ترجم هذا الموقع إلى
بدعم من غوغيل
تنفيذ
للحصول على ترجمة "صادر" القانونية أو أي استفسار info@saderlegal.com

|

{{title}}

لم يتم العثور على المحتوى

ما هي المسؤوليات المترتبة على الطبيب في ما يتعلّق بالجراحة التجميلية؟


ما هي المسؤوليات المترتبة على الطبيب في ما يتعلّق بالجراحة التجميلية؟

{{subject.Description}}

نعيش اليوم في "عصر الصورة" بامتياز، إذ أصبح للجمال معيارًا مختلفًا عن القواعد المعتادة. وباتت الجراحة التجميلية أحد أهمّ المقوّمات الأساسية في حياتنا اليومية، فأصبح الناس يولونها اهتمامًا خاصًا أكثر من أي وقت مضى، لدرجة وصول البعض منهم إلى حدّ الهوس في هذا الشأن.

والجدير بالذكر أنّ الجراحة التجميلية هي إحدى التخصصات الطبية التي نالت في الآونة الأخيرة إقبالاً واسعًا كونها تهتمّ بتحسين المظهر، وتزيد من عامل الثقة النفسية لدى الأشخاص.

وفي هذا السياق، لا بد من الإشارة إلى أن لبنان احتلّ، بحسب الإحصاءات الحديثة التي أجرتها نقابة المستشفيات في لبنان، مركز الصدارة بين البلدان في ما يتعلّق باجراء الجراحات التجميلية  .[1]

بداية، لا بدّ من تعريف جراحة التجميل من المنطلق الطبّي، إذ لا يكون الغرض منها علاج مرض ما، لا بل إلى إزالة تشويه في الجسم، وتهدف إلى إزالة عيوب طبيعية أو مكتسبة تؤثر على النظرة الشخصية أو الإجتماعية للشخص، وهي مسألة نسبية إلى حد ما تختلف بين شخص وآخر، مثل إصلاح الأنف الطويل أو تقوية وشد النهدين أو إزالة تجاعيد أسفل العين وتطول اللائحة بحسب الحاجة.

أما من الناحية القانونية، تخضع الجراحة التجميلية لضوابط وتعليمات فرضتها بعض التشريعيات والقرارات القضائية وقد اعترض بعض الفقهاء على بعض من أنواع الجراحات التجميلية مما أثار بعض الجدل القائم حول المنحى القانوني المعتمد في هذا السياق.

فبحسب طبيعتها، إن عمليات التجميل عمليات خطيرة تتطلب قدر عال من الدقة مما يحتم على الطبيب بذل مجهود فائق في سبيل إنجاح العملية وتجنب قدرالإمكان إرتكاب أي خطئ كي لا تترتب عليه أي نوع من المسؤولية.

لذلك سنعالج  من خلال هذه الدراسة مدى مسؤولية طبيب التجميل.

إنطلاقًا من ذلك المبدأ، وقبل البحث في مسؤولية طبيب التجميل في لبنان والتطرق إلى هذا الموضوع من مقلب القانون المقارن سنتطرق أولاً لمسؤولية الطبيب بشكل عام .

إن العلاقة التي تربط الطبيب والمريض هي علاقة إنسانية قبل أن تكون قانونية، فالمريض يضع نفسه بين أيدي   الطبيب للحصول على العلاج اللازم ، لذلك يتحتم على الطبيب تسخير كل ما يملك من قدرات وكفاءات وخبرة  في سبيل شفاء مريضه. لكنه نظرًا لخطورة التدخلات الطبية فإن القانون الطبي قد وضع لحماية المرضى من خطأ الأطباء كونهم بشرًا وليسوا معصومين عنه، فقد يقترف أحدهم خطأ أثناء عمله فتترتب عندها مسؤولية عليه.

وبما أنه تنطوي على هذه المقاربة وتتطلب واقع عملي وتطور جراحي وكفاءة بشرية، فكان لا بد في التركيز على موضوع الجراحة التجميلية التي يهدف من خلالها الإنسان إلى تحسين مظهره أو في إصلاح عيب ما أو ترميم تشوه خلقي أو قد أصابه في مرحلة ما بحياته.

