ترجم هذا الموقع إلى
بدعم من غوغيل
تنفيذ
للحصول على ترجمة "صادر" القانونية أو أي استفسار info@saderlegal.com

|

{{title}}

لم يتم العثور على المحتوى

اقتباس البرامج التلفزيونية والاعمال الدرامية: حق او تعدٍّ على حقوق المؤلف؟


اقتباس البرامج التلفزيونية والاعمال الدرامية: حق او تعدٍّ على حقوق المؤلف؟

{{subject.Description}}

برزت في السنوات الأخيرة ظاهرة تتمثل بإعطاء تراخيص لإنتاج البرامج التلفزيونية والأعمال الدرامية لا سيما تلك التي اقترنت بشهرة ورواج عالميين، وأصبحنا نرى اليوم البرنامج ذاته او العمل الدرامي يتم إنتاجه بلغات ونسخات متعددة.  ترافقت هذه الظاهرة مع بروز المحطات التلفزيونية الفضائية، حيث شرعت بعض المحطات وشركات الإنتاج العالمية على إعطاء تراخيص إلى شركات إنتاج ومحطات تلفزيونية محليّة لإنتاج برامجها التي لاقت رواجاً كبيراً نذكر منها برامج الالعاب والمعلومات وابرزها "من سيربح المليون؟" الذي هو النسخة العربية من Who Wants to be Millionaire?.

 ومن ثم إنتشرت ظاهرة ترخيص برامج تلفزيون الواقع (Reality TV) حيث بتنا نرى العديد من برامج تلفزيون الواقع التي لاقت نجاحاً كبيراً في اوروبا وبريطانيا والولايات المتحدة الأميركية قدّ تمّ إنتاجها بلغات متعددة أبرزها في العالم العربي  Star Academy، The Voice، Arabs Got Talents، Survivors، والعديد غيرها.

ومع انطلاق ظاهرة Netflix وغيرها من التطبيقات، إنسحبت هذه الموجة لتشمل ترخيص الأفلام والمسلسلات التلفزيونية حيث ان بعض هذه البرامج التي لاقت نسب مشاهدة عالية، قد تمّ إعادة إنتاجها بلغاتٍ مختلفة. ففي لبنان مثلاً، تمّ إنتاج مسلسل "عروس بيروت" الذي هو النسخة العربية من المسلسل التركي "عروس اسطنبول" (Istanbullu Gelin). ومؤخراً، بدأ عرض الفيلم اللبناني "اصحاب ولا اعزَ" على تطبيق Netflix وهو النسخة العربية من الفيلم الايطالي Perfect Strangers.  وانسحب هذا الواقع  إلى المسلسلات اللبنانية التي إشتهرت في السنوات الاخيرة وقد تم اقتباسها وانتاجها بلغات مختلفة. ونذكر في هذا السياق، مسلسل "الهيبة" الذي لاقى نجاجاً ونسب مشاهدة عالية في لبنان والعالم بعد عرضه على Netflix، والذي سوف يتمّ انتاجه قريبًا بنسخة تركية.

فما هو الاطار القانوني  للعقود التي ترعى اقتباس وإعادة أنتاج الأعمال الفنية على اختلاف أنواعها وبلغات متعددة؟

لا بدّ من الإشارة، إلى أن أي عملية إقتباس وإعادة إنتاج لأي برنامج تلفزيوني أو مسلسل درامي أو فيلم، يجب ان يتم  بإذن وموافقة منتج العمل الأصلي الذي يعتبر مالك حقوق المؤلف لهذا العمل والذي يكون له وحده الحق بإجازة أي إقتباس او ترجمة او إنتاج أو بثّ اعماله الفنية.

لذلك، تعمد شركات الانتاج والمحطات التلفزيونية مالكة حقوق المؤلف على الاعمال الأصلية على توقيع عقود  ترخيص (Licensing Agreement) مع الشركات التي ترغب بإنتاج هذه الأعمال بلَغاتٍ اخرى. تتضمن عقود الترخيص هذه، الحقوق والموجبات الملقاة على عاتق الفريقين. فهي تحدد العمل الفني موضوع العقد، واللغة التي سيتم اعتمادها، والنطاق الجغرافي، رسوم الترخيص (Licensing Fees) التي يجب على صاحب حق الامتياز دفعها لمانح الامتياز، اضافة الى الاتاوات (Royalty Fees) التي يجب ان تدفع بشكل دوري الى مانح الامتياز، وحقوق التوزيع وغيرها من البنود التي ترمي الى حماية حقوق الفريقين.

