تعتبر شبكة الانترنت بمختلف انواعها واشكالها من أهم طرق العلانية، كون البيانات والعبارات والكلمات التي تعرض وتظهر من خلالها من الامكان الاطلاع عليها من قبل ملايين البشر على مختلف اجناسهم واطباعهم، ومنهم من هو سيء وهم ما يطلق عليهم بعبارة " الهاكرز" الذين باستطاعتهم الدخول إلى حساب الآخرين واختراق البيانات والمعلومات والتلاعب بها سواء عبر وسائل التواصل الاجتماعي كـ Facebook و Instagram وغيرها ام من خلال البريد الالكتروني، والبعض الآخر هو الحسن او الصالح الذي يرعى ويحافظ على خصوصيات الآخرين، بما معناه ان الاطلاع على البيانات لم يعد محلياً فقط ومحصور بين أطرافه بل عالمياً ومتاح للعامة.
ان الاشكالية التي تطرح نفسها حول ما اذا كان بالامكان تطبيق احكام قانون العقوبات اللبناني في مواده المتعلقة بجرائم الذم والقدح (582 و584) على الافعال المرتكبة عبر شبكة الانترنت ، وهل أن ملاحقة من ينال من كرامة وسمعة الغير وينعته بالسوء عبر مواقع التواصل الإجتماعي قد وضع لها المشّرع إطاراً قانونياً وإجراءات خاصة تؤول الى معاقبة المعتدين وتوفر الحماية اللازمة لمستخدمي مواقع التواصل الإجتماعي؟
بالفعل، تطرح هذه الإشكالية القانونية العديد من التساؤلات، وتحتم التطرق الى ماهية جرائم الذم والقدح وعقوبتها في القانون اللبناني (الفرع الاول)، ومدى اعتبار شبكة الانترنت وسيلة نشر المنصوص عليها في المادة /209/ عقوبات (الفرع الثاني)، والمحاكم المختصة للنظر بدعاوى القدح والذم عبر شبكة الانترنت (الفرع الثالث).
جرائم الذم والقدح وعقوبتها في القانون اللبناني:
من اجل الوقوف على ماهية جرائم الذم والقدح في القانون اللبناني، سوف نتناول جريمتي الذم والقدح بكافة عناصرهما والعقوبات التي تترتب جراء ارتكاب هاتين الجريمتين عبر مواقع التواصل الاجتماعي.
جريمة الذم وعقوبتها:
لقد عرّفت المادة 385 من قانون العقوبات الذم بأنه نسبة أمر الى شخص (ولو في معرض الشك أو الاستفهام) ينال من شرفه أو كرامته. وهذه الجريمة كغيرها من الجرائم التي تفترض تحقق ركنيها المادي والمعنوي.
ان الركن المادي لجريمة الذم يتمثل في النشاط الجرمي الناتج عن سلوك يصدر عن الجاني هو نسبة أمر الى شخص من شأنه أن ينال من شرفه أو كرامته. ويشترط لتحقق هذا الركن توافر ثلاثة عناصر؛ وجود واقعة محددة جرى إسنادها الى شخص المجني عليه، وأن يكون من شأن هذا الإسناد المساس بشرف واعتبار ذلك الشخص، وأن يكون قد جرى الإفصاح عنها علناً بأية وسيلة من الوسائل المذكورة في المادة 209 عقوبات. ولا تقتصر جريمة الذم على الأشخاص الطبيعيين، بل يمكن أن تقع على الأشخاص المعنويين؛ كالدولة أو الشركـة أو الجمعيـة. وتمتد الحماية القانونية لشرف الإنسان وكرامته حتى وفاته. لكن المادة 586 من قانون العقوبات نصت على أنه إذا وُجّه الذم أو القدح الى ميت، جاز لأقربائه حتى الدرجة الرابعة دون سواهم استعمال حق الملاحقة، هذا مع الاحتفاظ بحق كل قريب أو وريث تضرّر شخصياً من الجريمة.
