تقديم:
صدر القرار موضوع التعليق بتاريخ 28/12/2022 عن قاضي التحقيق لدى المحكمة العسكرية[1] سنداً للتحقيق رقم 141/2022 وذلك بعد الاطلاع على ورقة الطلب رقم 16848/2022 تاريخ 28/09/2022 ومرفقاتها، وبعد مطالعة حضرة مفوض الحكومة المعاون تاريخ 07/12/2022.
أولاً: من حيث الوقائع:
بتاريخ 19/09/2022 ألقت دورية من فرع المعلومات القبض على عدد من الأشخاص للإشتباه بقيامهم بتهريب الأشخاص عبر البحر، وقد ضبطت الدورية معهم عدداً من الأغراض التي تدل على نيتهم الهروب عبر البحر كزيت المحرك للقارب، وغالونات من الوقود فضلاً عن سترات النجاة وعدد من الأغذية المُعلبة.
وخلال التحقيق الأولي أدلى أحد المدعى عليهم أن هناك 3 سوريين قد أبلغوا قريبه برغبتهم بالسفر غير الشرعي الى أوروبا عبر البحر، وأن قريبه يملك زورقًا في مرفأ العبدة، وهو ينشط في نقل الركاب من الشاطئ إلى المراكب المغادرة إلى أوروبا.
وبعد الإتفاق على آلية الدفع وإقتسام المبلغ، وبعد الحصول على الموقع الجغرافي للمكان المحدد للتهريب، وبعد توجههم برفقة السوريين الى المكان المتفق عليه تعطلت السيارة وتمّ القبض عليهم وذلك قبل إتمام عملية الهروب والسفر غير الشرعي.
ثانياً: لجهة المسائل القانونية المثارة في القضية:
إن المسائل القانونية المُثارة في القضية المطروحة إستناداً الى القرار الصادر عن قاضي التحقيق العسكري هي التالية:
- مدى صحة إنطباق وصف الفعل الجرمي على المفهوم الخاص بالمادة 586 (1) من القانون رقم 164/2011 تاريخ 24/08/2011.
- لجهة الظن بالمدعى عليهم السوريين بمقتضى المادة 32 أجانب.
ثالثاً: لجهة مناقشة الحلول المطروحة:
- لجهة إنطباق وصف الفعل الجرمي على المفهوم المحدد في المادة 586 (1) من القانون رقم 164/2011 تاريخ 24/08/2011:
أقرّ مجلس النواب اللبناني القانون رقم 164/2011 لمعاقبة الإتجار بالإشخاص[2] بتاريخ 24/08/2011، وقد أُضيف هذا القانون كفصل جديد الى الباب الثامن من الكتاب الثاني من قانون العقوبات. ويأتي هذا القانون تنفيذاً لموجبات لبنان الدولية التي تولدت عن إنضمامه الى إتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الجريمة المنظمة عبر الوطنية[3]، وبموجب هذا القانون بات الإتجار بالأشخاص يُعدّ جنايةً بعد أن كان يُعدّ جنحة[4]، خاصةً مع تصنيف هذه الجريمة بأنها من الجرائم المنظمة[5] والخطيرة والتي تضطلع به جماعة إجرامية منظمة[6].
ويُعرّف الإتجار بالأشخاص[7] بموجب المادة 586 (1) من قانون العقوبات اللبناني بأنه:
- إجتذاب شخص أو نقله أو إستقباله أو إحتجازه أو إيجاد مأوى له.
- بواسطة التهديد بالقوة أو إستعمالها، أو الإختطاف أو الخداع، أو إستغلال السلطة أو إستغلال حالة الضعف، أو إعطاء أو تلقي مبالغ مالية أو مزايا، أو إستعمال هذه الوسائل على من له سلطة على شخص آخر.
- بهدف إستغلاله أو تسهيل إستغلاله من الغير.
ولا يُعتدّ بموافقة المجني عليه في حال إستعمال أيّ من الوسائل المبيّنة في هذه المادة.
أما ضحية الإتجار، فهو يعني أيّ شخص طبيعي ممن كان موضوع إتجار بالأشخاص أو ممن تعتبر السلطات المختصة على نحو معقول بأنه ضحية إتجار بالأشخاص، بصرف النظر عمّا إذا كان مُرتكب الجرم قد عُرفت هويته أو قُبض عليه أو حُوكم أو أُدين.
ففي جرائم الإتجار بالأشخاص يكون الإنسان محل الإستغلال هو السلعة التي يتمّ تداولها، والإتجار بالأشخاص يستهدف الجميع بصرف النظر عن أجناسهم أو أعمارهم[8]، لا سيما عندما يتعلق الأمر بنقل المهاجرين/ات غير الشرعي والإتجار بهم في سبيل الكسب الإقتصادي الشخصي، بما في ذلك تسهيل تنقلهم الشرعي أو غير الشرعي، أو إساءة معاملتهم بدنياً أو جنسياً بغرض الإتجار بهم، أو بيعهم أو المتاجرة بهم لغرض التشغيل أو الزواج أو البغاء أو الدعارة بقصد الحصول على مكاسب مادية[9].
