ترجم هذا الموقع إلى
بدعم من غوغيل
تنفيذ
للحصول على ترجمة "صادر" القانونية أو أي استفسار info@saderlegal.com

|

{{title}}

لم يتم العثور على المحتوى

'ضربة الأكورديون' وسيلة لإنقاذ الشركات المتعثرة


"ضربة الأكورديون" وسيلة لإنقاذ الشركات المتعثرة

{{subject.Description}}

ألقت الأزمات المتعاقبة التي تعصف بلبنان بثقلها على الشركات المساهمة، وسببت بالتأخر عن الوفاء بالديون المستحقة والنقص في السيولة. إزاء هذا الواقع، لا بدَّ من البحث، عن الخيارات القانونية المتاحة لحماية الشركات المساهمة المتعثرة من خطر التصفية النهائية والإفلاس، وما يستتبعه من زوال المشروع الاقتصادي وخسارة على عاتق كل من الموظفين والمتعاملين مع الشركة، كما حرمان الدائنين من ديونهم.

من أهم البدائل الحديثة الهادفة الى إنقاذ الشركة القابلة للحياة، عملية مركبة تبناها الاجتهاد الفرنسي تعرف ب "ضربة الأكورديون" أو “Coup d'accordéon”.

يمكن تعريف هذا الابتكار العملي الهادف الى ضمان استمرارية الشركة المصابة بخسائر مالية تفوق رأسمالها، بالعملية الاستثنائية التي ترمي الى تطهير الشركة المساهمة من الخسائر المتراكمة، وذلك دون تسديد ديونها. أثبتت العملية ذات التسمية المستعارة من آلة الأكورديون الموسيقية، تحقيق سلسلة من النجاحات في القرارات التي طبقت عليها في فرنسا؛ لا سيما لناحية تعويض الخسائر الدفترية المتراكمة التي يجري تدويرها محاسبيًا عبر الزيادة في السيولة، وبالتالي السماح للشركة بالانطلاق على أسس جديدة في ضوء التحسين لوضعها المالي. فما هي المراحل الأساسية لتنفيذ هذه العملية (الفقرة الأولى)، وهل من إمكانية لتطبيقها في النظام اللبناني (الفقرة الثانية)؟

الفقرة الأولى: مفهوم التقنية ومراحلها الأساسية

إن «ضربة الأكورديون» هي عملية مالية وحسابية وليدة الاجتهاد الفرنسي، وتحديدًا قرار 17 أيار 1994 الشهير. في وقائع القرار، إن USINOR هي شركة فرنسية قائمة منذ العام 1948 واجهت صعوبات مالية كبيرة لم تقدر على تخطيها بالاندماج أو بأي وسيلة أخرى، فانعقدت جمعيتها العمومية غير العادية وقررت اتخاذ سلسلة من الخطوات سميت فيما بعد بضربة الأكورديون ولاقت اعترافًا واسعًا بمشروعيتها في الاجتهاد الفرنسي حتى تكريسه أخيرًا في القانون التجاري الفرنسي.

يشترط لتطبيق العملية أن تكون الشركة المساهمة تعرضت لخسائر كبيرة، لكنها قابلة للحياة في حال حصولها على تمويل خارجي. وتتضمّن عملية "ضربة الاكورديون" مرحلتين متلازمتين:

  • المرحلة الأولى: تقضي بتخفيض رأس المال ما دون الحد الأدنى القانوني وحتى الى الصفر، مترافقة مع الغاء أسهم المساهمين القدامى.
  • المرحلة الثانية: تقضي بزيادة رأس المال بمقدار كاف لاستيعاب كل الخسارة الواقعة وضمان استمرارية الشركة، مترافقة مع اصدار أسهم جديدة يصار الى الاكتتاب بها.

تجدر الإشارة الى ان عملية "ضربة الاكورديون" وإن كانت تتألف من مرحلتين، إلاّ أنها تُشكل عملية واحدة متكاملة غير قابلة للتجزئة والانفصال. لذلك، فإن القرار الصادر عن الجمعية العمومية بتخفيض رأس المال الى الصفر مع الغاء الاسهم القديمة يجب ان يترافق زمنياً مع اعادة زيادة رأس المال مباشرة أقلّه الى الحدّ الادنى القانوني، مما يجعل عمليتيّ التخفيض والزيادة مرحلتين غير قابلتين للتجزئة.

