ترجم هذا الموقع إلى
بدعم من غوغيل
تنفيذ
للحصول على ترجمة "صادر" القانونية أو أي استفسار info@saderlegal.com

|

{{title}}

لم يتم العثور على المحتوى

تعويضات المتضررين من جراء إنفجار مرفأ بيروت


تعويضات المتضررين من جراء إنفجار مرفأ بيروت

{{subject.Description}}

في 4 آب 2020 أصيب لبنان بصورة عامة وبيروت بصورة خاصة بكارثة من جراء تدمير مرفأها ، والمتضررون يسألون عن آلية التعويض الواجب اتباعها. وقد كان لنقابة المحامين في بيروت دور رائد في هذا المجال اذ انشأ النقيب خلية متخصصة لمواكبة هذه المسألة، فما هي الاجراءات المتبعة وفقا للمسار القضائي للقضية.

فور حصول الانفجار الكارثي تحركت النييابة العامة التمييزية بشخص مدعي عام التمييز ومعاونية. وتم الشروع بالتحقيقات اللازمة. ثم جرى احالة الملف امام المجلس العدلي؛ فما هي الاجراءات اللازمة لحفظ الحق بالتعويض خلال هذه الفترة من النزاع ؟ يقتضي التقدم بالشكاوى اللازمة التي يتخذ فيها المتضررون صفة الادعاء الشخصي بوجه مجهول وبوجه كل من يظهره التحقيق: فاعلا ، شريكا ، محرضا او متدخلا ، بعضهم قام بهذا الاجراء امام النيابة العامة التمييزية وبعضهم الاخر مدعو الى القيام بذات الاجراء امام المحقق العدلي حفظا للحقوق وصونا لها.

ويحسن ان ترفق مع الشكوى صورا فوتوغرافية تبيّن حجم الاضرار الحقيقية، او الاســـتعانة ـ اذا امكن ـ بتقرير خبير فني يصف بموجبه الاضرار ويبيّن قيمتها التقديرية. وهنا لا بد من الاشارة الى ان الخبير المعيّن من قبل قاضي الامور المستعجلة للمعاينة الفنية لا يمكنه تحديد قيمة الاضرار، لكون هذه المسألة تدخل في اختصاص قضاء الاساس. ولكن الامر يبقى متاحا امام المتضرر لارفاق تقرير بالشكوى منظم من اي خبير متخصص وذلك على سبيل الرأي ( او الاستشارة ) الفني.

والسؤال الذي يطرح هنا هو الاتي:

هل يمكن للقضاء الجزائي ان يحكم بالتعويضات المطالب بها ؟

لا بد هنا من التمييز بين المطالبة بوجه الافراد ، الموظفين، او الدولة.

اولا: مسؤولية الافراد :

يجوز المطالبة بالتعويضات الشخصية امام المرجع الجزائي، أسوة باي حالة أخرى. لن نتوسع في هذا الموضوع طالما انه من المسلمات القانونية، واننا لا نجد سبيلا في اطار هذه المقالة المقتضبة للكلام بصورة واسعة عن هذا الموضوع. ولكننا لا بد من الاشارة الى ان المجلس العدلي هو هيئة ادعاء وتحقيق وحكم في آن واحد ويعود له تاليا ان يحكم بالتعويضات الشخصية، بشرط ان تتم المطالبة بها اصولا امام المجلس المذكور.

ثانيا: مسؤولية الموظف:

لا بد هنا من الاشارة  الى ان الادارة تسأل عن خطأ الخدمة او الخطأ المرفقي. وان الموظف يسأل عن خطئه الشخصي.

فما هو الخطأ الشخصي ؟

الخطأ الشخصي هو ذاك الذي يظهر فيه الموظف كإنسان بميوله واهوائه وخفته واحقاده[1]. ولا بد ان يكون الموظف قد ارتكب الخطأ الشخصي اثناء الخدمة او بمناسبتها، وان لا يكون خاليا من اي صلة بالمرفق العام.

ما هي علاقة الخطأ الشخصي بالجرم الجزائي ؟

عندما يرتكب الموظف جرما جزائيا، ( جنحة أو جناية ) ويلاحق امام القضاء الجزائي، ويحكم عليه من قبل هذا القضاء، نتساءل عمّا اذا كان خطؤه على صعيد موجب التعويض عن الضرر، يعتبر حتما خطأ شخصيا ام انه قد يكون احيانا خطأ خدمة ؟

أ ـ لفترة طويلة كان الجرم الجزائي يعتبر دائما، وبصورة مطلقة، خطأ شخصيا باعتبار انه يفترض في من يرتكبه وجود نية جرمية على جانب من الخطورة.

ب ـ ولكن هذا الاتجاه ما لبث ان تبدل على يد محكمة الخلافات الفرنسية[2]  في قرار لها مبدئي وشهير اعتبرت فيه ان جرم القتل او الجرح خطأ لا يشكل دائما خطأ شخصيا.

اذا بموجب هذا القرار فصلت محكمة الخلافات الخطأ الشخصي عن الخطأ او الجرم الجزائي وميزت بينهما، وقد اخذ الاجتهاد اللبناني بهذا الاتجاه واعتبر الجرم او القتل عن غير قصد خطأ خدمة [3].