ويحدث تهريب المهاجرين حينما يُبرم شخص ما طواعية اتفاقًا مع مهرب لدخول بلد أجنبي بصورة غير مشروعة ويتم نقله عبر الحدود الدولية، وغالبًا ما ينطوي تهريب المهاجرين على شراء الوثائق المزورة والنقل عبر حدود بلد ما، وإن كان في بعض البلدان يمكن أن يشمل أيضًا النقل والإيواء مرة واحدة في بلد المقصد، ويوافق المهاجر على نقله، وعادة ما يكون التعامل بين المهاجر والمهرب أكثر من مرة عندما يعبر الحدود ويدفع للمهرب المبلغ الكامل[10].
ويُقصد بتعبير "تهريب المهاجرين" وفقاً لبروتوكول مكافحة تهريب المهاجرين عن طريق البر والبحر والجو المكمل لإتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الجريمة المنظمة عبر الوطنية "تدبير الدخول غير المشروع لشخص ما إلى دولة طرف ليس ذلك الشخص من رعاياها أو من المقيمين الدائمين فيها، وذلك من أجل الحصول، بصورة مباشرة أو غير مباشرة، على منفعة مالية أو منفعة مادية أخرى"، كما يُقصد بتعبير "الدخول غير المشروع" عبور الحدود دون تقيّد بالشروط اللازمة للدخول المشروع إلى الدولة المستقبلة[11]، وقد صدّق لبنان على بروتوكول[12] مكافحة تهريب المهاجرين عن طريق البر والبحر والجو المكمل لإتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الجريمة المنظمة عبر الوطنية الموقع في نيويورك بتاريخ 26/09/2002.
وبمقتضى هذا التصديق، باتت الحكومة اللبنانية مُلزمة بإتخاذ ما يلزم من تدابير تشريعية وتدابير أخرى لتجريم الأفعال التالية:
- تهريب المهاجرين.
- القيام بغرض تسهيل المهاجرين عن طريق:
- إعداد وثيقة سفر أو هوية إنتحالية.
- تدبير الحصول على وثيقة من هذا القبيل أو توفيرها أو حيازتها.
- تمكين شخص ليس مواطناً أو مقيماً دائماً في الدولة المعنية من البقاء فيها دون التقيد بالشروط اللازمة للبقاء المشروع في تلك الدولة.
- تنظيم أو توجيه أشخاص آخرين لإرتكاب أو الشروع في إرتكاب أو المشاركة من طرف متواطئ في جرم من الجرائم المذكورة أعلاه.
وحيث أن القرار الصادر عن قاضي التحقيق العسكري قد وصف الفعل الجرمي بأنه إتجار بالأشخاص، ونظراً للتداخل الكبير بين هذا الجرم وبين جرم تهريب المهاجرين بصورة غير شرعية، لذلك سنقوم بالبحث في مدى إنطباق هذه الحيثيات على المفهوم القانوني للإتجار بالأشخاص مع التركيز على نقاط التقارب والإختلاف بينه وبين جرم تهريب المهاجرين بصورة غير شرعية للتوصل في النهاية الى الوصف الجرمي الصحيح لهذه الواقعة.
- المفهوم القانوني للإتجار بالأشخاص:
في الواقع، تعود ظاهرة الإتجار بالأشخاص الى عصور قديمة، حيث كانت تأخذ أشكالاً مختلفة لا تُراعي المبادئ الإنسانية والكرامة، وتُحيل الإنسان الى مجرد شيء مملوك لا قيمة له كالإسترقاق والعبودية[13]، ثم جاءت التشريعات السماوية لتؤكد على تكريم الإنسان وتفضيله عن غيره من المخلوقات وعلى حرمة جسده، قال تعالى: ﴿ وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُم مِّنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَىٰ كَثِيرٍ مِّمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلًا﴾[14].
كما تمثل جريمة الإتجار بالأشخاص إنتهاكاُ صارخاُ لحقوق الإنسان، وشكلاً من اشكال العبودية والإسترقاق الحديثين، اللذان ينطويان على خداع الأشخاص أو إكراههم بغرض إستغلالهم للحصول على مكاسب مالية، فهي إذاً نوع من أنواع الجريمة المنظّمة التي يتمحور فيها الإنسان بكونه موضوعاً لهذه الجريمة، وهي جريمة عابرة للحدود.
ورغم صعوبة وضع تعريف للجريمة المنظمة، إلا أنه من المتفق عليه أن للجريمة المنظمة ثلاث سمات رئيسية هي: الإستغلال، التخويف والإبتزاز، وهي الجريمة التي يتم إرتكابها عن طريق عصابات إجرامية تستخدم العنف والتهديد والترهيب لتنفيذ أغراضها وذلك في سبيل تحقيق الربح[15].
وفي سبيل البحث فيما إذا كانت القضية تتعلق بالإتجار بالأشخاص لا بد من التدقيق في مدى توافر عناصر هذا الجرم.
- عناصر جرم الإتجار بالأشخاص:
في الواقع، إن ما يُميّز جريمة الإتجار بالأشخاص هو تشعب أشكالها وصورها، فهي من الجرائم المركبة التي يتكوّن النشاط الجرمي المادي فيها من أكثر من فعل ، وهي جريمة غير مستقلة بذاتها، فهي تتمثل بأفعال متداخلة تُكوّن بمجملها جريمة الإتجار بالأشخاص، ويتجلى ذلك في الطرق والأشكال المستخدمة من قِبَل مرتكبي جريمة الإتجار بالأشخاص مما يتعذر معه حصر هذه الصور بمكان، فكل ركن من أركانها له أوجه متعددة، فمن حيث ركن الفعل نجده يأخذ صور متباينة كالبيع أو الشراء أو الوعد بهما الخ.. ومن حيث ركن الوسيلة نجده يأخذ شكل الإجبار والإكراه والخداع وإستغلال حالة الضعف، أما من حيث ركن الغرض فإن الإتجار بالأشخاص يتمحور حول الإستغلال الذي يُعد لعنصر الأساس لقيام جريمة الإتجار بالأشخاص[16]، أما موضوع جريمة الإتجار بالأشخاص فهو الإنسان الذي يقع عليه الجنيد والنقل والإيواء والإستقبال[17].
