ترجم هذا الموقع إلى
بدعم من غوغيل
تنفيذ
للحصول على ترجمة "صادر" القانونية أو أي استفسار info@saderlegal.com

|

{{title}}

لم يتم العثور على المحتوى

الإستملاك لسبب المنفعة العامة


الإستملاك لسبب المنفعة العامة

{{subject.Description}}

- مقال تم نشره سابقًا في مجلة العدل لعام ٢٠٢٢ التي تصدر عن نقابة المحامين في بيروت، العدد الرابع منها في قسم الدراسات،  من ص. ١٢١١ الى ١٢٣٩ ضمناً [*]  

الإستملاك لسبب المنفعة العامّة، يشكّل إجراء تُقدِم عليه الدولة أو الإدارات العامّة أو من يمثّلها، سواء بناء لطلب خاص منها أو بناء على طلب جهات أخرى ليس لها الصفّة للتقدّم به مباشرةً، وذلك بهدف تنفيذ مشروع أو الإحتياط لأمر(صحّيّ، أمنيّ، ثقافي،...)، يحقّق منفعة عامّة يصدر بموجب مرسوم عن مجلس الوزراء. هذه الأعمال التحضيريّة للملف الإداري الذي قد يكون في المرحلة الأولى بعيداً عن مسامع مَن سيطالهم الإستملاك في ملكيّتهم أو يقيّد حقوقهم وحريتهم، إلّا أنّه بمجرّد وصول إليهم خبر الإستملاك المرتقب، يجعلهم بحالة تنبّه دائمة En état d’alerte permanente، يسبّب لهم أحياناً نوع من الأرق Anxiété، بالرغم من أنّ الدستور  والمـواثيق الدولية والقـوانين تضمن لصاحب الحقّ الحصول على التعويض العادل قبل نزع الملكيّة، هذا عدا الحقّ في المطالبة أمام القضاء الإداري في إبطال المرسوم إذا توفّرت الأسباب، كما دون أن ننسى حالات الإستملاك غير المباشرة التي تشكّل تعدّياً أو إستيلاءً على الملكيّة لعدم مراعاة الأصول القانونية.

ولكن، بمعزل عن الحالة الذاتيَة وعلى أهميّتها التي قد يعيشها الفرد مع أصداء الإستملاك، تبقى مصلحة المجتمع فوق كلّ إعتبار، وهذا رهن بوجود الثقة التّامّة بين الفرد أو المواطن من جهة والإدارة بمن يتولّى المسؤولية فيها من جهة أخرى، لناحية  الجدوى من المشاريع التي سوف يتمّ الإستملاك بهدف تحقيقها، وعمّا إذا كانت مشبعة درساً بالإستناد إلى معايير علميّة ثابتة بعيداً عن أي معطى آخر.

ونظراً لأهميّة، الإستملاك كحالة مستمرّة رافقت وتـرافق المجتمعات من مئات السنين وما زالت، إرتأينا أنّه من المفيد عرض موضوع الإستملاك لسبب المنفعة العامّة بحالتيه المباشرة وغير المباشرة آخذين في عين الإعتبار مراعاة معايير منهجيّة المقال العلميّة، من خلال تحديد إطاره ضمن مرحلتين، إداريّة La phase administrative  وقضائية La phase judiciaire.  

 

المقدّمة:

إنَّ فكرة الإستملاك ترتبط بالحالة التي تتطلبها المصلحة العامة في المجتمع لتملّك الإدارة طالبة الإستملاك ملكيّة Propriété. وهذه الملكيّة لا يقصد بها بالطبع فقط العقارية على النحو الذي حدّده المشرّع اللبناني في قانون الإستملاك رقم 58 والصادر في تاريخ 29/5/1991 بمقتضى المادة الأولى منه، والتي أشار في متنها إلى إستملاك العقارات والحقوق في الفضاء أو في باطن العقار، بالإضافة إلى الحقوق العينيّة.([1]) علماً أنّ المادّة 15 من الدستور اللبناني الصادر في تاريخ 23/5/1926، نصّت حرفيّاً أنَّ، «الملكية في حمى القانون فلا يجوز أن ينزع عن أحد ملكه إلّا لأسباب المنفعة العامة في الأحوال المنصوص عليها في القانون وبعد تعويضه تعويضاً عادلاً»، كما المادة 17 من إعلان حقوق الإنسان والمواطن في فرنسا 1789 والمادة 545 من القانون المدني الفرنسي.([2])

هذا ما يفيد أنّ هناك حقوق غير العقار والحقوق العينية، من ملكيّة أو حقوق أخرى قد تكون منقولة([3]) أو غير منقولة ، سواءً بطبيعتها أو بالتخصيص تعود ملكيّتها للأفراد أو لأشخاص من القانون الخاص أو العام، كالملكيّة الخاصّة للإدارة Domaine privé. أمّا الملكية العامّة Domaine public لا يمكن إستملاكها، بل قد يتمّ تغيير وجهة إستعمالها لمنفعة عامّة أخرى عن طريق ما يعرف، تغيير التخصيص Changement d’affectation ([4])، وذلك بشرط لا غنى عنه condition sine qua non تحقيق المنفعة العامة الحقيقية والملموسة، (طريق، مطار، حديقة، معمل، سَدّ يجمع مياه إلخ)، على أنَّ نقل الملكيّة من جراء الإستملاك يتم بعد تعويض صاحب الحقّ تعويضاً عادلاً وفقاً للأصول وبالإستناد إلى إجراءات إدارية وقضائية منصوص عنهما قانوناً. 

وفي هذا الخصوص، لا بدّ أن نستبعد من إجراءات الإستملاك، فكرة عقد التفرّغ  Un contrat de cession، نظراً لعدم وجود تفرّغ من قبل صاحب الحق بإرادته المنفردة عن ملكيّته، وإن كان أحياناً كثيرة، تتوفر حالة من التناغم بين طالب الإستملاك L’expropriant والمستملَك منه L’exproprié، لجهة تأييد المشروع المطلوب الإستملاك من أجله أو حتّى عندما تجيز أحياناً بعض القوانين الخاصّة حالة نقل الملكيّة مباشرة بين المالك والإدارة طالبة الإستملاك، عن طريق ما كان يعرف بالمصالحات أو التفرّغ الحبّي Cession amiable. ما نقوله لهذه الجهة يجد أساسه من خلال طبيعة الإستملاك، الذي يعود أصل كلمة إستملاك إلى فعل إنتزع  Exproprier أي نزع الملكيّة قانوناً.([5])

وعلى هذا الأساس، سلكت الإستملاكات في لبنان مسارها بالإستناد إلى القوانين المعمول بها في كلّ فترة زمنيّة. وبالفعل، يومَ كان لبنان خاضع لسلطة الإمبراطورية العثمانيّة Empire Ottoman، تمّ تطبيق أحكام، مجلّة الأحكام العدلية Code Civil Ottoman  الصادرة بدءاً من عام 1286 ه. أي 1869 م.، بالإضافة إلى قوانين الإستملاك التي كان معمول بها في حينه، وذلك على النحو الذي نصت عليه المادة 1216مجلة ([6]). ومن هذه القوانين، قانون الأبنية العثماني، قانون التصرّف مؤقّتاً  بالأراضي للمنفعة العامة إلخ، هذا عدا وجود عدّة قرارات صادرة عن السلطات الفرنسية في عهد الإنتداب وإلى حين صدور أوّل مرسوم إشتراعي رقم 45/ل.ر. في تاريخ 13/10/1932 عن رئيس الجمهورية اللبنانية - رئيس الحكومة شارل دبّاس وتصديق المفوّض السامي والمتعلّق في الإستملاك لأجل المصلحة العامة وما تلاه من تعديلات ومراسيم.

ولكن الأمر اللافت، أنّ أول قانون إستملاك بعد الإستقلال، صدر في تاريخ 30/11/1954 بموجب المرسوم الإشتراعي رقم 4 والذي ألغى في المادّة 80 منه جميع النصوص المخالفة له أو التي لا تتفق مع مضمونه، وما تلاه من تعديلات إلى حين صدور قانون الإستملاك رقم 58 في تاريخ 29/5/1991 وتعديلاته المعمول به حتّى تاريخه. هذا الواقع، يجعل من الإستملاك، بحالة من التطوّر والتعديل الدائم في القوانين، وإن كان ما يجمعها من قاسم مشترك والمرتبط بسبب المنفعة العامّة.

إذاً، الإستملاك عِلم له أسسه التي يجب أن يرتكز عليها حتى يحقّق الغاية التي من أجلها يتمّ إقراره. وتالياً، يقتضي مراعاة الأحكام الإلزامية المنصوص عليها قانوناً بدءاً من تحضير الإدارة طالبة الإستملاك للملف الإداري للمشروع الذي من أجله سوف تَطْلُب ويُقرَّر الإستملاك، بحيث تكون على بيّنة من طبيعة الإستملاك الذي سوف تسلكه وضرورة مراعاته للأصول القانونية المطلوبة لإقراره، كما إحالته إلى لجان الإستملاك المختصّة لتقرير التعويض ومن ثمّ إيداعه ووضع اليد وتبعاً نقل الملكيّة. إن كنّا نشدّد على هذه الأصول، نظراً لأنّ أيَّة مخالفة في هذه الإجراءات والتسرّع في وضع اليد أو إشغال أملاك الغير، سوف يشكّل عملاً غير مشروعٍ، ويرتّب المسؤولية. إنَّ مسار الإستملاك القانوني، يجب أن يرتكز على خريطة مفصّلة وهادفة، يقتضي الإلتزام بها، وعلى هذا الأساس سنتناول في المقال الرّاهن، الإستملاك لسبب المنفعة العامّة، من خلال عرض المرحلة الإدارية Phase administrative في (القسم الأوّل) ومن ثمّ المرحلة القضائية Phase judiciaire في (القسم الثاني).

القسم الأوّل - المرحلة الإدارية:

إنّ طبيعة الإستملاك La nature de l’expropriation  مرتبطة بشكل مباشر بالآليةMécanisme  والعملية الإدارية التي على أساسها، تُقْدِمْ الإدارة على إستملاك الملكيّة لسبب المنفعة العامّة ونقل الملكيّة بعد التعويض([7])، وذلك بشكل مراعٍ لما نصّت عليه المادّة 15 من الدستور اللبناني الآنفة الذكر. كما أنّ المادة 17 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان الصادر عن الجمعية العامة للأمم المتحدّة في تاريخ 10/12/1948، نصّت على أنّه،« لا يجوز تجريد أحد من ملكه تعسّفاً ». وفي هذا المعنى، نصّت المادّة الأولى من قانون الإستملاك بأنّه، « لا يجوز أن ينزع عن أحد ملكه إلّا لأسباب المنفعة العامة وبعد تعويضه منه تعويضاً عادلاً وفقاً لأحكام هذا القانون. »

ما يعني، أنّ الحرص التشريعي واضح على عدم إمكانية إنتزاع الملكية إلّا لأسباب المنفعة العامة وبعد تعويض صاحب الحق تعويضاً عادلاً. في حين، يتبيّن أن عدم تحديد قانون الإستملاك لماهية المنفعة العامة، ترك المجال للقضاء الإداري الذي له سلطة إبطال العمل الإداري غير المتوفّر فيه المنفعة العامة بالإستناد إلى مراجعات إبطال تقدّم له من صاحب صفة ومصلحة لتجاوز الإدارة حدّ السلطة أو تحويرها إلخ. وهذا ما يجعل من المنفعة العامّة قد تختلف أبعادها من إستملاك إلى آخر بالإستناد إلى الوجهة التي تريدها الإدارة طالبة الإستملاك تحقيقاً للمصلحة العامّة، البعيدة بالطبع عن أيّة مصلحة خاصة لأحد.

إذاً، في المرحلة الإداريّة ينصب عمل الجهة طالبة الإستملاك على تحضير ملف المشروع المنوي طلب الإستملاك لتحقيقه، من خلال إعلان المنفعة العامّة وإقراره بموجب مرسوم حتّى يسلك الأصول القانونيّة التي ترعى لاحقاً المباشرة في عملية الإستملاك وتوفير الضمانة لأصحاب الحقوق. أمّا في حال تمّ نزع الملكية بشكل غير مراعٍ للأحكام القانونية، يجعل من فعل الإدارة أو تنفيذ تدبيرها يندرج تحت خانة التعدي والإستيلاء على الحقوق والملكية، ما يرتّب المسؤولية عليها ويفقدها نوعاً من إمتيازاتها ويخضعها للمحاكمة كالأفراد أمام القضاء المدني - العدلي.

وعليه، يتبيّن أنّ سلوك الإدارة في نزع الملكية قد يتم إمّا من خلال مراعاتها للأصول المفروضة قانوناً، وإمّا عدم إحترامها هذه الأصول والإجراءات، مع ما يترتّب على عملها من نتائج قانونية مختلفة ، وهذا ما سنعرضه من خلال التكلّم عن الإستملاك المباشر في (المبحث الأوّل ) ومن ثمّ الإستملاك غير المباشر  في ( المبحث الثاني ).

المبحث الأوّل – الإستملاك المباشر:

نعني بالإستملاك المباشر L’expropriation directe أي الإستملاك الذي يتم من قبل طالب الإستملاك أي الإدارة بشكل مراعٍ للأصول القانونية المطلوبة، كالإستملاك العادي Expropriation ordinaire والإستملاك الناشئ عن التخطيط Expropriation résultant des alignements إلخ. إنَّ الأصول التي يجب إحترامها من قبل الإدارة، إستهلّتها المادة 2 من قانون الإستملاك رقم 58/1991 حرفيّاً، « تقرّر المنفعة العامة بمرسوم بناء على إقتراح الوزير المختصّ المبني على طلب الإدارة المعنية أو البلدية أو الهيئة الإختيارية في القرية التي لا بلدية فيها أو المؤسسة العامة وصاحب الإمتياز ويمكن للإدارة العامة والبلديّات إستملاك عقارات لمصلحة أشخاص عينهم القانون».  بينما نصّت المادّة 121 من قانون الإستملاك الفرنسي في الفقرة الأولى منها على حقّ إعلان المنفعة من قبل السلطات المختصّة في الدولة، أمّا هناك حالات محدّدة يتمّ إعلان المنفعة من قبل مجلس شورى الدّولة.([8])

إذاً، من الواضح في لبنان، الإستملاك بمعزل عن الجهة طالبة الإستملاك، يقتضي إقراره بموجب مرسوم. وهذا المرسوم يصدر عن مجلس الوزراء وتوقيع رئيس الجمهورية. وذلك وفقاً لأحكام الفصل الرابع من الدستور اللبناني الذي يتناول السلطة الإجرائية.

 

ولكن، إذا كانت هذه الأصول الشكلية أو حتّى الموضوعية منها، ولا سيما المتعلّقة في مراعاة الإدارة طالبة الإستملاك بشكل أساسي المنفعة العامة، يتوجّب عليها أيضاً، مراعاة كافة الأصول المفروضة في القوانين الأخرى والتي يتطلّبها المشروع المنوي تنفيذه، كحال، إنشاء محطة تحويل كهربائي أو حتّى مشاريع السدود أو طريق عام،بحيث تتطلّب حكماً هذه المراسيم الإستحصال على إبداء رأي البلديات أو حتّى القائمقام في القرى التي لا يوجد فيها بلديّات أو التنظيم المدني أو حتّى مراعاة أحكام قانون البيئة أو الآثار (تقرير تقييم الأثر البيئي)، حتّى لا يتعرّض المرسوم للطعن ووقف التنفيذ ومن ثمّ للإبطال من قبل مجلس شورى الدولة لعلّة وجود هذه العيوب أي المخالفات.([9])

وإذا كنّا نشدّد على ضرورة سلوك إجراءات الإستملاك بشكل قانوني، هو من باب الحرص على عدم الإبقاء إذا جاز التعبير على الفوضى الإدارية Chaos administratif والتي في حالات كثيرة قد يتمكّن القضاء أم لا في وضع حدّ لها، وذلك، بعد أن يكون أصحاب الصفة والمصلحة قد تكبَّدوا مشقَّة الوقت والتكاليف المادّية والمعنويّة.