أما الركن المعنوي لجريمة الذم يتطلّب وجود علم بعناصر الجريمة وإرادة تتجه الى السلوك المكوّن لها ونتيجته الرامية الى النيل من شرف المذموم وكرامته. ولا يؤثر في توافر هذا القصد الجرمي أن يكون الفاعل حسن النية أو معتقداً ما رمى به المجني عليه من وقائع الذم؛ إذ يستوي لقيام جريمة الذم أن تكون الوقائع صحيحة أم كاذبة؛ حيث نصت المادة 583 من قانون العقوبات على أنه لا يسمح لمرتكب الذم تبريراً لنفسه بإثبات حقيقة الفعل موضوع الذم أو إثبات اشتهاره. ولا تأثير للباعث على توافر القصد الجرمي؛ فالباعث ولو كان نبيلاً لا يحول دون توافر القصد الجرمي؛ كأن يرمي الفاعل الى إظهار عيوب المجني عليه المذموم أو كشف نفاقه على مرأى ومسمع الجميع حتى لا ينخدعوا به، وبهدف إظهار الحقيقة والتنبيه والتحذير. أما استخلاص القصد الجرمي فمسألة موضوعية تختص بها محكمة الأساس.
اما لجهة عقوبة جريمة الذم، نصت المادة 582 من قانون العقوبات على الذم بأحد الناس المقترف يإحدى الوسائل المذكورة في المادة 209 بالحبس حتى ثلاثة أشهر وبالغرامة حتى المئتي ألف ليرة، أو بإحدى هاتين العقوبتين. ويقضي بالغرامة وحدها إذا لم يقع الذم علانية.
وتختلف العقوبة إذا وقع الذم على أحد أفراد السلطة العامة فتعاقب عليه المادة 386 بالحبس من شهرين الى سنتين إذا وقع على رئيس الدولة. وبالحبس سنة على الأكثر إذا وجّه الى المحاكم أو الهيئات المنظمة أو الجيش أو الإدارات العامة، أو وجّه الى موظف ممن يمارسون السلطة العامة من أجل وظيفته أو صفته. وبالحبس ثلاثة أشهر على الأكثر أو بغرامة من 20 ألفاً الى 200 ألف ليرة إذا وقع على أي موظف آخر بسبب وظيفته أو صفته.
وإذا كان الذم موجهاً الى القاضي من دون أن يكون لوظيفته علاقة بذلك يعاقب عليه بالحبس ستة أشهر على الأكثر (م 389 عقوبات). أما إذا وقع الجرم على محام في أثناء ممارسته المهنة أو بسبب هذه الممارسة، فيعاقب عليه بالعقوبة ذاتها المقررة للجرم الواقع على قاضٍ (76 من قانون تنظيم مهنة المحاماة).
لكن لا تترتب أي دعوى ذم أو قدح على الخطب والكتابات التي تلفظ أو تبرز أمام المحاكم عن نية حسنة وفي حدود الدفاع المشروع (م 417 عقوبات).
وإذا كان الذم مقترفاً بواسطة المطبوعات فيعاقب عليه بالحبس من ثلاثة أشهر الى سنة وبالغرامة من ثلاثمئة ألف الى خمسمئة ألف ليرة لبنانية، أو بإحدى هاتين العقوبتين. وفي حالة التكرار لا يمكن أن تقل أي من العقوبتين عن حدها الأدنى (م 20 من قانون المطبوعات الرقم 104/1977).
الفقرة الثانية: جريمة القدح وعقوبتها:
القدح هو كل لفظة إزدراء أو سباب وكل تعبير أو رسم ينمان عن التحقير إذا لم ينطوِ على نسبة أمر ما (م 385/2 عقوبات). فهو كل تعبير يخدش الشرف والاعتبار، أو كل إلصاق لعيب أو تعبير يحط من قدر الشخص نفسه أو يخدش سمعته لدى غيره.
وبذلك، يتميّز القدح عن الذم، فالذم يكون بنسبة أمر الى شخص ينال من شرفه أو كرامته، أما القدح فلا يستلزم نسبة واقعة معينة، بل يتحقق القدح بإلصاق أية صفة أو عيب أو معنى شائن بالمجني عليه.
وكما هو الحال في جريمة الذم، ان جريمة القدح تتحقق بتوافر ركنيها المادي المتمثل في إطلاق لفظة إزدراء أو سباب وكل تعبير أو رسم بقصد تحقير المعتدى عليه، والمعنوي الذي يتطلب القصد العام الذي يقوم على عنصري العلم والإرادة؛ إذ يجب أن يعلم الفاعل معنى عبارات القدح، وأن تتجه إرادته الى إطلاقها ضد المجني عليه.
وتتحقق جريمة القدح سنداً الى المادة 584 من قانون العقوبات بأية وسيلة من الوسائل المذكورة في المادة 209 عقوبات المشار اليها ضمن إطار جريمة الذم، كأن تكون بالقول أو الكتابة أو الإشارة. فقد يقع جرم القدح بإطلاق عيب معين أو نقيصة من النقائص.