1. المسؤولية العامة للطبيب

يخضع الطبيب في لبنان لأحكام قانون الأداب العامة الطبية الذي يحمل الرقم 288 الصادر بتاريخ 22 شباط 1994. بالإضافة لأحكام القواعد العامة التى ترعى المسؤولية المدنية والعقود والأحكام الجزائية الورادة في قانون العقوبات. لذلك لا بد أن ننطلق من  طبيعة الموجب الملقى على عاتق الطبيب تجاه المريض كي نحدد مسؤووليته .

يكون  موجب الطبيب موجب تحقيق غاية أو نتيجة إذا كان يتضمن تعهدًا بتحقيق نتيجة ما أو إتمام عمل معين حدده العقد أو الإتفاق. اما يكون الموجب موجب بذل عناية أو موجب وسيلة إذا كان يتضمن إلتزام ببذل العناية اللازمة لتحقيق نتيجة غير محتمة التحقيق. ولكن يمكن القول بأن الإجماع، بُعيد الجدل القائم بحسب الفقه والإجتهاد، بإن موجب الطبيب بالعلاج سواء وجد عقد مع المريض أو لم يوجد هو موجب بذل عناية. [2] أي الطبيب يتعهد ببذل العناية الفائقة حيث يضع جميع الوسائل بخدمة المريض لتحقيق النتيجة المرجوة وهي الشفاء ولكنه غير ملزم بضمان الشفاء الذي يبقى مرتبطًا بعوامل مختلفة.

هذا ما قررته محكمة التمييز الفرنسية[3] في قراراها الشهير في 20 أيار 1936 "إن العقد الذي يتم بين الطبيب والمريض يوجب على الأول إن لم يكن بطبيعة الحال الإلتزام بشفاء المريض فعلى الأقل بأن يبذل عناية، بل جهود صادقة يقظة متفقة مع الظروف التي يوجد بها المريض ومع الأصول العلمية الثابتة".

« L’obligation de soins découlant du contrat médical et mise à la charge du médecin est une obligation de moyens : le médecin ne pouvant s’engager à guérir, il s’engage seulement à donner des soins non pas quelconque mais consciencieux attentifs et conformes aux données acquises de la science »[4].

يوجب الفقه والإجتهاد من ناحيته على الطبيب الذي يتولى معالجة مريضه أن يبذل عناية يقظة في حدود الأصول المفروضة في مهنة الطب. فإذا أخل الطبيب بموجبه تجاه مريضه، فإنه يكون قد ارتكب خطأ يوجب المساءلة عنه، فكل من يكون عمله رعاية المرضى وعلاجهم والعمل على شفائهم، ضمن الحدود الممكنة، يقع عليه موجب بذل عناية، فهو يقع على الطبيب العام والأخصائي والطبيب الجراح وطبيب الأسنان والقابلات حتى ولو كان عملهم مجانيًا . [5]

حتى أن قانون الأداب الطبية في نص المادة [6]28 منه أوضح أن مسؤولية الطبيب تقوم على أساس الخطأ وإنه غير ملزم بموجب نتيجة. وفي هذا السياق عينه قضت محكمة الإستئناف المدنية في بيروت في قرارها الصادر في تاريخ 10 تموز 1969  بأنه: " لا يلتزم الطبيب الذي يعالج مريضه بتأمين الشفاء له كاملاً وحتمًا، إنما يأخذ على عاتقه بذل العناية الواجبة عاملاً لغرضها في حدود ما تقضيه حالة مريضه بالظرف الذي وجد فيه ومراعيًا في عمله القواعد الطبية الحديثة المستقرة في مجال إختصاصه، فلا يخرج عما ينبغي أن يلتزمه أوسط الأطباء كفاءة وخبرة في المجال ذاته إن وجد في مثل وضعه"[7]

 مما يوضح ويثبت نظرية أن الطبيب لا يلتزم بموجب نتيجة بل بموجب تأمين أفضل معالجة مناسبة للمريض .

إذًا تكمن القاعدة بموجب عناية لكن تبقى ثمة إستثناءات يلتزم فيها الطبيب بموجب نتيجة ويتحقق ذلك عندما يتعهد الطبيب بتنفيذ العمل الطبي في تاريخ محدد أو إلتزام بتنفيذه شخصيًا أوتكون طبيعة الموجب محددة بشكل دقيق، وبذلك يكون الموجب موجب تحقيق نتيجة.

