1- عندما تستوجب الظروف الاستثنائية تعليقا للمهل يتدخل المشترع لهذه الغاية. هكذا حصل في بداية الحرب العالمية الثانية في العام 1939، كما في الحرب الكونية الاولى، فصدر مرسوم اشتراعي في أول ايلول 1939 ( D.P. 1939,4,421) تم لاحقا تعديله واستكماله، حيث جرى بموجبه خلال فترة التعبئة mobilization وحتى انتهاء الاعمال العدائية hostilités تعليق كل المهل القانونية والقضائية والعقدية في المواد الادارية والمدنية والتجارية.
وقد تضمن المرسوم الاشتراعي في حينه جواز اتفاق الفرقاء على التنازل عن مفعول التعليق.
هذه الاحكام توقف العمل بها بدءا من 1 كانون الثاني 1947 .
(Décret 6 nov. 1946, D., 1946, 450)
2- بعدها وبعد الاضرابات المتكاثرة في خريف العام 1947، تم تمديد المهل الاجرائية ، التي كان يمكن ان تحصل بين تاريخ 17 تشرين الثاني 1947، و15 كانون الاول 1947 واعتبرت صحيحة فيما لو تمت قبل اول شباط 1948.
(L. 18 août 1948, D. 1948, 281).
3- تقتضي الاشارة الى ان هذه الحالات هي استثنائية ومحددة ؛ فقد قضي بانه اذا كانت المحكمة في عطلة، فهذا لا يشكل قوة قاهرة تبرر تمديد مهل التبليغ.
( Civ. 15 juill. 1897, D.P. 98, 1, 399 ).
( حول هذه المواضيع ، راجع :
V.B. Perrin, La législation actuelle des délais, 1949; En ce qui concerne la suspension et l’interruption des délais de la prescription acquisitive ou extinctive , V. Enc. D. V ºPrescription civile(.
4- لا بد من التنويه بانه جاء في الاسباب الموجبة للقانون رقم 160/2020، ان الاسباب الكامنة وراء اصدار القانون هي الاحداث الاستثنائية الحاصلة منذ 17 تشرين الاول 2019، المتصفة في ظروفها وحيثياتها بالخطيرة، ما حال بفعل القوة القاهرة المتأتية عنها دون ممارسة الدولة والمواطنين لحقوقهم في خلال المهل القانونية والقضائية والعقدية.
ثم اضاف المشترع في الاسباب الموجبة، انه في 20 شباط 2020، سجل لبنان اول حالة اصابة بفيروس كورونا، ومن ثم تفشى الفيروس ما أدّى الى تعطيل الحياة العامة في البلاد.
وانتهى المشترع في الاسباب الموجبة الى ان صون حقوق المواطنين وحمايتها هي في رأس اولويات الحكومة ، ما اوجب تقديم مشروع القانون الرامي الى تعليق هذه المهل، اسوة بما حصل في مراحل سابقة من تاريخ البلاد تبعا للظروف المبررة في حينه.
لا بد من الاشارة هنا الى ان المشترع في الاسباب الموجبة وصف بصورة واضحة "احداث 17 تشرين الاول 2019 " الاستثنائية " و " الخطيرة " وان قوة قاهرة تأتت عنها.
فيما أحجم عن توصيف " تفشي فيروس كورونا " ، بل اكتفى بالقول بانه " ادى الى تعطيل الحياة العامة في البلاد ".
ولكننا نرى ، ان احداث 17 تشرين الاول 2019 وتفشي فيروس كورونا يشكلان قوة قاهرة ايضا، وكان يقتضي على المشترع التصريح عن ذلك في المكانين وليس فقط في معرض كلامه على " احداث 17 تشرين الاول 2019" ، خصوصا وان تفشي وباء كورونا أدى الى " تعطيل الحياة العامة " وهذا التعطيل بذاته يشكل قوة قاهرة.