وقد عاقبت المادة 584 من قانون العقوبات على القدح في أحد الناس المقترف بإحدى الوسائل المذكورة في المادة 209 وكذلك على التحقير الحاصل بإحدى الوسائل الواردة في المادة 383، بالحبس من أسبوع الى ثلاثة أشهر أو بالغرامة من خمسين ألفاً الى أربعماية ألف ليرة. ويقضي بالغرامة وحدها إذا لم يقترف القدح علانية.
أما إذا كان القدح موجهاً ضد أفراد السلطة العامة، فعاقبت عليه المادة 388 من قانون العقوبات بالحبس من شهر الى سنة إذا وقع على رئيس الدولة. وبالحبس ستة أشهر على الأكثر إذا وُجّه الى المحاكم أو الهيئات المنظمة أو الجيش أو الإدارات العامة، أو وُجّه الى موظف ممن يمارسون السلطة العامة من أجل وظيفته أو صفته. ويعاقب بالغرامة من 20 ألفاً الى مئة ألف ليرة، أو بالتوقيف التكديري (من يوم الى عشرة أيام) إذا وقع على أي موظف من أجل وظيفته أو صفته.
أما التحقير أو القدح أو الذم الموجّه الى القاضي من دون أن يكون لوظيفته علاقة بذلك، فيعاقب عليه بالحبس ستة أشهر على الأكثر. وللمحاكم أن تقضي بنشر كل حكم بجريمة تحقير أو ذم أو قدح (م 389 عقوبات).
وللقاضي أن يعفي الفريقين أو أحدهما إذا كان المعتدى عليه قد تسبّب بالقدح بعمل غير محق أو كان القدح متبادلاً (م 585 عقوبات).
وإذا كان القدح مقترفاً بواسطة المطبوعات فيعاقب عليه بالحبس من شهر الى ستة أشهر وبالغرامة من مئة ألف الى ثلاثمئة ألف ليرة لبنانية، أو بإحدى هاتين العقوبتين. وفي حالة التكرار لا يمكن أن تقل أي منهما عن حدها الأدنى (م 21 من قانون المطبوعات الرقم 104/1977).
هذا بالإضافة الى التعويض عن العطل والضرر الذي يمكن أن يُحكم به لمصلحة المجني عليه أو ورثته، وتقدره محكمة الأساس بما لها من حق التقرير بعد الأخذ بعين الاعتبار موقع وصفة ومكانة الجاني والمجني عليه.
وفي هذا السياق، لا بدّ من الإشارة الى أن دعوى الحق العام في جرائم الذم والقدح تتوقف على اتخاذ المعتدى عليه صفة المدعي الشخصي، فلا تتحرك النيابة العامة إلا بناءً على شكوى المعتدى عليه. وإذا وُجّه الذم أو القدح الى ميت، جاز لأقربائه حتى الدرجة الرابعة من دون سواهم استعمال هذه الملاحقة، هذا مع الاحتفاظ بحق كل قريب أو وريث تضرّر شخصياً من الجريمة (م 586 عقوبات).
أما إذا تعرّضت إحدى المطبوعات لشخص رئيس الدولة بما يعتبر مسّاً بكرامته أو نشرت ما يتضمّن ذماً أو قدحاً أو تحقيراً بحقه أو بحق رئيس دولة أجنبية، تحرّكت دعوى الحق العام بدون شكوى المتضرر. ويحق للنائب العام أن يصادر أعداد المطبوعة وأن يحيلها على القضاء المختص الذي يعود له أن يقضي بنتيجة المحاكمة بالحبس من شهرين الى سنتين وبالغرامة من 50 مليون الى 100 مليون ليرة لبنانية أو بإحدى هاتين العقوبتين. ولا يجوز في أي حال أن تقل عقوبة الحبس عن شهر واحد والغرامة عن حدها الأدنى. ومن ارتكب الجرم نفسه أو جرماً آخر من جرائم القدح أو الذم والتحقير قبل مرور ثلاث سنوات على انقضاء العقوبة أو مرور الزمن عليها، تضاعف العقوبة مع تعطيل المطبوعة شهرين (م 23 من قانون المطبوعات الرقم 104/1977).