وعلى ﻛُﻞﱟ، إنَّ إعلان المنفعة العامّة والتي حدّدها قانون الإستملاك رقم 58/91 في الفقرة الأخيرة من المادة الأولى منه، بمصطلح أو كلمة "مرسوم"، فإنّها تتجسّد في الإستملاك المباشر من خلال ما يعرف بالإستملاك العادي الخاضع للأحكام العامّة في قانون الإستملاك، كما الإستملاك الناشئ عن التخطيط الذي يصدّق بمرسوم والذي يخضع مع غيره من الإستملاكات لأحكام خاصّة، وهذا ما سنبيّنه من خلال عرض الإستملاك الخاضع لأحكام عامّة في (النبذة الأولى) ومن ثمَّ التطرّق للإستملاك الخاضع لأحكام خاصّة في (النبذة الثانية).

النبذة الأولى – الإستملاك الخاضع لأحكام عامّة:

إستهلّ قانون الإستملاك رقم 58 والصادر في تاريخ 29/5/1991 في الباب الأوّل منه الأحكام العامّة، وذلك بدءاً من المادّة الأولى منه وحتى المادّة  33 ضمناً. وهذه الأحكام ترعى حالة الإستملاك المباشر العادي، أي الإستملاك الذي يُقرّ المنفعة العامة بشكل مراع للأحكام القانونية، وفقاً للآلية المنصوص عليها في المادة 2 إستملاك، أي أنّ مجلس الوزراء (الدولة) لا يمكنه إقرار مراسيم الإستملاك عفواً، بل بناءً على طلب الإدارات أو جهات محدّدة قانوناً، الذي يبقى له الحق المطلق في إقرار الطلبات أو رفضها.

وهذا يدلّ، أنّه لا يمكن قبول أي إستملاك بناء على طلب شخص خاص طبيعي أو معنوي، وإلّا يكون المرسوم حكماً مستوجباً الإبطال لمخالفته أحكام المادة 2 من قانون الإستملاك([10]). ولكن، طالما الإستملاك هو في حالة من التطوير ويجب أن يتلاءم مع الهدف الدائم في تحقيق المنفعة العامّة، فلا شيء يحول دون أن تتقدّم إدارة رسميّة بناء لطلب جهة خاصّة أو أن تتقدّم هذه الأخيرة مباشرةً في حال كانت صاحبة إمتياز لإتمام إستملاك يعود للمصلحة العامّة.([11])

وتالياً، التشريع يجب أن يبقى مواكباً لهذه الحالات التي قد تتطلّبها مصلحة المجتمع، حتى لا يبقى مقيّداً وأسير النصوص الجامدة. وطالما أنَّ الإستملاك العادي تنظّمه هذه الأحكام العامة التي نصّ عليها قانون الإستملاك، فهذا لا يعني إطلاقاً أنّ أحكام كافّة المراسيم التي تصدر بالإستناد لهذه الأحكام تكون متشابهة، بل قد تختلف من طبيعة أو موضوع مرسوم إلى آخر، سواء المتعلّق بإستملاك عقار (1) أو المرسوم المتعلّق بالآثار (2).

1 – بالنسبة للمرسوم المتعلق بإستملاك عقار:

حدّدت المادة 3 من قانون الإستملاك مدّة لمباشرة معاملات الإستملاك، لا تتجاوز 8 سنوات، وهذه المدّة تبدأ من تاريخ نشر المرسوم في الجريدة الرّسميّة، وهنا لا بدّ من توضيح مسألتين أساسيّتين:

-الأولى، تتناول المباشرة في تنفيذ معاملات الإستملاك، أي المقصود بها الأعمال القانونية، بدءاً من نشر المرسوم في الجريدة الرّسميّة وإبلاغه إلى ذوي العلاقة وإلى أمانة السجل العقاري لتدوين إشارة المرسوم على صحائف العقارات العينية وإحالته إلى لجان الإستملاك، وذلك على النحو الذي نصّت عليه المواد 5، 6، 7 و8. ولحين صدور قرارات التعويض ومن ثمّ الإيداع وصولاً لإصدار قرارات وضع اليد على العقارات ونقل الملكيّة على إسم الإدارة في السجل العقاري.

-الثانية، المباشرة في تنفيذ المشروع، تتوفّر عند بدء الأفعال والأعمال المادّية التنفيذية على الأرض من حفر وشقّ طرقات وبناء وغيره من الأعمال المادّية([12]).

وهذا التمييز بين هاتين المسألتين أو الحالتين هو جدّ أساسي، لأن الإدارة المستملكة أحياناً كثيرة، تخالف سواء عن قصد أو غير قصد هذه الأحكام، ما يرتّب عليها مسؤولية إدارية وجزائية، وعندها يتحوّل الإستملاك من مراعٍ للأصول إلى غير مراعٍ لها ويصبح غير قانونيّ، كالحالة التي يتطلّبها المشروع المستملَك من أجله، وضع تقرير تقييم الأثر البيئي الذي يصدر عن وزارة البيئة والصالح لمدّة سنتين ما لم تتمّ المباشرة في تنفيذ المشروع ([13]). أما  في ما يتعلّق بغير أحكام، يقتضي أيضاً مراعاتها في الإستملاكات العاديّة المتعلّقة في العقارات ،ما نصّت عليه المادّة 4 إستملاك، حول ما يجب أن يرفق من مستندات بالمرسوم وإن كان لا يترتّب على إغفالها إبطال المرسوم، إلّا أنّ الهدف منها، تمكين أصحاب المصلحة في الإطلاع عليها والإستحصال على صورة عنها خوفاً من أن تتجاوز الإدارة إطار الإستملاك ويتحوّل عملها إلى غير مشروع ويتّصف بالتعدّي.

وتالياً، إنّ الإستملاك المباشر لعقار تتشابه أحكامه مع مرسوم الإستملاك المتعلّق بالآثار وحتّى مع مرسوم الإستملاك لمصلحة الدفاع الوطني على النحو الذي نصّت عليه المادّة 44 إستملاك حرفيّاً، تطبق قواعد الإستملاك العادية على الإستملاكات المقرّرة لمصلحة الدفاع الوطني ما لم تقرّر السلطة المختصّة أن الضرورات  العسكريّة تقتضي السرّيّة والسرعة...»، وهذا بمعزل عن الإختلاف في ما بينهم حول المدّة وهدف وموضوع الإستملاك لجهة المال المستملك.

2 – بالنسبة للمرسوم المتعلق بالآثار :

نصّت المادة 3 من قانون الإستملاك في الفقرة الثانية رقم 58/1991 والتي أضيفت بموجب المادة 3 من القانون تاريخ 8/12/2006، على أنّه، حرفيّاً، « أمّا مراسيم الإستملاك المتعلقة بالآثار فإن مدّة سريانها القصوى لا تتجاوز ثلاث سنوات من تاريخ نشر المرسوم في الجريدة الرّسمية يحقّ للإدارة خلالها إجراء عملية التنقيب في العقار أو العقارات موضوع الإستملاك وإستخراج الآثار منها عند  الحاجة. يمكن للإدارة خلال الأشهر الستة الأخيرة قبل إنقضاء مدة سريان المرسوم تمديده لمدّة أقصاها خمس سنوات إضافية... ويمكن أن يمدّد لمدّة 10 سنوات بموافقة مجلس الوزراء إلخ ...».

هذا مع الإشارة إلى أنّه حتى تاريخ تعديل المادة 3 إستملاك في العام 2006، لم يكن القانون يلحظ حالة إستملاك الآثارات سواء المنقولة أو غير المنقولة، الخاضعة أساساً لأحكام القرار رقم 166 ل.ر. والصادر في تاريخ 7/11/1933 والمتعلّق بنظام الآثار القديمة، بحيث نصّت المادة 7 منه، أنّه « يحقّ للدولة دائماً أن تنزع وفقاً للقوانين ملكيّة أثر قديم غير منقول مسجّل أو مقترح تسجيله وهو ملك لأحد الأهالي. في تقدير تعويض نزع الملكيّة الذي لا يتناول إلّا الضرر الحالي الأكيد الناجم عن نزع الملكيّة...»

إذاً، هناك شروط حدّدها مرسوم الإستملاك للآثار يقتضي مراعاتها (سواء كانت منقولة أو غير منقولة)، على الرغم، من أحكامها المشتركة مع مراسيم إستملاك العقارات، لاسيما كون التنقيب عنها سوف يتمّ بالعقارات لإستخراجها. في حين، أنَّه أحياناً كثيرة وكحالة مرسوم الإستملاك رقم 2066/ 2015 تاريخ 4/6/2015 المتعلّق بإنشاء سدّ وبحيرة بسري، تناول إستملاك عقارات ضمنها آثارات ضخمة كالمعبد الروماني وغيره من الآثارات المنقولة بموجب مرسوم إستملاك واحد دون الإشارة في متنه إلى مسألة الآثار وآلية إستملاكها.

وعلى ﻛُﻞﱟ، تبقى الإجراءات المتعلّقة في تنفيذ معاملة الإستملاك المباشر العادي واحدة، في إستملاك العقارات والحقوق ومن ضمنها إستملاك العقار الذي ضمنه آثار سواء لجهة نشر المرسوم وإبلاغه وإحالته إلى أمانة السجل العقاري. بينما، من المفروض أنَّ سير الإجراءات في حال تقرير إستملاك الآثار، أن تتبع أحكام خاصة عند حالة التنقيب عليها بشكل منفصل عن إستملاك سطح - أرض العقار أو الفضاء، وهذا ما يتبيّن، من خلال ما نصّت عليه، المادّة الأولى من قانون الإستملاك المشار إليها سابقاً، لجهة إستملاك الحقوق في باطن العقار أو الفضاء ، وهذا ما تضمنته أيضاً المادّة 25 منه ([14]). هذا مع التأكيد، أنَّ قانون الإستملاك خالٍ من الأحكام التي تنظّم آلية الإستملاك للملكيّة المنقولة مهما كانت طبيعتها، لأن المبدأ أنّ الإستملاك يطال غير المنقول وإن كان ضمنه منقولات ( شبكة ري، قطع مخصّصة لإستثماره لا يمكن الإستفادة منها في حال نزعها أو حتّى نقلها إلى غير مكان) أو ما تشمله قوانين خاصّة تصدر لهذا الغرض أو في حالات المصادرة Réquistion، وهذا ما يخرج عن موضوع بحثنا. ولكن، ما يهمّنا وما يجب التوقف ملياً حول ما سبق وذكرناه أنّ قانون الإستملاك أشار إلى إستملاك العقار وما له من حقوق والحقوق العينية والآثار، هذا عدا، أنّ إعتماد في مختلف القوانين عبارة لا ينزع عن أحد ملكه، وذلك كلّه ﻟِﻨُﺒﻴﱢﻥ، أنّ الملكيّة شاملة غير محصورة بالملكيّة العقارية وقد يطالها الإستملاك عملياً دون وجود نظام قانوني مخصّص لها، ما يتركها لنوع من الإستنسابيّة لدى لجان الإستملاك.

وعليه، بعد أن بيّنا الأعمال الإدارية الأساسية التي يخضع لها أو يطالها الإستملاك المباشر العادي الخاضع للأحكام العامّة المنصوص عليها في قانون الإستملاك، سوف ننتقل إلى عرض الإستملاك المباشر الخاضع لأحكام خاصّة.

النبذة الثانية – الإستملاك الخاضع لأحكام خاصّة:

تضمَّن الباب الثاني من قانون الإستملاك رقم 58 تاريخ 29/5/1991 على أحكام خاصّة في المادّة 34 وحتّى 58 منه، ومن هذه الأحكام التي ﺗُﻨﻆﱢﻢ:1- الإستملاك الناشئ عن التخطيط. 2- الإشغال المؤقت. 3- الإستملاك لمصلحة الدفاع الوطني. 4- ضريبة التحسين الناتج عن تنفيذ أشغال عامّة. 5- الإستملاك المستعجل.

ولكن، ما يتبيّن من هذه الأحكام الخاصة، أنّها عدّدت أنواع من الإستملاكات القانونية أو المراعية للأصول والتي تطبّق عليها في المبدأ قواعد الإستملاك العادية كحالة الإستملاك لمصلحة الدفاع الوطني (المادّة 44 إستملاك)، إلّا أنّها تتمتّع أيضاً بأصول خاصّة يقتضي مراعاتها، وهي تشكّل بذلك إستثناءً على القواعد المنظّمة للإستملاك العادي سواء لجهة إصدار مرسوم المنفعة العامة، كحال: - تصديق التخطيط بمرسوم يقوم مقام مرسوم إعلان المنفعة العامّة، ( المادّة 34 إستملاك ). ●●-  الإستملاك  لمصلحة الدفاع الوطني، حيث أعطى القانون السلطة المختصّة، أن تقرّر الخروج عن الإجراءات المتّبعة في الإستملاك العادي للضرورات العسكرية من أمور سرّية والسرعة المطلوبة، وكما لجهة سير المعاملات من نشر المرسوم والتبليغ والطعن في قرارات لجنة الإستملاك الإبتدائية ووضع اليد. وهذه الأحكام الخاصّة سنتطرّق لها من باب تمييزها عن الأحكام العامّة، في ما يتعلّق بالمرحلة الإدارية، وفقاً لما يلي:

أ- الإستملاك الناتج عن التخطيط: عملاً بأحكام المادة 34 إستملاك، «يتم إنشاء الطرق والساحات العامة وتقويمها وتوسيعها بموجب تخطيط يصدّق بمرسوم يقوم مقام مرسوم إعلان المنفعة العامّة.» هذا ما يدلّ، على أن مرسوم التخطيط وتبعاً مرسوم التصديق، يشكّلان بحدّ ذاتهما إعلان للمنفعة العامّة ويجعلان من المرسوم قانوني ونافذ. ومن ثمّ يلي ذلك، بالطبع ما نصّت عليه المادّة 35 إستملاك، لجهة مراعاة إجراءات النشر في الجريدة الرّسمية وجريدتين محلّيتين وإيداع نسخة عن مرسوم التصديق وخريطة التخطيط أمانة السجل العقاري لوضعها على الصحائف العينية للعقارات موضوعه، بالإضافة إلى الإعلان عنه.

وما تضمّنته أيضاً الأحكام الخاصة في الإستملاك الناشئ عن التخطيط، بخلاف الأحكام العامّة، بحيث لا نصّ يفيد عن ضرورة إبلاغ ذوي العلاقة كحال الإستملاك العادي، وفقاً لما تشترطه المادّة 6 إستملاك، بل فقط، إتمام معاملة النشر المطلوبة حتّى تسري مدّة الطعن على ذوي العلاقة وهي شهرين من تاريخ النشر في الجريدة الرّسميّة. ولكن، برأينا أن عدم تبليغ مرسوم الإستملاك التخطيطي يلحق الضرر بأصحاب الحقوق وكونه لا يعتبر من المراسيم التنظيمية ما يجعل من مهلة الطعن به غير سارية طالما التبليغ لم يتمّ، إلّا من تاريخ بدء تنفيذ أي من إجراءات الإستملاك التخطيطي أو تنفيذ المشروع.

أمّا مدّة مرسوم التخطيط حدّدتها المادّة 35 إستملاك ب 10 سنوات قابلة للتمديد مرة واحدة لمدة ثلاث سنوات على الأكثر. واللافت، أنّ الفقرة الخامسة من المادة 35 إستملاك، أعطت الإدارة المستملكة خلال 5 سنوات إعتباراً من تاريخ نشر مرسوم التخطيط، الحق إذا كانت أقسام العقارات المصابة بالتخطيط أراضٍ غير مبنيّة أن تعمد إلى تنفيذ الأشغال موضوع التخطيط لقاء تسديد بدل إشغال إلى المالك بشرط الإستحصال على موافقة مجلس الوزراء المسبقة، وصدور قرار عن لجنة الإستملاك يحدّد قيمة بدل الإشغال على أن تبقى الملكيّة على إسم المالك، وهذا حقّ غير قائم في الإستملاك العادي.

