Pouvoirs du ministère public près la cour de cassation
لمحة:
في جلسة عقدتها الهيئة العامة في التاسع والعشرين من شهر آذار عام 2001، أقرّ المجلس النيابي قانون أصول المحاكمات الجزائية بعد مخاض عسير إمتدّ لسنوات .
وقد أصدر فخامة رئيس الجمهورية في حينه مرسوماً حمل الرقم 5328 تاريخ 20/4/2001 ردّ بموجبه هذا القانون، طالباً إعادة النظر به، مستنداً إلى حقه الدستوري المعطى له إستناداً إلى أحكام المادة 57 من الدستور.
إلاّ أن المجلس النيابي، ورغم القرار المشار إليه، فقد أعاد إقرار القانون كما هو، وبالغالبية المطلقة، في جلسة عقدها بتاريخ 26/7/2001، ما حتّم على فخامة الرئيس إصداره بتاريخ 2/8/2001 بالقانون رقم 328 ونُشر في الجريدة الرسمية بالعدد رقم 38 تاريخ 7/8/2001 على أن يعمل به بعد مرور ثلاثة أشهر من تاريخ نشره.
وبتاريخ 8/8/2001، وبعد أقلّ من عشرة ايام على نشر القانون في الجريدة الرسمية ، بادر عشرة نواب إلى التقدم بإقتراح قانون معجّل مكرّر يرمي إلى تعديل القانون الذي سبق لمجلس النواب أن أقرّه في جلسة 26/7/2001. وقد تضمّن إقتراحهم المواد عينها التي سبق لفخامة رئيس الجمهورية في حينه أن طلب إعادة النظر بها والتي رفضها مجلس النواب عندما بادر بعض النواب إلى طرح تعديلها في الجلسة العامة التشريعية التي إنعقدت بتاريخ 26/7/2001 ( المواد 13، 14، 32، 42 و47 من القانون رقم 328 تاريخ 8/2/2001 ) فوافق المجلس على هذا الإقتراح في جلسته العامة التي عقدت بتاريخ 13/8/2001 وأصدره فخامة رئيس الجمهورية بالقانون رقم 359 تاريخ 16/8/2001 ( تعديل بعض مواد قانون أصول المحاكمات الجزائية ) ونُشر في الجريدة الرسمية بالعدد 41 تاريخ 18/8/2001 ما حمل ثمانٍ وعشرين نائباً – بينهم أربعة وزراء – على تقديم مراجعة إبطال أمام المجلس الدستوري طعناً بالقانون 359 الذي عدّل بعض مواد قانون أصول المحاكمات الجزائية، وذلك بمراجعة قدمت أمام المجلس الدستوري في الأول من أيلول 2001 سجّلت برقم 2/2001 فكان قرار المجلس الدستوري بردّ الطعن بقرار حمل الرقم 4/2001 صدر بتاريخ 29/9/2001 مرتكزاً على مبدأ وحدة الملاحقة ووحدة النيابة العامة وعلى رأسها النائب العام لدى محكمة التمييز الذي خوّله القانون سلطة تشمل جميع قضاة النيابة العامة بمن فيهم مفوض الحكومة لدى المحكمة العسكرية ، بحيث له أن يوجه إلى كل منهم توجيهات وتعليمات خطية أو شفهية بغية تسيير الدعوى العامة ، كما و " يحيل على كل منهم، بحسب إختصاصه، التقارير والمحاضر التي ترده في صدد جريمة ما ويطلب إليه تحريك دعوى الحق العام فيها "- على ما جاء في قرار المجلس الدستوري الذي خلُص إلى القول – " بأن ممارسة النائب العام التمييزي صلاحياته هذه، وخصوصاً إجراء التحقيق عند الإقتضاء ، كما ممارسة قضاة النيابات العامة صلاحياتهم بإشراف النائب العام التمييزي ، ومنها صلاحية الإدعاء ، إنما تتمّ كلها في ظل الضوابط والضمانات التي وضعها المشترع حماية لحقوق الأفراد، ولا تحمل بذلك إعتداءاً على مبدأ قرينة البراءة".