5- يمكننا القول ان الاسباب الموجبة للقانون رقم 160/2020 هي " احداث 17 تشرين الاول 2019 " و " تفشي وباء كورونا " وان الحدثين حسب القانون رقم 160/2020 ، يشكلان قوة قاهرة.
تناول قانون تعليق المهل رقم 160/ 2020 الحالات التي يشملها القانون ( اولا ) والحالات المستثناة منه ( ثانيا ).
اولا: الحالات المشمولة بقانون تعليق المهل رقم 160/2020:
6- شمل القانون رقم 160/2020 المهل القانونية والقضائية والعقدية الممنوحة لاشخاص الحقين العام والخاص بهدف ممارسة الحقوق على انواعها ، سواء أكانت هذه المهل شكلية او اجرائية او امتد اثرها الى اساس الحق.
أ ـ المهل القانونية والقضائية والعقدية المتعلقة بالشكل او بالاجراءات او بالاساس:
هذا يعني ان المشترع شمل جميع المهل ما عدا المستثناة من احكام التعليق والمنصوص عنها في المادة الثانية من القانون.
وشمل تعليق المهل المواد الادارية والمدنية والتجارية بصورة عامة.
اما المواد الجزائية ، فقد جرى بشانها تعليق المهل المقررة للمدعي الشخصي او للمدعى عليه او للمتهم للطعن بالدفوع الشكلية ( مهلتها 24 ساعة ) وبالاحكام والقرارات النهائية . ويستفيد من هذا التعليق ايضا المسؤول بالمال والتضامن فيما يختص بالقرارات القابلة للطعن منهما.
وهنا يقتضي التساؤل عن السبب الذي حمل المشترع على تخصيص طرق الطعن بالاحكام والقرارات الجزائية باحكام خاصة، فيما لم يتعرض بذات الصورة للاحكام والقرارات المدنية، بل اكتفى بذكر المهل القضائية في الفقرة الاولى من المادة الاولى ؟
ان السبب الذي حمل المشترع على هذا النوع من التصرف هو ان مهل الطعن بالاحكام والقرارات الجزائية تسري منذ صدورها، اذا صدرت في موعدها المحدد، بينما مهل الطعن بالاحكام والقرارات المدنية لا تسري الا منذ ابلاغها. وقد أصدر مجلس القضاء الاعلى مذكرة أوعز فيها ـ خلال فترة التعبئة ـ للمباشرين بالتوقف عن انجاز التبليغات ،ما سهل كثيرا في الموضوع، خصوصا وان البعض كان محرجا في هذا الخصوص، اذ ان قانون تعليق المهل لم يكن بعد قد صدر ، ولو كان صدوره كان شبه مؤكد.
ولكننا لاحظنا ان القضاة الجزائيين الذين اصدروا احكامهم وقراراتهم خلال فترة الاغلاق تعمدوا عدم تأريخها بالتواريخ التي كانت محددة لاصدارها، وذلك لطمانة المتخاصمين، قبل صدور قانون تعليق المهل الحاضر، لانه في هذه الحالة، تسري مهل الطعن منذ تاريخ ابلاغها.
يطرح التساؤل هنا عن الطعن بالدفوع الشكلية، التي لم يتم الطعن بها خلال فترة التحقيق او المحاكمة ، وقد تم تعليق المهل بخصوصها بصورة صريحة في الفقرة 3 من المادة الاولى من القانون 160/2020 ؛ فلو افترضنا ان بعض الاحكام او القرارات الجزائية المبرمة لم يتم الطعن خلال التحقيق او المحاكمة بشأنها، بالدفوع الشكلية، فهل يصح هنا تطبيق المادة الخامسة من القانون وطلب اعادة المحاكمة بالاستناد الى عدم الطعن بالدفوع المذكورة ؟
ان في ذلك تعقيدات كبيرة ، خصوصا في الحالة التي يكون فيها المحكوم عليه قد ناقش في اساس النزاع، حيث لا يعود له بعد ذاك اعادة اثارة الدفوع الشكلية، او اذا كان قد صدر حكم او قرار مبرم بحقه، حيث لا يعود ممكنا تصور جواز اعادة المحاكمة ( المادة 5 من القانون ) افساحا في المجال امامه للطعن بالدفوع الشكلية ! وتصبح الحالة اكثر تعقيدا اذ كان القاضي الجزائي في حكمه او قراراه المبرم قد فصل الدفوع الشكلية.
