحارة في الملاحة أو في إدارة السفينة )المادة ١٧ فقرة ٣(، وذلك خلافاً لنص اتفاقية بروكسيل[39]،
- اتخاذ تدابير فريدة من نوعها بين اتفاقيات النقل البحري، تَهدف إلى المحافظة على البيئة عبر اعتماد إجراءات خاصة تصل في بعد الحالات إلى حد إعفاء الناقل من المسؤولية إذا اثبت أن هلاك البضائع أو تلفها أو التأخير في تسليمها، قد حدث بسبب اتخاذه تدابير معقولة لتفادي الإضرار بالبيئة أو محاولة تفاديها) المادة ١٧ فقرة ٣، - ن-)،
- إمكانية تجاوز حدود المسؤولية وتطبيق مبدأ التعويض غير المحدود (أي التعويض نسبةً لقيمة الضرر الحقيقي)، في الحالات التالية: (i) إذا ارتكب الناقل أو أحد العاملين لديه سلوكاً متعمّداً (willful misconduct)تسبب في إحداث الضرر، أو سلوكاً متهوراً مع العلم باحتمال أو أرجحية حدوث الضرر؛ (ii) و في حال تصريح الشاحن بقيمة البضائع المنقولة وإدراجها في عقد النقل (déclaration de valeur)، أو باتفاق الفريقين على حدود أعلى للمسؤولية.
رُغم مرور أكثر من اثني عشر (١٢) عاماً على توقيعها، يُبدي واضعو هذه القواعد تفاؤلاً ملحوظاً لإمكانية دخولها حيّز التنفيذ استناداً إلى انجازاتها العديدة في موضوع النقل المتعدد الوسائط الدولي. إلا انه في الواقع، يعلم الجميع إن المصالح التجارية والاقتصادية للدول البحرية الكبرى هي التي ستحدد، في النهاية، مستقبل الاتفاقية الجديدة بإنجاحها أو إهمالها.[40]
إمكانية تطوّر النظام القانوني الخاص بمتعهدّ النقل المتعدّد الوسائط
مازال الإطار القانوني للنقل المتعدد الوسائط الدولي يفتقر إلى أبسط معايير التجانس والتنسيق خاصةً لناحية قواعد المسؤولية وحدود التعويض التي يمكن أن تطبّق على متعهد النقل. وحتى على مستوى النقل الدولي الأحادي، الحال ليست أفضل بكثير إذ ان النظام القانوني لمختلف قطاعات النقل هو بذاته مجزّأً وغير متجانس. خير دليل على ذلك إمكانية تطبيق عدة اتفاقيات دولية مختلفة، في نفس الوقت، على عملية واحدة متعددة الوسائط بحسب وسائل النقل المستعملة في السفرة ومسألة تحديد مكان وقوع الضرر، ممّا يؤدّي حتماً إلى حالة عدم استقرار على صعيد مسؤولية متعهد النقل.
وبعد أن أَمسى دخول اتفاقية النقل المتعدد الوسائط حيّز التنفيذ أمراً مستبعداً كليّاً، وبدأت مسألة تَبنّي قواعد روتردام تتعقّد بعض الشيء، أقله في المدى المنظور، سيَبقى موضوع توحيد الإطار القانوني للنقل المتعدد الوسائط، حتماً، على جدول أعمال المنظمات واللجان الدولية المختصّة لفترة طويلة. فاستحداث اتفاقية دولية إلزامية تشمل جميع العقود المتعددة الوسائط بصرف النظر عن وسائل النقل المستعملة فيها دون أن تكون مكبّلة بخصوصيات النقل البحري، يبقى التحدي الأبرز الذي سيواجه صناعة النقل الدولي الأحادي والمتعدد الوسائط على حدٍّ سواء في المستقبل القريب.