ب- الإشغال المؤقّت: تناولت المادّة 41 إستملاك أنّه، إذا إقتضى تنفيذ المشروع الذي جرى لأجله الإستملاك أو تنفيذ أعمال أخرى ذات صفة عامة إشغال أرض بصورة مؤقّتة وجب الإستحصال على ترخيص مسبق من الوزير المختصّ ولقاء تعويض تحدّده الإدارة، ويبقى لمستحقّ التعويض مراجعة لجنة الإستملاك المختصّة لتحديد التعويض العادل (المادّة 43 إستملاك). ما يعني، أنّ الإشغال له طابع مؤقت لا يتضمّن إستصدار مرسوم إستملاك أو أي من الإجراءات الأخرى، بل هو مكمّل للمرسوم القائم (عادي أو تخطيط)، ما يتطلّب فقط ترخيص أي قرار إداري  للإشغال المؤقّت، الذي يبقى خاضعاً بالطبع لرقابة القضاء الإداري للتحقق من مدى مشروعيّته.

ج- الإستملاك لمصلحة الدفاع الوطني: سبق وذكرنا أنَّ المادّة 44 إستملاك، نصّت على أنّه، « تطبّق قواعد الإستملاك العادية على الإستملاكات المقرّرة لمصلحة الدفاع الوطني ما لم تقرّر السلطة المختصّة أن الضرورات العسكرية تقضي السرّية والسرعة...»

مع الإشارة، إلى أنّه يمكن وضع اليد على العقارات موضوع الإستملاك فوراً وبقرار من وزير الدفاع الوطني قبل تحديد التعويضات المتوجّبة. هذا تدبير إستثنائي، لا يمكن إعتباره قاعدة أو مبدأ، لأنّه في حال إعتماده في ظروف عاديّة أي عندما لا يكون هناك ضرورات عسكرية تقتضيها السريّة والسرعة، يشكّل حكماً تعدّياً على الملكيّة الفردية.([15])

د- ضريبة التحسين الناتج عن تنفيذ أشغال عامّة: بالطبع هذه الضريبة ترعى الإستملاكات الخاضعة للأحكام الخاصّة، وعلى هذا الأساس نصّ عليها قانون الإستملاك في المواد من 45 إلى 58 منه، تحت عنوان ضريبة التحسين الناتجة عن تنفيذ الأشغال العامّة، أي من جراء الإستملاكات المنفّذة والناشئة عن التخطيط والتي تزيد من قيمة العقار أو جزء منه، كحال تمرير طريق سيارة  أو أوتوستراد في جزء من العقار، أو في حال بناء جامعة أو أي مرفق عام على أجزاء من عقارات غير مستملكة بالكامل بموجب التخطيط، ما يتطلّب تكليف صاحب الحقّ تسديد مبلغ مالي يعرف بضريبة التحسين.

وتبقى آلية تحديد قيمة التحسين من سلطة لجان الإستملاك، والتي تتمثّل أمامها دائرة ضريبة التحسين في وزارة المالية، التي يعود لها تقدير العقارات التي سيتناولها التحسين بعد أن تكون الإدارة  التي طلبت إصدار مرسوم إعلان المنفعة العامّة قد أودعت المرسوم والمستندات المنصوص عليها  في المادة 4 إستملاك.

ه- الإستملاك المستعجل: نصّت المادّة 58 مكرّر إستملاك، والمضافة بموجب المادة 16 من القانون تاريخ 8/12/2006 أنّه، «عند التصريح بمرسوم يصدر في مجلس الوزراء بإعطاء الإستملاك الصفة المستعجلة، يخضع الإستملاك للأصول والإجراءات التالية...»

إذاً، بإختصار الإستملاك المستعجل يختلف عن الإستملاك العادي المنصوص عليه في الأحكام العامّة، وتالياً أحكامه خاصّة تتطلّبها عملية الإستملاك لجهة تسريع عملية وضع اليد على العقار المنوي إستملاكه بهدف الحاجة الملحّة لتنفيذ المشروع ، كحال صدور المرسوم رقم 429/1983([16]).

ما يعني، أنّه لا حاجة إلى تبليغ ذوي العلاقة شخصيّاً المرسوم، كما جرى التمييز في الإجراءات التي تتبعها لجان الإستملاك، بين حالة العقار الخالي من المنشآت والأغراس والمزروعات، والحالة التي يكون يحتوي عليها، بحيث تتميّز الإجراءات في الحالة الأولى بالسرعة ولا تتطلّب دعوة أصحاب الحقوق، بينما، في الثانية، يكون أمر دعوة أصحاب الحقوق ملزماً كحال الإستملاك العادي.

أمّا ما يتعلّق بالإجراءات الأخرى، تبقى متشابهة مع الإستملاك المباشر العادي، لجهة إيداع التعويض وقرار وضع اليد والطعن بقرار لجنة الإستملاك.

المبحث الثّاني – إستملاك غير مباشر:

عندما نقول أن هناك حالة من تعدّي Voie de fait أو إستيلاء غير مشروع Emprise irrégulière من قبل الإدارة على الملكيّة الخاصّة، نكون حكماً أمام حالة من الإستملاك غير المباشر L’expropriation indirecte أي العمل النقيض للإستملاك المباشر L’expropriation directe. وهذا يعني أن الإستملاك غير المباشر يتم دون إتباع الأصول القانونية التي تنظّم الإستملاك للمنفعة العامّة، سواءً في أحكامه العامّة أو الخاصة، بحيث تضمّ الإدارة إلى ملكيّتها ملكيّة خاصّة أو عن طريق إحراز أموال الغير كأمر واقع، دون وجود لأي سند قانوني يخوّلها هذا الحقّ أو عدم مراعاة كافة الإجراءات القانونية المطلوبة، الواقع الذي يُجَرّدُها من الإمتياز الممنوح لها لجهة حصر محاكمتها أمام القضاء الإداري، حتى تصبح كالأفراد وتحاكم أمام القضاء المدني.([17])

هذا دون شكّ، أنّ قانون الإستملاك اللبناني والفرنسي لم ينصّا في أي من أحكامهما على مثل هذا الإستملاك غير القانوني، بحيث أتى توصيف هذا الإستملاك من قبل الفقه والإجتهاد.([18])

L’expropriation indirecte – Il est possible que la prise de possesion d’une propriété privée ait été accomplie par l’administration sans procédure d’expropriation régulière, mais de bonne foi, qu’elle résulte indirectement d’une opération maladroitement menée , mais sans intention d’annexer frauduleusement une propriété privée.([19])

ومن المهم الإشارة، إلى أن الإستملاك غير المباشر لا يولي مالك العقار الموضوعة عليه اليد حقّ تقديم دعوى الإخلاء أو هدم الأشغال المنفّذة كي لا يصار إلى عرقلة حسن سير المرافق العامّةPour ne pas entraver le fonctionnement régulier des services publics([20]).                                                                                                                                                                                           

وعليه، إنّ الإستملاك غير المباشر، طبيعته إتّسمت، بعدم مراعاته الأصول القانونية. ولكن، بالطبع يجب أن تتوفّر فيه غاية تحقيق المنفعة العامّة  وإلّا يتحوّل إلى عمل جرمي يرتّب المسؤولية الجزائية. ونظراً للأهميّة في تحديد حالات هذا الإستملاك غير المشروع، فإنّه يقتضي التكلّم عن حالة التعدّي في (النبذة الأولى) ومن ثمّ الإستيلاء في (النبذة الثانية).

النبذة الأولى – في التعدّي:

يعرَّف التعدّي Voie de fait، كونه العمل المشكو منه بسبب العيب الجسيم الذي يكتنفه ويظهر عند تنفيذه، حجم المخالفات الخطيرة التي تطال الملكيّة والحقوق والحرّيات الأساسية، المشروعة والمصانة دستوراً وقانوناً، ما يسهّل التحقّق من أنّ لا أساس قانونيّ له.  

La théorie  de la voie de fait est destinée à sanctionner certaines illégalités particulièrement graves commises par l’administration, lésant les droits fondamentaux de l’individu ([21])  .                                                                                     

وتالياً، ما يتبيّن أنّ للتعدّي شرطين: الأوّل: أنّ العمل الإداري تضمّن إنتهاك صارخ وجسيم أصاب الملكيّة الخاصة أو أي من الحريّات والحقوق الأساسية. الثاني: أنَّ العمل الإداري أتى متّصفاً بعدم المشروعية أي غير مستند إلى أيّ نصّ قانوني يبرّره أو مرتبط بطبيعة عمل الإدارة المشروع الذي يجب إتباعه ([22]).

إذاً، في حالة التعدّي الذي يشكّل إستملاكاً غير مباشر، يتحقّق عندما تقدم الإدارة إلى وضع اليد على الملكيّة الخاصّة سواء ضمتها إلى الملك العام أو لم تتمكّن من ضمّها، بحيث بقيت على إسم صاحب الحقّ، وهذا سببه المخالفات القانونية التي سلكتها، أي أنّها لم تتبع كامل الأصول المطلوبة كحالة إستصدار  مرسوم إستملاك أو دون تصديق التخطيط، يليه وضع يدها على العقار دون إحالة الملف إلى لجنة الإستملاك لتقدير التعويض ومن ثمّ إيداعه ووضع اليد وفقاً للأصول.

ولكن، ما يجب التّنبّه له أيضاً، بأنّ التّعدّي الذي ترتكبه الإدارة يكون أكثر إتساعاً من حالة الإستيلاء التي سنتطرّق لها في النبذة الثانية والمحصورة فقط في الملكيّة غير المنقولة أي العقارية، بينما، التعدّي يشمل الملكيّة المنقولة وغير المنقولة والحرّيات العامة على حدّ سواء. وإذا إجتمع الإستيلاء والتّعدّي في قضية واحدة، فإنّ الغلبة هي للتعدّي وقواعده هي التي يجب تطبيقها، وقد ينتج التعدّي عن قرار إداري أو عن نشاط إداري كحالة وضع الإدارة يدها على عقار قبل إنجاز مراحل عمليات الإستملاك([23]). وطالما أنّ للتعدّي على الملكيّة مفهومه وشروطه، فإنّه أيضاً للإستيلاء مفهومه وشروطه، وهذا ما سنبيّنه في ما بعد.

النبذة الثانية – في الإستيلاء:

يعرَّف الإستيلاء Emprise بإقدام الإدارة دون سند قانوني على وضع اليد على الملكيّة الخاصّة غير المنقولة أي نزعها دون وجه حقّ، هذا ما يستبعد حالة الإستيلاء على الملكيّة المنقولة Une atteinte à la propriété mobilière ne consitue pas une emprise. كما يعتبر الإستيلاء .Atteinte à la propriété privée resultant d’un acte administratif illegal([24])

En ce sens, qui après avoir rappelé qu’il appartient à l’Etat, dès la levée de la réquisition d’un immeuble, de remettre au propriétaire les locaux libres de toute occupation, décide que le maintien du bénéficiaire de la réquisition dans les lieux constitue une emprise de l’administration sur une propriété privée immobilière, ayant le caractère d’une emprise irrégulière rendant les tribunaux judiciaires compétents pour connaître des demandes d’indemnité formées par le propriétaire en réparation des préjudices pouvant résulter d’une telle occupation([25]).                 

ما يفيد، أنَّ الإستيلاء يتحقّق من خلال وضع يد الإدارة على ملكيّة عقاريّة، خلافاً للقانون مؤقتاً أو نهائياً، ولهذا الإستيلاء ثلاثة شروط يقتضي توافرها مجتمعة: 1- نزع الملكية Une dépossession . 2- ملكية غير منقولة Propriété immobilière  . 3- بشكل غير مشروع أي مخالف للقانون Irrégulière.

La notion d’emprise suppose : - En premieu lieu que le particulier ait subi une dépossession, c’est-à-dire qu’il y ait mainmise sur la propriété privée et non simple privation de jouissance et même si elle n’est que partielle ou temporaire. - L’atteinte doit être portée à la propriété immobilière ou à un droit réel immobilier. - L’emprise doit être irrégulière. Cette exigence apparait dans une décision consorts Bonduelle (T.C., 1er Fevr.1951, Rec. 627)([26]).

 

إذاً، الإستيلاء مفهومه وشروطه واضحة وتحديداً أنّه يتناول، نزع ملكية غير منقولة أو وضع اليد عليها بشكل غير مشروع أي دون وجود عمل إداري مستند إلى أيّة نصوص قانونية، ما يشكّل هذا الأمر من إستيلاء غير مشروع على الملكيّة ويندرج ضمن حالة الإستملاك غير المباشر، الذي يعطي الحق للمتضرّر مقاضاة الإدارة أمام القضاء المدني لمطالبتها بالتعويض عن ملكيّته والعطل والضرر.

إلى هنا، نكون قد تطرّقنا في القسم الأوّل، عن المرحلة الإدارية للإستملاكات التي قد تطال الملكية، سواء منها المراعية للأصول القانونية والتي حدّدناها، بالإستملاكات المباشرة، كما الإستملاكات غير المباشرة والتي هي في الأساس مبنيّة، إمّا على تعدٍّ بسبب عدم مراعاة كافّة الأصول القانونية المطلوبة أو بشكل مجرّد من أيّة أصول كحالة الإستيلاء، وتالياً سننتقل إلى عرض المرحلة القضائية، وهذا ما سنبيّنه في القسم الثاني.

القسم الثاني - المرحلة القضائيّة:

إنّ المرحلة الثانية La seconde phase  التي يقتضي مراعاتها لتنفيذ الإستملاك من قبل الإدارة تحقيقاً للمنفعة العامّة، هي المرحلة القضائيةLa phase judiciaire . هذه المرحلة قد تختلف حسب طبيعة الإستملاك القائم، لا سيما أنّه بينّا في القسم الأوّل أنّ هناك نوعين من الإستملاكات، أوّلها، المباشر،المراعي للأصول القانونية المنصوص عليها في قانون الإستملاك رقم 58/91. أمّا الثاني، هو الإستملاك غير المباشر أي غير القانوني والذي تتوسّله الإدارة وتكون الأحكام التي ترعاه هي القواعد العامّة لجهة خطأ الإدارة وما يترتّب عليها من مسؤولية وتعويض.

إذاً، في كلا الإستملاكين القانوني – المباشر، وغير القانوني – غير المباشر سوف ينتقل الملف أمام القضاء، بحيث يكون الإختصاص في الإستملاك الأوّل، للجنة قضائية تعرف بلجنة الإستملاك الإبتدائية ومن ثمّ الطعن بقراراتها أمام لجنة الإستملاك الإستئنافية  وهناك حالات جدّاً محصورة للطعن أمام مجلس شورى الدّولة (المادّة 20 إستملاك).

أمّا في الثاني، يكون القضاء المدني – العدلي، سواء القاضي المنفرد أو الغرفة المختصين في النزاعات الإدارية وتراعى أمامهما أحكام قانون أصول المحاكمات المدنية، لجهة الإختصاص المكاني أو النوعي، كما تطبيق الأحكام العامة لجهة المسؤولية المنصوص عليها في قانون الموجبات والعقود.

أمّا في فرنسا، تختلف إجراءات الإستملاك عن ما هو معتمد في لبنان لناحية الآلية المعتمدة على الرغم من وحدة السبب أي المنفعة العامّة للإستملاك، فإنّه من المفيد الإشارة إلى أنّه في النظام القديم للإستملاك L’ancien régime de l’expropriation كان إعلان المنفعة العامّة ليس له أصول خاصّة، بل كان يكفي توجيه رسائل الإمتياز Lettres patentes من الملك Roi، تتضمّن دفع التعويض للمالك الذي إنتزعت منه ملكيّته، ويتمّ تحديد التعويض من قبل خبراء دون إعتماد الأصول، بالإضافة للتأخير في تسديده. ومن ثمَّ، نظراً لكون الإستملاك القانوني يجب أن يتم لقاء تعويض عادل ومسبق، قبل نقل الملكيّة حتى أصبح هذا الأمر مكرساً دستوريّاً وفي الإعلان المتعلّق بحقوق الإنسان والمواطن، بحيث غدا للإستملاك بعد العام 1810 أصول يتم على أساسها أمام القضاء.([27])

وعلى ﻛُﻞﱟ، تشكّل المرحلة القضائية الخطوة الثانية للمباشرة في تنفيذ الإستملاك المباشر، كما تشكّل في حالات الإستملاك غير المباشر مقاضاة الإدارة على مخالفتها في تنفيذ الإستملاك دون مراعاة للأصول القانونية، ما يقتضي تحديد الجهة القضائية المختصّة في (المبحث الأول) ومن ثمَّ نتائج القرارات في (المبحث الثاني).