ومن قراءة النصوص المتعلقة بمهام النائب العام التمييزي يتبدى على أنها أولته سلطات ومهام إستثنائية واضحة تمثّلت بالآتي:
أولت المواد 13، 14، 15، 16 و17 من القانون رقم 328 المعدّل بالقانون 359 تاريخ 16/8/2001 النائب العام لدى محكمة التمييز المهام الطبيعية التي من الواجب أن يقوم بها وفق المبادئ العامة الجاري العمل بها في أغلب تشريعات الأصول الجزائية الحديثة.
فالنيابة العامة ، بخلاف القضاء الجالس، تخضع لنظام هرمي أو ما يسمى بنظام التبعية التسلسلية ( Subordination hiérarchique) بحيث أن قضاة النيابات العامة يخضعون لسلطة رؤسائهم التسلسلية التي كانت تنتهي بوزير العدل ( المادة 16 من قانون أصول المحاكمات الجزائية القديم والمادة 33 من المرسوم الإشتراعي رقم 8 تاريخ 15/12/1954).
وهذه المادة أُلغيت بالقانون المتعلق بنظام القضاة العدليين الصادر بالمرسوم 7855 تاريخ 16/10/1961 واستُعيض عنها بالمادة الثالثة التي نصّت على أن " يخضع قضاة النيابة العامة لإدارة ومراقبة رؤسائهم ولسلطة وزارة العدل ". وهذه الصفة عادت ووردت في المادة 45 من المرسوم الإشتراعي رقم 150 /83 التي نصّت على أن " يخضع قضاة النيابات العامة لإدارة ومراقبة رؤسائهم ، كما يخضعون لسلطة وزير العدل وتبقى لهم في جلسات المحاكمة حرية الكلام".
غير أن الوضع لم يعد على هذه الصورة ، ذلك أن قانون أصول المحاكمات الجزائية الجديد ينص صراحةً على أن النائب العام لدى محكمة التمييز أصبح وحده الرئيس التسلسلي لجميع قضاة النيابة العامة على إختلاف درجاتهم بحيث أصبح السلطة الوحيدة المخوّلة مهام مراقبة وإدارة النيابات العامة في لبنان ، وبذا يكون قد حلّ مكان وزير العدل الذي جرّده هذا القانون من معظم الصلاحيات التي كان يتمتّع بها ضمن إطار السلطة الحكومية على النيابات العامة والتي كان يستمدّها من أحكام الفقرة الأولى من المادة 45 من المرسوم الإشتراعي رقم 150 تاريخ 16/9/1983 (قانون القضاء العدلي) .
نشير في هذا السياق إلى أن المادة 428 من قانون أصول المحاكمات الجزائية الجديد ألغت صراحةً القانون القديم الذي كان ينص على رئاسة وزير العدل للنيابات العامة .كما وألغت جميع الأحكام والنصوص التشريعية المخالفة أو المتعارضة معه ، سيما وأن المبادئ العمومية تنص على أن كل نص جديد يلغي ما سبقه إذا تعارض معه.
وفي علاقة وزير العدل بالنيابات العامة وتحديداً علاقته بالنائب العام التمييزي ، فإن هذه المسألة تطرح تساؤلاً حول مدى توافق هذه العلاقة بين الوزير والنيابة العامة مع مبدأ إستقلالية القضاء الذي سعينا ونسعى إلى تحقيقه جاهدين من خلال مشاريع إصلاحية متعددة كثٌر الحديث عنها ...
هذا الموضوع مهم وشائك ، وخوض غماره يطرح من زاوية المواجهة أو حتى التناقض بين متطلبات إستقلالية القضاء ومتطلبات دور السلطة التنفيذية في ترسيخ الأمن والإستقرار وملاحقة المجريمن ومعاقبتهم.