أضف إلى ذلك، إن العقود النموذجية الخاصة التي وضعتها شركات النقل البحرية الكبرى لترتيب الإطار القانوني لمسؤولية متعهد النقل وتلافي الوقوع في دوّامة الفراغ التشريعي الدولي، مثل: Connaissement FIATA de 1992»» و Document BIMCO de 1995»» والــ MULTIDOC 95»»، إلخ.، تزيد، في الواقع، من حالة التجزئة وعدم الاستقرار بدلاً من تلطيفها وتقديم حلول متناسقة في ما بينها. كما ان اعتماد هذه العقود لم يكن مُرضياً على الصعيد العملي، لأنها لم تتمكن من تقديم الحلول الناجعة المُنتظرة، إذ لايزال الإطار القانوني العام لمسؤولية متعهد النقل مُبهماً. مِثال على ذلك، لا يمكن صاحب الحق أن يعلم بصورة مسبقة، أي قواعد وحدود للمسؤولية وأي حالات إعفاء ستطبق على العملية المتعددة الوسائط في حال فقدان البضائع، أو تضررّها، أو تلفها أو حتى التأخير في التسليم، قبل تحديد مكان وقوع الضرر ووسيلة النقل المشكو منها.
في كل الأحوال، وبانتظار دخول اتفاقية روتردام ٢٠٠٨ حيّز التنفيذ، تبقى قواعد ال «CNUCED/CCI»، الأداة القانونية المؤسساتية الوحيدة عالميّاً، المتوفرة ضمن باقة من العقود النموذجية الخاصة غير الملائمة للمشكلات القانونية المطروحة. استطاعت هذه القواعد أن تُرسي توازناً مقبولاً في هذا المجال بين النظام الموحّد والنظام الشبكي في ما يتعلق بقواعد المسؤولية وحدود التعويض عن الضرر، رغم كونها اختيارية وليس اتفاقية دولية إلزامية، كما استطاعت أن توفر، ولو جزئياً، حلولاً مؤقتة مقبولة لمشكلات قطاع النقل المتعدد الوسائط الدولي، على أمل تبنّي اتفاقية دولية إلزامية مختصة في القريب المنظور .
[1]نشير إلى أن فرنسا قد انضمت إلى هذه الاتفاقية بموجب المرسوم تاريخ ٢٣/١٢/١٩٥٨ أما لبنان فقد إنضّم إليها بموجب القانون رقم ٣٦٨ تاريخ ١٤/١/١٩٥٦.
[2]تبنّى لبنان معظم أحكام هذه الإتفاقيّة في تشريعه الداخلي بموجب المرسوم الإشتراعي رقم ٥٣ تاريخ ٢٩/٧/١٩٨٣.
[3]إنضّم لبنان الى اتفاقية بروكسيل بموجب القانون رقم ١٣ تاريخ ٥/٤/١٩٧٥، أما فرنسا فقد إنضمّت بموجب المرسوم تاريخ ٢٥/٣/١٩٣٧؛ في ما يتعلق بقواعد هامبورغ فقد انضم إليها لبنان بموجب القانون رقم ٤ تاريخ ٥/١/١٩٨٣، إلا إنها لم تدخل حيّز التنفيذ إلاّ إبتداءً من تاريخ ٢/١١/١٩٩٢.
[4]انضمت فرنسا إلى إتفاقية فرسوفيا بموجب قانون تاريخ ١٦/٩/١٩٣١، أمّا لبنان فطبقّها إبتداءً من تاريخ ١٢/٥/١٩٦٢؛ في ما يتعلق باتفاقية مونتريال الجديدة لعام ١٩٩٩ دخلت حيّز التنفيذ بالنسبة الى فرنسا بتاريخ ٢٨/٦/٢٠٠٤ أما لبنان فبدأ بتطبيق نص هذه الإتفاقية عملياً بدءً من تاريخ ١٤/٥/٢٠٠٥.
