{{subject.Description}}
نور عبود، جوليان خوري،
مع تفاقم الازمة الاقتصادية اللبنانية وتراجع قيمة العملة الوطنية أمام الدولار الأمريكي و بالتالي ثبات وجود لها أكتر من سعر صرف، ظهرت العديد من التطبيقات والمواقع الإلكترونية المحددة لسعر صرف السوق السوداء. وأخذت حيز كبير في الشارع اللبناني حيث باتت هذه التطبيقات مرجعٍ لمعظم اللبنانيين تمكّنهم من معرفة سعر الصرف وبالتالي تحديد أسعار السلع والخدمات.
لوضع حد لسيطرة هذه المنصات، قامت Ogero وبناءً على أمر قضائي بحجب المواقع الإلكترونية المعنية بتحديد سعر صرف الدولار الأميركي مقابل العملة الوطنية في السوق السوداء بينما لم تتمكن بحجب التطبيقات المتواجدة على خدمة Google Play. فطلبت من القضاء المختص مراجعة الأصول التي يجب اتباعها أمام Google للتمكن من حذف التطبيقات. مما دفع القاضي غسان عويدات بإرسال كتب إلى Google طالباً حذف تلك التطبيقات.
في مدى شرعية موضوع المواقع والتطبيقات الإلكترونية
أناط قانون النقد والتسليف صلاحية المحافظة على سلامة النقد اللبناني والاستقرار الاقتصادي بمصرف لبنان كما أوكله مهمة استعمال الوسائل المناسبة لضمان ثبات القطع. فالمشرّع أراد بذلك اعطاء المصرف المركزي الاختصاص الحصري في عملية تحديد سعر صرف العملة الوطنية مقابل العملات الأجنبية.
حتى زمنٍ طويلٍ، كان هذا المبدأ القانوني مطبق ولم يتدخل أيّ لاعب غير المصرف المركزي في تحديد سعر صرف الليرة اللبنانية حيث كان مسموح لبعض الصرافين المرخصين من قبل مصرف لبنان القيام بأعمال الصيرفة بهوامش ربحٍ صغيرةٍ.
مع تراجع الوضع الاقتصادي والنقدي في لبنان بدأً من الفصل الثالث من سنة 2019 لم يعد مصرف لبنان متفرداً بتحديد سعر الصرف: بالفعل، نتيجة السياسات الاقتصادية والمالية والوضع السياسي المتشنج طوال سنواتٍ عديدةٍ, انتهت حصرية تحديد سعر الصرف من قبل مصرف لبنان لتنتقل الى السوق الموازية أو "السوداء" التي كانت سوق الصرافين وأضحت أخيراً في يد المنصات الالكترونية.
إنّ السوق الموازية للسوق الرسمي (مصرف لبنان والمصارف) نشأت بسبب عدم توفر الدولار الأميركي في السوق اللبناني والذي أدى إلى ارتفاع قيمة الدولار مقابل قيمة سعر الليرة اللبنانية، في ظل استقرار سعر الصرف الرسمي بعيد كل البعد عن القيمة الحقيقية للعملة الوطنية.
إنما، وعلى الرغم من هذه التبريرات والمبدأ الدستوري المكرِّس للاقتصاد الحر، فالقانون وتحديداً قانون النقد والتسليف قد أناط عملية تحديد سعر الصرف بمصرف لبنان.
مع الارتفاع الجنوني لسعر الدولار مقابل الليرة وتحديده من قبل المنصات الإلكترونية المجهولة الهوية، تبرز اشكالية مدى قانونية وجود هذه المنصات وصلاحياتها في تحديد سعر صرف الليرة وما اذا كانت تخالف بعملها هذا، القوانين المرعية الاجراء.
بالنسبة لقانونية وجود مثل هذه المنصات، يمكن القول أنّ هذا العمل هو تعدٍّ على مهام مصرف لبنان وحتى على عمل الصرافين المرخصين، إذ أنّ تحديد سعر صرف العملة الوطنية هي من صلاحية المصرف المركزي الذي يرخّص لبعض الصرافين العمل في سوق الصرافة ويحدد لهم هوامش من الربح.
إذاً، يمكن اعتبار وجود هذه المنصات الالكترونية الغير مرخصة من قبل مصرف لبنان أو أيّ جهة رسمية أخرى غير قانوني.
أمّا بالنسبة لقانونية الأعمال التي تقوم بها هذه المنصات، فإنّ قانون العقوبات اللبناني قد جرّم بمادتيه 319 و 320 الوقائع الملفقة أو المزاعم الكاذبة التي تؤدي إلى إحداث تدني في أوراق النقد الوطنية أو زعزعة الثقة في متانة نقد الدولة وسنداتها أو على سحب الأموال المودعة في المصارف والصناديق العامة.
إنّ التحكم بسوق الدولار وتحديد سعر صرفه من قبل هذه المنصات بلا أي وقائع مادية وحثية أو مبررات لارتفاع أو انخفاض سعر الدولار مقابل الليرة، يعتبرعملاً يؤدي الى زعزعة الثقة في العملة الوطنية وإحداث تدني بسعر العملة.