ويتكون جرم الإتجار بالأشخاص من عنصرين مادي ومعنوي، ويكفي إجتماع هذين العنصرين للقول بوجود جرم إتجار بالأشخاص دون إنتظار تحقق النتيجة الجرمية. ويتألف العنصر المادي من الوسائل التي ذكرها القانون لإستغلال الضحايا، بمعنى أنه يُعدّ إستغلالاً وفقاً لمفهوم المادة 586 (1) إرغام شخص على الإشتراك في أيّ من الأفعال التالية:
- أفعال يُعاقب عليها القانون.
- الدعارة، أو إستغلال دعارة الغير.
- الإستغلال الجنسي[18].
- التسوّل.
- الإسترقاق أو الممارسات الشبيهة بالرق.
- العمل القسري أو الإلزامي.
- تجنيد الأطفال القسري أو الإلزامي لإستخدامهم في النزاعات المسلحة.
- التورط القسري في الأعمال الإرهابية.
- نزع أعضاء أو أنسجة من جسم المجني عليه[19].
لا تؤخذ بالإعتبار موافقة المجني عليه أو أحد أصوله أو وصيّه القانوني أو أيّ شخص آخر يُمارس عليه سلطة شرعية أو فعلية على الإستغلال المنوي إرتكابه المُبيّن في هذه الفقرة.
ويُعتبر إجتذاب المجني عليه أو نقله أو إستقباله أو إحتجازه أو تقديم المأوى له لغرض الإستغلال لمن هم دون سن الثامنة عشرة إتجاراً بالأشخاص حتى في حال لم يترافق ذلك مع إستعمال أيّ من الوسائل المبينة في الفقرة (1) (ب) من هذه المادة.
في الواقع، إن المادة المذكورة ورغم أنها حددت الأفعال التي يتم من خلال ممارسة الإستغلال إلا أنها لم تُعرّف ما المقصود "بإستغلال ضعف الأشخاص"، ويبدو أن المشرع أراد بذلك أن يترك الباب مفتوحاً أمام القاضي ليتبيّن من خلال سلطته التقديرية ماهية الضعف الذي يتم إستغلاله وذلك وفقاً لكل قضية على حدة.
وتتعدد الأسباب التي تدفع بالأشخاص الى محاولة السفر من بلادهم بطرق غير شرعية، وتُعدّ الحروب والظروف الإقتصادية من أولى الأسباب التي تدفع المهاجرين الى ذلك، أضف الى الشروط الصعبة التي تتطلبها بعض الدول الى الدخول المشروع الى أراضيها.
ولا يُمكننا إنكار أن الحرب في سوريا وما أنتجته من ظروف معيشية صعبة قد دفعت بالكثير من المواطنين السوريين الى الهرب واللجوء بإتجاه بلدان أكثر أماناً، وفي كثير من الأحيان كان هذا الهروب يتمّ عن طريق مجموعة من المهربين الذين يتقاضون أموالاً نظير نقل المهاجرين السوريين الى أوروبا بطريقة غير شرعية[20].
فالسمة المميزة للإتجار بالأشخاص تتمثل بوجود ما يُعرف بالوسيط الذي قد يكون شخصاً يعمل بمفرده، أو قد يكون جزءاً من شبكة إجرامية تعمل على كل من جانب العرض والطلب النهائي. فالوسطاء هم الأشخاص والجماعات الإجرامية المنظمة التي تعمل على تسهيل عملية النقل والوساطة ما بين الضحايا والجماعات الأخرى سواء أكان ذلك في نفس البلد أو في بلاد أخرى وذلك لقاء مبالغ مالية ضخمة، والوسيط لا بد أن يتبع جماعات إجرامية منظمة تحترف هذا النوع من التجارة، ويتخذ الوسطاء من الدول المصدرة مركزاً لهم بحيث يقومون بإختيار الضحايا محل التجارة ثم يقومون بتسليمهم أو نقلهم الى بلد المقصد الذي يوجد فيه وسطاء آخرون يقومون بمهمة إستلام هؤلاء الأشخاص/السلع والعمل على توزيعهم على الأنشطة غير المشروعة[21].