كذلك يعتبر الموجب موجب نتيجة فيما يتعلق بمنع إنتقال العدوى إلى المريض أثناء العلاج أو المعاينة أو الجراحة.

في هذا السياق أصدرت محكمة التمييز الفرنسية قرارًا في 12 نيسان 1995 يقضي بأن : " مراكز نقل الدم ملزمة بتوريد مواد خالية من أي عيب وهي لا تستطيع أن تتحرر من هذا الموجب وهو كفالة السلامة إلا إذا أثبت السبب الأجنبي الذي لا يد لها فيه ". [8]

يعتبر أيضًا الموجب موجب نتيجة بحال  ترك الطبيب معدات أو أدوات المستعملة ضمن العملية داخل جسم المريض بعد الإنتهاء منها..

كما يكمن موجب الطبيب كموجب نتيجة في بعض حالات عمليات التجميل،  لذلك لا بد من الغوص ومعالجة ببحث مسؤولية طبيب التجميل.

2. مسؤولية طبيب التجميل

إن طبيعة عمل طبيب الجراحة التجميلية يختلف اختلافًا كبيرًا وباقي الاختصاصات الطبية الأخرى، فالاختلاف ليس في مجال العمل الطبي وحده وحسب، بل في المجال القانوني ايضًا، فقواعد المسؤولية تختلف هي الأخرى.

 لذلك أتت التشريعيات أكثر صرامة فيما يتعلق بمسؤولية طبيب التجميل في حال وقوع الضرر للمريض خلافًا لما هو عليه في العمليات الجراحية الأخرى.

 بداية يمكن القول أن الجراحة التجميلية لا تمارس لأهداف علاجية، فهي الجراحة التي  تجرى لأغراض وظيفية أو جمالية، يكون الغرض منها تحسين الشكل والمظهر.[9] وبالتالي فهي تتميز عن غيرها من الجراحات من خلال إجرائها؛ فإجراء مثل هذه العمليات أمرًا كماليًا وليس ضروريًا في أغلب الأحيان من أجل استمرار الحياة.[10]

قد عرف البعض من القانونيين العمليات الجراحية التجميلية بإنها "المجموعة التي تتعلق بالشكل والتي يكون الغرض منها علاج عيوب طبيعية أو مكتسبة في ظاهر الجسم البشري تؤثر في القيمة الشخصية أو الإجتماعية للفرد" [11]. كما عرفها قانون آخر "بإنها جراحات تهدف إلى إصلاح الأعضاء أو إحلال أعضاء محل أعضاء فقدت؛ أو نتيجة عيوب خلقية ولد بها الإنسان" [12]

كذلك رأى قانون الصحة العامة الفرنسي بإن الجراحة التجميلية تتعلق بالأعمال الرامية إلى تغيير المظهر البدني  للشخص، دون أهداف علاجية أو إعادة بناء. [13]حتى عرف الأطباء المختصون جراحة التجميل تعريفًا مختصرًا شاملاً "بإنها جراحة لتحسين منظر جزء من أجزاء الجسم الظاهرة أو وظيفته، خاصة إذا ما طرأ عليه نقص أو تلف أو تشوه" [14]

وهنا لا بد من التعرف أيضًا على مختلف أنواع العمليات التجميلية :

العمليات الجراحية الترميمية /التصحيحية أو جراحة إعادة البناء La Chirurgie reconstructrice  :

التي تهدف إلى تصحيح العيوب الخلقية أو علاج العيوب الناتجة عن تشوه أو ورم.

العمليات الجراحية التحسنية  La Chirurgie esthétique:

وهي العمليات التي يتم إجرائها تحت رغبة المريض لأنها تهدف لتحسين شكله لزيادة ثقته بنفسه وتحقيق منظر أحسن وأجمل ولإزالة الشيخوخة وأثار تقدم السن مثل عمليات تجميل الأنف و شفط الدهون [15].

وهناك عمليات تجميل دون تدخل جراحي مثلاً العلاج بأشعة الليزر كما في إزالة الوشم.