إنما، أشارت المادة 319 إلى أنّ هذه الوقائع أو المزاعم يجب أن تكون قد أذيعت بالوسائل المذكورة في الفقرتين الثانية والثالثة من المادة 209 من قانون العقوبات.
لذلك، تظهر اشكالية جديدة وهي إذا كان من الممكن تشبيه المنصات الإلكترونية بالوسائل المذكورة في المادة 209.
عددت المادة 209 وسائل النشر وقد قسمتها الى ثلاثة أقسام. الفئة الأولى هي الإعمال والحركات والفئة الثانية هي الكلام الشفهي والفئة الثالثة فهي كلّ شيءٍ مكتوب أو مرسوم أو صور أو أفلام.
إنّ العنصر المشترك بين هذه الوسائل بحسب المادة هو أنّها متوفرة للجمهور.
بمّا أنّ القانون اللبناني لم يلحظ بعد أيّ تشريع في المجال الرقمي، يجب حتما" العودة للقواعد العامة للبتّ في القضايا الرقمية.
وحيث أنّ المادة 209 في جوهرها قد عددت وسائل النشر على سبيل المثال لا الحصر، لذلك، قد يكون من الاصحّ اعتبار المنصات الإلكترونية شبيهة لتلك الوسائل وتحديداً الفئة الثالثة منها، إذ أنّها متوفرة للجمهور والوصول إليها سهل.
بذلك، يجوز ملاحقة هذه المنصات بالجرائم المحددة بالمادتين 319 و 320 باعتبار هذه المنصات الالكترونية وسائل نشر تحدث زعزعة الثقة في العملة الوطنية وتدني بسعرها.
في حجب المواقع الإلكترونية عن المنصات المحلية
هناك عدة طرق لمنع الدخول إلى موقع ما: تستخدم Ogero تلك التي ترتكز على حجب عنوان URL الشهير أو اسم المجال: على شبكة الإنترنت، يوجد دليل للمواقع ،اسمه DNS) Domain Name System) الذي يحوّل عنوان URL إلى عنوان IP. عنوان IP هو سلسلة من الأرقام التي تشير إلى الموقع الفعلي للموقع. أي المكان الذي تم تخزينه فيه في مركز البيانات.
يؤدي الحظر الذي تفرضه السلطات إلى اعتراض التحويل الذي يديره DNS لاستبدال عنوان IP الخاص بالموقع بآخر، وهو موقع صفحة التحذير التي تسيطر عليها الادارة الرسمية المختصة. كل مزود خدمة إنترنت (مزودو خدمة الإنترنت مثلOgero ) له دليله الخاص بالمواقع ، DNS الخاص به. وبالتالي، فإن مزودي خدمة الإنترنت هم الذين سيقومون بتغيير عنوان IP. وبالتالي، لن يتمكن جميع مستخدمي الإنترنت اللبنانيين من الوصول إلى المواقع الخاضعة للرقابة والحذر.
تجدر الإشارة إلى أن سلطة Ogero بحجب المواقع تبقى محدودة جغرافياً واقليميّاً وبالتالي يمكن الوصول إلى هذه المواقع بمجرّد الخروج من الشبكة اللبنانيّة أو من خلال استخدام ما يعرف بالـ VPN.
في حذف التطبيقات من Google:
حددت الوحدة القانونية الخاصة بGoogle حالات معينة تتيح للمتضرر تقديم طلب هدفه حذف تطبيق عن منصة Google Play نعدد منها: التطبيقات المشجعة على ممارسات أنشطة غير مشروعة كتجارة الممنوعات، التطبيقات التي تحتوي على محتوى جنسي أو لغة بذيئة أو تروّج لها، البرامج المتعدية على حقوق الملكية الفكرية أو التطبيقات التي تحتوي على معلومات أو ادعاءات كاذبة أو مضللة أو التطبيقات الخادعة أو الضارة أو التي تهدف إلى إساءة استخدام أي شبكة أو جهاز أو بيانات شخصية...
عند تعذر وجود حكم قضائي تقدم شكوى مباشرةً على موقع Google يحدد فيها أسباب الشكوى. فيدرس القسم الناظر بالشكاوى جدية الأسباب كما يبلغ القرار إلى المشتكي فور اتخاذه. أما في حالة صدور قرار أو حكم قضائي يقضي بحذف تطبيق معين، يجب على طالب الحذف تعبئة الطلب مرفقاً بالحكم القضائي على الرابط التالي : https://support.google.com/legal/contact/lr_courtorder?product=googleplay&uraw
تجدر الإشارة إلى أن الحكم ينشر على منصة خاصة لدى Google فور صدور قرار الحذف.
إن القرار التي ستتخذه Google قد يكون سابقة من نوعه. إذ أنه لا يوجد حالة مماثلة لوضعنا هذا حيث استُبدِلت السلطات الرسمية بمنصات الإلكترونية تحدد على مدار الدقيقة سعر الصرف.
ويبقى السؤال عما إذا ستتمكن السلطات اللبنانية الوصول إلى معرفة هوية المبرمجين ومعاقبتهم.