في حين أن المقصود بتهريب المهاجرين غير الشرعيين هو القيام بنقلهم عبر الحدود، ومن ثم إدخالهم بصورة غير شرعية إلى دولة هم ليسوا من رعاياها ولا يحوزون حق الإقامة فيها، مما يعني أن النقل في هذه الحالة يكون بين الدول، أما الإتجار بالأشخاص فيمكن أن يكون بين الدول وفي داخل الدولة الواحدة، أضف الى أن الإتجار بالأشخاص يمر بثلاث مراحل: أولها إختطاف الشخص أو إستقطابه، ثانيهما نقل الشخص من مكان الى آخر، وثالثهما إستثمار هذا الشخص عن طريق تبييض الأرباح.[22]
وبالرجوع الى وقائع القرار، يتبيّن لنا أن المدعى عليه السوري "أنس" قد بلغه أن مواطنته السورية المدعوة دعاء قد تمكنت من الهرب بطريقة غير شرعية من سوريا وقد وصلت الى هولندا، وأنه تمكن من التواصل معها والحصول على رقم المهرب الذي تكفل بتهريبها، وأنه ووالدته قد تواصلا معه وإتفقوا على دفع مبلغ 6500 د.أ نظير تهريبهم من سوريا الى لبنان عبر معبر العريضة الحدودي، ومن هناك عبر البحر إلى إيطاليا.
في الحقيقة، ورغم أن المدعى عليه قد تواصل بإرادته مع المهرب، إلا أن هذا الأخير قد إستغل ضعفه ورغبته بالهرب من جحيم الحرب لا سيما وان السفر هو ملاذه الوحيد، وطلب منه مبلغ 6500 د.أ -وهو مبلغ غير قليل خاصة في الظروف الإقتصادية التي تمر فيها سوريا والتي تترافق مع فارق كبير في سعر الصرف بين العملة الوطنية والدولار الأمريكي- وذلك نظير إيصاله الى بلد آمن، وهذا بالفعل ما ينطبق على الإستغلال بالمعنى المذكور في الفقرة الأولى من المادة 586 (1) عقوبات.
أما فيما يتعلّق بالمدعى عليها السورية "أنفال"، فقد تولدت في ذهنها فكرة السفر غير الشرعي عبر البحر بعد أن بلغها أخبار قريبتها التي تمكنت من الهرب عبر البحر والوصول الى هولندا، وأنها قد إستحصلت بمعاونة زوجها على رقم هاتف المهرّب الذي ساعد قريبتها وطلبا منه السفر الى إيطاليا بشكل غير شرعي، فوافق وطلب منهما مبلغ 6500 د.أ، وبعد الإتفاق على المبلغ توجهت بناءً لتعليمات المهرب الى كاراج حمص حيث قابلها شخص من جهة المهرب وقام بنقلها الى الحدود اللبنانية السورية، ثم عبر النهر الفاصل بين البلدين، وتمّ نقلها من قبل مهربين إلى منزل في وادي خالد ، حيث ظلّت فيه لمدة ساعة، ومن بعدها تمّ نقلها إلى منزل آخر، حتى وصل شخصان من جهة المهرب ليقوما بنقلها الى الطريق البحرية بالقرب من مخفر العريضة.
يتبيّن لدينا أن أنفال قد تواصلت بإرادتها مع المهربين الذين قاموا بنقلها الى منزل في وادي خالد ثم الى منزل آخر، فإن هذا الأمر ورغم انه لا يتعلّق بتأمين مأوى لغرض الإستغلال وفقاً للمعنى المذكور في الفقرة الأخيرة[23] من المادة 586 (1) والتي تشترط أن يكون المجني عليه قاصراً ودون الثامنة عشرة من العمر، إلا ان المهرب قد إستغل ضعفها وحاجتها للسفر والهرب من سوريا لقاء اللحصول منها على مبلغ 6500 د.أ له، هو مبلغ كبير بالمقارنة مع الظروف الإقتصادية التي تعيشها سوريا، فضلاً عن الفارق الكبير في سعر الصرف بين الليرة السورية والدولار الأمريكي، وهذا ما ينطبق بالتالي على الإستغلال بالمعنى المذكور في الفقرة الأولى من المادة 586 (1) عقوبات.
أما فيما يتعلّق بالمدعى عليها السورية "فاطمة"، فقد تبيّن أيضاً أنها علمت بسفر قريبتها الى هولندا بطريقة غير شرعية وأنها تنوي السفر بطريقة مماثلة، وأنها ارادت مرافقة المدعى عليهما السوريان أنس وأنفال، وأنها تواصلت مع المهرب الذي طلب منها مبلغ 6500 د.أ وأنها وافقت على الدفع، وقد دفعت فعلاً، وذهبت برفقت مواطنيها الى كاراج حمص حيث التقت بشخص موفد من قبل المهرب حيث أوصلها الى الحدود اللبنانية السورية، كما أدلت أن غايتها من دخول لبنان هو الهجرة غير الشرعية إلى إيطاليا.
إنطلاقاً من هذه الوقائع، ورغم ان رغبة المدعى عليها هو الهجرة غير الشرعية، إلا أن المهرب قد إستغل ضعفها وحاجتها للسفر، وهذا ما ينطبق على الفقرة الأولى من المادة 586 (1) عقوبات.
ومما لا شك فيه أن هناك إرتباطاً وثيقاً بين حقوق الإنسان ومشكلة الإتجار بالأشخاص، فكافة مظاهر الإتجار بالأشخاص هي مظاهر للإعتداء على حق من حقوق الإنسان وحرياته[24]، فالهروب من الكوارث والفرار من الفقر والتمسّك بالوعود الكاذبة بالعمل والثراء تجعل من الناس ضحايا للإتجار بالأشخاص[25]، مع الإشارة الى أن الحروب تُعدّ من أبرز الأسباب التي تزيد من الظاهرة، لا سيما من ناحية تشريد الأسرودفع أفرادها للدخول في عالم تجارة الرقيق والجنس والبحث عن العمل المهين بأبخس الأثمان خارج الوطن فراراص من القتل والموت[26].
