ترجم هذا الموقع إلى
بدعم من غوغيل
تنفيذ
للحصول على ترجمة "صادر" القانونية أو أي استفسار info@saderlegal.com

|

{{title}}

لم يتم العثور على المحتوى

التداعيات القانونية إثر وفاة الملكة


التداعيات القانونية إثر وفاة الملكة

{{subject.Description}}

عشية الثامن من سبتمبر 2022، ضج خبر: "وفاة الملكة" وتصدّر كافة الوسائل الإعلامية من مرئية ومسموعة ومكتوبة وشبكات التواصل الاجتماعي.

توفيت جلالة الملكة إليزابيث الثانية عن عمر ناهز 96 عامًا. وقضت أطول فترة حكم على العرش في تاريخ المملكة المتحدة البريطانيّة، وصلت إلى ما يناهز الـ 71 عامًا من الحكم.

ولدت الملكة اليزابيت في العام 1926، وامتدت حقبة حياتها لتشهد أكبر حربًا عرفها العالم على الإطلاق، حرب باردة بلغت ذروتها مع سقوط الاتحاد السوفيتي وتفشي وباء كوفيد 19 الذي أدّى إلى توقّف العالم برمّته لفترة سنتين بالكامل.

عٌرفت الملكة إليزابيث الثانية خلال فترتها الطويلة  في الحكم بتفانيها اللامتناهي  بحيث كرّست حياتها للعرش ولشعبها، كما تميزت خلال ممارستها لدورها ومهامها بعزيمتها الصلبة وبحكمتها الرويّة، ولعبت دورًا بارزًا في تأمين الإستقرار في المملكة في عصر سريع التقلبات والتغيرات، فواجهت التحدّيات وحققّت الإنجازات والنجاحات واحدة تلو الأخرى ولعلّ أبرزها  الحفاظ على العرش في ظل الفترات العصيبة، مما يعتبر إنجازًا عظيمًا يسجل لها.

مع ذلك، كان الموت حليفها إذ انّ التقدم في السن كان له الأثر الأكبر في رحيل الملكة إليزابيث الثانية التي أسرت قلوب أمتها والعالم بأسره من خلال سلوكها الرصين وروح الدعابة الذكية التي تحلّت بها، من المؤكد انه سيفتقدها الكثيرون، لا سيما أن رحيلها ترك بصمة من الحزن في المملكة المتحدة والعديد من دول الكومنولث.

ولكن، يقول المثل القديم: "الملكة ماتت .. يحيا الملك".

نظرًا لطبيعة النظام، فإن العمل يجب أن يُستكمل. مما يستتبع ذلك مراسيم استبدال الملكة بالملك الجديد خاصّة انهّ من غير الجائز دستوريًا أن تبقى المملكة دون رأس يديرها.

على خلفية ذلك، إن وفاة الملكة يفرض تغييرًا  جذرياً في المشهد الحكومي في المملكة المتحدة، ومعها لا بد أن تظهر العديد من التداعيات القانونيّة.

 

وفاة الملكة

أدى خبر وفاة الملكة إليزابيث الثانية إلى إعلان الحداد الوطني الذي  استمر حتى نهاية مراسم الجنازة الرسميّة التي أقيمت في التاسع عشر من سبتمبر، وذلك بعد أحد عشر يومًا على وفاة الملكة.

خلال هذه الفترة، نكّست الأعلام في جميع أنحاء المملكة المتحدة كرمز للحداد العام. وتمّ تحديد موعد إقامة مراسم الجنازة يوم عطلة رسميّة في كامل انحاء دول الكومنولث، بحيث ودّع العالم الملكة إليزابيث الثانية بجنازة مهيبة ودفن جسمانها في كنيسة القديس جورج في وندسور، بجوار زوجها الراحل الأمير فيليب الذي توفي في التاسع من أبريل 2021.

 

عاش الملك

كانت الملكة هي رأس الدولة على مدى السنوات السبعين الماضية، وذلك ليس فقط في المملكة المتحدة وحسب لا بل في أربع عشرة دولة من دول الكومنولث الأخرى التي تشمل كندا وأستراليا وغيرها.

تبنّت بريطانيا نظام الحكم الملكي الدستوري لعقود عدّة ، حيث جاء ذلك بعد الثورة المجيدة في عام 1688 التي قيّدت سلطة الملك من خلال إصدار شرعة حقوق الإنسان في عام 1689 وإصدار قانون التسوية في عام 1701.

وتبعًا لذلك، لم يعد للملك أي دور سياسي أو تنفيذي، إلا أنه لا يزال شخصيّة رمزيّة واحتفاليّة تمثّل فخر الأمة وهويّتها ووحدتها. وبذلك، لا يمكن أن يكون عرش الملك شاغرًا كون العديد من الواجبات التمثيليّة لا تزال تُمنح للشخص الذي يعتلي العرش ولمن يضع على رأسه التاج.