نشير إلى أن مسألة إرتباط النيابات العامة بوزير العدل كانت دوماً موضع نقاش في القانون الفرنسي الذي يميل إلى هذه المسألة.
(p.4 Perrot, institutions judiciaires,)
كما وأن بعض قضاة النيابة العامة أنفسهم طالب بفصل تام لهذا الإرتباط بينهم وبين وزير العدل على غرار ما هو معمول به في القانون الإيطالي .
( Michel Jéol “ le parquetier nouveau est arrivé” Gazette du palais- 2eme sem.1994 ).
وبالعودة إلى القانون اللبناني ، فإن المادة 13 من قانون أصول المحاكمات الجزائية الجديد المعدّلة تنص على أن :
" يرأس النيابة العامة لدى محكمة التمييز نائب عام يعيّن بمرسوم يُتّخذ في مجلس الوزراء بناءً على إقتراح وزير العدل . يعاونه محامون عامون .
تشمل سلطة النائب العام لدى محكمة التمييز جميع قضاة النيابة العامة بمن فيهم مفوض الحكومة لدى المحكمة العسكرية .
وله أن يوجه إلى كل منهم تعليمات خطية أو شفهية في تسيير دعوى الحق العام . إنما يبقى لهم حرية الكلام في جلسات المحاكمة...."
أيضاً المادة 31 من المرسوم رقم 150/83 المعدّل ( قانون القضاء العدلي ).
إذاً ، فإن إختصاص النائب العام لدى محكمة التمييز – بخلاف مرؤوسيه من أعضاء النيابة – لا ينحصر بمباشرة الدعوى في حدود محافظة معيّنة، وإنما يشمل جميع المحافظات . وقد خصّه القانون بسلطات واسعة ، وخوّله إختصاصات ذاتية قصد في أغلبها تمكينه من مراجعة تصرفات مرؤوسيه من أعضاء النيابات العامة ، وتدارك ما قد يقع من بعضهم من سهو أو خطأ ربما، وجلّ من لا يخطئ .
فرئاسة النائب العام التمييزي جميع النيابات العامة، ورئاسة النائب العام الإستئنافي لمعاونيه من قضاة النيابة التي يرأسها ، تضم إلى جانب صفتها الإدارية صفة قضائية تخوّل كل منهما إصدار توجيهات ملزمة إلى مرؤوسيه بهدف تسيير الدعوى العامة .
كما وأن إلتزام جميع قضاة النيابة العامة بتوجيهات النائب العام التمييزي، إنما يكون في مطالعاتهم الخطية ، أما في مطالعاتهم الشفهية أمام المحاكم ، فإنهم يستردون كامل حريتهم، يترافعون كما يتراءى لهم، ويؤيدون وجهة النظر التي يعتقدون أنها صحيحة، ويبدون الطلبات التي يرونها عادلة من وجهة نظرهم وإن خالفت الطلبات التي رفعت بها الدعوى، لا يخضعون في هذا كله إلاّ لسلطان الضمير ، ولا يتقيّدون برأي النائب العام التمييزي أو غيره من الرؤساء .
ويعبّر عن ذلك في فرنسا بالقول :
‘ si la plume est serve, la parole est libre ‘.
أي إذا كان القلم مقيداً، فاللسان حرّ طليق .
فإذا كان قلم ممثل النيابة العامة مقيداً بتوجيهات رؤسائه، فله حرية النطق بما يشاء في الجلسات. وهذا ما أعلنته محكمة التمييز الجزائية في فرنسا بقرارها الصادر بتاريخ 13/5/1976 والذي جاء فيه:
“ la parole du ministère public à l’audience est libre; il a le droit de dire tout ce qu’il croit convenable au bien de la justice comme de produire tous les documents et de donner tous les explications qui lui paraissent utiles”.