المبحث الأوّل – الجهة القضائية المختصّة:

طالما نحن أمام نوعين من الإستملاكات، الأول، المراعي للأصول القانونية والثاني، إمّا غير مراعي للأصول إطلاقاً أو عدم إستكمال أحكامها، الواقع الذي يفرض حتماً وجود نوعين من الإختصاص للجهات القضائية.

وبالفعل، نصّ قانون الإستملاك رقم 58/91 المادة 8 منه على أنّه، « عندما تقرّر الإدارة المباشرة بتنفيذ الإستملاك تحيل المرسوم مع كامل الملف إلى لجنة الإستملاك البدائية المختصّة...»، وتالياً، هذا النّص هو الذي تستهلّ به الإجراءات القضائية للإستملاكات المباشرة المراعية للأصول القانونية.

أمّا في حالة الإستملاك غير المباشر، اللجوء إلى القضاء العدلي لا يكون من قبل الإدارة المعتدية أو المستولية على الملكيّة الخاصة، بل من قبل صاحب الحقّ المتضرّر، وهنا يتمّ مقاضاة الإدارة عن عملها غير المشروع أمام القضاء العدلي([28]).

La compétence de l’autorité judiciaire trouve son principe de sa qualité gardienne de la propriété privée et des libertés fondamentales, l’étendue de cette compétence s’expliquant par l’idée de dénaturation de l’action administrative ([29]).

وعليه، في ظلّ هذا التمييز القائم بين الجهتين القضائيّتين المعنيّتين في النظر في كلّ من نوعي الإستملاكات المباشرة وغير المباشرة، لا بدّ من تبيان دور لجنة الإستملاك في (النبذة الأولى) ومن ثمّ دور القضاء العدلي في (النبذة الثانية).

النبذة الأولى – دور لجنة الإستملاك:

عندما تحيل الإدارة المرسوم مع كامل الملف إلى لجنة الإستملاك الإبتدائية المختصّة، أي حيث العقارات المستملكة واقعة ضمن نطاقها، كحال لجنة الإستملاك الإبتدائية في محافظة لبنان الجنوبي، يشمل إختصاصها المكاني العقارات الكائنة في قضاء جزّين وصيدا وصور إلخ. وتالياً قانون الإستملاك رقم 58/91 أشار في المادة 9 وما يليها منه، على أنَّ لجنة أو لجان الإستملاك تعيّن بمرسوم لكل محافظة سواء أكانت إبتدائية أو إستئنافية، وتمَّ تحديد من يمثّل الإدارة. وبمعزل عن آلية التعيين والحضور. ما يهمّنا في دراستنا، هو عمل اللجنة أي الأصول التي يجب إتباعها وصولاً إلى تحديد قيمة التعويض من جراء الإستملاك لأصحاب الحقوق، سواءً أكان المالك أو الشاغل وغيره ممن تثبت صفتهم للمطالبة بحقوقهم، وذلك وفقاً للأحكام المنصوص عليها في المادة 15 إستملاك وحتّى المادة 28 منه ضمناً.

هذا مع الإشارة، أنّ المادّة 21 إستملاك نصّت على، ما يدخل في إختصاص لجان الإستملاك ومنها، تحديد مقدار جميع التعويضات المترتّبة بسبب الإستملاك أو الفصل في طلبات الإستملاك الكامل والفضلات وقيمة التحسين(...). ولكن، من المهم والمفيد تفنيد بعض المهام والإجراءات التي يقتضي أن يراعيهما عمل اللجنة على الشكل التالي:

1-الكشف على العقار: إنَّ الكشف يتمّ فوراً من قبل لجنة الإستملاك الإبتدائية والتي تنظم محضر كشف لكلّ عقار، وذلك دون دعوة أي من أصحاب الحقوق وهذا الحقّ نصّت عليه المادّة 15 إستملاك. وبالطبع، يعتبر الكشف إجراء شكلي  يساهم في تكوين لدى اللجنة، فكرة عن العقار المستملك أو المنطقة التي تتضمّن مجموعة من العقارات المستملكة، عمّا إذا كان سهل الوصول إليها عبر طريق سيّارة، موقعها وطبيعتها، زراعيّة، صخريّة، حرجيّة، وصول الكهرباء وغيرها من المعايير التي تساهم في تقدير القيمة. لا بدّ من التأكيد، أنّ اللّجنة لا تقوم بجرد ما يتضمّنه العقار أو التّحقّق من مساحته، بل تكتفي بالتقرير أو البيان الذي يحدّد المحتويات والمنظّم من قبل الإدارة طالبة الإستملاك ومراجعة مديرية الشؤون العقاريّة للإحالة إلى دوائر المساحة للتحقّق من المساحات أو الإكتفاء بالبيانات الرّسميّة التي يبرزها صاحب العلاقة.

2-دعوة المالكين وأصحاب الحقوق: بعد الكشف يتمّ تعيين موعد جلسة ولكن ورقة الدعوة و/أو إشعار التبليغ، يجب أن يتضمّن معلومات خاصّة، كتنبيه المالك إلى وجوب إعلام اللجنة عن الشاغلين أو المستأجرين أو المستثمرين وهذا الإجراء مطلوب حتّى يتمّ إبلاغهم لحضور الجلسة والمطالبة بحقوقهم أو يتمّ حضورهم تلقائيّاً (يراجع الفقرة 2 من المادّة 15 إستملاك).

3-الشخص القائم بالتبليغ: نصّت الفقرة 3 من المادّة 15 إستملاك، أنَّ التبليغ يتمّ إمّا مباشرةً لأصحاب العلاقة أي بحضورهم إلى القلم بسبب علمهم بالمباشرة في تنفيذ الإستملاك وذلك للمطالبة بحقوقهم أو يتم إبلاغهم بواسطة الموظّف الملحق باللجنة وفقاً لأصول التبليغ المنصوص عليها في المادة 397 من قانون أصول المحاكمات المدنيّة وما يليها.

4-الإستعانة بمحامٍ: يجوز لأصحاب الحقوق الحضور أمام لجنة الإستملاك الإبتدائية دون توكيل محامٍ. ولكن، يفضّل توكيل محامٍ،  لأنَّ ما قد يُطالَب به أمام لجنة الإستملاك الإبتدائية في حال لم يتمّ قبوله، يشكّل أسباباً إستئنافية أمام لجنة الإستملاك الإستئنافيّة، حيث يتوجّب أمامها توكيل المحامي. إنَّ الإستئناف ترعاه أحكام الأصول المدنيّة ويجب أن يتناول المطالب المقدّمة بدايةً، سواءً للمطالبة بزيادة التعويض أو لشمول التعويض لغير عناصر تشكّل قيمة في العقار أو الملكيّة (كالرمول، المناجم، المياه، الأشجار وثمارها، إلخ)

5- إستئناف القرارات: تستأنف قرارات اللّجنة الإبتدائية أمام لجنة الإستملاك الإستئنافية خلال مهلة 30 يوماً تلي تبلغ القرار (المادّة 16 إستملاك)، وبالطبع، يجب أن يكون الإستئناف موقّع من محامٍ في الإستئناف، كما وإبراز  صورة عن وكالته وصورة طبق الأصل عن القرار بالإضافة إلى ورود الإستئناف ضمن المهلة القانونية ويتضمّن أسباب إستئنافية ومطالب، وفقاً لما نصّت عليه المادّة 655 أصول مدنيّة.

6-آلية تقديم الإستئناف: يقدّم الإستئناف إمّا مباشرة أمام كاتب اللجنة الإستئنافية أو إلى كاتب اللجنة الإبتدائية مصدّرة القرار المستأنف(المادّة 16 إستملاك فقرة 3).

7-الرسم المقطوع والتأمين: لا رسم يسدّد سواء بدايةً أو إستئنافاً، وتالياً، لا رسم نسبي يُفرَض على أي من المطالب المالية مهما بلغت قيمتها. ولكن، في مرحلة الإستئناف يسدّد مبلغ تأمين قدره /50,000/ل.ل.  ما زال معمولاً به حتّى تاريخه أي في العام 2022، مع الإشارة أنّ الإدارات تعفى من الرسم المقطوع والتأمين.

8-الإستئناف لا يوقف التنفيذ: الإستئناف لا يوقف سير معاملات الإستملاك ومنها تنفيذ قرار اللّجنة الإبتدائية، إلّا أن الإدارة إذا إستأنفت إستئنافاً أصلياً تحتفظ ب 10% من قيمة التعويض المحكوم به بدايةً أو ربع قيمة التعويض إذا هناك عقار مُسْتَمْلَك مبني، (المادة 16 فقرة 6 والمادة 30 إستملاك).

9-قانونية إنعقاد الجلسات: قانونيّة الجلسات أمام لجنة الإستملاك بدايةً أو إستئنافاً، تتطلّب حضور كامل الأعضاء والكاتب، وبالطبع أن يكون قد تمّ إبلاغ أصحاب الحقوق وفقاً للأصول القانونيّة.

10-لا يتم الإستعانة بالخبرة الفنيّة: الإستعانة بالخبرة الفنيّة حدّدتها المادة 17 بالأمور الهامّة أو المعلومات الفنيّة غير المتوفّرة في اللجنة، وتالياً، تحديد أسعار التخمين، وخاصّةً في العقارات تستطيع اللجنة طلب معلومات من دوائر السجل العقاري حول قيمة البيوعات الحاصلة في المنطقة العقارية المستملَكة.

11-إجراء كشف من قبل لجنة الإستملاك الإستئنافية: يتمّ بحضور أصحاب الحقوق يحدّد موعده مسبقاً، علماً، أنّ هذا الكشف غير ملزم للجنة، وعلى الرغم من ذلك بعض اللجان إعتادت القيام به أو أحياناً يتمّ تكليف أي من الأعضاء تأديته، بهدف تبليغ محضر الكشف للأطراف المتقاضية، ومن ثمَّ التعليق على حقيقة ما تحقّقته اللجنة، لجهة ما يشمله الإستملاك من حقوق لتكوين القناعة لدى اللجنة قبل إصدار قرارها.

12-الطعن بالقرارات: القرارات الصادرة عن لجنة الإستملاك الإبتدائية تقبل الإستئناف، أمّا التصحيح أو التفسير يقدّم أمام اللجنة ذاتها مصدرة القرار (المادّة 19 إستملاك). أمّا قرارات لجان الإستملاك الإستئنافية، تقبل الإعتراض أو إعتراض الغير أو إعادة المحاكمة وفق الأصول المنصوص عليها في قانون أصول المحاكمات المدنيّة، وذلك على النحو الذي نصّت عليه المادّة 20 إستملاك.

ولكن، إنّ التعديل الذي طال المادّة 20 إستملاك في تاريخ 8/12/2006، حصَرَ حالة اللجوء للطعن أمام مجلس شورى الدّولة فقط، عندما يتمَّ تخفيض قيمة التعويض المحكوم به بدايةً بنسبة 25% ما ﻳُﻤﻜﱢﻦ صاحب الحقّ في التعويض للتقدّم بالطعن. وأمّا عند زيادة التعويض بنسبة 50%  يكون من حقّ الإدارة أن تتقدّم بالطعن لهذا السبب.

في حين، أنَّ هذا التعديل غير صائب، بدليل أنّ هناك أخطاء قانونية جسيمة ترتكب من قبل لجان الإستملاك الإستئنافيّة، يحول على الأطراف الطعن بقراراتها، هذه ثغرة فادحة يجب العمل على تعديلها، لأنّ الغاية من القانون هو الوصول إلى العدالة لا حرمان المتقاضين من حقّ الطعن. إنَّ الإجراءات القضائية المشار إليها أعلاه، أمام لجان الإستملاك، ينفرد بها الإستملاك المباشر الخاضع لأحكام قانون الإستملاك، الواقع الذي يختلف كليّاً عن حالة الإستملاك غير المباشر، عل النحو الذي سنعرضه أدناه.

النبذة الثانية – دور القضاء العدلي:

يكون الإختصاص للقضاء العدلي، والمؤلّف من القاضي المنفرد المدني النّاظر في القضايا الإدارية أو محكمة الدرجة الأولى الغرفة الناظرة في القضايا الإدارية، هذا مع مراعاة قيمة المطالبة بالتعويض، لجهة تحديد الإختصاص القيمي بين الغرفة والقسم عند النظر في كلّ إستملاك غير مباشر تُقدِم عليه الإدارة ويطال الملكيّة الفردية. هذا الإختصاص، المكاني أو النوعي خاضع لأحكام قانون أصول المحاكمات المدنية، لجهة قيمة الدعوى ومكان إقامة المدعى عليه أو مكان وقوع الفعل الضار.

ولكن، الأمر اللافت، أنَّ هناك حالات تمّت المصالحة بين الإدارة وصاحب الحقّ بالتعويض مباشرةً، بعد أن تمَّ أخذ رأي هيئة التشريع والإستشارات في وزارة العدل التي اعتبرت : «أنّ قانون تنظيم وزارة العدل يجيز في المادة 25 منه، لوزير العدل بقرار منه بناءً على إقتراح المدير العام، أن ينتدب بعض القضاة الملحقين بالإدارة المركزية لوزارة العدل للعمل في وظائف قانونية لدى مختلف الإدارات والمؤسّسات العامّة والبلديّات».

●●إنَّ تَرَؤُّس قاضي من قضاة هيئة التشريع والإستشارات مثل هذه اللجان الخاصّة لا يخرج عن إطار الولاية الممنوحة للهيئة المذكورة التي تشمل، فيما تشمله، إبداء الرأي في الخلافات التي تنشأ بين إدارات الدولة والغير وفي الأعمال والعقود التي يكون للدولة علاقة بها وكذلك في المصالحات التي تنوي إجراؤها، لا بل أنّه يدخل في صميم هذه الولاية.([30])

ولكن، بالعودة إلى كون القاضي العدلي هو حامي الملكيّة الفرديّة والحقوق الأساسية، ونظراً لتميّز دعوى المطالبة بالتعويض في الإستملاك غير المباشر عن حالة الإستملاك المباشر أو القانوني الخاضع لأحكام قانون الإستملاك، يهمّنا تبيان ما يلي:

1-تقديم الدعوى، يتقدَّم بالدعوى صاحب الحقّ أي المتضرّر من التعدّي أو الإستيلاء اللاحق في ملكيّته.

2-مدّة مرور الزمن على الحقّ بالتعويض، طالما الملكيّة لم تضمّ إلى الملك العام أي ما زالت  على إسم صاحب الحقّ، فإنّه لا مرور زمن على المطالبة بالتعويض ليحول دون تقديم الدعوى([31]). علماً أنّ المادة 255 ملكيّة عقارية نصّت، على أنّ حكم مرور الزمن لا يسري على الحقوق المقيّدة في السجل العقاري. أمّا في حال تمّ  نقل الملكيّة تكون مهلة مرور الزمن العشري تسري من تاريخ تحديد التعويض لأن حالة التعدي والإستيلاء مستمرّة.

أمّا حقّ المستأجر بالتعويض المتوجّب على الإدارة فإنّه يسقط بمرور الزمن الخماسي، ويسري حكم مرور الزمن من تاريخ تنفيذ الإشغال في الإستملاك غير المباشر أو القانوني، لأنّ حقّ الإجارة حقّ شخصي لا عيني يزول بزوال المأجور.([32])

3-رسم الدعوى، الرسم مقطوع عن الدعوى سنداً لأحكام المادّة 13 من قانون الرسوم القضائية تاريخ 11/10/1950والمعدّلة بموجب القانون رقم 710/1998، والتي نصّت في الفقرة 67 منها، « أنّ الرسم يكون مقطوع في الدعاوى الناشئة عن الإستملاك»، وهذا ما طبقّته اللجان والمحاكم في كلّ من الإستملاك القانوني – المباشر والإستملاك غير القانوني – غير المباشر.