على هذا النحو، لا يمكن للبلاد أن تقوم بدون رئيس دولتها، كما ورد في الدستور الحالي المعتمد في بريطانيا العظمى. هذا من جهة، ومن جهة أخرى فإنّ الموافقة الملكية لا تزال ملزمة لإصدار التشريعات واستخدام الحقوق السياديّة والسلطات الامتيازيّة.

 نظراً لأهميّة دور الملك، يتمّ تحديد الإجراءات في حالة وفاة الملك بشكل مسبق؛ إذ لا بد من أن يترأس العرش تلقائيًا خليفه في حالة الوفاة، ويعمل على الفور كرئيس للدولة. وعلى هذا النحو، فإن الابن البكر للملكة،  الأمير تشارلز الثالث، هو الشخص المخوّل دستوريًا صلاحيّة أن يتبوأ العرش على الفور، خلفاً لوالدته الراحلة.

وتجدر الإشارة إلى أنه سيتم إعلان تشارلز رسميًّا ملكًا من قبل "مجلس الانضمام" في قصر سانت جيمس.

يتمّ تشكيل مجلس الانضمام عادةً في غضون يوم واحد من وفاة الملك، وهو يتألّف من مسؤولين من المجلس الخاص المُكرَّم لدى جلالة الملكة بما في ذلك الوزراء والقضاة وقادة كنيسة إنجلترا. علاوة على ذلك، يتعيّن على الأمير تشارلز أن يؤدي قسم اليمين لضمان أمن كنيسة إسكتلندا وفقًا لقانون الاتحاد لعام 1707.

عندها فقط وعملاً بالمراسيم الرسمية يمكن إعلان تشارلز ملكًا جديدًا من خلال بيان يتلى علنًا في عواصم الدول الأربعة التي تشكل المملكة المتحدة وهي إنجلترا؛ إسكتلندا؛ ويلز وأيرلندا الشمالية.

وتشير المراسم على أنه يجب على تشارلز أن يعلن أنه بروتستانتي مؤمن وذلك إمّا أمام البرلمان في أوّل جمعيّة له بعد الانضمام أو عند مراسم التتويج، وذلك حسب الظروف التي ستطرأ على جدول الأعمال. كما يتعيّن على الملك الجديد أداء قسم التتويج وفقًا لقانون التتويج الصادر في العام 1689 وقانون التسوية الصادر في العام 1701 وقانون إعلان الانضمام على أن يكون متحدًا مع كنيسة إنجلترا.

 

البرلمان

من المهام الأولى للبرلمان البريطاني التي تتدرج على لائحة أعماله بعد وفاة الملكة هو قسم الولاء للملك بعد إعلان "مجلس الانضمام" تتويجه ملكًا.

وعلى الرغم من أنّه يقع على عاتق البرلمان واجبًا قانونيًا بمتابعة العمل لا سيّما بعد وفاة الملكة وشغور المملكة من رأس الدولة، إلا انّه تم تعليق عمله وجلسات إنعقاده تقليديًا إحترامًا لها ولروحها، كما كان الحال بعد وفاة الملك جورج الرابع، والد إليزابيث، في العام 1952.

غالباً ما يستمر هذا التعليق حوالي العشرة أيام، إلّا أنّ هذا الامر يندرج كعرف متعارف عليه وغير ملزم قانونًا.

 

المحامون

 تقدّم المحامون من جانبهم بأحرّ التعازي على روح الملكة في جميع أنحاء المملكة المتحدة. وفي هذا السياق، صرّح مارك فانهالز، رئيس مجلس نقابة المحامين الذي يمثّل أكثر من 16500 محامٍ في كل من انكلترا وويلز: " إنّ مسؤولي وأعضاء وموظّفي المجلس العام لنقابة المحامين في إنجلترا وويلز، يضمون صوتهم إلى صوت زملائهم في المهن القانونيّة كافّة، في الحداد على فقدان أكثر شخص ينتمي إلى السلك العمومي والمتفاني في سبيل المملكة ".

فأن رحيل الملكة عن هذا العالم لن يمرّ مرور الكرام لدى المجتمع القانوني في المملكة،

إذ يتعيّن على العديد من المحامين النخبة في المملكة المتحدة والكومنولث استبدال لقبهم الرسمي من "مستشار الملكة" إلى "مستشار الملك" عقب تولي الأمير تشارلز العرش، مما يستدعي الإلتزام بقرار مجلس النقابة باستخدام عبارة "KC" بدلا من "QC" على جميع المستندات الرسميّة. ومن الجدير ذكره أنه قد تمّ العمل بهذه المنهجية باسم الملكة الراحلة اليزابيث الأولى في العام 1597 عندما قامت بتعيين رسمي للسير فرانسيس بيكون كأوّل "مستشار للملكة"، وإنّ هذا النظام يطبّق منذ ذلك الحين، ويحمل المحامون اللقب بعد أسمائهم تقديرًا ودلالة على خبراتهم نظرًا لأنّه يتطلب من صاحبه خبرة عالية في المجال الحقوقي، وإن الإنتظار قد يطول لسنوات عدّة للحصول على هكذا لقب. علاوة على ذلك، يجلب هذا اللقب المرموق فوائد كثيرة لحامله، منها الحق في مقاعد الصف الاول في المحكمة.

