ترجم هذا الموقع إلى
بدعم من غوغيل
تنفيذ
للحصول على ترجمة "صادر" القانونية أو أي استفسار info@saderlegal.com

|

{{title}}

لم يتم العثور على المحتوى

الدواء المقلّد خطر داهم على صحة اللبنانيين


الدواء المقلّد خطر داهم على صحة اللبنانيين

{{subject.Description}}

منذ فترة، يعيش اللبناني بهاجس تأمين الدواء بعد تفاقم الأزمة الاقتصادية والمالية التي تمرّ بها البلاد والتي ادّت الى فقدان معظم الأدوية من الصيدليات والمستشفيات. فبات اللبناني يبحث عن اي دواء يمكن ان يشفيه او يقيه من المرض من اي مصدرٍ كان دون التأكد من مصدره او جودته او استيراده وفقاً للمعايير العالمية الالزامية. فتراه يستجدي الدواء في الصيدليات والمستشفيات وعلى الانترنت وصفحات مواقع التواصل الاجتماعي او يطلب من الاقارب والاصدقاء القادمين الى لبنان من بلدان الاغتراب الى شراء الأدوية من هنا او هناك، من اجل تأمينها، عدا عن التّجار الذين يقومون ببيع الأدوية في السوق السوداء بالعملات الاجنبية دون اي حسيبٍ او رقيب.

كل هذه الظروف التي ترافق عملية شراء الأدوية حالياً في لبنان تزيد المخاطر على المريض الذي يمكن ان يشتري أدوية مقلّدة او منتهية الصلاحية او غير مطابقة للمواصفات قد تؤثر على صحته وتشكل خطرًا داهمًا على حياته بخاصة في ظل تفشي وباء كورونا الذي يهدد حياة الملايين في جميع انحاء العالم بما في ذلك لبنان.

الدواء المقلًد او المزوّر (Counterfeit Medicine) هو دواء يحمل نفس اسم وعبوة الدواء الأصلي وشكل حبًة الدواء او لونه، بحيث لا يمكن تفريقه شكلًا عن الدواء الأصلي، الّا انه غير مصنّع في معامل الشركة المصنعّة او اي من فروعها او المصانع الحائزة على ٳمتياز لتصنيعه، بل غالباً ما يصنّع في معامل بدائية لا تتوفر فيها اي من مقوّمات التصنيع الجيد والنظافة، كما وانه في معظم الأحيان لا يتضمن أي مواد فعّالة، ويكون مصنوعًا من الطبشور او الطحين او غيرها من المواد التي لا تمّت الى الدواء بصلة، او يتضمن نسبة ضئيلة من تلك المواد الفعّالة لا تعطي نفس النتيجة في العلاج الذي ينتظره المريض. وتقدر منظمة الصحة العالمية (WHO) ان 10% من اجمالي الأدوية في الدول الفقيرة والدول ذات الدخل المتوسط هي أدوية مقلّدة وتصل هذه النسبة الى 50% في بعض البلدان بخاصة الافريقية منها.

امّا في لبنان، حتى قبل بدء الأزمة الحالية، كان الدواء المقلّد ينتشر بين الحين والآخر في الأسواق وحتى بعض الصيدليات التي كانت تعمد الى بيع الأدوية المقلّدة الى المرضى- عن معرفة او عن غير معرفة-، وقد اثيرت بعض هذه الحالات على وسائل الٳعلام كافة، كحالة ضبط كميات كبيرة من الأدوية المقلّدة المخصصة لمرضى القلب في العديد من الصيدليات، او اعطاء مرضى السرطان علاجات وامصال مقلّدة مصنوعة من الماء بدلاً من المواد الفعاًلة التي تساعدهم في العلاج وتخفف من اوجاعهم ويمكن ان تطيل حياتهم، وكان آخرها اعطاء بعض المواطنين لقاحات مضادة لفيروس كورونا مصنوعة من الماء والملح بدلاً من اللقاحات الأصلية.

كما ان الوضع الحالي وفقدان الأدوية واللقاحات من الاسواق اللبنانية قد يشجّع بعض التجار على العبس بصحة المواطنين وتحقيق الأرباح الطائلة على حساب صحتهم من خلال تغيير وتزوير تاريخ صلاحية الأدوية واللقاحات المنتهية الصلاحية وبيعها في السوق السوداء على انها أدوية صالحة للٳستعمال وبأسعار خيالية.

ومن ناحية اخرى، فان استيراد الأدوية بطريقة غير نظامية، ولو كانت أصلية وصالحة للاستعمال، قد يؤدي الى تلفها كون استيراد وشحن الأدوية يجب ان يتم وفق شروط محددة ٳن لناحية الحرارة او الرطوبة او غيرها من الشروط الٳلزامية التي تتضمن جودة الدواء وعدم تحويله الى مواد غير فعّالة او حتّى سامة. اما الطرق التي يتمّ فيها ٳيصال الداوء حاليًا الى لبنان من خارج الشركات المتخصصة والمرخصة، سواء برًا في السيارات والشاحنات او جوًا عبر القادمين من الخارج لا يؤمن الشروط المطلوبة للمحافظة على هذه الأدوية وضمان جودتها.