4-الإستعانة بمحامٍ، على صاحب الحقّ وجوباً أمام القضاء العدلي الإستعانة بمحامٍ سنداً لأحكام المادّة 378 أصول مدنيّة والمادّة 61 من قانون تنظيم مهنة المحاماة رقم 8/70 مع تعديلاته.

5-مهلة الإستئناف، هي 30 يوماً من تاريخ تبلّغ الحكم عملاً بأحكام المادّة 643 أصول مدنيّة.

6-الإستعانة بالخبرة الفنيّة،  تستعين المحكمة للكشف على العقار موضوع الدعوى بالخبرة الفنيّة كأي دعوى عاديّة تتطلّب هذا الإجراء، ويتمّ تحديد المهمّة للخبير من قبل المحكمة، إلّا أنّ رأي الخبير لا يقيّد المحكمة وكذلك المعلومات الواردة في تقريره، وذلك، على النحو الذي نصّت عليه المادّة 327 أصول مدنيّة.

7-القرار غير قابل للتنفيذ، عملاً بأحكام المادّة 559 أصول مدنية، الحكم غير قابل للتنفيذ إلّا حتّى يصبح قطعياً، وتالياً، الحكم الإبتدائي لا يمكن تنفيذه إلّا في حالة عدم الإستئناف أو في حال الإستئناف لحين صدور القرار عن محكمة الإستئناف، حيث يعتبر عندها قطعياً.

8-تكوين المحكمة، المحكمة مؤلّفة من قاضي منفرد أو غرفة من ثلاثة قضاة، وهذا بخلاف لجنة الإستملاك التي تؤلف من قاضٍ وقد يكون متقاعد مع آخرَيْن من غير القضاة.

وعليه، في ضوء تبيان دور كلّ من لجنة الإستملاك والمحكمة المدنيّة، لابدّ من الإنتقال للتكلّم عن مفاعيل القرارات القضائية التي تصدر في إطار كل من الإستملاكين المباشر وغير المباشر.

المبحث الثاني – نتائج القرارات:

حتى يكون للقرارات الصادرة في قضايا الإستملاك المفاعيل التامّة، يقتضي صدورها وفقاً للأصول القانونية المرعيّة، سواء المراعية لقانون الإستملاك أو القوانين العامّة في ما يتعلّق بالإستملاك غير المباشر أو حتّى وفقاً لمراعاة مراسيم إشتراعية إستثنتها المادة 59 من قانون الإستملاك من الإلغاء، بحيث بقيت سارية المفعول، منها، «المرسوم الإشتراعي رقم 18 تاريخ 30/3/1983 والمرسوم رقم 107 تاريخ 30/6/1977 مع تعديله بالمادة الثالثة من المرسوم الإشتراعي رقم 18 والمتضمّن أحكاماً تتعلق بالحلول الواجب إعتمادها لترتيب منطقة الوسط التجاري في مدينة بيروت وأحكام المرسوم الإشتراعي رقم 69/83 تاريخ 9/9/1983 المتعلّق بقانون التنظيم المدني.

وتالياً، أنّ الجهة القضائية المختصّة في تقرير التعويض العادل، إن من قبل لجان الإستملاك التي تتمتّع هي وقراراتها بالصفة القضائية([33])، وما يجعلها تتمتع بقوة القضية المحكوم بها([34]). أمّا بالنسبة للقضاء العدلي الذي ينظر في الإستملاكات غير المباشرة، تكون لقراراته النهائية حجة القضية المقضيّة أو المحكوم بها وخاضعة للأصول المنصوص عليها في المادّتين 553 و556 أصول مدنية.

وطالما أن القرارات التي تصدر عن اللجان والمحاكم في ما يتعلّق بالإستملاك، تقضي بالتعويض لأصحاب الحقوق، إلّا أنّها تختلف وفق حالة الإستملاك القائمة، أي عمّا إذا كان الإستملاك خاضع للأصول القانونية، أي إستملاك عادي أو متعلّق بالتخطيط، مع ما يرتّبه من نتائج مختلفة لجهة معيار تقدير قيمة التعوض، بالإضافة للقوّة التنفيذية للقرارات التي تصدر عن لجان الإستملاك أو المحاكم المدنية.

وعليه، في ظل وجود التباين القائم المشار إليه أعلاه، سوف نبيّن نتائج القرارات لجهة الحكم بالتعويض العادل في (النبذة الأولى) ومن ثمّ القوّة التنفيذيّة للقرارات في (النبذة الثانية).

النبذة الأولى – الحكم بالتعويض العادل:

إنّ أسس الحكم بالتعويض  العادل، تتم وفقاً للأسعار الرائجة بتاريخ صدور القرار عن اللجنة الإبتدائية أو عن المحكمة، هذا وقد حدّد قانون الإستملاك رقم 58/91 في المادّة 22 منه، العناصر التي يجب أخذها في عين الإعتبار (الضرر، الموقع، المساحة والشكل، موضوع الإستثمار، خسارة الزبائن، الربح الفائت، فرق البدل ومدّة التعطيل إلخ) وهذه العناصر هي على سبيل المثال وليس الحصر Liste indicative non exhaustive .

ولكن، إنّ التعويض يجب أن يكون عادلاً Une indemnisation équitable ou juste indemnité، وهذا ما حرص عليه الدستور الللبناني وقانون الإستملاك، والذي يشمل الملكيّة والحقوق، فإذا كانت عقاراً، يجب التعويض عن كلّ ما يحتويه سطحاً، فضاءً وعمقاً، كما التعويض عن الإشغال والإستثمار إلخ،

وحتى يكون التعويض عادلاً Equitable من المفروض أن يكون شاملاً وكاملاً، ما يمكّن المستملك منه بأن يستعيد بواسطته وضعاً يوازي تماماً الوضع الذي كان عليه قبل أن تنزع منه ملكيّة العقار المستملك([35])، وأيضاً حتّى يكون تعويض الإستملاك تعويضاً عادلاً، بمعنى أنّه لا يجوز لأي من الجهة المستملك ضدّها أو الجهة الإدارية طالبة الإستملاك أن يثري على حساب الآخر عند نزع يد المالك جبراً عن ملكيّته، فالتعويض العادل هو الذي يغطي الأضرار كلّها اللاحقة مباشرة بالجهة المستملك ضدّها، بحيث أنّها بنتيجة التعويض المقرّر لها، تكون بوضع مماثل للوضع الذي سبق الإستملاك([36]).

Un terrain doit être évalué en fonction de sa situation. Ainsi, ayant constaté que la parcelle expropriée se trouvait à proximité immédiate d’un réseau complet de communication la cour d’appel a légalement justifié sa décision en retenant que cette parcelle pouvait être évaluée en tenant compte de sa situation privilégiée([37]).

وهناك حالات قد يتم إستملاك ما تحت سطح أرض العقار بالإستقلال عمّا فوقه سنداً لأحكام المادّة 25 إستملاك،كحالة المناجم أو المقالع أو المرامل)[38](. بالطبع هذا الإستملاك يجب أن يتمّ وفقاً لشروط مراعية للبيئة، فهذه ثروة لها قيمتها سواء أكانت في طور الإستثمار أم لم تستثمر بعد. ما يعني، أنّه يجب التعويض عنها، لا يمكن تجاهلها عند تقدير التعويض، كما أن المياه الشحيحة النابعة في عقار تكون تابعة لهذا العقار وبتصرّف المالك، يبيعها ويرهنها ويستثمرها كما يشاء. فإذا ضاعت عليه ملكيّتها بسبب الإستملاك، يتوجّب له  التعويض عن ذلك، ويقدّر هذا التعويض من قبل لجنة الإستملاك. أمّا مياه الينابيع الكبيرة فهي ملك عام للدولة. وإذا كان للأفراد حقوق مكتسبة عليها وأحوجت المنفعة العامّة إلى إنتزاعها منهم، فلهم الحقّ بتعويض عادل ومسبق([39]).

وتالياً، من المسلّم به أنّ الضرر الذي يعتبر ناشئاً عن الإستملاك، لا يقتصر فقط على الضرر الذي يتمثل بنزع الملكيّة، وإنّما يشمل كلّ الأضرار التابعة لعمليّة الإستملاك والتي تتصل بها برابطة غير قابلة للتجزئة  وتكون نتيجة حتمية لتنفيذ أعمال الإستملاك المتوقّع حصوله عند التنفيذ([40])، كما أنَّ مجرّد تعليق جواز الإستملاك لأجل المنفعة العامّة على دفع تعويض عادل، يعني جعل التعويض شاملاً لجميع الأضرار الأكيدة التي تنجم مباشرةً عن الإستملاك ولا يكون التعويض عادلاً إذا تناول المتضرّر بوصفه مالك للعقار وأغفله بوصفه شاغلاً له.([41])

وعليه، حين يكون التعويض المحكوم به عادلاً من جراء الإستملاك، يقتضي أن يشمل كامل خصائص المال المُسْتَمْلَك التي يمكن للمالك أن يستفيد منها.

وفي هذا الخصوص، يهمّنا التشديد على أنّ الحكم بالتعويض العادل، لا يختلف في أي من الإستملاكين المباشر وغير المباشر، ما يجعل من التعويض العادل لمصلحة المستملك منه أو عليه، أن يبقى بوضع مماثل للحالة التي كان عليها قبل نزع ملكيّته، وهنا لابدّ من توضيح مسألتين تتعلّقان بحالة التعويض الكامل  أو الربع المجاني.

الأولى، يتمّ الحكم بالتعويض الكامل في حالة إستملاك العقار بشكل كامل سواءً بالإستملاك العادي أو الناتج عن التخطيط، كما عندما يكون قسم من العقار المتبقي مقابل للأوتوسترادات المقفلة (المادّة 37 فقرة 3 منها). وهذا ما يطبّق أيضاً، في حالة توفّر الإستيلاء أو التعدّي، فإنّ المحاكم المدنية تحكم بالتعويض الكامل دون تطبيق قاعدة الربع المجاني عندما لا يكون هناك وجود تصديق لمرسوم تخطيط يعلن المنفعة العامّة([42]).

الثانية، نصّت المادة 35 إستملاك في الفقرة الخامسة، بند 2 على أنّه « تحيل الإدارة الملف إلى لجنة الإستملاك المختصّة ويطلب منها تخمين قيمة القسم المستملك من العقار مع مراعاة قاعدة الربع المجاني إذا كانت هذه القاعدة واجبة التطبيق».

أمّا المادّة 37 إستملاك في الفقرة الثانية منها، نصّت أنّه، « يفترض مبدئياً أن يلحق الأجزاء الباقية من العقارات المصابة بالتخطيط تحسين في قيمتها، فإذا كانت مساحة الجزء المصاب أقلّ من ربع مساحة العقار ضمّت إلى الأملاك العموميّة دون تعويض باستثناء التعويض المتوجّب عن المغروسات والأبنية والإنشاءات...»

أمّا في حال كان الإستملاك التخطيطي يصيب عقار مبني أو غير مبنيّ على النحو الذي أشرنا إليه أعلاه، والمقابل للأوتوسترادات المقفلة أو الجسور والمصابة بالتخطيط، فلا يجوز تملّك الربع دون تعويض (المادة 37 فقرة 3 منها)([43]).

أمّا إذا سبق، وقد طالَ العقار المستملَك، سابقاً أخذ مساحة الربع مجّاناً، فإنّه، عند وجود أيّ إستملاك  تخطيطي جديد، لا يتمّ تطبيق هذه القاعدة، هذا مع أخذ في عين الإعتبار مساحة العقار الأساسية ولو كان قد أصبح مجزءاً بسبب التخطيط الأوّل، مع التشديد أنّ لا تطبيق لقاعدة الربع المجاني عند إستملاك كامل العقار ويكون لمفاعيل التخطيط ذات قواعد الإستملاك العادي.([44])

إذاً، نكون بيّنا وبشكلٍ مبسَّط وموجز ماهية التعويض العادل الذي تقرّره لجان الإستملاك والمحاكم المدنيّة من جرّاء الإستملاك بنوعيه المباشر وغير المباشر، ما يقتضي تبعاً، التكلّم عن القوة التنفيذية للقرارات الصادرة في قضايا الإستملاك في النبذة الثانية.

النبذة الثانية – القوّة التنفيذيّة:

أ- بالنسبة لقرار لجنة الإستملاك الإبتدائية:

بعد صدور قرار لجنة الإستملاك الإبتدائية يتمّ تبليغ صورة طبق الأصل عن القرار بواسطة المباشر في المحكمة للأطراف أي المتقاضين. وهنا، لا بدّ التوقّف أمام أمرين، قانونيّة التبليغ (أولاً) ومن ثمَّ، لناحية تنفيذ القرار من قبل الإدارة (ثانياً). أوّلاً، حول المبدأ الذي فرضته المادّتين 398 و399 أصول مدنيّة، ما جعل كاتب اللجنة ليس حرّاً في إجراء التبليغ، بل هو مقيّد وفق أصول إلزاميّة متعلّقة بالنظام العامّ، توجب عليه تسليم الأوراق المطلوب تبليغها التثبّت من هويّة المبلّغ إليه وإدراج رقم وثيقة الهويّة في شروحات التبليغ، هذا عدا ما نصّت عليه المادّة 402 أصول مدنيّة، التي إستثنت صراحةً إمكانية تبليغ الحكم النهائي في قلم المحكمة. ما يقتضي تحرير وثيقة تبليغ على النحو الذي تشترطه المادّة 405 أصول مدنيّة ولا سيما في الفقرة 8 منها بخصوص تبليغ حكم قضائي لجهة: «ذكر مهلة الإعتراض أو إعتراض الغير أو الإستئناف أو النقض».

إذاً هناك شرطين للتبليغ: وجود وثيقة وتتضمّن بيانات خاصّة، بهدف تمكين صاحب العلاقة ممارسة حق الدفاع. نكرّر، هذه الصيغة الشكليّة تتعلّق بالنظام العام([45]). ما نقوله لهذه الجهة، هو للتأكيد على مخالفة القانون، إذا أخذ كاتب المحكمة توقيع صاحب العلاقة  في المحضر دون حضور محامٍ معه وتدوين عبارة أنّه تبلّغ واستلم صورة طبق الأصل صالحة للتنفيذ عن القرار وتنازل عن الحقّ في الإستئناف والمهل القانونيّة المتعلّقة به ، هذا أمر مخالف للنظام العام وأحكام القانون الإلزامية. ولكن، هذا الأمر حصلَ ويحصلُ، ما يحرم أصحاب الحقوق من حق التعويض العادل في مرحلة الإستئناف بعد ردّ الطعن شكلاً([46]). بينما، اللجنة الإستئنافيّة ذاتها، عادت وقبلت إستئنافات حصلَ تبليغ أحكامها النهائية بذات الطريقة في القلم وتدوين ذات العبارة، إلّا أنَّ اللجنة برّرت قبول الإستئناف شكلاً لأنّه وردَ ضمن المهلة القانونية. هذا تناقض قلّ مثيله([47]). كان من المفترض على اللجنة عدم الأخذ بالتبليغ المأخوذ في القلم للأحكام النهائية وغير المراعي للأصول وعدم إعطاء أية مفاعيل للعبارات المدوّنة لأنها مأخوذة من أصحاب الحقوق دون وجه حقّ. وتالياً، يقتضي إعتبار التبليغ باطل ومهلة الإستئناف غير سارية بحقّهم.  

أمّا ثانياً، إنَّ تبليغ القرار، يترتّب عليه فوراً نتائج تجاه الإدارة طالبة الإستملاك، بحيث يقتضي عليها وسنداً للمادة 29 و30 إستملاك، القيام فوراً بعدّة إجراءات وبمعزل عن إستئناف القرار الإبتدائي منها مباشرةً أو من صاحب الحقّ، لأنّ الإستئناف لا يوقف تنفيذ معاملات الإستملاك، ما يترتّب عليها القيام:

1-إيداع التعويض، يتمّ إيداع التعويض المقرّر بدايةً وإعلام صاحب التعويض بذلك، مع الإشارة أنّ الإدارة يجب أن تقرر([48])، مثلاً، إذا كانت بلدية، يجب أن يجتمع المجلس البلدي ويقرّر إيداع التعويض لا أن يقوم رئيس المجلس البلدي بمفرده بإصدار قرار الإيداع، إلّا أنّ تنفيذ القرار أي إتمام الإيداع يدخل ضمن صلاحياته.