 

الشعب

بالانتقال من القصر والبرلمان، سيؤدي رحيل الملكة إلى العديد من التغييرات القانونيّة والرسميّة في الشؤون العاديّة للبريطانيين. ومن أبرزها أنه سيتعيّن طباعة عملة جديدة تحمل صورة الملك تشارلز الثالث بدلاً من صورة الملكة. وسيتعين أيضا إدخال تغييرات على جوازات السفر التي لا تزال تشير إلى " جلالة الملكة" واستبدالها بعبارة إلى "جلالة الملك". كما يقتضي تغيير النشيد الوطني من "الله ينقذ الملكة" إلى "الله ينقذ الملك".

كما سيلاحظ البريطانيون العاديون أيضًا أن كل من شبكة بي بي سي و ITV التلفزيونية ستعلقان العروض مؤقتًا في أعقاب وفاة الملكة حيث تدخل الأمّة فترة حداد رسميّة. وفي المقابل، قد يتمّ أيضًا إلغاء الأحداث الرياضيةّ بعد وفاة الملكة. ولكن يبقى الأمر متروكًا لكل اتحاد أو هيئة مسؤولة لتقرير ما إذا كان سيتم المضي قدمًا في الألعاب أو إلغائها. ومع ذلك، نصحت الإدارة الرقميّة والثقافة والإعلام والرياضة (DCMS) معظم الهيئات الرياضيّة بإلغاء الألعاب  إجلالاً واحتراماً لرحيل الملكة.

كما استتبع ذلك إلغاء جميع مباريات الدوري الإنجليزي الممتاز، أبرز بطولة كرة القدم في العالم، والتي كان من المقرر حدوثها في غضون 72 ساعة من وفاة الملكة. ومن ناحية أخرى، ستستمر العروض المسرحيّة خاصة وانّ ذلك لا يتعارض مع حكم القانون، لكن مع إدخال بعض التعديلات كخفت الأضواء وإقامة دقيقة صمت تكريمًا للملكة وكذلك سيتمّ عزف النشيد الوطني قبل بدء كل العروض.

أما بالنسبة لأرباب العمل، فهم غير ملزمين قانونًا بمنح موظفيهم أي يوم عطلة في يوم الجنازة على الرغم من اعتباره يوم حداد وطني.

لكن التداعيات الكبيرة التي يحملها وفاة الملكة على الاقتصاد يكمن في التأثير على بورصة لندن للأوراق المالية التي من المقرّر أن تغلق ابوابها في يوم الجنازة، الأمر الذي قد يمتدّ لعدّة أيام، مما قد يكبّد المملكة المتحدة مبالغ هائلة.

في الختام، لا شكّ أن وفاة الملكة سوف يحمل العديد من المتغيّرات على كافّة الأصعدة منها القانونيّة والرسميّة، ولعلّ أبرزها وصول الملك تشارلز الثالث إلى العرش، ليصبح رسميًّا رئيسًا جديدًا للدولة. لكن برأينا، إن التغييرات القانونيّة تظل متواضعة إلى حدّ ما أمام التحدّيات االكبرى التي ستطرق على المملكة فور إنتهاء فترة الحداد الرسميّة واستئناف الحكومة لمهامها وأعمالها.

ومن البديهي القول أن يكون البريطانيون بحالة ترقّب، وحينها قد تكثر التوقّعات والتكهنات وقد يكون المشهد ضبابيًا بعض الشيء في أرجاء المملكة، بخاصةٍ أنّ معظم البريطانيين لم يعرفوا في حياتهم سوى الملكة إليزابيث على رأس الدولة، والوقت وحده كفيل على تمكين الأجيال القادمة من تقييم عهد الملك تشارلز الثالث، خاصة لناحية ما يشوبه من سمعة مثيرة للجدل.

 بالفعل، لقد شهدت المملكة المتحدة تغييرًا جذريًا في غضون أسبوع واحد مع تعيين رئيسة وزراء جديدة "ليز تروس" ورئيس جديد للدولة "الملك تشارلز الثالث"، ولعلّ أبرز التحدّيات التي تطرح نفسها على واقع المملكة اليوم وتستوجب الترقّب وشدّ أنظار البريطانيين هي مواكبة الأحداث والمساعي، لا بل الخطة والاستراتيجيةّ التي ستضعها الدولة لتخفف من وطأة الأزمة الاقتصاديّة التي تطرق أبوابها، فهل تنجح رؤية الملك الجديد في النهوض بها وهل ستتمكن رئيسة مجلس الوزراء الجديدة والحكومة مجتمعة من تنفيذ خطة عملها ووعودها للشعب البريطاني؟ الجميع في حالة ترقّب وإنّ الغدّ لناظره قريب. 

احدث المواضيع

{{subject.ShortTitle}}

البوابة القانونية الالكترونية الأشمل و الأكثر استخداما في لبنان