[5]اتفاقية بودابست بشأن عقد نقل البضائع بالملاحة الداخلية لعام ٢٠٠١ (Convention CMNI)
[6]تتكوّن هذه السفن الخاصّة من مجموعة من السطوح إضافة الى سطحها العلوي. تتصل هذه السطوح ببعضها بواسطة روابط خاصة تسمى (Ramps). يتّم إفراغ هذه السفن وشحنها بواسطة جسور تمتّد من مؤخرتها أو من وسطها الى الرصيف وتتصل به بحيث يتم شحن الآليات والمستوعبات (conteneurs) على سكك مجهزة بدواليب دون حاجة الى روافع (sans palans)
[7]يراجع في هذا الخصوص Traité de droit maritime, Pierre Bonassies et Christian Scapel, LGDJ, 3ème édition 2016 :
Multimodal Transport, ICC «Documentary Credits Insights» Magazine, vol 1, nº 4, 1995 issue ; Doyen RODIÈRE [8]
(R) et Du PONTAVICE, Droit Maritime, 10ème édition, p. 480.
Ansam EL OKBANI, La responsabilité du transporteur maritime dans le transport multimodal, Mémoire de Master[9] II professionnel de Droit Maritime et des Transports, Université Paul Cézanne - Aix Marseille III Faculté de Droit et de Sciences Politiques, 2009, p. 25
Cour d’Appel de Toulouse, 5 décembre 1979, BT 1980, p. 13
[10]يراجع في هذا الخصوص CA Orléans, 20 janvier 1982, BT 1982, p. 233 et CA Versailles, 12ème Ch., 4 nov. 1987, SCAC / Helvetia, transports France/ Arabie Saoudite avec traversée de Sète à Djeddah ;
[11]يراجع Traité de droit maritime, Pierre Bonassies et Christian Scapel, LGDJ, 3ème édition 2016 :
[12] تدخل هذه الاتفاقية حيّز التنفيذ بحسب نص المادة/ ٣٦/ بعد انقضاء ١٢ شهراً على انضمام ٣٠ دولة إليها. تجدر الإشارة الى ان لبنان قد انضمّ بموجب القانون رقم ٢٥٧ تاريخ ٣٠/١٢/٢٠٠٠، مما رفع عدد الدول المنضمّة الى هذه الإتفاقية حتى الأن الى ٢٠.
[13]خلافاً لما كنا نعتقد بأن دخول اتفاقية مونتريال لعام ١٩٩٩ حيّز التنفيذ سيضمن توحيد القواعد الدولية الخاصة بالنقل الجوّي الدولي، اتضح لنا عند سؤال الخبير في شؤون النقل المحامي الدكتور ريمون عقل فرحات، في حينه، ان الأمر لن يصل الى الهدف المرجو في المدى المنظور، شارحاً لنا بإسهاب عمق التجاذبات السياسية على المستوى الدولي التي تطغى على مسائل النقل ومنها نظرة الولايات المتحدة الأمريكية إلى نظام مبادئ المسؤولية الدولية التي تختلف في الجوهر عن نظرة باقي الدول العظمى، آملاً الوصول الى توحيد القواعد الدولية في المستقبل القريب بعد انضمام الولايات المتحددة الى اتفاقية مونتريال الجديدة.
[14]نشير في هذا السياق أن النقل البحري للبضائع يؤمن عملياً أكثر من ٨٠ ٪ من نسبة التبادل التجاري للبضائع حول العالم.