كما يسقط الحق العام تبعاً لإسقاط الحق الشخصي في جرائم الذم والقدح الواقعة على الأفراد غير موظفي الإدارات والمؤسسات العامة والبلديات والجيش والهيئات المنظمة وقضاة الحكم بسبب وظائفهم أو صفاتهم، وعلى النواب والوزراء، وعلى رئيس الدولة، شرط أن يحصل الإسقاط قبل صدور حكم مبرم، وأن يكون صريحاً غير معلّق على شرط وصادراً عن جميع المدعين الشخصيين في حال تعددهم (م 133 عقوبات).
الفرع الثاني: مدى اعتبار شبكة الانترنت وسيلة نشر المنصوص عليها في المادة /209/ عقوبات:
لقد نصت المادة 209 من قانون العقوبات اللباني على أنه:
" تعد وسائل نشر:
1- الأعمال والحركات إذا حصلت في محل عام أو مكان مباح للجمهور أو معرض للأنظار أو شاهدها بسبب خطأ الفاعل من لا دخل له بالفعل.
2- الكلام أو الصراخ سواء جهر بهما أو نقلا بالوسائل الآلية بحيث يسمعها في كلا الحالين من لا دخل له بالفعل.
3- الكتابة والرسوم والصور اليدوية والشمسية والأفلام والشارات والتصاوير على اختلافها اذا عرضت في محل عام أو مكان مباح للجمهور أو معرض للأنظار أو بيعت أو عرضت للبيع أو وزعت على شخص أو أكثر."
يستفاد من المادة المذكورة ان المشرّع اللبناني تكلم بشكل واضح عن وسائل النشر دون تحديدها ولم يلحظ الانترنت ووسائلها بشكل صريح وواضح كأحدى وسائل النشر المنصوص عليها في المادة /209/ عقوبات.
من هنا اعتبر البعض ان الانترنت لا تتعد من وسائل النشر لافتقارها الى النصوص والتشريعات بهذا الخصوص.
ولكن من وجهة نظر قانونية وعملية، سيما في وقتنا الحالي لا يمكن القول الاّ بأن الانترنت اضحت من أهم وسائل النشر ومن المؤكد اعتبارها مكان عام ومعرّض للانظار ومباح للجمهور وفق ما اشارت اليه االمادة 209 عقوبات.
وفي هذا السياق كان للاجتهاد اللبناني العديد من الاحكام بهذا الخصوص ، حيث اعتبر فعل الذم المنصوص عليه في المادة 386/1 ع. متوافرة اركانه، وقضى بادانة مرتكبي الجرائم انطلاقاً من توافر الركن المادي للجرم وهو نسبة أمر معين الى شخص ما يمس بشرفه او كرامته عبر شبكة الانترنت، كما وتعيين الشخص الموجه له الذم.
اما بالنسبة للعلانية المنصوص عليها في المادة 209 عقوبات، اعتبر الاجتهاد ان ارسال البريد الالكتروني عبر شبكة الانترنت الى عدة اشخاص يدخل في عداد الحالات المنصوص عليها في المادة 209 ع. فكيف اذا كان الفعل حاصل من خلال Facebook و Instagram او غيرها من وسائل التواصل الاجتماعي التي من السهل جداً اختراقها والاطلاع على البيانات التي تتضمنها!!!
ازاء هذا الواقع، جاء قانون المعاملات الالكترونية رقم 81 تاريخ 10/10/2018، ليعدل المادة 209 عقوبات بحيث اضيفت الوسائل الالكترونية الى وسائل النشر، واصبح القانون يكرس تجريم القدح والذم المرتكب بواسطة وسائل التواصل الاجتماعي.
وعلــــــــيه، فان من يقدم على نشر ما يتضمن تعابير تحقير وسباب وازدراء سواء من خلال الكتابة او بالصوت او بالصورة عبر وسائل التواصل الاجتماعي كـ Facebook و InstagramوTwitter وغيرها من مواقع التواصل الإجتماعي، يعدّ مرتكبا لجرم القدح والذم دون النظر الى كون حساب الفاعل خاص وغير معد لاطلاع الكافة.