وسنداً لما سبق، فإن جرم الإتجار بالأشخاص هو من الجرائم العمدية التي يتوفر فيها القصد الجنائي لدى الفاعل والقائم على العلم والإرادة فضلاً عن القصد الجنائي الخاص الذي يتمثل في الإستغلال للإستفادة من ضعف الأشخاص-الذين يفرون عادةً من بلادهم بسبب الحروب والوضاع الإقتصادية الصعبة- فقد تمثل بإستغلال حاجة المدعى عليهم للسفر والهرب من جحيم الحرب، حتى ولو كان السفر بطريقة غير شرعية وذلك للوصول الى بلد آمن، هذا بالإضافة إلى أن المشرع اللبناني قد حدد مفهوم الإستغلال بأنها إرغام شخص على الإشتراك بأفعال يُعاقب عليها القانون، ورغم أن المصطلح يُعتبر واسعاً ولا يُمكن حصره بمعنى واحد، إلا أننا في الوقت ذاته نرى أن المشرع قد إستخدم عبارة ذات معنى فضفاض لتشمل أفعالاً لم يُشر إليها القانون، خاصةً وأن طرق وأساليب الإتجار بالأشخاص في تطور مستمر، مما يعني أن هذه العبارة واقعة تحت سلطة تقدير القاضي ليحدد في ضوء القضية ما إذا كانت تتضمن إتجاراً بالبشر أم لا، أضف الى أن العنصر المادي المتمثّل بالإستغلال يكون متوفراً لا سيما من خلال الفقرة الأولى من المادة 586 (1) عقوبات لناحية إجتذاب شخص أو نقله أو إستقباله أو إحتجازه أو إيجاد مأوى له.
لذلك، فنحن نرى في ضوء المعطيات السابقة وما هو ثابت في القضية مدى الإختلاف بين الإتجار بالأشخاص بالمعنى المذكور في القانون رقم 164/2011 تاريخ 24/08/2011 وبين تهريب الأشخاص والقيام بنقلهم بطريقة غير مشروعة، وأن قاضي التحقيق العسكري قد أصاب من ناحية إعتبار فعل المهربين بمثابة إتجار بالأشخاص وفقاً للمعنى الذي بينته المادة 586(1) من قانون العقوبات لا سيما الفقرة الأولى منها.
- فيما يتعلّق بالظن بالمدعى عليهم السوريين بمقتضى المادة 32 أجانب:
تبيّن لنا من خلال التحقيقات الأولية مع المدعى عليهم السوريين أنهم يرغبون بالسفر غير الشرعي الى إيطاليا، وأنهم لهذه الغاية قد إتفقوا مع أحد المهربين على إخراجهم من سوريا ونقلهم الى لبنان تمهيداً للسفر عبر البحر، وبالفعل فقد تطابقت أقوال المدعى عليهم لهذه الغاية، لا سيما لجهة إعتبار الأراضي اللبنانية بمثابة ممر لهم.
وقد تناول القانون اللبناني مسألة الدخول الى لبنان عبر الحدود من خلال قانون الدخول الى لبنان والخروج منه والإقامة فيه[27] في 40 مادة، مع الإشارة الى أن كل شخص لا يحمل الجنسية اللبنانية سيخضع حكماً لأحكام هذا القانون.
في الواقع، يُعدّ أجنبياً كل شخص طبيعي من غير التابعية اللبنانية[28]، وحتى يتمكن الأجنبي من الدخول الى الأراضي اللبنانية لا بد من أن يستحصل على سمة مرور أو إقامة أو بطاقة إقامة للتجول في لبنان على أن يتمّ ذلك من خلال السلطات المحلية الممثلة بالأمن العام اللبناني وعبر المعابر الشرعية، وكما أن الدخول الى لبنان لا يصح أن يكون إلا عبر سمة دخول، وكذلك الخروج منه لا يصح أن يتمّ إلا عن طريق مراكز الأمن العام اللبناني وفقاً للمادة 16 من قانون الأجانب.
وبالرجوع الى الوقائع يتبيّن لنا أن السوريين الثلاثة قد عزموا على السفر الى إيطاليا عبر البحر وذلك من خلال الدخول الى لبنان عبر المنافذ غير الشرعية ومن ثم المغادرة بحراً، وقد أدلت المدعى عليهما أنفال وفاطمة أن غايتهما من دخول لبنان هو الهجرة غير الشرعية إلى إيطاليا، ولم يتبيّن لنا في الوقائع أن السوريين الثلاث قد دخلوا عبر منافذ الأمن العام الشرعية الى لبنان، مما يعني أنهم قد خالفوا الفقرة الأولى من المادة السادسة من قانون الأجانب[29]، كما أن محاولتهم مغادرة لبنان عن غير طريق الأمن العام فيه مخالفة للفقرة الأولى من المادة 16 أجانب[30]، وعليه يكون قرار قاضي التحقيق العسكري بمعاقبتهم سنداً للمادة 32 أجانب واقعاً في محلّه القانوني.