2-تقرير  وضع اليد والإخلاء، الإدارة تقرّر وضع اليد على العقار والإخلاء، وتالياً لا يمكن وضع اليد إذا لم يسبقه إيداع التعويض قانوناً، وهناك أصول يقتضي مراعاتها لإبلاغ صاحب الحق والسجل العقاري (المادّة 30 إستملاك).

3-سريان الفائدة القانونية، إذا لم تقدم الإدارة على معاملة الإيداع تسري بحقّها بعد 6 أشهر على تاريخ تبليغ قرار اللجنة البدائية حكماً الفائدة القانونية (المادة 29 إستملاك فقرة 3 منها).

4-إعادة التخمين، في حال جاوز تأخير الإدارة سنتين عن القيام بالإيداع، فلمستحقّ التعويض أن يطلب من اللجنة مصدّرة القرار إعادة التخمين أمام اللجنة البدائية (المادّة 29 إستملاك فقرة 3 أيضاً

وهذا الحقّ الممنوح لصاحب الحقّ بالتعويض في طلب إعادة التخمين بعد مرور سنتين على تبليغ الإدارة، وعلى الرغم من سريان الفائدة القانونيّة بحقّها لمصلحته، يرتكز على كون صاحب الحقّ بالتعويض لا يمكنه مطالبة الإدارة بالتنفيذ، على إعتبار أنّ من حقّها الرجوع عن الإستملاك أي عن مرسوم المنفعة العامّة (المادّة 32 إستملاك)، ما يجعل من إحتمال الإدارة في الرّجوع عن الإستملاك بعد إنقضاء السنتين، تلاشي القرار الإبتدائي الذي حدّد التعويض وفقدان قوّته التنفيذيّة([49]).

إذاً، على ضوء ما ذكرناه أعلاه، وعلى الرغم من أنّ قرار لجنة الإستملاك الإبتدائية قابل للتنفيذ مباشرةً بعد تبليغ الإدارة ولا يتأثّر بحالة الطعن به، إلّا فقط في حال إستأنفت الإدارة يتمّ حجز نسبة من المبلغ.

ب- بالنسبة لقرار لجنة الإستملاك الإستئنافيّة:

عند صدور قرار لجنة الإستملاك الإستئنافية، يتمّ أيضاً إبلاغ الإدارة وصاحب الحقّ، وهنا يصبح بالإمكان إستلام صورة صالحة للتنفيذ عن القرار، ولكن قد تتأخّر الإدارة عن تسديد هذه القيمة من التعويض، ولا سيما، أنّه في حال أودعت التعويض الإبتدائي وتقرير وضع اليد، وإبلاغ أمانة السجل العقاري وصاحب الحقّ  تكون الملكيّة قد إنتقلت إلى إسمها.

ولكن، أي تأخير في تسديد التعويض الذي قد يترافق مع المباشرة في تنفيذ المشروع، لا يمنع من مطالبتها وربط النزاع معها للتنفيذ وإلزامها في تسديد الفائدة القانونية، حيث يتمّ تطبيق ما نصّت عليه المادة 29 فقرة 2 على المرحلة الإستئنافية أيضاً، وذلك لجهة سريان الفائدة بعد 6 أشهر على التبليغ([50])، إلّا أنَّ هناك البعض إعتبر أنّه يجب  منح الإدارة مهلة معقولة للتنفيذ دون تحديدها وتركها للإستنسابية وهذا غير صائب. ما نقوله لجهة القرارات الصادرة عن لجنة الإستملاك الإستئنافيّة، ينطبق في حال صدر قرار عن مجلس شورى الدّولة إذا تمّ الطعن أمامه وفقاً للحالات المنصوص عليها في المادّة 20 إستملاك.

ج- بالنسبة لقرار التعويض الذي يصدر عن القضاء المدني – العدلي:

سبق وأن تكلّمنا، عن أنَّ النزاعات مع الإدارة في حالة التعدّي أو الإستيلاء على الملكيّة الفرديّة والحقوق الأساسية دون سلوك الأصول القانونيّة، يرتّب الحقّ في مداعاتها أمام القضاء العدلي لمطالبتها بالتعويض. إنّ الحكم النهائي الذي يصدر بالتعويض لا يمكن تنفيذه مباشرةً قبل أن يتّصف بالصفة القطعية وفقاً لما نصّت عليه المادة 553 أصول مدنيّة والمادّة 564 منه. وعادةً الأحكام التي تصدر بتحديد قيمة التعويض، هي التي تحدّد تاريخ منطلق سريان الفائدة من صيرورة الحكم قطعيّاً ([51]).

ولكن، بالطبع إذا لم تقدم الإدارة إلى تسديد التعويض طوعاً بل إعتمدت التأخير المفرط Retard excessif، لا يمكن إلزامها من خلال التنفيذ عليها، بل تكون معرّضة لمداعاتها للتعسّف أمام القضاء الإداري والحكم عليها بالغرامة لحثّها على التنفيذ.

د- إسترداد العقار  في حال تمّ إبطال مرسوم الإستملاك أمام مجلس شورى الدولة :

إرتأينا التكلّم عن هذه المسألة ضمن المرحلة القضائية، لكون طلب الإسترداد قد يعيد الملف أمام لجان الإستملاك أو المحاكم المدنيّة عند صدور قرار إبطال عن مجلس شورى الدّولة في مراجعة الطعن المقدّمة لإبطال المرسوم، ولهذا السبب، يهمّنا التفريق بين مسألتين:

 المسألة الأولى، في حال كان المشروع الصادر لأجله الإستملاك غير منفّذ وقد سبق للإدارة أن أودعت التعويض وإتخذ قرار وضع اليد وجرى قبضه من صاحب الحقّ، فإنّ إمكانية إسترداد الملكيّة ليس لها مهلة وغير خاضعة لما نصّت عليه أحكام المادة 33 إستملاك، بحيث يتمّ الإسترداد بعد تقديم طلب للإدارة وإعادة تسديد المبلغ المقبوض. وعلى الإدارة الإستجابة الفورية لأنّ الإستمرار في وضع يدها على العقار يتحوّل إلى حالة من الغصب والإستيلاء. أمّا، في حال لم يتمّ قبض التعويض، على صاحب الحقّ الإكتفاء بتقديم طلب الإسترداد لإعادة نقل الملكيّة على إسمه، أمّا المبلغ المودَع فعلى الإدارة إسترداده على هِمَّتِها، بحكم أن الإستملاك قد أبطل، ولم يعد هناك مِنْ مبرّر قانوني لإبقاء الملكيّة على إسمها، وتالياً، لا محل لتطبيق القاعدة المعروفة أنّه عند إتمام الإيداع ينتقل الحق من الإدارة إلى صاحب الحقّ بالتعويض، ولأهميّة المفعول الإعلاني لقرار الإبطال وإعادة الحال إلى ما كانت عليه.

المسألة الثانية، أمّا في حال كان المشروع المُستَملَك لأجله قد نفذ،حكماً هنا  سوف يصبح الإسترداد دون موضوع بمعزل عن ما قد يعود لصاحب الحق من مطالبة الإدارة بتعويضات وتحميلها المسؤولية، ولا سيما منها، التعويض عن مرحلة المداعاة.

ه- حالة إسترداد العقار المستملك عند عدم تنفيذ المشروع أو العدول عنه :

في هذه الحالة لا بدّ من تمييز، مرحلة عدم إيداع التعويض والرجوع عن المشروع (1)  ومرحلة إيداع التعويض ووضع اليد ومن ثمَّ العدول صراحةً أو ضمناً (2):

1-الرجوع عن المشروع:

نصّت المادّة 32 إستملاك، أنّه « للإدارة قبل إيداع التعويض المقرّر أن ترجع في أي وقت عن مرسوم إعلان المنفعة العامّة»، إذاً في هذه المرحلة، يتبيّن، أنّه من تاريخ إصدار مرسوم الإستملاك وإن كانت المباشرة في تنفيذه قد تمّت سنداً لأحكام المادّة 8 إستملاك، يمكن للإدارة الرجوع عنه، طالما أنّها لم تودع التعويض المقرّر من قبل لجان الإستملاك. وهذا ما يستتبع شطب إشارة المرسوم من قيود السجل العقاري وإزالة أي أعباء تكون قد سبّبتها الإدارة لأصحاب الحقوق. في حين، أنَّ هذا الرجوع لا يبعد عنها طرق المداعاة من أصحاب الحقوق للتعويض في حال سبّبت أيّة أضرار من ماديّة ومعنويّة.

2-العدول عن المشروع:

نصّت المادّة 33 إستملاك، « أمّا إذا قرّرت الإدارة العدول عن المشروع، فيحقّ لمالك العقار أو لخلفائه العموميّين أن يطلبوا إسترداده خلال مهلة سنة من تاريخ إبلاغهم العدول بالطريقة الإداريّة. إذا إنقضت عشر سنوات من تاريخ قرار وضع اليد ولم تباشر الإدارة تنفيذ المشروع الذي جرى الإستملاك من أجله جزئيّاً أو كلّياّ أو لم تقرّر الإدارة تخصيصه لمشروع آخر أعلن من المنافع العامّة أو قرّرت هذا التخصيص ولم تباشر تنفيذه ضمن مهلة عشر سنوات، اعتبر ذلك عدولاً ومن حقّ مالك العقار أو خلفائه العموميّين أن يطلبوا إسترداده خلال مهلة سنة تبدأ من تاريخ إنقضاء مهلة العشر سنوات المذكورة، على أن يقدّموا طلباً خطياً بذلك إلى الإدارة المُستَملِكة.»

وعليه، ما يتبيّن أنّ هناك خيارين لتحقّق العدول عن تنفيذ المشروع:

الأوّل، عدول الإدارة صراحةً وإبلاغ أصحاب العلاقة أي من لهم صفة بهذا العدول.

الثاني، يتوفّر بإنقضاء 10 سنوات من تاريخ قرار وضع اليد وعدم المباشرة في تنفيذ المشروع جزئيّاً أو كلياً أو بعد مرور 10 سنوات على تخصيص الإستملاك القائم الى مشروع آخر، يكون أيضاً  في هذه الحالة لأصحاب الحقوق طلب الإسترداد خلال سنة من تاريخ إنقضاء ال 10 سنوات، ولكن هنا لا بدّ من توضيح حالة بدء سريان مهلة السنة (1) وآلية الإسترداد (2):

1-بدء سريان مهلة السنة:

حالة توفّر وضع اليد وعدم الإقدام على المباشرة بالتنفيذ لتاريخ إنقضاء ال 10 سنوات، تكون المسألة واضحة طالما لا يوجد أمر مباشرة تنفيذ. أمّا في حال قرّرت الإدارة التنفيذ جزئيّاً أو تخصيص الإستملاك لغير مشروع، بحيث يصبح بدء سريان مهلة ال 10 سنوات من تاريخ توقّف التنفيذ الجزئي أو قرار التّخصيص، وهذين التاريخين يعتبران منطلقاً سريان مهلة السنة لإسترداد الملكية، مع الإشارة هنا، أنّ مسألة التنفيذ الكلّي لا محل لها، لأنَّ المشروع يكون قد نفذ ومن المستحيل طرح وقبول فكرة الإسترداد.

2-آلية الإسترداد:

يقدَّم طلب خطّي من صاحب الحق ضمن المهلة القانونية إلى الإدارة المستملكة، وتحت طائلة سقوط حقّه، على أن يدفع نقداً بتاريخ التقديم كامل تعويض الإستملاك المدفوع له، يحال الطلب إلى لجنة الإستملاك المختصّة لتحديد ثمن الإسترداد على أساس قيمة العقار (م33 إستملاك الفقرتين 3 و4)، أي أنّ القيمة الحقيقيّة تقرّرها لجنة الإستملاك، وﺗﺤﺪﱢﺩ عمّا إذا كان مطلوب من صاحب الحقّ تسديد مبلغ إضافي خلال مهلة 6 أشهر من تاريخ تبلّغه قرار اللجنة.

ولكن، هناك إشكاليّة تثار، عمّا إذا يمكن لطالب الإسترداد تسديد قيمة التعويض المشار إليها نقداً وفقاً لما وردت في نصّ المادة 33 إستملاك، أو يمكنه إعتماد أية وسيلة من وسائل الدّفع. بالفعل، ما يتبيّن، وبشكل أساسي أنّ التعويض يجب دفعه نقداً، لا تعني إطلاقاً عدّاً ونقداً أي حصراً التسديد بالورقة النقديّة Bank-note. ما نقوله لهذه الجهة يجد أساسه كون الإدارة المستملكة، ﺗُﺴﺪﱢﺩ التعويضات عبر شيكات، كما في حالات أجيز لها تسديد تعويضات الإستملاك عبر سندات خزينة،  فلهذا السبب أشار النص إلى ضرورة التسديد عبر النقود أي عبر إعتماد أية وسيلة دفع للأموال (شيك، تحويل إلخ) غير السندات التي تكون قد سُدّد التعويض بموجبها، وهذا دون الأخذ بالحالة المصرفيّة الراهنة التي بدأت منذ العام 2019 والتي قيّدت حركة الأموال في التحويل، السحب والتعامل بالشيك. وتالياً إن عدم امتثال الإدارة  والسير في معاملة الإسترداد، بحجة عدم التسديد بالنقود نقداً، يجعل منها متعسّفة في إستعمال الحقّ، ويعرّضها للمداعاة.

الخاتمة:

في خلاصة هذا المقال، نصل إلى نتيجة مفادها، أنّ الإستملاك للمنفعة العامّة يجب أن يسلك دائماً وفقاً للأصول القانونية، حتّى لا يتحوّل إلى ﺗﻌﺪﱟ أو إستيلاء على الملكيّة أو الحقوق، والأهم أنّنا أشرنا إلى أنّ الإستملاك يطال الملكيّة وليس حصراً العقارات وإن كان المنقول البعض أدرجه في باب المصادرة، علماً، أنّه حتّى تتوفّر المصادرة وإخراج المنقول من أحكام قانون الإستملاك، يجب أن يكون هناك أحكام قانونية خاصّة تنصّ على ذلك. كما لا موانع تحول في المقابل من صدور مراسيم إشتراعية تجيز إستملاك بسبب المنفعة العامّة أموال منقولة، طالما أنَّ قانون الاستملاك أشارَ الى إستملاك الآثار والحقوق بشكل مستقلّ عن العقار.

إذاً، من المهم إعادة درس وتطوير قانون الإستملاك اللبناني رقم 58 الصادر في تاريخ 29/5/1991، حتّى يكون وافٍ لحالات الإستملاك التي تطال الملكيّة لسبب المنفعة العامّة. كما لجهة إعادة درس طرق الطعن للقرارات التي تصدر عن لجان الإستملاك الإستئنافية وضرورة تمكين أصحاب الحقوق الطعن بها وفقاً لشروط وأسباب شاملة وأكثر عدالة تساهم في تطوير القرارات القضائيّة، لا أن يبقى الطعن محصوراً فقط بمعيار نسبة التعويض وإهمال الأسباب القانونية الصرف التي تعيب أحياناً كثيرة قرارات اللجان مع ما تتضمنه من أخطاء جسيمة.

مع هذا كله، يبقى الإستملاك لسبب المنفعة العامّة من أولى أهداف الدّول ولهذا السبب، يجب إيلائه الأهميّة القصوى تشريعياً ومؤسّساتيّاً، لا النظر إليه فقط، من باب أهميّة المشروع أكثر من أنّه عمل إداري يجب أن يتَّصِف بالمشروعيّة، كما مراعاته الأصول التي يجب الخضوع لها في تطبيقه بكافة جوانبه العلمية، البشرية، المجتمعيّة، المادّية والقانونية.