[15]مراجعة في هذا الخصوص: De Juglard, Droit commun et droit maritime, DMF 1987, p. 259
[16]تأسس اتحاد ال FIATA عام ١٩٢٦ في فيينا، وهو منظمة غير حكومية معنية بصناعة النقل الدولي في أكثر من ١٥٠ دولة حول العالم، لا سيما في قطاع النقل المتعدد الوسائط. يتمتع هذا الاتحاد بصفة استشارية لدى مختلف المؤتمرات واللجان العاملة ضمن منظمة الأمم المتحدة. كما يساهم أيضاً في الدفاع عن مصالح وكلاء الشحن وتطوير قطاع متعهدي النقل. مراجعة الموقع الإلكتروني https://fiata.com :
[17]تأسست ال BIMCO عام ١٩٠٥ في كوبنهاغن، وهي تمثل حاليًا أكبر منظمة خاصة تعنى بالنقل والأكثر تنوعًا. تهدف إلى توحيد المصالح الملاحية التجارية الدولية وتضم ١٢٣ دولة و٢٥٥٠ شركة أعضاء فيها حول العالم. مراجعة الموقع الإلكتروني https://www.bimco.org :
[18]مؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية: تأسس مؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية (أونكتاد) عام ١٩٦٤ وهو الهيئة الرئيسية التابعة لجهاز الأمانة العامة لهيئة الأمم المتحدة، في مجال التجارة والتنمية .يعمل الاونكتاد على إيجاد بيئة ملائمة لاندماج الدول النامية في الاقتصاد العالمي، وقد ونما تدريجياً ليصبح مؤسسة موثوقة مهمتها المساعدة على صياغة سياسات التنمية، مع التركيز بصفة خاصة على البحوث وتحليل السياسات وتقديم المساعدة الفنية التي تتناسب مع الشروط المحددة للدول النامية، مع توجيه عناية خاصة لحاجات الدول الأقل نمواً، والاقتصادات الانتقالية. يشمل نطاق عمل الاونكتاد مواضيع مثل السلع، والملاحة، والنقل، وقوانين المنافسة، والتجارة في السلع والخدمات، والاستثمارات الأجنبية المباشرة .لمزيد من المعلومات مراجعة https://unctad.org/fr/Pages/aboutus.aspx
[19] تأسست غرفة التجارة الدولية عام ١٩١٩ بهدف خدمة قطاع الأعمال الدولي عن طريق تعزيز التجارة والاستثمار وفتح الأسواق للسلع والخدمات والتدفق الحر لرأس المال وقد ضمت النواة الأولى للغرفة ممثلين من القطاع الخاص في بلجيكا وبريطانيا وفرنسا وإيطاليا والولايات المتحدة ثم توسعت لتصبح منظمة أعمال دولية تضم في عضويتها آلاف الشركات والهيئات في حوالي ١٣٠ بلداً. يوجد من بين الأعضاء عدد كبير من الشركات الأكثر نفوذاً في العالم وتمثل كل القطاعات الصناعية والخدماتية. مراجعة في هذا الخصوص https://iccwbo.org/:
[20] إن حق السحب الخاص أو «Droit de Tirage Spécial - DTS»، هو سلّة من عدة عملات قويّة في العالم يحدد قيمته صندوق النقد الدولي، ويُستخدم كوحدة حساب في الصندوق وبعض المنظمات الدولية الأخرى بحيث يمكن مبادلة حق السحب بهذه العملات .كانت قيمة حق السحب الخاص تعادل في البداية 0,888671 غرام من الذهب النقي، أما اليوم، تتحدد قيمته مقابل الدولار الأمريكي على أساس أسعار الصرف الفورية التي تعلن كل يوم في لندن ويتم نشرها على موقع صندوق النقد الدولي على شبكة الإنترنت .وفي آخر مراجعة أجريت اواخر عام ٢٠١٥، قرر المجلس التنفيذي للصندوق استيفاء اليوان الصيني لمعايير الانضمام إلى سلة حقوق السحب الخاصة اعتبارا من اواخر عام ٢٠١٦، بحيث أصبح حق السحب الخاص مؤلفاً من سلة العملات التالية: الدولار الأمريكي، اليورو، اليوان الصيني، الين الياباني، والجنيه الإسترليني. يساوي حق السحب الخاص حالياً /١،٤/ دولار اميركي تقريباً. https://www.imf.org/external/np/fin/data/rms_sdrv.aspx
[21]مراجعة في هذا الخصوص: RODIÈRE (R) et Du PONTAVICE, Droit Maritime, Dalloz, 10eme édition, p. 352
[22]استئناف بيروت، ١٤ كانون الأول، ١٩٥٦، مجموعة حاتم، عدد ٢٩، ص ٧٢، رقم ٦.
[23]يراجع: Trib. Com., 2 Juin 1987, B.T. 1987, p 414. Et
WEITZ (L), The Nautical Fault Debate, Tulane Law Review, 1997- 1998, p.581
[24]مصطفى طه، القانون البحري اللبناني، دار النهضة العربية، بيروت ١٩٦٨، ص ٢٧٠.