( crim.13 mai 1976, Bull.crim.n 157-V. aussi en ce sens: crim, 31mai 1978, Bull.crim.n 178 )
بالمقابل فإن هذه القاعدة ، وإن كانت تقضي بحرية قضاة النيابة العامة في إبداء مطالعاتهم الشفهية اثناء الجلسات وبعدم التقيد بتوجيهات رئيسهم، فهي ليست مطلقة ، وبالتالي لا تحول دون المساءلة التأديبية.
فلقد نصت الفقرة الثالثة والأخيرة من المادة 16 من قانون أصول المحاكمات الجزائية على أن للنائب العام التمييزي " أن يوجه تنبيهاً إلى أحد قضاة النيابة العامة بسبب ما يعزوه إليه من تقصير في عمله أو أن يقترح على هيئة التفتيش القضائي إحالته أمام المجلس التأديبي ".
وتجدر الإشارة إلى ان صلاحيات النائب العام التمييزي تتخطى في القانون اللبناني نطاق الوظيفة الطبيعية للنيابة العامة التمييزية . فالمادة 21 من قانون التنظيم القضائي الصادر بالمرسوم 7855 تاريخ 16/10/1961 كانت قد نقلت إليه في ظل قانون أصول المحاكمات القديم ، الصلاحيات والمهام العائدة للمدعي العام الإستئنافي بموجب أحكام قانون أصول المحاكمات الجزائية.
وقد جاء المرسوم الإشتراعي رقم 150 الصادر بتاريخ 16/9/1983 – قانون القضاء العدلي –ولم ينص على ممارسة النائب العام التمييزي الصلاحيات العائدة للنائب العام الإستئنافي .
إلاّ أن المرسوم الإشتراعي رقم 22 تاريخ 23/3/1985 تنبّه لما أغفله المرسوم الإشتراعي رقم 150/83 المشار إليه ، فكان أن أضاف في المادة 14 منه عبارة على المادة 31 من هذا المرسوم ، تقضي بما حرفيته:
" تنتقل إلى المدعي العام لدى محكمة التمييز الصلاحيات العائدة للمدعي العام الإستئنافي بموجب قانون أصول المحاكمات الجزائية "
( فقرة مضافة بالمرسوم الإشتراعي رقم 22 تاريخ 23/3/1985 الجريدة الرسمية ، ملحق العدد 13 )
من هنا فإن الصلاحيات التي تعود طبيعياً للنائب العام الإستئنافي قد إنتقلت إلى النائب العام التمييزي الذي أصبح رئيس كل النيابات العامة بسلطته ، ومالكاً لزمام الدعوى العمومية، يحرّكها ويسيّرها ، كما وله الحق في توجيه التعليمات الخطية أو الشفهية إلى جميع قضاة النيابات العامة على إختلاف درجاتها . وهذا ما أكّد عليه قانون أصول المحاكمات الجزائية الجديد مضيفاً حق النائب العام التمييزي بإجراء التحقيق مباشرة أو بواسطة معاونيه من قضاة النيابة العامة الملحقين به، أو بواسطة أفراد الضابطة العدلية التابعين له . وله حق الإطلاع مباشرة على ملفات التحقيقات التي يتولاها قضاة التحقيق ، وإنما دون أن يكون له حق الإدعاء ، كما وله أن يطلب من النائب العام إبداء المطالعة المتوافقة وتوجيهاته الخطية ( المادة 13 إلى 16 من قانون أصول المحاكمات الجزائية) .
وعليه، عملاً بالفقرة الأخيرة التي أضيفت على المادة 14 من قانون أصول المحاكمات الجزائية بموجب القانون رقم 359 تاريخ 16/8/2001، للنائب العام التمييزي، عند الإقتضاء، الحق بإجراء التحقيق مباشرة أو بواسطة أحد معاونيه من قضاة النيابة العامة الملحقين به أو أفراد الضابطة العدلية التابعين له دون أن يكون له حق الإدعاء.