ان قلة الاحكام والقرارات الجزائية المبرمة الصادرة خلال فترة التعبئة، تقلل من حدوث هذه الاشكاليات ، ولكن ليس لحد انتفائها.
ب ـ المهل المتعلقة بانعقاد الهيئات العامة للنقابات والتعاونيات المنعقدة قبل صدور قانون تعليق المهل:
7- نصت الفقرة الثانية من المادة الاولى من القانون رقم 160/2020 ان التعليق يشمل المهل القانونية لانعقاد الهيئات العامة العائدة للنقابات والجمعيات والتعاونيات وسائر الهيئات المنبثقة عنها.
كما نصّت المادة الثالثة من القانون رقم 160/2020 ان النقابات والتعاونيات تستمر بهيئاتها العامة والتنفيذية في اعمالها لغاية انقضاء مهلة التعليق وتبقى قائمة برئيسها واعضائها ومجالسها وهيئاتها، وتعتبر قانونية الاعمال التي تقوم بها وفقا للاحكام المحددة في قوانينها وانظمتها. ولكن المادة الثانية من القانون رقم 160/2020 استثنت من تعليق المهل " جميع المهل القانونية والمهل المتعلقة بانعقاد الهيئات العامة للنقابات والتعاونيات التي تم عقدها قبل صدور هذا القانون ".
هنا تطرح المسائل التالية:
لا تثور اي مشكلة بالنسبة للهيئات والجمعيات العمومية النقابية والتعاونية التي انعقدت خلال فترة التعليق ( بين 17 تشرين الاول 2019 و30 تموز 2020 ) فان قراراتها تبقى نافذة.
بالنسبة للهيئات والجمعيات التي لم تنعقد ، تثور حالتان:
اذا تمت الدعوة وانعقدت بالاكثرية المطلوبة بعد تاريخ العمل بهذا القانون في 14/5/2020، فهل يعتبر انعقادها صحيحا ويتم تطبيق المادة الرابعة من القانون على سبيل القياس، وهي تنص ان " للفرقاء في الاتفاقيات والعقود ان يتنازلوا عن مفعول التعليق شرط ان يكون التنازل صريحا وخطيا " ، واعتبار ان الدعوى صحيحة وان الجمعية العمومية انعقدت بصورة صحيحة ؟ لا نرى ذلك للسببين التاليين:
ـ لان المادة الرابعة المذكورة تتطلب اجماعا وليس اكثرية للتنازل عن مفعول التعليق.
ولا يمكن ان نتصور حضور جميع المنتسبين الى النقابة الجمعية العمومية وبالتالي التنازل بالاجماع عن مفعول التعليق !
وبالتالي ان اي دعوة لاي جمعية عمومية نقابية، في ظل قانون تعليق المهل الحاضر، هي دعوة مخالفة له ويمكن الطعن بها وابطالها والحؤؤل دون اي انعقاد للجمعية العمومية.
ولكن السؤال الذي يطرح هنا، هل يمكن الاستفادة من قانون تعليق المهل لاطالة ولاية المجالس النقابية ورؤسائها ؟
اننا لا نرى ذلك، للسببين التاليين:
ـ لان المادة الاولى ، الفقرة الثانية من القانون تتناول فقط " المهل القانونية لانعقاد الهيئات العامة العائدة للنقابات والجمعيات والتعاونيات وسائر الهيئات المنبثقة عنها ". ولا تتناول مدة ولاية مجالسها وممثليها؛ ولانه لا يجوز التوسع في تفسير احكام هذا القانون نظرا لطبيعته الاستثنائية.