 

[*]  https://bba24.org/bitrix/tools/disk/uf.php?attachedId=7091&action=download&ncc=1

[1]      -المادّة الأولى من قانون الإستملاك رقم 85/91 تاريخ 29/5/1991،«تستملك العقارات أو أقسامها وتنشأ عليها حقوق إرتفاق لمصلحة الإدارة كما يجوز أن يستملك ما لمالك العقار من حقوق في الفضاء الذي يعلوه وفي الباطن هو تحت سطحه، كما تستملك الحقوق العينية العقارية. كلّ ذلك لأجل المنفعة العامة، لا يجوز أن ينزع عن أحد ملكه إلّا لأسباب المنفعة العامة وبعد تعويضه تعويضاً عادلاً...».

-المادّة الثالثة من قانون الإستملاك رقم 58/91 تاريخ 29/5/1991،«مراسيم الإستملاك المتعلّقة بالآثار ... يحقّ للإدارة خلالها إجراء عملية التنقيب في العقار أو العقارات موضوع الإستملاك وإستخراج الآثار منها عند الحاجة... ».

[2]      -L’article 17 de la déclaration des droits de l’homme et du citoyen : « La propriété étant un droit inviolable et sacré, nul ne peut en être privé, si ce n’est lorsque la nécessité publique, légalement constatée, l’exige évidemment, et sous la condition d’une juste et préalable indemnité ».

           -L’article 545 du code civil : « Nul ne peut être contraint de céder sa propriété, si ce n’est pour cause d’utilité publique, et moyennant une juste et préalable indemnité.»

[3]       René Chapus, droit administratif général, tome 2, 14e éd., Montchrestien 2000, p.686, nº853 : « Le lien entre expropriation et droits réels immobiliers est très fort. Ce n'est que de façon tout à fait exceptionnelle qu'il est arrivé que le recours à l'expropriation soit ouvert en matière de propriété mobilière : on ne peut guère citer que la possibilité d'exproprier les brevets d'invention intéressant la défense nationale, et celle d'exproprier les « biens culturels maritimes» (épaves, objets présentant un intérêt archéologique ou historique...) situés dans le domaine public maritime.»

[4]        Dalloz, Nouveau répertoire tome II,1948, D-L, Expropriation pour cause d’utilité publique, p.462, nº4 ; «… L’expropriation ne peut porter ni sur les biens du domaine public, soit de l’Etat, soit des départements, soit des communes, pour lesquels il y a lieu simplement à changement d’affectation…»

[5]      Le Robert, dictionnaire alphabétique et analogique de la langue française, tome deuxième, 107 avenue parmentier – Paris-XIe 1970, Ex prof - Ex pul, p.777 : Exproprier « déposséder légalement (quelqu’un) de la propriété d’un bien. »

[6]      م.1216: « لدى الحاجة يؤخذ ملك كائِن من كَان بالقيمة بأمر السلطان ويلحق بالطريق لكن لا يؤخذ من يده ما لم يؤدى له الثمن راجع مادتي 251 و262.  راجع أيضاً قانون الإستملاك القديم وقانون الإستملاك الجديد وتعديلاته. ويشترط في الإستملاك على الإطلاق وجود المنفعة العامّة والضرورة وهذا الفرع معروف بين الفقهاء في الأخذ من المسجد بقيد (إذا ضاق). »

[7]      - Le Robert, dictionnaire alphabétique et analogique de la langue française, tome deuxième, 107 avenue parmentier – Paris-XIe 1970, Ex prof - Ex pul, p.777 : Expropriation, Dr. Adm. Expropriation pour cause d’utilité publique : « Opération administrative par laquelle le propriétaire d’un immeuble est obligé d’abondonner à l’administration  la propriété de son bien moyennant indemnité, lorsque l’utilité publique l’exige» .

-Encycl. Dalloz, Droit administratif, tome II 1959, ETA – Z, Expropriation pour cause d’utilité publique, p.70,nº1, : « L’expropriation constitue une atteinte grave au droit de propriété puisqu’elle permet la dépossession définitive et totale d’un propriétaire dans l’intérêt général …»

[8]            Article L121-1 du code de l’expropriation pour cause d’utilité publique : « L'utilité publique est déclarée par l'autorité compétente de l'Etat. Un décret en Conseil d'Etat détermine les catégories de travaux ou d'opérations qui ne peuvent, en raison de leur nature ou de leur importance, être déclarés d'utilité publique que par décret en Conseil d'Etat ».

[9]       -مجلس شورى الدولة، الغرفة برئاسة القاضي طلال بيضون، قرار إعدادي رقم 164/2017-2018 تاريخ 2/1/2018، منصور ورفاقه/ الدولة وزارة الطاقة والمياه ومؤسسة كهرباء لبنان، غير منشور، «وقف تنفيذ المرسوم المطعون فيه لمدة شهرين وتكليف المستدعى بوجهها – الدولة والشخص الثالث المقرر إدخاله مؤسسة كهرباء لبنان تقديم دراسة تقييم الأثر البيئي للمشروع الذي تم إستصدار هذا المرسوم من أجل تنفيذه وذلك وفقاً لأحكام المرسوم رقم 8633 تاريخ 7/8/2012 ( أصول تقييم الأثر البيئي )».

-مجلس شورى الدولة، الغرفة برئاسة القاضي طلال بيضون، قرار نهائي  رقم 270/2020-2021 تاريخ 13/4/2021 منصور ورفاقه/ الدولة- وزارة الطاقة والمياه ومؤسسة كهرباء لبنان، غير منشور، « ... بما أن إحجام المستدعى ضدّها والمقرر إدخالها عن إيداع هذا المجلس دراسة تقييم الأثر البيئي للمشروع  المراد تنفيذه يفضي إلى القول بعدم حصول هذه الدراسة، وبالتالي مخالفة أحكام هذا المرسوم رقم 8633 تاريخ 7/8/2012 المتعلق بأصول تقييم الأثر البيئي، وبما أن المرسوم المطعون فيه الرامي إلى إنشاء مشروع ( محطة تحويل رئيسية في منطقة وادي جيلو – محافظة لبنان الجنوبي ) يستلزم حكماً تقييم الأثر البيئي الناتج عنه، والصادر دون إجراء هذا الموجب، يعتبر مشوباً بتجاوز حدّ السلطة إذ أن إغفال إجراء هذا التقييم يحول دون إمكانية تقدير المساوئ البيئية المحتمل أن تنتج عن المشروع المنوي تنفيذه ومقابلتها مع المنفعة العامة المتوخاة منه تطبيقاً لنظرية الموازنة بين أضرار الإستملاك وفوائده المعمول بها في مجال الإستملاك للمصلحة العامّة. وبما أنّ إدلاءات المقرر إدخالها لجهة أن المشروع الجاري الإستملاك لأجله ليس إنشاء محطّة تحويل كهربائي جديدة بل تحويل المحطة الموجودة حالياً إلى محطة ثابتة توصلاً للقول بعدم توجّب إجراء تقييم الأثر البيئي للمشروع تستوجب الردّ، إذ أنّ المادّة الثالثة من المرسوم رقم 8633 تاريخ 7/8/2012 ( أصول تقييم الأثر البيئي ) تنصّ على أن يخضع لأحكام هذا المرسوم أي تعديل، إضافة، توسيع أو إعادة تأهيل أو تفكيك لمشروع قائم، ... قبول المراجعة في الشكل والأساس وإبطال المرسوم...»

  [10]        ألبرت سرحان، يوسف الجميل وزياد أيوب، القانون الإداري الخاص، منشورات الحلبي، الطبعة الأولى 2010، ص 253 و254.

[11]       René Chapus, droit administratif général, tome 2, 14e éd. 2000, Montchrestien, p.687-688, nº 855 et 856. «Mais ce n’est pas toujours l’Etat qui est l’initiateur de l’expropriation et il n’en est pas non plus toujours le bénéficiaire. 1º) Cela signifie d’abord que l’Etat n’est pas la seule autorité susceptible d’avoir la qualité d’expropriant»… l’expropriation peut être demandée et poursuivie par les autres personnes publiques et elle peut l’être également par certaines personnes de droit privée :celle dont l’activité est d’intérêt général. (Concessionnaires de mines, de distribution d’énergie électrique, et de chutes d’eau, c’est-à-dire de production d’électricité hydraulique).

2º) L’Etat peut exproprier pour le compte d’autrui, pour le compte de personnes auxquelles la qualité d’expropriant n’appartient pas. C’est ainsi que des personnes privées dépourvues de la qualité d’expropriant pourrant être les bénificiaires  d’une expropriation et cela grâce à la cession qui leur sera faite du bien exproprié.»

[12]       -مجلس شورى الدولة، قرار رقم 144 تاريخ 19/1/2000، مجلة القضاء الإداري في لبنان 2003، المجلّد الأوّل، عدد 15، ص 261 إلى 263.

          -مجلس شورى الدولة، قرار رقم 438 تاريخ 5/7/2000، مجلة القضاء الإداري في لبنان 2003، المجلّد الأوّل، عدد 15، ص 766 إلى 770.

[13]      المادة 13:  من المرسوم رقم 8633 تاريخ 7/8/2012 المتعلّق بأصول تقييم الأثر البيئي، نصّت بأنّه، « يعتبر التقرير الصادر عن وزارة البيئة بشأن دراسة تقييم الأثر البيئي و/أو الفحص البيئي المبدئي صالحاً لمدة سنتين في حال لم تتم المباشرة بتنفيذ المشروع.» وفي هذا الخصوص، ما يهمّنا الإشارة إليه، أنّ هذا الأمر حصل في الإستملاك الصادر بموجب المرسوم رقم 2066/2015 تاريخ 4/6/2015 والمتعلّق بإنشاء سدّ وبحيرة بسري وجرّ المياه إلى بيروت، حيث صدر تقرير الأثر البيئي بموافقة مشروطة عن وزير البيئة في تاريخ 5/6/2014، إلّاأنّ المباشرة في تنفيذ المشروع بدأت في تاريخ 31/5/2019 . ولكن المشروع ما زال متوقفاً ولم يُستكمل تنفيذه للمخالفات التي شابته بقرار من البنك الدولي ورفض البلديّات والضغط الشعبي.

[14]      المادّة 25: « عندما يستملك ما تحت سطح أرض عقار ما بالإستقلال عما فوقه أو عندما ينشأ لمصلحة الإدارة حقّ على ما فوق سطح أرض عقار ما، يحدّد التعويض بمقدار ما يلحق بالمالك من ضرر نتيجة الحدّ من إنتفاعه بملكه».

[15]        هيئة التشريع والإستشارات في وزارة العدل، إستشارة رقم رقم 284/2000 تاريخ 11/5/2000، إستملاك لصالح الجيش، صادر، جزء 1، ص 1519 إلى 1522: «  ... حيث في غير الحالة التي تقرر فيها السلطة المختصّة، من الأصل أي من تاريخ تحضير وصدور مرسوم إعلان المنفعة العامة، أن الضرورات العسكرية تقضي السرية والسرعة، والتي أجاز فيها الشارع الشذوذ عن المبدأ العام الآنف الذكر وأباح بالتالي وضع اليد فوراً على العقارات غير المعلنة في مرسوم الإستملاك، بقرار من وزير الدّفاع الوطني قبل تحديد التعويضات المتوجّبة، في غير تلك الحالة لا يصحّ أن تطبق على الإستملاكات العادية المقرّرة لمصلحة الدفاع الوطني والتي لا يتوفّر فيها ركنا السريّة والسرعة، القواعد الخاصّة التي تحكم إجراءات الإستملاك غير العادية التي تستوجبها الضرورات العسكرية...»

[16]     المرسوم رقم 429 تاريخ 31/3/1983 والذي يرمي إلى تطبيق أحكام الإستملاك المستعجل في الوسط التجاري لمدينة بيروت، الجريدة الرّسمية عدد 15 تاريخ 14/4/1983، ص 415 و416.

[17]   سليمان مالك، تعليق على القرار رقم 272/2020 تاريخ 14/10/2020 الصادر عن القاضي المنفرد المدني في بيروت الناظر في قضايا الأمور المستعجلة، الدولة اللبنانية – المديرية العامة لرئاسة الجمهورية/ شركة مرّ تلفزيون ش.م.ل. MTV، مجلة العدل 2020، عدد 4، ص 1769 إلى 1779 (في إختصاص القضاء العدلي): «يتوفّر الإختصاص الوظيفي للقضاء العدلي عندما تكون الإدارة هي أحد أطراف النزاع في حالتين، إمّا بالإستناد إلى نصوص قانونية خاصة وإمّا عند حالة التعدّي على الملكيّة الفرديّة والحقوق الحرّيّات الأساسية.»

[18]     محكمة التمييز المدنيّة، الغرفة الثامنة، قرار رقم 32 تاريخ 23/3/2006، صادر في التمييز، الجزء الثاني ص 1175 إلى 1176:

- محكمة الدرجة الأولى في جبل لبنان، قرار رقم 537 تاريخ 24/11/2016، العدل 2017 عدد 1، ص 377 إلى 379.

-محكمة التمييز المدنيّة، الغرفة الثامنة، قرار رقم 76 تاريخ 25/9/2018، العدل 2019 عدد 1، ص 245 و 246.

-محكمة الدرجة الأولى في بيروت، الغرفة السابعة، قرار رقم 19 تاريخ 30/11/2020، غير منشور، «حيث بالعودة إلى معطيات الدعوى الراهنة فإنّه يتّضح عدم وجود مرسوم إستملاك وغياب الأصول المتوجّبة قانوناً لوضع البلديّة يدها على المساحة المطلوب التعويض بشأنها مما يجعل إستملاكها إستملاكاً غير مباشر يعقد إختصاص المحكمة الراهنة بصفتها حامية الحقوق الفردية، مما يقتضي معه ردّ الدفع بعدم الإختصاص وإعلان إختصاص المحكمة للنظر بطلب التعويض عن الإستملاك غير المباشر».

[19]      Marcel Waline, Droit administratif, 8e éd. 1959, traités Sirey, p.87, nº145.

[20]      Antoine Moarbês, L’expropriation en droit Libanais, p.284.B.  

[21]      Charles Debbash et Jean-Claude Ricci, Contentieux administratif, 6e éd., Précis Dalloz 1994, p.76, nº84.

[22]       René Chapus, Droit Administratif Général, tome 1,  9e éd.,  Montchrestien 1995, p.765, 766 et 767, nº940 : «Deux conditions de la voie de fait doivent être satisfaites : 1º) La première vient d’être mentionnée. Il est nécessaire que l’action administrative ait porté une atteinte grave à la propriété privée ou à une liberté fondamentale. 2º) La seconde tient à l’exigence que l’action de l’administration ait eu un caractère gravement illégal(…).

 [23]          يوسف سعدالله الخوري، القانون الإداري العام، الجزء الثاني، الطبعة الأولى 1994، ص 65 و 67.

[24]       Le Robert, dictionnaire alphabétique et analogique de la langue Française, tome deuxième DEFic, 107, Avenue parmentier – Paris – XIe 1970, Emprise, p.467.

[25]       Dalloz, Répertoire de droit public et administratif, Mise à jour 1972, p.811, nº27.

[26]       Charles Debbash et Jean-Claude Ricci, Contentieux administratif, Précis Dalloz 1994, 6e éd., p.74, nº83.

[27]       Marcel Waline, Droit  administratif, 8e éd.1959,Traités Sirey, 833, nº1482 : « l’expropriation suppose donc une procédure qui, depuis 1810,  se déroule devant l’autorité judiciaire et de 1833 à 1935, a comporté la collaboration d’un jury pour la fixation de l’indemnité. Il en résulte qu’aujourd’hui, toutes les fois qu’elle a besoin d’une propriété qu’elle ne peut acquérir à l’amiable, l’administration est obligée d’engager une procédure. Elle ne peut passer outre et prendre d’autorité la terre ou la maison, il faut s’adresser à l’autorité judiciaire.»

[28]         Marceau Long, Prosper Weil et Guy Braibant, Les grands arrêts de la jurisprudence administrative, 2e éd., Sirey 1958, nº82 : « La protection de la propriété privée rentre essentiellement  dans les attributions de l’autorité judiciaire.

[29]      René Chapus, Droit administratif général, tome 1, 9e éd., Montchrestien 1995, p.765, nº939.