أما في الجانب المتعلّق بالإجراءات التي يُمكن للأمن العام اللبناني أن يتخذها[31] في مواجهة السوريين الذين يدخلون الى الأراضي اللبنانية خلسة فهي الترحيل والقيام بتسليمهم الى السلطات السورية وإتخاذ القرار بمنعهم من الدخول الى الأراضي اللبنانية لمدة سنة قابلة للزيادة في حالة التكرار، وذلك على الشكل التالي:
للمرة الأولى : لمدة سنة
للمرة الثانية: لمدة خمس سنوات.
للمرة الثالثة: لمدة عشر سنوات.
الخاتمة
تبين لدينا من خلال هذه الدراسة مدى التداخل بين جرم الإتجار بالأشخاص وجرم تهريب المهاجرين بصورة غير شرعية، لا سيما وأن الخلط بين المصطلحين سيخلق دون شك إشكالية قانونية قد تحرم ضحايا الإتجار بالأشخاص من الحصول على الحماية المقررة لهم بمقتضى القانون، فضلاً عن إمكان تعرضهم للإستغلال مجدداً
إنطلاقاً من هنا، يُمكن لنا أن نحدد النتائج التي تم التوصل إليها في هذه الدراسة بالنقاط التالية:
- الإتجار بالبشر يُمكن أن يكون من بلد إلى آخر، أو حتى في داخل البلد الواحد، في حين أن تهريب الأشخاص لا يكون الى من بلد إلى آخر.
- في جرم الإتجار بالأشخاص عادةً ما يحصل الوسيط على الأموال من طرف ثالث نتيجة عمل الضحية أو إستغلالها في أعمال غير مشروعة، في حين أن المهرب في جرم تهريب المهاجرين يحصل على المال بشكل مباشر من المهاجرين.
- في جرم الإتجار بالأشخاص هناك ضحية تتمتع بالحماية القانونية وهي لا تُسأل جزائياً، أما في جرم تهريب المهاجرين فما من ضحية، وإنما هناك مهاجر إرتضى على نفسه وعلى عائلته التنقل والسفر غير الشرعي، ورغم إنه لا يُسأل جزائياً، إلا أن الأمن العام سيتخذ في مواجهته بعض الإجراءات كالترحيل والتسليم الى السلطات السورية فضلاً عن المنع من دخول الأراضي اللبنانية لمدة يحددها القضاء الناظر في الدعوى أو الأمن العام.
- في جرم الإتجار بالأشخاص تستمر الجريمة في كل مرة يتم فيها إستغلال الضحية وتشغيلها بأعمال غير مشروعة، أما في جرم تهريب المهاجرين فإن العلاقة بين المهرب والمهاجر تنتهي بمجرد الوصول الى المكان المنشود وحصول المهرب على أمواله.
إنطلاقاً من هذه النتائج نوصي بما يلي:
- ندعو المشرع اللبناني الى تشديد العقوبات على الأفراد والجماعات والعصابات التي تقوم بالمتاجرة بالأشخاص سواء من ناحية إجتذاب الأشخاص أو نقلهم أو إيوائهم.
- نوصي المشرع اللبناني بضبط المصطلحات الخاصة بالإتجار بالأشخاص نظراً للتداخل بين مفهوم الإتجار بالأشخاص وبين مفهوم تهريبهم، وذلك لتمكين ضحايا الإتجار بالأشخاص من الحصول على الحماية المقررة لهم بمقتضى القانون.
- ندعو المجتمع الدولي الى التعاون وتبادل المعلومات المتعلقة بالإتجار بالأشخاص وذلك من أجل مكافحة الإتجار بالبشر على أوسع نطاق.
المراجع:
- أكمل يوسف السعيد يوسف، الحماية الجنائية للأطفال من الإستغلال الجنسي، دار الجامعة الجديدة، الإسكندرية، 2014.
- آيات محمد سعود، فاعلية النظام القانوني الدولي في مكافحة الإتجار بالنساء والأطفال، الطبعة الأولى، المركز القومي للإصدارات القانونية، القاهرة، 2019.
- حامد سيد محمد حامد، الإتجار بالبشر كجريمة منظمة عابرة للحدود بين الأسباب، التداعيات، الرؤى الإستراتيجية، المركز القومي للإصدارات القانونية، الطبعة الأولى، 2013.
- فايز محمد حسين محمد، حقوق الإنسان ومكافحة جرائم الإتجار بالأشخاص، دراسة في القانون المقارن، دار المطبوعات الجامعية، الإسكندرية، 2014.
- فيصل مكي، الإتجار بالأشخاص، مجلة العدل، العدد 2، 2014.
- عبد الحافظ عبد الهادي عبد الحميد، الآثار الإقتصادية والإجتماعية لظاهرة الإتجار بالأشخاص، الطبعة الأولى، جامعة نايف العربية للعلوم الأمنية، الرياض، 2004.
- عبد العزيز مندوه أبو حزيمة، الإستغلال الجنسي والجسدي للأطفال، دراسة مقارنة بين الفقه الإسلامي والقانون الدولي العام، دار الفكر الجامعي، الإسكندرية، 2019.
- عبد القادر الشيخلي، جرائم الإتجار بالأشخاص والأعضاء البشرية وعقوباتها في الشريعة والقوانين العربية والقانون الدولي، الطبعة الأولى، منشورات الحلبي الحقوقية، 2009 .
- عبد الله عبد المنعم حسن علي، السياسة الجنائية في مواجهة جرائم الإتجار بالأشخاص، دراسة تحليلية مقارنة، الطبعة الأولى، دار النهضة العربية، القاهرة، 2017.