ومن المتعارف عليه في هذه الصناعة، إلى أن العمل الذي يتم إنتاجه بمقتضى عقد ترخيص يجب أن يكون مطابقًا بالشكل والمضمون للعمل الأصلي. إلّا أنه يجوز إدخال بعض التعديلات الطفيفة على العمل كما يجوز تعديل إسمه ليتماشى مع البلد الذي سيتم عرضه فيه والعادات والتقاليد في المجتمعات المحليّة. وإن كلفة انتاج هذه الاعمال تكون طائلة، كما أن الإيرادات الناتجة عنها تقدّر بمئات ملايين الدولارات. فهي صناعة قائمة بذاتها.  

على خلاف ذلك، إن أي عملية إقتباس او ترجمة او إعادة إنتاج لأي عمل فني دون موافقة مالك حقوق المؤلف على هذا العمل ودون توقيع عقد ترخيص، يشكل جرماً جزائياً معاقب عليه قانوناً.

فقانون حماية الملكية الادبية والفنية رقم 75/ 99 تاريخ 03/04/1999، قدّ نصً في المادة الخامسة عشر منه على انه يكون لصاحب حق المؤلف وحده الحق في استغلال العمل ماديًا، وله في سبيل ذلك الحق الحصري في إجازة او منع ما يأتي:

  • نسخ وطبع وتسجيل وتصوير العمل بجميع الوسائل المتوافرة بما فيها التصوير الفوتوغرافي او السينمائي او على أشرطة وأسطوانات الفيديو او الأشرطة والأسطوانات والأقراص مهما كان نوعها، او بأية طريقة اخرى.
  • ترجمة العمل الى لغة أخرى أو إقتباسه أو تعديله أو تحويره او تلخيصه او تكييفه أو اعادة توزيع العمل الموسيقي.
  • بيع وتوزيع وتأجير العمل.
  • استيراد نسخ من العمل مصنوعة في الخارج.
  • أداء العمل.
  • نقل العمل الى الجمهور سواء كان ذلك سلكيًا او لاسلكيًا وسواء كان ذلك عن طريق الموجات الهرتزية أو ما شابهها أو عن طريق الاقمار الصناعية المرمّزة وغير المرمّزة، ويشمل ذلك التقاط البث التلفزيوني والإذاعي العادي او الآتي عن طريق القمر الصناعي وإعادة إرساله الى الجمهور بأية وسيلة تتيح نقل الصوت والصورة.

 أما المادة 85 من هذا القانون فلقد نصت على انه سواء كانت المسألة متعلقة او غير متعلقة بأعمال اصبحت في الملك العام، يعاقب بالسجن من شهر الى ثلاث سنوات وبجزاء نقدي من خمسة ملايين الى خمسين مليون ليرة لبنانية، او باحدى هاتين العقوبتين، كل شخص:

  • وضع او كلف أحدًا بأن يضع بقصد الغش إسمًا مختلسًا على عمل أدبي او فني.
  • قلّد بقصد الغش وخداع المشتري إمضاء المؤلف او الإشارة التي يستعملها.
  • قلّد عن معرفة عملًا أدبيًا أو فنّيًا.
  • باع أو أودع عنده أو عرض للبيع او وضع في التداول عن معرفة عملًا مقلدًا او موقّعًا عليه باسم منتحل.

كما أن المادة 86 من هذا القانون تنصّ، على أنه يعاقب بالسجن من شهر إلى ثلاث سنوات وبغرامة نقدية من خمسة ملايين الى خمسين مليون ليرة لبنانية، او بإحدى هاتين العقوبتين، كل من أقدم عن معرفة وبغاية الربح على الاعتداء أو على محاولة الإعتداء على أي حق من حقوق المؤلف أو الحقوق المجاورة المنصوص عليها في هذا القانون، وتضاعف العقوبة في حالة التكرار. كما يجوز للمحكمة المختصة ان تأمر باغلاق المكان او المؤسسة التجارية او محطة التلفزيون او الاذاعة التي ترتكب مخالفة لحقوق المؤلف لمدة تتراوح بين اسبوع وشهر واحد واتلاف جميع نسخ الاعمال المصنوعة من غير إجازة صاحب الحق وجميع المعدات والآلات التي استخدمت لصنعها، ويجوز للمحكمة ايضا ان تأمر بنشر حكمها في جريدتين محليتين على نفقة المدعى عليه.

لذلك، فإن أي عملية إقتباس او ترجمة او تعديل او تحوير لأي عمل فنّي دون إجازة او ترخيص من مالك حقوق المؤلف يشكّل تعديًّا على هذه الحقوق معاقب عليه جزائيًا.  وإن الإدلاء بوجود فروقات بسيطة بين العمل الاصلي والعمل المقلّد، فهو لا يؤدي الى انتفاء جرم التقليد والتعدي على حقوق المؤلف طالما ان التشابه الإجمالي بين العمل الأصلي والعمل المقلد قائماً.

