ساري وليد أبو دية
لان مسألة مؤازرة الشعب الفلسطيني ليست "وجهة نظر"، بل هي مسألة الوقوف مع الحقّ ضد الباطل، مسألة الوقوف مع المظلوم ضدّ الظالم. وعليه، أدخلت أغلبية الدول العربية - ومنها دولة الكويت - تشريعات داخلية تمنع التعامل التجاري مع الكيان الصهيوني.
بدأت المقاطعة العربية للمصالح اليهودية في سنة 1922، أي قبل 26 سنة من إعلان قيام دولة إسرائيل (14 ماية 1948). المقاطعة كانت تقتصرعلى نبذ التعامل مع أي تجارة مملوكة من قبل اليهود خلال فترة الانتداب البريطاني على دولة فلسطين. واذا نقضت هذه المقاطعة من قبل أي تاجر فلسطيني، كان يتعرّض للهجوم من قبل باقي التجار ويتم تخريب وإتلاف بضائعه. وتعتبر مقاطعة بضائع الكيان الصهيوني نوعاً من أنواع المقاومة ومن أهم الطرق للتضامن مع الشعب الفلسطيني والوقوف إلى جانبه في النضال من أجل حقوقه ومكتسباته.
في هذا الاطار، وانطلاقا من حرصها على الوقوف مع الصف العربي، بادرت دولة الكويت وحتى قبل صدور الدستور، باستصدار التشريع الواجب نحو تلك المقاطعة. وبتاريخ 26 مايو 1957، صدر المرسوم الأميري بفرض المقاطعة على بضائع ومنتجات الكيان الصهيوني، وتمّ تكليف "رئيس الجمارك" بتنفيذ المرسوم وإعداد الأنظمة المنفذة له. ومنذ ذلك الحين ومكتب شؤون المقاطعة بدولة الكويت يسهر على فرض المقاطعة بجميع السبل والإجراءات الرادعة التي تكفل تحقيق هذا الغرض الوطني الهام.
إن مقاطعة جامعة الدول العربية للكيان الصهيوني تغطي ثلاثة جهات:
(ا) البضائع والخدمات المصدرة من إسرائيل (المقاطعة من الدرجة الأولى)، (ب) الشركات غير العربية التي تتعامل مع إسرائيل (المقاطعة من الدرجة الثانية)، و(ج) الشركات التي تشحن بضائعها من خلال المنافذ الإسرائيلية (المقاطعة من الدرجة الثالثة).
تعتمد دولة الكويت، من خلال تشريعاتها، المقاطعة من الدرجة الأولى. فقد صدر القانون رقم 21 لسنة 1964 في شأن القانون الموحد لمقاطعة إسرائل ، والذي نصت المادة الأولى منه على ما حرفيّته: "يحظر على كل شخص طبيعي أو اعتباري أن يعقد بالذات أو بالواسطة اتفاقًا مع هيئات أو أشخاص مقيمين في إسرائيل أو منتمين إليها بجنسيتهم أو يعملون لحسابها أو لمصلحتها أينما أقاموا وذلك متى كان محل الاتفاق صفقات تجارية أو عمليات مالية أو أي تعامل آخر أيًّا كانت طبيعته وتعتبر الشركات والمنشآت أيًّا كانت جنسيتها التي لها مصالح أو فروع أو توكيلات عامة في إسرائيل في حكم الهيئات والأشخاص المحظور التعامل معهم طبقًا للفقرة السابقة حسبما يقرره المشرف على شئون المقاطعة وفقًا لتوصيات مؤتمر ضباط الاتصال."
واستناداً الى القانون سالف الذكر، تعتبر "إسرائيلية" البضائع والسلع المصنوعة في "إسرائيل" أو التي دخل في صناعتها جزء أيًّا كانت نسبته من منتجات "إسرائيل" على اختلاف أنواعها سواء وردت من "إسرائيل" مباشرة أو بطريق غير مباشر.
وتعتبر في حكم البضائع الإسرائيلية السلع والمنتجات المعاد شحنها من "إسرائيل" أو المصنوعة خارج "إسرائيل" بقصد تصديرها لحسابها أو لحساب أحد الأشخاص أو الشركات الاسرائيلية.
يفرض القانون على أي شركة مستوردة للبضائع أن تبرز "شهادة منشأ" يبّن فيها البلد الذي صنعت فيه السلع المستوردة، كما وتأكيد رسمي أنه لم يدخل في صناعة هذه السلع أية مادة من منتجات إسرائيل أيًّا كانت نسبتها.
وفي سنة 1983، أصدرت وزارة المالية القرار الوزاري رقم (11) والذي اسندت بموجبه مسؤولية الإشراف على مكتب مقاطعة إسرائيل لمدير عام الجمارك.
أمّا بالنسبة لعقوبة مخالفة أحكام قانون مقاطعة "إسرائيل"، يعاقب كل مخالف بالأشغال الشاقة المؤقتة لمدة لا تقل عن ثلاث سنوات ولا تتجاوز عشر سنوات. كما ويجوز مع الحكم بالأشغال الشاقة الحكم بغرامة لا تتجاوز خمسة آلاف دينار كويتي. وفي جميع الأحوال يحكم بمصادرة الأشياء المضبوطة لجانب الحكومة كما يحكم بمصادرة وسائل النقل التي استعملت في ارتكاب الجريمة.
على الصعيد الرياضي، الخطوة الأبرز نحو مقاطعة الكيان الصهيوني تمثلت في نجاح النائب الكويتي أحمد السعدون (رئيس مجلس الأمة الكويتي الأسبق)، في طرد إسرائيل من الاتحاد الآسيوي لكرة القدم سنة 1976 إذ كان السعدون رئيسا للاتحاد الكويتي لكرة القدم، وقدّم باسم الاتحاد مشروع قرار بطرد الكيان الصهيوني من الاتحاد الآسيوي لكرة القدم. وقد نجح في إقناع الاتحاد الآسيوي طرد الكيان الصهيوني، مما اضطر الاتحاد الأوروبي لكرة القدم إلى تعديل النظام الأساسي للاتحاد حتى يتم قبول الكيان الصهيوني.
وأختم مقالتي هذه بعبارة للإمام علي بن أبي طالب (عليه السلام): "إذا رأيت الظالم مستمراً في ظلمه فاعرف أن نهايته محتومة، وإذا رأيت المظلوم مستمراً في مقاومته فاعرف أن إنتصاره محتوم".