- محمد الشناوي، إستراتيجية مكافحة الإتجار في البشر، المركز القومي للإصدارات القانونية، الطبعة الأولى، 2014.
- https://www.general-security.gov.lb
- https://www.ohchr.org
- https://lb.usembassy.gov
[1] - تعود صلاحية النظر في هذه القضية لقاضي التحقيق العسكري نظراً لكون أحد الموقوفين عسكرياً، وذلك سنداً للمادة ٢٧ البندين ١ و ٦من القانون رقم 24/1968 المتعلق بالقضاء العسكري، الجريدة الرسمية عدد 34 تاريخ 25/04/1968.
[2] - القانون رقم 164/2011 تاريخ 24/08/2011 المتعلق بمعاقبة الإتجار بالأشخاص، الجريدة الرسمية عدد 40، تاريخ 01/09/2011.
[3] - وثيقة الأمم المتحدة A/RES/55/25 التي أعتمدت وعُرضت للتوقيع والتصديق والإنضمام بموجب قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة 25 الدورة الخامسة والخمسون المؤرخ في 15 تشرين الثاني/ نوفمبر 2000.
[4] - نصت المادة 655 من قانون العقوبات اللبناني على جريمة الإحتيال، وذلك على إعتبار أن هذا الجرم يعني الإحتيال للحصول على نفع ما عبر إختلاق الأكاذيب لحمل شخص على السفر، أو لتوجيه مسافر الى بلد غير البلد الذي كان يقصده، علماً أن العقوبة التي قررها المشرع على إرتكاب الجرم تُطبق أيضاً على المحاولة.
[5] - الجريمة المنظمة هي الجريمة التي تقوم بها عصابات احترفت الإجرام، وجعلت الجريمة محور نشاطها ومصدر دخلها، بحيث تمارس هذه العصابات أنشطتها الإجرامية مستهدفة توليد تدفقات نقدية ضخمة وسريعة الحركة تقبل التنقل عبر وسائط متعددة ومختلفة بعضها تقليدي وبعضها الآخر مبتكر، وإن كانت في النهاية جميعها مخالفة للقانون والأخلاق والقيم الإنسانية: محمد الشناوي، إستراتيجية مكافحة الإتجار في البشر، المركز القومي للإصدارات القانونية، الطبعة الأولى، 2014، ص. 21.
[6] - المادة الثالثة من إتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الجريمة المنظمة عبر الوطنية.
[7] - رغم التسمية الرسمية لهذا القانون بأنه إتجار بالأشخاص، إلا أن هناك مصطلحاً مرادفاً هو "الإتجار بالأشخاص" وهما يرمزان الى المعنى ذاته، لذلك وللتوضيح، فسنقوم خلال دراستنا هذه بإستخدام المصطلح الأول "الإتجار بالأشخاص".
[8] - فالأطفال أيضاً يُمكن أن يكونوا عرضة لجرائم الإتجار بالأشخاص، ويتميّز الإتجار بالأطفال عن تهريبهم بتوافر عنصر الخداع والقوة أو الإكراه. وبعكس التهريب، فإن الإتجار بالأطفال قد يحدث داخل حدود الدولة أو خارجها، وهو يختلف عن التهريب في وجهين هي: الإستغلال والطابع غير الوطني: أكمل يوسف السعيد يوسف، الحماية الجنائية للأطفال من الإستغلال الجنسي، دار الجامعة الجديدة، الإسكندرية، 2014، ص. 195-196.
[9] - عبد الله عبد المنعم حسن علي، السياسة الجنائية في مواجهة جرائم الإتجار بالأشخاص، دراسة تحليلية مقارنة، الطبعة الأولى، دار النهضة العربية، القاهرة، 2017، ص. 28 وما يليها.
[11] - الفقرة (أ) و (ب) من المادة الثالثة من بروتوكول مكافحة تهريب المهاجرين عن طريق البر والبحر والجو المكمل لإتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الجريمة المنظمة عبر الوطنية لعام 2000، وقد دخل بروتوكول التهريب حيز التنفيذ في 28 يناير 2004: الأمم المتحدة، مكتب المفوض السامي لحقوق الإنسان. https://www.ohchr.org
[12] - القانون رقم 681/2005 تاريخ 24/08/2005، الجريدة الرسمية العدد 37 تاريخ 27/08/2005.
[13] - فنظام العبودية والرق يتعارض مع المبادئ التي جاء بها الإسلام نظراً لكونه نظام يذلّ الإنسان ويمتهن كرامته الإنسانية، فعالج الإسلام بمبادئه وأحكامه المصدر الخارجي للرّق الناجم عن الحروب وذلك إما بالترك أو الفداء: عبد الحافظ عبد الهادي عبد الحميد، الآثار الإقتصادية والإجتماعية لظاهرة الإتجار بالأشخاص، الطبعة الأولى، جامعة نايف العربية للعلوم الأمنية، الرياض، 2004، ص. 348، وهذا ما تؤكدّ عليه الآية الكريمة: (فَإِمَّا مَنًّا بَعْدُ وَإِمَّا فِدَاءً حَتَّىٰ تَضَعَ الْحَرْبُ أَوْزَارَهَا): سورة محمد الآية 4.
[14] - سورة الإسراء، الآية 70.