كما وللنائب العام لدى محكمة التمييز، عملاً بأحكام المادة 15 من قانون أصول المحاكمات الجزائية الجديد، أن يراقب موظفي الضابطة العدلية في نطاق الأعمال التي يقومون بها بوصفهم مساعدين للنيابة العامة . وله أن يوجه إلى رؤسائهم ما يراه من ملاحظات في شأن أعمالهم الموصوفة آنفاً ، وأن يطلب من النائب العام الإستئنافي أو النائب العام المالي أو مفوض الحكومة لدى المحكمة العسكرية ان يدعي بحق من يرتكب جرماً جزائياً منهم في أثناء قيامه بوظيفته أو في معرض قيامه بها دون أن يطلب إذناً بملاحقته .ويكون القضاء العدلي هو الصالح للنظر في هذا الجرم رغم كل نص مخالف.
وعملاً بمنطوق المادة 16 من هذا القانون أيضاً " على كل من النائب العام الإستئنافي والنائب العام المالي ومفوض الحكومة لدى المحكمة العسكرية ومدير عام قوى الأمن الداخلي ومدير عام الأمن العام ومدير عام أمن الدولة أن يبلغوا النائب العام لدى محكمة التمييز عن الجرائم الخطرة التي علموا بها وأن يتقيدوا بتوجيهاته في شأنها ".
كما وأعطت هذه المادة أيضاً الحق للنائب العام التمييزي في أن يطلع على ملف التحقيق الذي يتولاه أحد قضاة التحقيق وأن يطلب من النائب العام المختص إبداء المطالعة التي تتوافق مع توجيهاته الخطية ( الفقرة الثانية من المادة 16 ) .
وله أن يوجه تنبيهاً إلى أحد قضاة النيابة العامة بسبب ما يعزوه إليه من تقصير في عمله أو أن يقترح على هيئة التفتيش القضائي إحالته أمام المجلس التأديبي ( الفقرة الثالثة والأخيرة من المادة 16 ) .
من الواضح أنه ومن خلال تلك النصوص المعروضة أن مهام النائب العام التمييزي تتجاوز إلى حدّ بعيد مهمة الطعن بطريق النقض في الأحكام والقرارات الجزائية ومتابعة سير الدعوى العامة وممارستها لدى محكمة التمييز وتمثيل النيابة العامة لدى هذه المحكمة لتشمل على وجه العموم كل أعمال النيابات العامة، وبذا يمكن القول بأن سلطة الملاحقة الجزائية أضحت في يده وهو يمارسها عن طريق التوجيهات المعطاة إلى باقي النيابات العامة إلى جانب الأوامر وسلطة الرقابة على موظفي الضابطة العدلية ، إضافة إلى السلطات الممنوحة له في إجراء التحقيقات مباشرة وفي الإطلاع على ملف التحقيقات وفي الطلب إلى النائب العام المختص أن يبدي المطالعة التي تتوافق وتوجيهاته الخطية .
وفيما خص وظائف النائب العام التمييزي، فقد نصت المادة 17 من قانون أصول المحاكمات الجزائية الجديد على أن :
" يتولى النائب العام لدى محكمة التمييز الأعمال الآتية :
- طلب نقض الأحكام والقرارات الجزائية وفقاً للأصول المحددة في هذا القانون .
- طلب تعيين المرجع وطلب نقل الدعوى من محكمة إلى أخرى .
ج- الإدعاء بالجرائم المحالة إلى المجلس العدلي .
د- الإدعاء بالجرائم التي يرتكبها القضاة سواء أكانت ناشئة عن الوظيفة أم خارجة عنها .
ه- تمثيل النيابة العامة لدى محكمة التمييز والمجلس العدلي .
و-إعداد ملفات إسترداد المجرمين وإحالتها على وزير العدل مشفوعة بتقاريره .
ز- وضع تقرير مفصّل يرفق بملف المحكوم بالإعدام عند إحالته على لجنة العفو الخاص .