اختلف الفقه والإجتهاد حول العمليات التجميلية بين مؤيد ورافض لتعلقه بالناحية الجمالية  الخارجية للجسم. فكان من أبرز الفقهاء الرافضين لعمليات التجميل الفقيه "جارسون" الذي إعتبر أن الطبيب يتعامل مع عضو سليم من أعضاء الجسم بحجة التجميل وهذا خروج عن حدود المهنة التي تبيحها له شهادة الطب .[16] وهناك من أيد عمليات التجميل بإعتبارها علاجية وتجدد الشباب وأيضًا تعتبر وسيلة لمكافحة المرض وتجلب السعادة والسرور للمريض.

حتى الإجتهاد في بداية الأمر عارض هذا النوع من العمليات وإعتبر الطبيب الذي يجري عملية على عضو صحيح دون وجود ضرورة علاجية أو تحسين لصحة الشخص يشكل خطأ في جانب الطبيب. بمعنى قيام الجراح التجميلي على اجراء عملية لا يقصد منها إلا التجميل يعد خطأ بحد ذاته ويتحمل الطبيب كل الأضرار التي تنشا عن العملية.[17]

مع التقدم العلمي والفكر الإنساني تغير رأي الإجتهاد إلى إيجاب قيام مسؤولية طبيب التجميل :

  • ففي حال أهمل الطبيب تنبيه المريض بالأضرار المتوقعة والغير المتوقعة التي تنتج جراء العملية التجميلية (تتضمن المخاطر وقت إجراء العملية والفترة التي تعقبها).
  • إذا لم يضع بين يدي المريض تقريرًا يتضمن كافة تفاصيل الأعمال الجراحية التي ينوي القيام بها والتكلفة بصور مفصلة.
  • إذا لم يحصل على موافقة المريض بتصريح خطي صريح قبل إجراء العملية .

في خضم كل هذا التشابك، كان للمشرع اللبناني كلمته حيال عمليات التجميل، وذلك في قانون الأداب الطبية الصادر في شباط سنة 1994 حيث حظر المشترع اللبناني في المادة 20 منه بإجراء الجراحات التجميلية في حالتين :

  • إذا كان اجراؤها لتحقيق غاية غير مشروعة للمريض (مثل تغيير شكل تهربًا من شيئ ما) 
  • أوإذا كان اجراؤها لأسباب مادية مجردة وتحتمل مخاطر لا تتناسب مع الغاية المتوخاة.[18]

من المعروف أن مسؤولية الطبيب عن أخطائه الطبية هي مسؤولية عقدية تبعًا لوجود عقد بين الطبيب ومريضه. كما يمكن أن تقوم أيضًا مسؤولية الطبيب التقصيرية الناجمة عن خطأ ارتكبه خارج إطارالعلاقة التعاقدية  نتج عنه ضرر للمريض. أي عندما تنعدم العلاقة بين الطبيب والمريض  كون المسؤولية تقصيرية ويكفي أن يكون هذا الخطأ قد ساهم في وقوع الضرر لقيام مسؤولية الطبيب، حتى يمكن أن تترتب المسؤولية الجزائية للطبيب عندما يتصف فعله بالسلوك الجرمي كإيذاء المريض أو التسبب بوفاته. [19]

لكنه لترتب المسؤولية على الطبيب، فقد اختلف الفقه والإجتهاد حتى حول طبيعة موجب طبيب التجميل. فالبعض اعتبر أن موجبه موجب بذل عناية وإعتبر البعض الأخر أن موجب الطبيب موجب تحقيق نتيجة وفي هذه الحالة يكون تحقيق النتيجة أمرًا محتملاً في أغلب الأحيان وقد يصل أحيانًا أخرى إلى درجة اليقين أي الحالة التي يلتزم بها الجراح التجميلي بتحقيق غاية بحكم الإتفاق بين الجراح والمريض.