[15] - عبد الله عبد المنعم حسن علي، السياسة الجنائية في مواجهة جرائم الإتجار بالأشخاص، مرجع سابق، ص. 43-44.
[16] - آيات محمد سعود، فاعلية النظام القانوني الدولي في مكافحة الإتجار بالنساء والأطفال، الطبعة الأولى، المركز القومي للإصدارات القانونية، القاهرة، 2019، ص. 76.
[17] - حامد سيد محمد حامد، الإتجار بالبشر كجريمة منظمة عابرة للحدود بين الأسباب، التداعيات، الرؤى الإستراتيجية، المركز القومي للإصدارات القانونية، الطبعة الأولى، 2013، ص. 16.
[18] - قد يكون الإستغلال جسدياً أو جنسياً، وقد عرّفت الأمم المتحدة الإستغلال الجنسي بأنه" أيّ إساءة إستغلال فعلية، أو محاولة إساءة إستغلال لحالة ضعف، أو لتفاوت في النفوذ أو للثقة من أجل تحقيق مآرب جنسية، مما يشمل على سبيل المثال لا الحصر تحقيق كسب مالي أو إجتماعي أو سياسي من الإستغلال لطرف آخر: الأمم المتحدة، الأمانة العامة، نشرة الأمين العام المتعلقة بتدابير خاصة للحماية من الإستغلال والإنتهاك الجنسي، ST/SGB/2003/13- 9 أكتوبر 2003.
[19] - تُعدّ تجارة الأعضاء البشرية من أبشع الجرائم ضد الإنسانية، فهي عمل لا أخلاقي قد إنتشر بكثرة في الآونة الأخيرة، لا سيما الإتجار بأعضاء الأطفال، ذلك عن طريق إختطافهم ونزع أعضاءهم عن طريق عصابات متخصصة في سرقة الأعضاء البشرية تصطاد ضحاياها من أطفال الشوارع الفقراء بمساعدة بعض المستشفيات والمعامل الخاصة بعد إغراء الضحايا بالأموال، وقد تورط فيها وسطاء وسماسرة شكلوا معاً عصابات للجريمة المنظمة تمارس عملها في الخفاء بعيداً عن رقابة السلطات وترتبط بعلاقات مشبوهة مع منظمات دولية يمتد نشاطها بين الدول الفقيرة والدول التي تواجه إضطرابات داخلية وحروب أهلية وفي الأماكن التي يكثر فيها اللجوء والهجرة غير الشرعية: عبد العزيز مندوه أبو حزيمة، الإستغلال الجنسي والجسدي للأطفال، دراسة مقارنة بين الفقه الإسلامي والقانون الدولي العام، دار الفكر الجامعي، الإسكندرية، 2019، ص. 340-341.
[21] - عبد الله عبد المنعم حسن علي، السياسة الجنائية في مواجهة جرائم الإتجار بالأشخاص، مرجع سابق، ص. 34.
[22] - فيصل مكي، الإتجار بالأشخاص، مجلة العدل، العدد 2، 2014، ص. 596.
[23] - نصّت الفقرة الأخيرة من المادة 586 (1) على ما يلي :" ويُعتبر إجتذاب المجني عليه أو نقله أو إستقباله أو إحتجازه أو تقديم المأوى له لغرض الإستغلال لمن هم دون سن الثامنة عشرة إتجاراً بالأشخاص حتى في حال لم يترافق ذلك مع إستعمال أيّ من الوسائل المبينة في الفقرة (1) (ب) من هذه المادة".
[24] - فايز محمد حسين محمد، حقوق الإنسان ومكافحة جرائم الإتجار بالأشخاص، دراسة في القانون المقارن، دار المطبوعات الجامعية، الإسكندرية، 2014، ص. 216.
[25] - حامد سيد محمد حامد، الإتجار بالبشر كجريمة منظمة عابرة للحدود بين الأسباب، التداعيات، الرؤى الإستراتيجية،مرجع سابق، ص. 28.
[26] - عبد القادر الشيخلي، جرائم الإتجار بالأشخاص والأعضاء البشرية وعقوباتها في الشريعة والقوانين العربية والقانون الدولي، الطبعة الأولى، منشورات الحلبي الحقوقية، 2009، ص. 89.
[27] - القانون رقم 0 تاريخ 10/07/1962، المتعلق بالدخول الى لبنان والخروج منه والإقامة فيه، الجريدة الرسمية عدد 28 تاريخ 11/07/1962.
[28] - المادة الأولى من القانون المتعلق بالدخول الى لبنان والخروج منه والإقامة فيه.
[29] - نصّت الفقرة الأولى المادة 6 من القانون المتعلق بالدخول الى لبنان والخروج منه والإقامة فيه على أنه: "لا يجوز لغير اللبناني الدخول الى لبنان الا عن طريق مراكز الامن العام وشرط ان يكون مزودا بالوثائق والسمات القانونية وان يكون حاملا وثيقة سفر مرسومة بسمة مرور او بسمة اقامة من ممثل لبنان في الخارج أو من المرجع المكلف رعاية مصالح اللبنانيين او من الامن العام.
[30] - نصّت الفقرة الأولى المادة 16 من القانون المتعلق بالدخول الى لبنان والخروج منه والإقامة فيه على أنه "لا يجوز مغادرة الاراضي اللبنانية الا عن طريق مراكز الامن العام.."