لعل أبرز ما يميز هذه التقنية عن الوسائل الأخرى المعتمدة لإنقاذ الشركات المتعثرة من الإفلاس (كالدمج مثلًا)، هو ان الشخصية المعنوية للشركة تبقى بمنأى عن اي تأثير. فالهدف من تطبيق "ضربة الأكورديون" ليس انهاء الشركة واعادة انشاء شركة جديدة، بل المحافظة على استمرارية الشخصية المعنوية للشركة نفسها ومساعدتها على تخطي الصعوبات المالية والاقتصادية.

يتوجب عند تطبيق هذه التقنية المستحدثة اعتماد قيمة السهم الفعلية وقياسها على قيمته الاسمية من جهة أولى، وذلك مراعاةً لواقع عالم الاقتصاد والاعمال. ومن جهة ثانية، يتوجب أخذ رأي مفوضي المراقبة، لتبيان حقيقة الوضع المالي للشركة وخلق مؤشرات واضحة للمساهمين قبل التصويت.

بعد تبيان مفهوم ضربة الأكورديون كإحدى الوسائل الحديثة لإنقاذ الشركات وشروط تطبيقها، يطرح التساؤل حول مشروعية هذا التطبيق في ظل القانون اللبناني على الشركات المساهمة عامةً، وعلى المصارف المتعثرة بشكل خاص.

الفقرة الثانية: إمكانية تكريس "ضربة الأكورديون" في النظام اللبناني

إن تطبيق تقنية "ضربة الاكورديون" في لبنان هو وليد اعتراف المحاكم بهذه الآلية التي برزت في الاجتهاد الفرنسي، في ظلّ غياب اي نص صريح في القانون اللبناني.

بناءً عليه، صدر بتاريخ 16/03/2011 عن الغرفة الرابعة لمحكمة الدرجة الاولى في جبل لبنان قرارًا اعتبر أن عملية "ضربة الاكورديون" هي عملية استثنائية غير قابلة للتجزئة، ترمي الى تطهير الشركة المساهمة من الخسائر المتراكمة وليس الى تسديد ديون تلك الشركة".

وفي وقائع الدعوى، انعقدت الجمعية العمومية السنوية ل "مستشفى المشرق" بناء على دعوة مفوّض المراقبة الأساسي لمناقشة تقريره، الذي بَيَّنَ خلاله ان خسائر الشركة تجاوزت رأسمالها بمبلغ 92 مليون ل.ل.

وبعد مناقشة الحلول الممكن اعتمادها لمواجهة الخسارة المالية، اتخذت الجمعية العمومية غير العادية قرارها موضوع الدعوى، بمتابعة العمل في الشركة على اساس تخفيض رأس المال الى الصفر عبر الغاء الأسهم القديمة وزيادة رأسمالها الى 750 مليون ل.ل. مع حفظ حق الأفضلية للمساهمين القدامى بالاكتتاب بأسهم الزيادة. اعتبرت المحكمة أن القرار الصادر عن الجمعية غير العمومية يُجسد وبوضوح تقنية "ضربة الاكورديون" مؤكدةً أن للمحكمة سلطان واسع في الوقوف على صوابية هذه العملية.  

بالرغم من رد محكمة البداية لكافة الأسباب التي ادعت بمخالفة هذه التقنية للأحكام العامة في قانون التجارة، وبالتالي اعترافها بمشروعية هذه العملية في النظام اللبناني؛ إلا أنها قَضت بإبطال قرار الجمعية العمومية غير العادية كونه غير ضروري لاستمرارية الشركة المدعى عليها.

في حين أن هذه الآلية الاستثنائية تهدف الى الحفاظ على المصلحة العليا للشركة أي استمرارها في الحياة، يطرح التساؤل حول إمكانية حصول تعسف في استعمال السلطة من قبل الأكثرية الممثلة بالجمعية العمومية، وذلك لهدف احتيالي وهو إبعاد الأقلية من المساهمين القدامى، وبالتالي إلحاق الظلم بحقوق الأقلية في الشركة؟

كما جميع قرارات الجمعيات العمومية في الشركات المساهمة، تكون القرارات الصادرة عن الجمعية العمومية القاضية بتطبيق عملية ضربة الأكورديون عرضة للإبطال. وذلك إما لعدم مراعاتها الأصول وشروط النصاب القانوني والغالبية المطلوبة، أو لوقوع غش أو سوء استعمال للسلطة[1].