[30]      هيئة التشريع والإستشارات في وزارة العدل، إستشارة رقم 105/2003 تاريخ 25/2/2003، إستملاك-إستملاك غير مباشر، صادر، ج1، ص 1546/3 و1546/4: « وحيث أنّ هذه الهيئة تقترح للمستقبل، أن تشكّل لجنة أو أكثر برئاسة قاضٍ أو قضاة من هيئة التشريع والإستشارات، تؤلف بالإستناد إلى المادة 25 من قانون تنظيم وزارة العدل، وتتولّى تخمين التعويضات المترتّبة في حالات التعدّي والغصب والإستملاك غير المباشر وإقتراح أسس المصالحات الممكن إجراؤها بشأنها، على غرار لجنة حلّ الخلافات المنشأة في وزارة الأشغال العامّة، وحيث أنّه فيما يتعلّق بالمعاملة الرّاهنة فليس لدى الهيئة من المعطيات ما يمكّنها من تخمين قيمة العقار موضوع المصالحة، إلّا أنها ترى بغياب اللجنة ذات الطابع القضائي، وبما لها من حق تقدير مرتبط بالمعطيات المتوفّرة، أنّه بالإمكان السير بمشروع المصالحة المعروض بحدود مبلغ لا يتجاوز /100,000,000/ ل.ل. ماية مليون ليرة لبنانية».

[31]          -هيئة التشريع والإستشارات في وزارة العدل، إستشارة رقم 29/ر/1972، إستملاك-إستملاك غير مباشر، صادر، جزء1، ص 1527:«أنّه في الحالة المعروضة بالسؤال أعلاه لا يسري مرور الزمن المسقط للحق بالتعويض ما دامت الملكيّة جارية في السجل العقاري على إسم المستملَك عليه».

               -محكمة التمييز المدنية، قرار نقض رقم 1 تاريخ 3/1/1972، مجموعة إجتهادات حاتم، ج 129، ص 24 و25.

[32]         ميشال كامل الخوري، قضايا الإستملاك، طبعة ثانية 1962، ص125.

[33]       محكمة التمييز المدنية، الغرفة الأولى قرار رقم 59 تاريخ 26/5/1956، مجموعة باز، منشورات الحلبي الحقوقية، جزء 1956، ص93 و94، «بما أنّ الإجتهاد إستمر إعتبار أنّ لجنة التخمين المنصوص عنها المادّة 11 المعدّلة بالمرسوم الإشتراعي 45 طابع قضائي فالأعمال الصادرة عنها هي أعمال قضائية...»

[34]       -هيئة التشريع والإستشارات في وزارة العدل إستشارة رقم 452/ر/1971، إستملاك-لجان إستملاك ، صادر، جزء 1، ص 2015 و2016:« حيث أن إجتهاد محكمة التمييز اللبنانيّة تمشى على إعتبار أن لجان الإستملاك ليست هيئات إستشاريّة ملحقة بالإدارات العامّة ومكلّفة بتنفيذ مصلحة عامّة، إنّما هي هيئات حاكمة مستقلّة ذات طابع قضائي تفصل في المنازعات المتعلّقة بمقدار التعويض بين الإدارة المستملكة وأصحاب الحقوق وتتولّى تحديد هذا التعويض، وإن قراراتها بالنظر للصفة القضائية التي تتسم بها تبرم وتكتسب الدرجة القطعيّة وتتمتع بقوة القضيّة المحكمة وإذا لم يطعن بها ضمن المهلة القانونية، وحيث أنّ قوة القضيّة المحكمة تقتصر على ما يحتوي عليه منطوق القرار دون الوقائع والأسباب، ما لم يكن القرار غامضاً أو ناقصاً فيفسّر عندئذٍ على ضوء بعض أسبابه ووقائعه التي تعتبر متّحدة به إتحاداً لازماً لا يتجزأ والركن الضروري الذي لا يقوم بدونه وتكون لها بالتالي قوة القضيّة المحكمة العائدة له.»

-محكمة التمييز المدنيّة، الغرفة الأولى قرار رقم 67 تاريخ 9/9/1959، مجموعة إجتهادات حاتم، ج 39، ص 19.

[35]     مجلس شورى الدّولة، قرار رقم 58 تاريخ 8/4/1986، مجلة القضاء الإداري، 1987/1988، عدد 3، ص 109.

[36]        لجنة الإستملاك في لبنان الجنوبي، قرار رقم 60/97 تاريخ 23/5/1997، النشرة القضائية 1997، جزء 2، ص814.

[37]        - Cour de cassation, civile, Chambre civile 3, 10 mars 2009, 08-12.281, Inédit - Légifrance (legifrance.gouv.fr) , CCI Grand Lille c/cts frement, R.Dimm.2009, p.349, note C.Morel ; Jurisclasseur, Expropriation pour cause d’utilité publique, Indemnisation, 8 mai 2015,Fase 400-16, p.32.

- Cour de cassation, civile, Chambre civile 3, 9 février 2010, 08-22.131, Inédit - Légifrance (legifrance.gouv.fr) , cts Etudier, C/communauté c nes canton de Bollec ; RD imm. 2010 p.196, , note C.Morel : «Les juridictions d’expropriation apprécient souverainement l’indemnité d’expropriation en fonction des éléments de comparaison qui lui sont apparus les mieux appropriés».

[38]          Cass.3e civ. Mars 1997, exp. Soudais c/sté autorisés sud de la France : AJPZ 1997, p. 68, obs. A.B., Jurisclasseur, Expropriation pour cause d’utilité publique, Indemnisation, 8 mai 2015, Fasc.400-16, p.59 :« Le préjudice ne sera réparé que si le gisement fait l’objet ou peut faire l’objet d’une exploitation».

[39]          ميشال كامل الخوري، قضايا الإستملاك، طبعة ثانية 1962، ص50.

[40]          محكمة التمييز المدنيّة، قرار رقم 133 تاريح 13/12/1982، صادر بين التشريع والإجتهاد، قوانين الإستملاك، بند 7، ص20.

[41]          -بداية المتن، قرار رقم 127 تاريخ 23/11/1956، صادر بين التشريع والإجتهاد، قوانين الإستملاك، بنده، ص20.

   -لجنة الإستملاك الإبتدائية في الجنوب، قرار رقم 289 تاريخ 17/12/2016،« وأنّ اللجنة بما لها من حقّ التقدير وبعد أخذها بعين النظر عناصر  التخمين كافّة، لا سيما موقع العقار ووجهة إستثماره وقربه من الطريق العامّة، وبعد التدقيق والمذاكرة، تقرّر بالإتفاق التعويض عن أرض العقار والأشجار كما وردت في بيان الإستملاك ومحضر الكشف المحلّي».

  [42]          -محكمة التمييز المدنية، قرار رقم 161 تاريخ 5/11/1968، النشرة القضائية 1970، ص784.

-محكمة التمييز المدنية، قرار رقم 65 تاريخ 24/5/1972، ضاهر/مجلس تنفيذ المشاريع الإنشائية ومصلحة التعمير، جزء 133، ص18.

-محكمة التمييز المدنية، قرار رقم 9 تاريخ 10/1/1972، الدولة اللبنانيّة/شركة الرّابية، جزء 133، ص17.

[43]         ملاحظة: هذه الفقرة التي أضيفت في التعديل تاريخ 8/12/2006 أشارت صراحةً إلى إستبعاد تطبيق قاعدة الربع المجاني، ما يقتضي التعويض الكامل على مالك العقار كون عقاره لا يستفيد من مرور الأوتوستراد أو الجسر أي أنّه لم يلحقه تحسين في القسم غير المصاب بالتخطيط، كحال عدم وجود منفذ للعقار مباشر على الأوتوستراد، بل يدخل إليه من ممر جانبي، بحيث يقبض قيمة تعويض الإستملاك عن كامل المساحة المستملكة. ولكن الإشكالية الحاصلة فعليّاً على أرض الواقع، ككل الأوتوسترادات المستملكة بمعظمها مقفلة، مثلاً الذي يربط بيروت بالجنوب على طول الخط الساحلي، إن معظم العقارات وفق ما نشاهده بالعين المجرّدة، أنَّها إستحدثت منافذ مخالفة للأصول، ما يعرّض السلامة العامّة للخطر، وتالياً نكون أمام حالة قبض التعويض الكامل ومن ثمَّ الإلتفاف على هذا الأمر وفتح منافذ مخالفة، حتّى غدا الأوتوستراد غير مقفلاً، مع ما يشكّله هذا الأمر من خطر على السلامة المروريّة، كما هناك حرمان لخزينة الدولة من الإستفادة من التحسين الحاصل.

[44]         محكمة التمييز المدنيّة، قرار رقم 72 تاريخ 30/5/1973، إستملاك، مجموعة إجتهادات حاتم، ج145، ص20 و21:« بما أن الربع المجاني يقتطع مقابل التحسين الذي يطرأ على ما تبقّى من العقار بسبب مرور الطريق أو إنشاء ساحة بجواره مما يزيد من قيمة الباقي منه بعد الإقتطاع. وهذا المبدأ يصبح غير وارد عندما يكون الإقتطاع شاملاً كامل العقار ويكون القرار المطعون فيه طبّق القانون تطبيقاً صحيحاً»

[45]          -محكمة التمييز المدنيّة، الغرفة الأولى، قرار رقم 87 تاريخ 13/11/2012، القرارات المدنيّة صادر 2012، ص75 إلى 81:«حيث أنّ المشترع قد فرض شكلاً لإجراء التبليغ وذلك تطبيقاً لقواعد التبليغ المنصوص عنها في المادّة 397 أ.م.م. وما تلاها، وحيث أنّ هذا الشكل هو جوهري وضروري لسريان مهلة الطعن بالأحكام المبلّغة أصولاً.وحيث أنّه لا يغني عن هذا التبليغ أن يكون صاحب الشأن قد علم فعليّاً بهذا الحكم أو إستلم نسخة عنه من قلم المحكمة أو سلك طريق الطعن ضدّه، بل لا بدّ لأجل ذلك إرسال صورة الحكم إليه طبقاً لقواعد التبليغ المنصوص عنها...»

-محكمة التمييز المدنيّة، الغرفة العاشرة، قرار رقم 40 تاريخ 30/7/2009، القرارات المدنيّة صادر 2009، ص 1145 إلى 1151:«... وحيث عندما ينصّ القانون على أصول وبيانات معيّنة لصحّة حصول التبليغ أو الإجراء القانوني، فإنّه يقتضي مراعاتها، وإنّ عدم مراعاة تلك الأصول  يؤدّي إلى بطلان الإجراء لأنّه يكون فاقداً لشروط صحّته المنصوص عليها بطريق الوجوب كما في حال المادّة 405 أصول محاكمات مدنيّة المشار إلها والمتعلّقة بحقوق الطعن وهي متعلّقة بالنظام العام».

[46]         لجنة الإستملاك الإستئنافية في محافظة لبنان الجنوبي، قرارات رقم، 37، 38، 39، 40، 41، 42 و43/2018 غير منشورين، « وحيث أن المادة /653/ من قانون أ.م.م تنص على أن : " في القضايا التي يصح فيها الصلح يجوز العدول عن حق الإستئناف، لا يصح العدول قبل إقامة الدعوى، بل يجوز بعد إقامتها، وهو يتم بإتفاق صریح قبل صدور الحكم، ويتم بعد صدوره بالرضوخ له صراحةً أو ضمناً، ويعتبر تنفيذ الحكم طوعاً بدون تحفظ رضوخاً له "وحيث تبين من محضر ضبط المحاكمة الإبتدائية أن المستأنفين حضروا بتاريخ 14/1/2017 إلى قلم المحكمة وتبلغوا بذات التاريخ الحكم المستأنف واستلموا صورة طبق الأصل عنه صالحة للتنفيذ بعد أن أبرزوا ما يثبت صفتهم متنازلين عن حقهم في الإستئناف وفي المهل المتعلقة به ووقعوا. وحيث أن المستأنفين تقدموا بإستئنافهم بتاريخ 21/7/2017 أي بعد حوالي ستة أشهر بحيث يكون ورد خارج المهلة القانونية وبعد أن رضخ المستأنفون للحكم المستأنف وتنازلوا عن حقهم بالإستئناف بعد صدور الحكم، بما يوجب عدم قبول الإستئناف شكلاً ».

[47]         اللجنة الإستئنافيّة في محافظة لبنان الجنوبي، قرار رقم 31 تاريخ 16/3/2018، غير منشور.

[48]         -المادّة 29 إستملاك، « على الإدارة فور تبلّغها قرار اللجنة أن تقوم بإيداع التعويض...»

-المادّة الأولى من المرسوم رقم 55/1977 المتعلّق بقواعد وأصول تطبيق المادة 17 من قانون التنظيم المدني، نصّت على أنَّ «الإدارة تعني، إمّا البلدية وإما وزارة...»

[49]        -لجنة الإستملاك الإستئنافية في محافظة لبنان الجنوبي، قرار رقم 51/97 تاريخ 9/5/1997 منشور في مؤلّف المحامي موريس نخلة، ملحق قانون الإستملاك المنقّح، منشورات الحلبي الحقوقية، بيروت – لبنان 1998، ص253؛ « وحيث أنّ القرار الإستئنافي الصادر عن هيئة سابقة لهذه اللجنة، فقد نتيجة عدم إيداع قيمته وعدم صدور وضع يد ونقل ملكية في حينه على إسم الجهة المستملكة، قوته التنفيذية التي تلاشت بفعل مرور الزمن، هو سنتان على حصول تبليغ القرار الإستئنافي دون إستتباعه بسائر الإجراءات المنوه بها (...)

وحيث أن فقدان القوة التنفيذية لهذا القرار هو الذي يجيز للجنة التي أصدرته أن تضع يدها مـجـدداً ليس لأحـد أسباب طرق المراجعة المعروفة كالإعتراض أو إعتراض الغير أو إعادة المحاكمة بل في سبيل تحقيق العدالة التي أولاها المشترع في قانون الإستملاك الجديد عناية خاصة لم تعرفها قوانين الإستملاك السابقة له على الإطلاق، مهدراً بذلك حجيّة القرار السابق أيضا لأسباب واقعية محضة...»

-هيئة التشريع والإستشارات في وزارة العدل، إستشارة رقم 79/2007 تااريخ 12/2/2007، صادر، جزء 2، ص2050/9 و10:«حيث أنّ المادة 32 من قانون الإستملاك، بإجازتها الإدارة، قبل إيداع التعويض المقرّر، علماً أنّ التعويض يقرّر بموجب قرار صادر عن لجنة الإستملاك الإبتدائية والإستئنافيّة، أن ترجع عن مرسوم إعلان المنفعة العامّة، تكون بذلك قد رتّبت على الرّجوع عن مرسوم الإستملاك نتيجة تلاشي المفاعيل السابقة التي أنتجها المرسوم قبل الإطاحة به ومنها قرار لجنة الإستملاك الذي هو بطبيعته، وخلافاً للقرارات القضائية الأخرى، معرّضاً لإعادة النظر به، ويكفي دليلاً على ذلك مضمون البند 2 من المادّة /29/ من قانون الإستملاك.»

[50]         مجلس شورى الدّولة، قرار رقم 362 تاريخ 10/3/1999،  مجلة القضاء الإداري في لبنان، العدد 14، مجلّد  2002، ص 357 و358 : « وبما أنَّ إسناد المستدعي مراجعته إلى المادة 29 من قانون الإستملاك يستتبع إعتبار أن سريان الفائدة يبدأ من تاريخ إنتهاء مدّة الستّة أشهر على إبلاغ المستدعى ضده قرار لجنة الإستملاك الإستئنافية أي أنّ الفائدة تبدأ بالسريان إعتباراً من تاريخ 24/11/1997...»

[51]         محكمة الدرجة الأولى في جبل لبنان، الغرفة الثالثة، قرار رقم 266 تاريخ 28/5/2015، مجلة العدل، عدد 2، ص 1657 إلى 1662.

 

احدث المواضيع

{{subject.ShortTitle}}

البوابة القانونية الالكترونية الأشمل و الأكثر استخداما في لبنان