ح-سائر المهام والصلاحيات الوارد ذكرها في هذا القانون وفي غيره .
يسند هذا النص إلى النائب العام لدى محكمة التمييز مهاماً طبيعية معمول بها في التشريع الفرنسي حيث تنحصر مهام النائب العام لدى محكمة التمييز في متابعة دعوى الحق العام وتمثيل النيابة العامة أمام محكمة التمييز، حيث لا يعتبر فريقاً أصلياً في الدعوى بل منضماً نتيجة طلب النقض المقدم من النيابة العامة الإستئنافية أو من المدعي أو المدعى عليه، بإستثناء طلب النقض لمنفعة القانون ( Pourvoi dans l’intérêt de la loi ) والذي يقدمه فقط النائب العام لدى محكمة التمييز .
وتكمن الغاية من هذا التمييز ، إفساح المجال أمام أعلى سلطة قضائية بهدف تطبيق القانون وتفسيره وفقاً للأصول حتى ولو أغفل الفرقاء الطعن به ضمن المهلة القانونية أو ربما لإقتناعهم بنتيجة الحكم الصادر ولو جاء مخالفاً للقواعد القانونية المعمول بها .
لذا أتى المشترع ليولي النائب العام التمييزي صلاحية التقدم بهذا الطعن الإستثنائي تمييزاً، إما بمبادرة عفوية منه شخصياً ، أو بناءً على طلب من وزير العدل .
وفي الحالتين لا بد من توافر بعض الشروط إن في الشكل أو في الأساس .
وهذه الشروط:
- أن يكون السبب المستند إليه مخالفة مادة قانونية .
- أن يكون الحكم في الأصل قابلاً للنقض .
- ألاّ يكون أي من الفرقاء قد تقدم بطلب نقض ضمن المهلة القانونية .
ومهلة النقض لمنفعة القانون سنة واحدة من تاريخ صدور الحكم .
فإذا تبيّن بأن الحكم الصادر مخالفاً للقانون ، أصدرت محكمة التمييز الحكم بإلغائه وإعتباره كانه لم يكن، وبالتالي يستفيد المدعى عليه من الإلغاء إذا جاء لمصلحته دون أن يتضرر منه . وفي مطلق الأحوال ، يبقى الحكم قائماً لمصلحة المدعي الشخصي ( المواد 142/تنظيم قضائي و 327/أصول جزائية ) .
وبالمقارنة مع التشريع الفرنسي ، فإن التشريع اللبناني قد وسّع دائرة صلاحيات النائب العام لدى محكمة التمييز بحيث تخطّت ما ذكر في المادة 17 من قانون أصول المحاكمات الجزائية، لتصل إلى حدود السلطة المباشرة على كل النيابات العامة عن طريق ترؤسها وإدارتها وتوجيهها وإعطاء الأوامر وصولاً إلى تولّي التحقيقات مباشرة ( المادة 13/أصول جزائية ) .
وبما أنه يعود للنائب العام التمييزي حق الإشراف الفعلي على جميع قضاة النيابات العامة ومعاونيهم ومساءلتهم، له أيضاً:
- الطلب من النيابة العامة الإستئنافية إستئناف الأحكام الجزائية بصورة إستثنائية ولحالات معيّنة قبل إنقضاء المهلة القانونية .
- طلب نقض قرارات الهيئة الإتهامية خلال مهلة شهرين من تاريخ صدور القرار .
- طلب نقض الأحكام المبرمة، تلك الصادرة عن محاكم الإستئناف والجنايات في كافة القضايا الجزائية وفي كل قضية مدنية تكون النيابة العامة فريقاً أصلياً فيها كدعاوى الأحوال الشخصية والجنسية والدعاوى المالية المتعلقة بالقصّر أو بالمحجور عليهم ( المادتان 126و127 من قانون التنظيم القضائي رقم 7855 والمادتان 17و316 /أصول جزائية ).