ـ ولانه لا يجوز التمديد بالاستناد الى قانون تعليق المهل، حسبما سار عليه الفقه منذ زمن بعيد:
Enc. Dalloz, Vº Délai, p. 11, nº 44
حيث نقرأ:
Notons, également , au point de vue de l’application, dans le temps, que les lois qui prorogent un délai ne donnent pas aux personnes qui en bénéficient le droit de prolonger systématiquement le délai d’un temps égal à celui pendant lequel il a été suspendu ; en un mot , ces lois ne donnent pas un droit acquis à la prorogation. Ainsi par exemple , il a été jugé que la loi du 16 juillet 1940 ( D.P. 1940,4, 236) qui a ordonné une suspension générale des délais du 10 mai au 30 septembre , 1940, et par suite prorogés ces délais de quatre mois et vingt jours, ne permet pas à une victime d’accident du travail de se prévaloir de cette suspension pour intenter une action en révision dans les quatre mois et vingt jours qui suivent l’expiration du délai de trois ans. ( Soc. 14 mars 1947, Rec. Sirey 1948, 1, 9, note Perrin ).
ثانيا: الحالات المستثناة من قانون تعليق المهل رقم 160/2020:
8- لقد استثنى قانون تعليق المهل رقم 160/2020 من احكام التعليق عدة حالات، سنتطرق لها تباعا:
أ ـ المهل الواردة في قانون الايجارات الصادر بتاريخ 9/5/2014 والمعدل بموجب القانون رقم 2/2017:
9- اذا كانت المادة 15 من قانون الايجارات المذكور لا تثير اي مشكلة لجهة التمديد لغاية تسع سنوات من تاريخ صدور القانون عقود ايجار الاماكن السكنية اذ ان هذا التمديد لا يخضع للتعليق وفقا للقانون رقم 160/2020، فان احكاما اخرى في القانون المذكور تطرح عدة مسائل، فالمادة 34 من قانون الايجارات، تنص عن اسقاط الحق بالتمديد والحكم على المستأجر بالاخلاء " اذا لم يدفع ما استحق عليه من بدل الاجارة وذلك خلال شهرين بعد تبلغه بنفسه او بواسطة احد افراد عائلته الراشدين المقيمين معه او بواسطة ممثله انذارا موجها اليه بموجب بطاقة مكشوفة مضمونة مع اشعار بالاستلام او بموجب كتاب بواسطة الكاتب العدل او بموجب انذار صادر عن دائرة التنفيذ ".
اننا لا نرى سببا لعدم شمول هذه المدة بقانون تعليق المهل رقم 160/2020، خصوصا وان فترة التعبئة التي يخضع لها البلد قد تحول دون امكانية بعض المستأجرين تسديد البدلات المتوجبة، ما سيؤدي الى اسقاطهم من حق التمديد القانوني. ان ما ذكرناه بخصوص بدلات الايجار، يصح ايضا بخصوص تأخر المستأجر عن دفع النفقات المشتركة وما تنص عنه المادة 48 من قانون الايجارات لجهة اعتبار تأخر المستأجر عن دفع حصته من النفقات السنوية بمثابة التأخر عن دفع بدلات الايجار.
ولا بد من الاشارة الى ان مهلة " الاسقاط" المنصوص عنها في البند 2 من المادة الثانية من القانون رقم 160/2020، لا علاقة لها بالاسقاط من حق التمديد، لان المقصود بها " مهل الاسقاط في القضايا الجزائية"،
حسبما هو منصوص عنه صراحة في نص القانون.