وفي هذا السياق عينه، اعتبرت محكمة التمييز الفرنسية في قرار حديث لها صادر بتاريخ 15 آذار 2017، ان القرار باللجوء الى عملية "ضربة الاكورديون" خلال انعقاد الجمعية العمومية في عطلة الصيف يشكل غشاً بحق الاقلية، لأن الأكثرية لجأت الى عقد اجتماع للجمعية العمومية في وقت لا يتسنى للجميع الحضور، وان لم ينطوي هذا القرار بمضمونه على تعسف بحق الأقلية. كما أكدت مرة اخرى ان عدم قدرة الأقلية على الاكتتاب بالأسهم الجديدة يشكّل تعرضاً لحقوقهم.

أخيرًا، تبيّن من خلال التطبيقات العملية، ان تقنية ضربة الأكورديون تشكّل حصانة للشخصية المعنوية للشركة، وتؤمن استمرارها بعيدًا عن نظام الإفلاس وما ينتج عن ذلك من خسارة الدائنين لأموالهم، كما خسارة الموظفين لموارد رزقهم. فبعد اعتراف الاجتهاد اللبناني بهذه التقنية لناحية تخفيض رأس المال الى الصفر وإعادة زيادته في عملية واحدة، أقر بعدم تعارضها مع الاحكام القانونية المرعية الاجراء وخضوعها الى رقابة المحكمة. يشكل هذا السلطان الواسع للمحاكم المختصة في الوقوف على صوابية تلك العملية الاستثنائية التي يتم اللجوء اليها حصراً عندما تقتضي ذلك المصلحة العليا للشركة المساهمة، ضمانةً لمصالح الأقلية واحتراماً للقواعد العامة في حسن النية.

نظرًا للمنفعة الاقتصادية والاجتماعية الكبيرة الناتجة عن اعتماد هذه الآلية، نتساءل أخيرًا حول مدى صوابية تطبيقها على المصارف اللبنانية من جهة استيعاب الخسائر، إعادة تكوين رأس المال وضخ سيولة جديدة بالاكتتاب؟

 

 

المراجع:

  • مغربل صفاء، الشركات التجارية، شركات الأموال، دار الأبعاد للطباعة والنشر، الطبعة الثالثة، بيروت 2021.
  • ناصيف الياس، شرح تعديلات قانون التجارة البرية، منشورات زين الحقوقية، بيروت، لبنان، 2021.
  • دي الكك سابين، تطبيق ضربة الأكورديون في ظل قانون التجارة اللبناني، مجلة الحقوق والعلوم السياسية، العدد السادس عشر، 5/2017، ص.260.
  • دي الكك سابين، «ضربة الأكورديون» ضرورية للمصارف! موقع جديدنا، الموقع الالكتروني: https://www.jadidouna.com/24306/، آخر تحديث مايو 15، 2020، تم الدخول الى الموقع بتاريخ 25/06/2022.
  • قنديل مريم، تقنية ضربة الأكورديون كوسيلة لإنقاذ الشركات المتعثرة من الإفلاس (دراسة مقارنة)، رسالة ماجستير، الجامعة اللبنانية، كلية الحقوق والعلوم السياسية والإدارية.
  • محكمة الدرجة الأولى، جبل لبنان، الغرفة الرابعة قرار صادر بتاريخ 16/3/2011 في دعوى الدكتور أ.ح ورفيقته/ شركة مستشفى المشرق- المؤسسة الطبية ش.م.ل. ورفاقها، العدل 2012 العدد 2 ص 1829وما يليها.
  • Ranaivoarisoa Vania, Coup d’accordéon, définition et intérêt, site internet: https://blog.legalvision.fr/2020/10/29/coup-d-accordeon/.
  • Avocats Picovschi, Restructurations du capital : le « coup d'accordéon », Mis à jour le 04/03/2019, site internet:
  • https://www.avocats-picovschi.com/restructurations-du-capital-le-coup-d-accordeon_article_354.html.

احدث المواضيع

{{subject.ShortTitle}}

البوابة القانونية الالكترونية الأشمل و الأكثر استخداما في لبنان