بحسب الدكتور المصري هشام عبد الحميد فرج يكون الجراح التجميلي ملتزم بتحقيق نتيجة في حال كانت الغاية من إجراء العملية تغير ملامح الوجه، بإعتبار هذه العمليات ليس القصد منها الشفاء من علة أو مرض وإنما الغاية منها تغير في الملامح وهذا لا يعرض حياته للخطر. [20]

وفي الإطار نفسه، قضت محكمة النقض في مصر "بأن طبيب التجميل وإن كان كغيره من الأطباء لا يضمن نجاح العميلة التي يجريها إلا أن العناية المطلوبة منه أكثر منها في أحوال الجراحة العامة حيث أن الجراحة التجميلية لا يقصد منها الشفاء من علة في جسمه بل إصلاح تشويه لا يعرض حياته لأي خطر" [21]

كما في فرنسا حدد القضاء الفرنسي طبيعة الموجب الطبي بأنه موجب بذل عناية. بحيث اعتبرت محكمة استئناف باريس في سنة 1992 أن التزام طبيب التجميل يبقى التزام وسيلة؛ وذلك في العملية التي أجريت من قبل جراح تجميل لإمراة بقصد زرع تركبيات صناعية في الثدي. [22] حتى لو بقي إلتزام الطبيب بموجب بذل عناية لكن القضاء شدد في مجال الطب التجميلي من خلال إستخدام عبارة بذل عناية مشددة أي على طبيب التجميل بذل ما بوسعه وما يمتلك من خبرة ومؤهلات للوصول إلى ما اتفق عليه مع مريضه.

فالعناية المطلوبة من طبيب التجميل تكون أكثر وذلك مقارنة بالجراحة العادية بإعتبار أن عمليات التجميل اختصاص لا يقصد به شفاء المريض من علة  بل إصلاح شكل عضو معين في الجسد.

حتى ما سبق أكدته المادة L-6321-1 من قانون الصحة العامة الفرنسي والتي تنص على أنه " يكفي على طبيب التجميل أن يقوم بواجباته بإحترافية تامة وبطريقة تامة وأن يضع جهود ودقة في المعالجة وعليه لا يكون مسؤولاً تلقائيًا في حال لم يلق عمله النتيجة المتوقعة . كذلك الفقيه الفرنسي جان بينو أكد خضوع عمليات التجميل على الطابع العام للإلتزام الطبي وهو إلتزام بذل عناية [23].

إذاً الموجب الملقى على عاتق طبيب التجميل هو موجب بذل عناية ولكن عناية مشددة خاصةً فيما يخص الحذر والتبصر والنصح والنتيجة وإعلام المريض بجميع المخاطر المترتبة والمضاعفات السلبية التي قد تحصل جراء العملية التجميلية، وذلك بحكم التخصص وطبيعته حيث لا تقوم مسؤولية الجراح التجميلي إلا إذا كان هناك تقصير وثبت ذلك .

في الخلاصة، لا بد من التنويه أنه تختلف الجراحة التجميلية عن الجراحة العادية، ذلك أنّها تعتبر جمالية بحتة وترتبط ارتباطًا وثيقًا بالمظهر الخارجي للشخص، وهذا ما يجعلها محل نقاش ورفض في الأوساط الفقهية والقانونية والقضاء بداية.

ولكن مع التطور في المجال الطبي جعل العديد من الدول الأجنبية والعربية تعترف في مثل هذا النوع من العمليات الجراحية التجميلية. وذلك من دون أن نتنكرعلى أن القضاء يشدد من ناحيته في تطبيق قواعد المسؤولية الطبية على تلك العمليات خاصة والسبب يعود لخصوصيتها.

لا ينحصر نطاق المسؤولية ضمن الإطار القانوني بل يترتب على طبيب التجميل مسؤولية مهنية تتمثّل بضرورة الالتزام بقوانين وآداب المهنة الطبية، وذلك من خلال عدم إجراء عمليات التجميل غير الضرورية والعشوائية بالإضافة إلى ضرورة تهيئة المريض نفسيًا للإنعكاسات التي قد تأتي جراء نتيجة التغيّر الجذري للشكل، واحترام آداب مهنة الطب السامية بإصلاح ما هو شائب فقط وعدم التمادي في هذا النوع من العمليات.

ففي معظم الأحيان، يجهل المريض ما يرغب وعلى الطبيب توجيهه ووضعه على السكة الصائبة. وكل ذلك لتجنّب الوقوع بالأخطاء وترتب مسؤولية على الأطباء.