كما تزايدت في الآونة الأخيرة ظاهرة استيراد الأدوية الجنيسة (Generic) وهي أدوية تتضمن نفس التركيبة الدوائية للدواء الاصلي الذي يحمل علامة تجارية مشهورة، انما مصنّع من شركات أخرى تحت أسماء تجارية مختلفة. في معظم الأحيان، تكون هذه الأدوية جيّدة وفعّالة ولا تختلف عن الدواء الأصلي بشيء. أما في حالات أخرى، فقد يكون الدواء المسمى جنيس لا يتضمن كمّية كافية من المواد الفعّالة وبالتالي لا يكون له نفس فعالية الدواء الأصلي، وهذا ما قد يشكل خطراً على صحة المرضى وحياتهم، بخاصة مع غياب المختبر المركزي في لبنان الذي يجب عليه فحص الأدوية والتأكد من تركيبتها ونسبة المواد الفعّالة فيها قبل تسجيلها في وزارة الصحة العامة والسماح بٳستيرادها، الأمر غير المتوفر في لبنان حالياً. لذلك، حتى عند البحث عن دواء جنيس يجب ان نتأكد من مصدر هذا الدواء ومن الشركة التي تصنّعه وسمعتها ومدى التزامها بمعايير التصنيع الجيّد للأدوية.

 

 

اما من الناحية القانونية، فان قانون مزاولة مهنة الصيدلة في لبنان رقم  367 تاريخ 01/08/1994، يعاقب على تقليد او بيع الأدوية المقلّدة والمهربة والمنتهية الصلاحية وتلك التي يتم التداول بها دون تسجيلها اصولًا في وزارة الصحة العامة، حيث نصّت المادة 92 منه على انه يعاقب بالسجن خمس سنوات على الأقل، وبالغرامة من ماية مليون الى ماية وخمسين مليون ليرة لبنانية، بالٳضافة الى تلف الأدوية على نفقته، كل من يرتكب الغشّ في المواد الصيدلانية، أو يبيع، يصنّع، يستورد، يوزّع، أو بشكل عام، يقوم بأي عمل يتناول أدوية، مزورة، مهربة، منتهية الصلاحية، غير مسجلّة أو ممنوع التداول بها.

وقد صدر العديد من الأحكام والقرارات عن القضاء اللبناني التي تجرّم هذه الافعال وتفرض عقوبات شديدة على المخالفين وصلت الى الحبس في بعض الأحيان. فقد صدر عن حضرة القاضي المنفرد الجزائي في بيروت القاضي شادي قردوحي في دعوى تتعلق بضبط أدوية مقلّدة في ٳحدى المحلات قرارًا قضى بـ:

  1. ٳدانة المدعى عليه ن.س بجنحة المادة 702 عقوبات وبحبسه عنها مدة ثلاثة اشهر.
  2. بٳدانته بجنحة المادة 714/201 عقوبات وتغريمه عنها مبلغ مئة الف ليرة لبنانية.
  3. بٳدانته بجنحة المادة 92 من القانون رقم 367/94 المعدّلة بالقانون رقم 117 تاريخ 26/06/2010 وبحبسه عنها مدة خمس سنوات وتغريمه عنها مبلغ مئة مليون ليرة لبنانية والزامه بتلف الأدوية المضبوطة على نفقته.
  4. بٳدانته بجنحة المادة 85 من القانون رقم 75/99 وبحبسه عنها مدة ثلاثة أشهر وتغريمه عنها مبلغ عشرة ملايين ليرة لبنانية.
  5. بٳدغام العقوبات المذكورة اعلاه بحيث لا تنفذّ بحقه ٳلّا العقوبة الأشدّ وهي الحبس لمدة خمس سنوات وتغريمه مبلغ مئة مليون ليرة لبنانية وٳلزامه بتلف الأدوية المضبوطة على نفقته، على أن يحبس يومًا واحدًا عن كل عشرة آلاف ليرة لبنانية في حال التخلف عن الدفع.
  6. بٳلزام المدعى عليه ن.س بأن يدفع للشركة المدعية مبلغاً وقدره خمسون مليون ليرة لبنانية كبدل العطل والضرر اللاحق بها مع الفوائد القانونية من تاريخ صيرورة الحكم قطعياً ولغاية الدفع الفعلي.

(القاضي المنفرد الجزائي في بيروت، قرار رقم 354/2018 تاريخ 25/09/2018، دعوى شركة ايلاي ليلي اند كومباني/ ن.س- غير منشور).

 

لكل هذه الأسباب، يقف المواطن اللبناني اليوم حائرًا بين عدم أخذ الأدوية اللازمة بخاصة تلك المتعلقة بالأمراض المزمنة او المستعصية وبين محاولة تأمين الدواء من أي مصدرٍ كان وبأي كلفةٍ كانت، وتحمّل المخاطر التي قد تنجم عن كون هذا الدواء مقلّداً، منتهي الصلاحية او غير صالح للٳستعمال نظراً لطريقة ٳستيراده غير المطابقة للشروط الٳلزامية.

لكن يبقى وعي المواطن والتدقيق بمصدر الأدوية التي تصل ٳليه قبل استعمالها وتدخّل الدولة واجهزتها كافة لتأمين الأدوية الى المرضى في لبنان وضبط السوق السوداء، كما وضبط اي أدوية مقلّدة او منتهية الصلاحية او غير مطابقة للمواصفات ومحاكمة الضالعين في استيرادها او تسويقها وتطبيق اشدّ العقوبات بحقهم، السبيل الوحيد للخروج من هذه الازمة بأقلّ خسائر ممكنة.

احدث المواضيع

{{subject.ShortTitle}}

البوابة القانونية الالكترونية الأشمل و الأكثر استخداما في لبنان