10- ماذا بالنسبة لمهلة الطعن بالحكم الابتدائي الصادر بدعاوى الايجارات عن طريق الاعتراض وفقا للمادة 468 أ.م.م. والاستئناف خلال مهلة خمسة عشر يوما من تاريخ تبلغه، المنصوص عنها في المادة 50 من قانون الايجارات ، فهل تعتبر من " المهل الواردة في قانون الايجارات الصادر بتاريخ 9/5/2014 المعدل بموجب القانون رقم 2/2017". المقصودة في البند 6 من المادة الثانية من قانون تعليق المهل رقم 160/2020 وتستثنى تاليا من أثر التعليق ؟ ام تعتبر " مهلة قضائية " بمفهوم المادة الاولى من القانون ذاته، وتكون مشمولة بالتعليق ؟
يتجاذب موقفنا هنا اتجاهان :
الاتجاه الاول، يحملنا على تفسير البند السادس من المادة الثانية، بصورة حصرية واعتبار مهلة الطعن مستثناة من التعليق. هذا الاتجاه في التفسير كثير الترجيح لكون البند 6 من المادة الثانية، يتضمن استثناء وكل استثناء يفسر حصرا، ولكونه بندا استثنائيا في قانون تعليق مهل هو استثنائي بدوره ؛ فالاستثناء يفسر حصرا وبحجة أولى، عندما يكون استثناء على الاستثناء.
اما الاتجاه الثاني ، فيحملنا على القول بان مهلة الطعن بالاحكام الصادرة في مواضيع الايجارات، هي " مهلة قضائية " داخل قانون الايجارات الاستثنائي، وهي بالتالي تخضع للمادة الاولى، الفقرة الاولى من القانون رقم 160/2020 وليس للمادة الثانية ، البند 6 منه، وهي تخضع بالتالي للتعليق.
اننا نميل الى ترجيح الاتجاه الثاني لاننا لا نجد سببا للتمييز بين الطعن باحكام الايجارات والطعن بالاحكام الاخرى الصادرة بالمواد المدنية. هذا فضلا عن اننا لا نرى ان غاية المشترع ذهبت الى استبعاد مهل الطعن بالاحكام الصادرة في مواد الايجارات من التعليق، اذ يجب التعامل معها بذات الطريقة التي يتم بها التعامل مع الاحكام الاخرى لاتحاد العلل.
ب ـ المهل القضائية:
11- من الطبيعي ان تكون هذه المهلة مستثناة من قانون تعليق المهل لان طبيعتها لا تتوافق مع تعليقها، اذ لا دور للمشترع في تقريرها، بل ان القرار بتقريرها وتحديد مداها يعود للقاضي دون سواه، فلا داع اطلاقا لاخضاعها لقانون تعليق المهل، لان القاضي سيتخذ قراراته بشأنها وفقا لظروف ومقتضيات كل قضية على حدة؛ وهو الاجدر من غيره لحماية الحقوق من اي هدر قد تسببه القوة القاهرة الناشئة عن " الاحداث " او " تعطيل الحياة العامة في البلاد" الناشىء عن تفشي وباء كورونا.
ج ـ المهل الممنوحة من الادارة او المحددة منها تبعا لسلطتها الاستنسابية :
12- لا حاجة ايضا لاخضاعها لقانون تعليق المهل لانها تصدر عن الادارة ، وفقا لسلطتها الاستنسابية ، حيث لا دور للمشترع لا في تقريرها ولا في تحديد مداها، وان الادارة في هذه الحالة " اعلم " من المشترع في الحالات التي تطرحها هذه المهل، وان سلطتها الاستنسابية كفيلة بان تؤدي الغرض المنتظر من قانون تعليق المهل.
د ـ مهل الاسقاط ومرو الزمن والترك واخلاء السبيل في القضايا الجزائية باستثناء المهل اللازمة لممارسة الحقوق الشخصية:
سنبحث في مهل الاسقاط ومرور الزمن والترك واخلاء السبيل (*) قبل الانتقال الى الاستثناء في ممارسة الحقوق الشخصية ( ** ).
* مهل الاسقاط ومرور الزمن والترك واخلاء السبيل في القضايا الجزائية:
13- اذا كان موضوع مهل الاسقاط ومرور الزمن لا يثير اي جدل ؛ فان مهل الترك واخلاء السبيل قد تطرح عدة تساؤلات ، خصوصا عندما تكون الدعوى الجزائية قد قطعت شوطا بعيدا، تخطت معه الفائدة من الطعن بقرارات الترك او بالاعتراضات على طلبات اخلاء السبيل او بالطعن بالقرارات الصادرة بشأنها؛ فعلى ذلك يجب ان يفسّر هذا البند في الحد الذي يكون فيه تعليق المهل ما زال نافعا للخصوم.