[26]أنشأت الجمعية العامة للأمم المتحدة ما يسمى بلجنة الأمم المتحدة للقانون التجاري الدولي (الأونسيترال) عام ١٩٦٦وتتكوّن اللجنة من ستين (٦٠) دولة عضواً تنتخبها الجمعية العامة، ومنها لبنان .تتواصل مساهمة الأونسيترال في تحقيق أهداف التنمية المستدامة وحشد موارد كبيرة من مصادر متنوعة، بما في ذلك عن طريق التعاون الإنمائي المعزَّز، من أجل تزويد البلدان النامية، ولا سيما أقل البلدان نموًّا، بما يكفيها من الوسائل التي يمكن التنبؤ بها من أجل تنفيذ البرامج والسياسات الرامية إلى القضاء على الفقر بجميع أبعاده https://uncitral.un.org/ar .
DELEBECQUE (Ph.), « Le projet CNUDCI, suite et fin : la convention des Nations Unies sur le contrat de [27] transport international de marchandises entièrement ou partiellement par mer après la session de Vienne de novembre 2006», DMF 2006, avril 2007, p.291
[28] المادة /١.١/ من قواعد روتردام. مراجعة في هذا الموضوع: Mankowski (P.), «The Rotterdam Rules, Scope of Application and Freedom of Contract», 2010, 2:1/2, European Journal of Commercial Contract Law, 9-21, p.12
[29]تجدر الإشارة في هذا السياق، أن قواعد روتردام لعام ٢٠٠٨ تهدف إلى تطبيق نظام قانوني واحد على العمليات المتعددة الوسائط التي تتضمن مرحلة نقل بحري في السفرة، وليس إنشاء نظام قانوني موحد يحكم كافة عقود النقل المتعدد الوسائط بصرف النظر عن وسائل النقل المعتمدة ضمن السفرة.
[30] المادة /٢٦/ من قواعد روتردام
[31]نشير في هذا السياق ان مدى تطبيق اتفاقية بروكسل ينحصر بصورة إلزامية في الفترة البحرية من السفرة أي من الروافع الى الروافع(de palan à palan) ، دون ان يشمل أي مرحلة نقل سابقة أو لاحقة لهذه الفترة البحرّية
[32]نشير في هذا السياق أن حالات الإعفاء الأساسية وعددها/ ١٧/ هي الحالات التي نصت عليها اتفاقية بروكسل لعام ١٩٢٤ وتعديلاتها بموجب بروتوكولي ١٩٦٨ و١٩٧٩.
[33]أي بزيادة قدرها /٤٠ /حق سحب خاص عما حددته قواعد هامبورغ ١٩٧٨
[34]أي بزيادة قدرها /٠،٥/ حق سحب خاص عما حددته قواعد هامبورغ ١٩٧٨، انما أدنى بخمسة /٥/ حق سحب خاص عمّا حددته اتفاقية جنيف للنقل بالطرق «CMR» أي /٨،٣٣/ حق سحب خاص.
https://treaties.un.org/Pages/ViewDetails.aspx?src=TREATY&mtdsg_no=XI-D-8&chapter=11&clang=_fr [35]
[36]نصت المادة /١.١/ من قواعد روتردام أن: «عقد النقل يعني عقدا يتعهد فيه الناقل بنقل بضائع من مكان إلى آخر، مقابل أجرة نقل.
ويجب أن ينص العقد على النقل بحرا، ويجوز أن ينص على النقل بوسائط نقل أخرى إضافة إلى النقل البحري»
Dr. ELLEN EFTESTØL-WILHELMSSON, The Rotterdam Rules in a European multimodal context, legal studies [37] research paper series, paper nº 9, University of Helsinki, Faculty of Law, 2010, 16 JML. Website: http://www.ssrn.com
BERLINGIERI (F.), Aspect multimodaux des règles de Rotterdam, DMF, 11-2009 p.708 يراجع: [38]
[39]المادة /٤،٢/ فقرة (أ) من اتفاقية بروكسيل.
[40]يراجع: F. Odier, Institut Français de la Mer, Colloque IMTM des 20 et 21 mai 2010, Marseille