- له وبصورة إستثنائية أن يحرّك الدعوى العمومية بنفسه أو بواسطة من ينتدبه من أحد معاونيه لدى المحكمة العسكرية .
- يشترك في تشكيل مجلس القضاء الأعلى ، وهو حكماً نائب رئيس مجلس القضاء الأعلى ويترأس المجلس في حال غياب الرئيس أو شغور المركز لأي سبب كان .
- الإدعاء بالجرائم المحالة على المجلس العدلي أمام قاضي التحقيق العدلي المعيّن كونه من يمثّل النيابة العامة أمامه كما ويمثّل الإدعاء العام لدى محاكمة القضاة ( المادة 44 من قانون القضاء العدلي رقم 150 والمادة 112 من قانون التنظيم القضائي والمادة 17/أصول جزائية ).
- يبدي المطالعات في الطلبات المتعلقة بإعادة المحاكمة.
- يبدي رأيه في طلبات العفو ( المادتان 17 و393/أصول جزائية ) .
- يبادر إلى تنفيذ الأحكام الصادرة عن محاكم التمييز الجزائية بعد إكتسابها الدرجة القطعية.
- يطلب من النائب العام الإستئنافي أو المالي أو مفوض الحكومة لدى المحكمة العسكرية أن يدعي بحق كل من يرتكب جرماً جزائياً أثناء الوظيفة أو بمعرضها دون أن يطلب الإذن بالملاحقة .
- يراقب كافة موظفي الضابطة العدلية دون إستثناء وذلك في إطار الأعمال التي يقومون بها، ويوجه إلى رؤسائهم الملاحظات ( المادة 15/أصول جزائية ) .
- إلزام جميع القيّمين على النيابات العامة ومديري الأمن الداخلي والأمن العام وأمن الدولة بإبلاغه ودون إبطاء عن الجرائم الخطرة وأن يتقيدوا بتعليماته وتوجيهاته .
- أن يطلب عفواً أو بناءً على طلب من النائب العام المالي وبواسطة وزير العدل إلى رئاسة مجلس الوزراء تكليف هيئة التفتيش المركزي إجراء التحقيقات في القضايا المالية ( المادة 12 من المرسوم رقم 1937 المعدّل بالمرسوم رقم 3094 والمادة 22/أصول جزائية ).
- له الحق بالإطلاع على ملف التحقيق الذي يتولاه أحد قضاة التحقيق وأن يطلب من النائب العام المختص إبداء المطالعة التي تتوافق وتوجيهاته الخطية .
- له أن يوجه تأنيباً إلى أي من قضاة النيابة العامة لأمر يتعلق بأي تقصير في العمل.
- له أن يقترح على هيئة التفتيش القضائي إحالة أي قاضٍ من قضاة النيابة العامة إلى المجلس التأديبي للقضاة.
- له حق البت بأي خلاف حول الحصانات .
- صلاحية التحقيق في أي ملف يريده دون حق الإدعاء .
- يتولى طلب تعيين المرجع .
- يتولى طلب نقل الدعوى من محكمة إلى أخرى ( المادتان 17 و340/أصول جزائية).
- إعداد ملفات إسترداد المجرمين وإحالتها إلى وزير العدل مشفوعة بتقاريره ( المادتان 17 و393/أصول جزائية).
- وضع تقارير مفصّلة مرفقة بملفات المحكوم عليهم بالإعدام عند إحالتهم على لجنة العفو الخاص .
وإلى حين الوصول في لبنان إلى كل ما نبتغيه تحقيقاً لإستقلال سلطة القضاء بالفعل لا بالقول ، فإن كل قضاة لبنان مدعوون للإسهام في نهضة قضائية يوطّدون فيها دعائم إستقلالٍ- لسلطة قضائية- يؤخذ ولا يُعطى، وحصانة تنشأ عن صفات في القاضي تستحق الإحترام ، لتصبح قصور العدل "هياكل" لمن إتخذ من بين أسمائه الحسنى إسم " العدل ".