** مهل ممارسة الحقوق الشخصية:
قضى القانون رقم 160/2020 بتعليق مهل ممارسة الحقوق الشخصية في القضايا الجزائية. قد يبدو الامر للوهلة الاولى خاليا من اي تعقيد؛ ولكن قد تثار بعض الامور، عندما يقيم المدعي الشخصي دعواه تبعا لدعوى الحق العام امام المرجع القضائي المقامة لديه هذه الدعوى ( المادة 5 أ.م.م.) ، اذ ان الدعوى العامة قد تكون بلغت مرحلة متقدمة يصبح معها متعذرا اقامة دعوى الحق الشخصي؛ فلو فرضنا ان دعوى الحق العام كانت عالقة امام القاضي المنفرد الجزائي، واراد احدهم الادعاء بحقوقه الشخصية امام المرجع ذاته ، ضمن مهلة مرور الزمن على الحقوق الشخصية مستفيدا من تعليق المهل الحاصل بموجب القانون رقم 160/2020 ؛ الا ان الدعوى العامة سلكت طريقها وصدر فيها حكم مبرم، فهل يكون في هذه الحالة " الحكم المبرم " الذي لم يراع فيه تعليق المهل الملحوظة في القانون رقم 160/2020 قابلا لاعادة المحاكمة من تاريخ نفاذ هذا القانون، استنادا الى المادة الخامسة منه ؟
اننا لا نرى ما يحول دون ذلك، انطلاقا من نصوص القانون رقم 160/2020، وان أدّى الامر الى تعقيدات اجرائية عديدة ، ولا سبيل لذكرها في اطار هذه الملاحظات المحصورة.
هـ ـ المهل المتعلقة بشؤون العائلة من نفقة ووصاية ومشاهدة وسواها:
14- ان هذه المهل بطبيعتها لا تحتمل اطلاقا اخضاعها للتعليق نظرا لارتباطها بحقوق الانسان الطبيعية والاساسية، فهي لا تحتمل اي انتظار، خصوصا وان المشترع وضع تدابير زجرية بمواجهة المخلين بها.
15- في الختام نقول بان المشترع حدد الاسباب الموجبة لقانون تعليق المهل بسببين :
القوة القاهرة بالنسبة " لاحداث 17 تشرين الاول 2019، الاستثنائية والخطيرة " و"تعطيل الحياة العامة في البلاد " بالنسبة " لتفشي فيروس كورونا "، ورأينا ان القوة القاهرة متوافرة في الحدثينواذ كان المشترع قد اقتصر على ذكرها في حالة " احداث 17 تشرين الاول 2019، الاستثنائية والخطيرة " ، لان " انتشار وباء الكورونا " يشكل بذاته قوة قاهرة ولو لم يضعه المشترع كذلك.
في كل الاحوال، فان قانون تعليق المهل رقم 160/2020 يشبه في صياغته كل القوانين التي تم سنّها لذات الغاية، فهو مقتضب وقصير، كما كل القوانين الاستثنائية المعدة لفترة قصيرة، وسيكون للقضاء حتما الفرصة اللازمة لتوضيح بعض شوائبه التي اثرناها في هذه الملاحظات المقتضبة او التي قد تثيرها الممارسة العملية.
ويبقى السؤال المطروح :
ماذا لو إمتد زمن " تفشي وباء الكورونا " واستمرت " الاحداث الاستثنائية والخطيرة " التي بدأت في 17 تشرين الاول 2019، الى ما بعد انقضاء فترة هذا القانون في 30/7/2019 ؛ فهل سيتم تمديد فترة العمل بهذا القانون، ام سيتم اصدار تعديلات عليه تقتضيها الظروف التي ستستجد؟
الله أعلم ...
(تحميل النسخة الكاملة)