ولقد اعطى قانون حماية الملكية الادبية والفنية في المادة 81  منه الحق لصاحب حقوق المؤلف او الحقوق المجاورة في الحالات التي يخشى فيها من إعتداء وشيك على حقوقهم، إتخاذ كافة الإجراءات التحفظّية اللّازمة لمنع وقوع الاعتداء على تلك الحقوق.

ولقاضي الأمور المستعجلة من أجل ذلك، اتخاذ كافة القرارات التي تجيزها القوانين وخاصة القرارات على أصل العرائض حماية للحق او للعمل المستهدف بالإعتداء ولكافة الأعمال الاخرى المملوكة من قبل المؤلف او صاحب الحق المجاور، ولقاضي الأمور المستعجلة فرض غرامات إكراهية إنفاذًا لقراراته. كما يحق لرئيس محكمة البداية المختص او للنيابة العامة المختصة إتخاذ الإجراءات التحفظّية المشار إليها اعلاه.

 

وبالفعل، بتاريخ 31/08/1999، صدر عن حضرة قاضي الامور المستعجلة قرارًا برقم 782/1999، قضى بمنع بث برنامج تلفزيوني لاجل غير مسمى تحت طائلة غرامة اكراهية قدرها عشرة ملايين ليرة لبنانية، وضبط الاشرطة المصورة المتعلقة بهذا البرنامج وتكليف كاتب المحكمة بجردها في مكاتب المستدعى ضدها وتعيينها حارسة قضائية عليها، كونه يشكل تقليداً لبرنامج فرنسي يملك المستدعي الحق الحصري باقتباسه وانتاجه وبثه وتسويقه باللغة العربية في لبنان ومنطقة الشرق الاوسط.

(قاضي الامور المستعجلة، قرار رقم 782/1999 تاريخ 31/08/1999- الدليل الى قضاء الأمور المستعجلة، القاضي محمود مكية، بيروت 2004، ص 423)

 

إضافة الى العقوبات المنصوص عليها في المادتين 85 و86 المذكورتين اعلاه، فإن الحكم الصادر في دعاوى التقليد والتعدي على حقوق المؤلف والحقوق المجاورة يستوجب دائمًا تطبيق العقوبات الثانوية الآتية:

  • إلصاق الحكم في الأماكن التي تعيّنها المحكمة ونشره في جريدتين محليتين تعيّنهما المحكمة التي اصدرت الحكم وذلك على نفقة المدعى عليه.
  • اذا كان الفريق المحكوم عليه يمثّل جريدة او مجلة او محطة اذاعية او تلفزيونية، فيتوّجب دائمًا نشر الحكم في هذه الجريدة او المجلة او المحطة الإذاعية او التلفزيونية زيادةً على النشرتين المشار إليهما أعلاه.

 

لذلك، فعلى أي شركة إنتاج او محطة تلفزيونية لبنانية ان تراعي أحكام القانون رقم 75/99 المتعلق بالملكية الأدبية والفنية وأن تعمد إلى تنظيم عقود الترخيص مع شركات الإنتاج العالمية بشأن برامجها واعمالها الدرامية الناجحة قبل إعادة إنتاجها أو إقتباسها بهدف عرضها على شاشاتها تجنباً للملاحقة القانونية والتجريم، أضف إلى كل ذلك دعوى المطالبة بالتعويض التي غالباً ما يلجأ إليها أصحاب الحقوق لإلزام المعتدين بالتعويض عن العطل والضرر والخسائر والربح الفائت الذي أصابهم نتيجة التعدي على حقوق المؤلف العائدة لهم على اعمالهم وإلى إلزام المعتدين بدفع مبالغ مالية طائلة قد تؤثر على الوضع المالي للمعتدين نتيجة فرض هذه التعويضات، لا سيما وأن الاعمال الناجحة غالبًا ما تشهد تهافتًا وإقبالًا كبيرًا من قبل كبريات شركات الإنتاج في العالم لاعادة انتاجها وتكييفها الى لغات مختلفة وقد تتهافت العروض وتشتد المنافسة. فإن أي اعتداء أو تعدي من الغير على هذه الإنتاجات من خلال استغلالها إستغلالاً غير مشروعاً دون إذن وإجازة مالكها قد يسبب خسائر فادحة لمالكي الحقوق لا بدّ أن يرتب مسؤولية المعتدين ويلزمهم بالتعويض،  أضف إلى كل ذلك  العقوبات الجزائية التي قد تصل الى حدّ الحبس وكذلك العقوبات الثانوية.

(المحامية نسرين الحدّاد بالتعاون مع الأستاذ جوليان خوري)

احدث المواضيع

{{subject.ShortTitle}}

البوابة القانونية الالكترونية الأشمل و الأكثر استخداما في لبنان