الفرع الثالث: المحاكم المختصة للنظر بدعاوى القدح والذم عبر شبكة الانترنت:
في سياق البحث في تحديد المحكمة المختصة للنظر بدعاوى الذم والقدح عبر شبكة الانترنت، برزت الاشكالية التي طرحت نفسها هي هل ان شبكة فايسبوك او اية وسيلة من وسائل التواصل الاجتماعي تشكل مطبوعة بمفهوم قانون المطبوعات اللبناني؟ وهل ان الجرائم المقترفة على صفحات شبكة فايسبوك، هي جرائم او رأي وينشره للعموم يعد ناشرا مطبوعات بالمفهوم القانوني؟ بمعنى آخر هل ان مستعمل شبكة Facebook أو غيرها من مواقع التواصل الإجتماعي يعد ناشرا عند كتابة رأي او ابداء موقف ما؟
من هنا اختلف الاجتهاد حول تفسير كلمة " المطبوعات" في هذا الاطار، فقد اشترط بعض الاجتهاد ان تكون الصحيفة الالكترونية ذات نسخة ورقية لامكان اخضاعها لقانون المطبوعات،
وقد صدر عن القضاء اللبناني اجتهادات عدة اعتبرت ان مواقع التواصل الاجتماعي كـ Facebook و InstagramوTwitter لا تعد مطبوعة بالمفهوم المنصوص عليه في قانون المطبوعات، اذ انها مجرد وسيلة تخاطب الكتروني خاصة بصاحبها، ولا تحتوي على الهيكلية الخاصة بالمطبوعة، وقد جاء في احد القرارات كالقرار الصادر عن القاضي المنفرد الجزائي في كسروان ٢٠١٢/٠٩/١٩ ما حرفيته:
" وحيث ان موقع الفايسبوك لا يعد مطبوعة بالمفهوم المنصوص عنه في قانون المطبوعات إذ انه مجرد وسيلة تخاطب الكتروني خاصة بصاحبها، ولا يحتوي على الهيكلية الخاصة بالمطبوعات كإسم المؤلف والناشر وسواهما، وهي غير مخصصة للقراّء وللجمهور، فيرد الدفع بعدم الإختصاص... ».
ويتبين من قراءة نص المادة الثالثة من قانون المطبوعات انها نصت على ما حرفيته: "يعنى بالمطبوعة وسيلة النشر المرتكزة على تدوين الكلمات والأشكال بالحروف والصور والرسوم، ويجب ان يذكر في كل مطبوعة اسم المؤلف واسم المطبوعة والناشر، وعنوانه وتاريخ الطبع".
من هنا، ان قانون المطبوعات اللبناني يطبق على المطبعة وعلى الصحافة وعلى المكتبة وعلى دور النشر والتوزيع. لكن صفحات التواصل الإجتماعي لا تدخل في ايا ً من هذه المؤسسات، اذ لها طابعها الخاص الذي يواكب تطور تكنولوجيا الويب وتفاعلها مع مستعمليها. وبالتالي ان الفرد يكون وحده المسؤول الوحيد عن اعماله على شبكات التواصل ّ الإجتماعي، ولا يمكن مساءلة الموقع طالما لم يثبت تورطه او تدخله سواء اكان بالفعل او بالإمتناع في الفعل الضار.
خلاصة القول، ان مستخدم أي من شبكات التواصل الإجتماعي، الذي يقوم بنشر معلومات رقمية ضارة، ليس ناشرا وفقاً للمفهوم القانوني للكلمة. فبالرغم من امكانية تحديد هويته، وعنوانه، ومنشوراته، يبقى خاضعا لأحكام المسؤولية العامة الجرمية وشبه الجرمية.
وختاماً لا بدّ من الاشارة الى ان التقنيات الحديثة اصبحت تمكن السلطات ولا سيما مكتب مكافحة الجرائم المعلوماتية من تتبع حسابات والشبكات التي تم النشر بواسطتها وبالتالي الوصول الى الفاعل وملاحقته قضائياً.
المراجع:
- محمد محمد الالفي، جرائم النشر الالكتروني، مركز تطوير الاداء والتنمية،2008، ص 88-89.
- د.علي القهوجي: قانون العقوبات، القسم الخاص، منشورات الحلبي الحقوقية، بيروت، 2001.
- د. علي جعفر: قانون العقوبات، المؤسسة الجامعية للدراسات والنشر والتوزيع، بيروت، 1995.
- القاضي المنفرد الجزائي في بيروت، قرار تاريخ 29/3/2007، الرئيس مكنا- مجلة العدل، العدد الرابع، السنة الواحد والاربعون،2007، ص 1940.
- محكمة التمييز الجزائية، غ9، قرار رقم 7، تاريخ 13/7/2006، مجلة العدل، 2007، عدد 1.
- تمييز جزائي، قرار رقم 475/65، تاريخ 8/12/1965، الموسوعة الجزائية للدكتور سمير عالية.