وغالبا ما تكون النتيجة المرجوة مختلفة عن النتيجة الفعلية لعمليات التجميل، مما يزيد من المسؤوليات الطبية خاصة وأن الطبيب كان ليستدركها قبل وقوعها لو صارح مريضه أو أطلعه على النتيجة الحقيقية التي قد يصل إليها قبل إجراء العملية.

فالقضاء أكد من جهته صراحة على ضرورة إعلام الشخص الذي يجري عملية تجميل عن جميع المخاطر المتوقعة والمخاطر الإستثنائية الغير المتوقعة وإلا قامت مسؤوليته عن النتائج الضارة كافة المترتبة عن العملية بإعتبارها لا تهدف إلى الشفاء من حالة مرضية معينة.  

 


[1] Syndicat of hospitals.org.lb

[2] أحمد شرف الدين , مسؤولية الطبيب , مشكلات المسؤولية المدنية في المستشفيات العامة, مطبوعات جامعة الكويت ,1986,ص 43

[3] Arrêt Mercier, Cass.civ., 26 mai 1936.

[4] المصدر نفسه.

[5] علي عصام غصن, المسؤولية الجزائية للطبيب,منشورات الحلبي الحقوقية,ص 141

[6] المادة 28 من قانون الأداب الطبية : " لا يلتزم الطبيب بموجب نتيجة معالجة المريض بل بموجب تأمين أفضل معالجة مناسبة له"

[7] محكمة الإستئناف المدنية في بيروت؛ الغرفة الثالثة ؛ قرار رقم 364؛ 10 تموز 1969 ؛ النشرة القضائية ؛ السنة 27؛ الجزء الثامن ؛ 1971؛ ص 970 وما بعدها.

[8] C.A. Lyon,1er ch.,13 avril 2000 ; jurisData n 112062-R.C.et assurances , janvier 2001, p,18 note L.Grynbaum.

[9] جبريل؛ ديان ؛وكويشيل؛ماري ؛مائة سؤال وجواب حول الجراحة التجميلية ؛(2006)؛الطبعة الأولى ؛ الدار العربية للعلوم ؛ بيروت ؛لبنان ص16

[10] محمد حسين منصور ؛ (2001)؛ المسؤولية الطبية ؛ دار الجامعة الجديدة للنشر؛ الإسكندرية –مصر ؛ ص 7-8

[11]  محمد فائق الجوهري ؛ المسؤولية الطبية في العقوبات ؛(1929)؛دار الجوهري للطبع والنشر ؛مصر ص 319.

[12] أسامة عبدالله قائد؛ المسؤولية الجنائية للأطباء ؛(2006) ؛دار النهضة العربية؛ص85

[13] Art.L-6321-1 CSP : « des actes chirurgicaux tendant à modifier l’apparence corporelle d’une personne, à sa demande, sans visée thérapeutique ou reconstructrice »

[14] الموسوعة الطبية الحديثة لمجموعة من الأطباء3/450 ,ط2 ,1970 ؛مصر

[15] Ahmad El Ayoubi , « le traitement juridique spécial du chirurgien esthétique » , thèse , Uni. Paris I Panthéon Sorbonne, 2018.

[16] Ahmad El Ayoubi , « le traitement juridique spécial du chirurgien esthétique » , thèse , Uni. Paris I Panthéon Sorbonne, 2018.

[17]C.A. Paris , 20 juin 1960 , R.T.D (p.373)

[18] سامي منصور؛المسؤولية الطبية وفق قانون 22 شباط 1994-قانون الأداب الطبية ؛ ص302

[19] د.بول مرقص؛ بين التجميل والتشويه: مسؤولية؛الصحة والإنسان العدد 40-صيف 2017 ص22.

[20] عبد الحميد فرج ؛ الأخطاء الطبية ؛ مطابع الولاء الحديثة ؛ دار النهضة العربية ؛ القاهرة ؛(2007) ؛ ص 138 .

[21] مرجع سابق.

[22] C.cassation , Paris , 1992.

[23]زهير نريمان رض كاكي ؛المسؤولية الجزائية للمريض عن عمليات التجميل؛ رسالة ماجستير ؛جامعة الشرق الأوسط عمان؛2020.

احدث المواضيع

{{subject.ShortTitle}}

البوابة القانونية الالكترونية الأشمل و الأكثر استخداما في لبنان