ج ـ ومنذ ذلك التاريخ اصبح بالامكان احيانا اعتبار الجرم الجزائي خطأ خدمة. ولم يعد خطأ شخصيا الا اذا توافرت فيه الشروط العامة للخطأ الشخصي، اي ان يكون حاصلا خارج الخدمة او عن سوء نية، او ذا خطورة بالغة مميزة [4].

انما بصورة عامة، تبقى الجنح والجنايات التي يرتكبها الموظفون اخطاء شخصية.

د ـ هذا وان قوة القضية المحكمة جزائيا لا تقيد القضاء الاداري الا فيما يعود لاستثبات الوقائع ومسبباتها ونسبة الجريمة الى المدعى عليه فقط [5].

فالقضاء الاداري يبقى حرا لتقدير نتائج ومسؤولية الادارة ولتحديد التعويض الذي عليها ان تتحمله[6].

 

اما بالنسبة الى الخطأ الشخصي والتعدي فاننا ندلي بما يلي:

أ ـ اذا قامت الادارة باعمال غير مشروعة، فانه يحق للمتضرر من هذه الاعمال ان يطالب بابطالها وذلك بالطعن فيها امام القضاء الاداري.

ولكن قد تقوم الادارة باعمال وتصرفات تجاوز كل نشاط غير مشروع، وتخرج بالتالي عن حدود عدم الشرعية بحيث تبدو هذه الاعمال والتصرفات عملا ماديا مجردا وغريبا عن كل تبرير قانوني.

هذه الاعمال والتصرفات تعتبر فاقدة طبيعتها الادارية ، ويطلق عليها ما يسمى بالتعدي وتكون صلاحية النظر فيها عائدة للقضاء العدلي.

ب ـ ولكي يكون هناك تعد يجب:

  1. ان يكون الاجراء ماديا.
  2. ان يبلغ درجة كبيرة من الجسامة.
  3. ان يقع على الملكية الفردية، منقولة كانت ام غير منقولة، او على الحريات العامة للافراد.

بعد هذه النظرة المقتضبة على طبيعة التعدي نتساءل ما اذا كان، على صعيد المسؤولية الادارية، يعتبر خطأ شخصيا أم خطأ خدمة ؟

  1. لفترة طويلة ايضا، كان التعدي يعتبر دائما وبصورة حتمية خطأ شخصيا، وهذا من بديهيات الامور ومنطقها.
  2. ولكن هذه القاعدة فقدت صفتها المطلقة واصبحت تحتمل الاستثناء ، وبالتحديد اعتبارا من 4 تموز 1934، ومن ثم واكثر وتأكيدا، من تاريخ 8 نيسان 1935، حيث صدر عن محكمة الخلافات الفرنسية قراران اساسيان متتاليان:

ـ الاول ( 4/7/1934) يتعلق بقضية حصل فيها تعد على الحرية الدينية، حيث أمر رئيس بلدية بنزع تصوينة من الحديد تحيط بكنيسة دون سبق نزع الصفة الدينية المرتبطة بها[7].

ـ والثاني ( 8/4/1935) يتعلق بقضية حصل فيها تعد على الحرية الصحافية، حيث اقدم قائد شرطة باريس في صباح يوم 7 شباط 1934، على مصادرة اعداد جريدة " العمل الفرنسية " بكاملها وذلك في جميع نقاط بيعها وتوزيعها في العاصمة وضاحيتها[8].

فبموجب هذين القرارين، اعلن الاجتهاد الفرنسي ان فكرة اعتبار التعدي دائما، وبصورة جازمة وحاسمة، خطأ شخصيا، قد ولت لانه بات من الضروري، وفي ضوء كل قضية على حدة، التمييز بين الخطئين: فالتعدي يمكن ان يكون خطأ شخصيا وهذا بالطبع هو الحل المنطقي الغالب، ولكنه يمكن ان يكون احيانا خطأ خدمة، وهذا بالطبع امر استثنائي وانما محتمل حصوله. فالتعدي لم يعد اذا يشكل دائما خطأ شخصيا.

ثالثا: اجتماع مسؤولية الموظف ومسؤولية الادارة

أ ـ مبدا الجمع:

خلال القرن التاسع عشر لم يكن هناك اي اتجاه في الاجتهاد الفرنسي نحو قبول مبدأ اجتماع مسؤولية الادارة ومسؤولية الموظف معا. فالرأي السائد كان يعتبر ان واحدا من اثنين يكون مخطئا، وبالتالي مسؤولا: الادارة او الموظف وليس كلاهما، فخطأ احدهما ومسؤوليته تحجب خطأ ومسؤولية الاخر.

ولعل مرد هذا الرأي يعود الى التمييز القائم بين خطأ الخدمة والخطأ الشخصي، وانسجاما مع فكرة هذا التمييز يكون عدم التسليم باجتماع المسؤوليتين، قانونا ومنطقيا، الحل الاسلم. انما ذلك يؤدي في الواقع الى نوع من الظلم اذ ان المتضرر الذي يكون ضحية خطأ شخصي، قد يجد نفسه امام مسؤول غير مليء ، هو الموظف، بينما هذا الامر غير واردة بالنسبة لخطأ الخدمة الاهم والاكثر خطورة.

ومن ثم تطور الاجتهاد في هذا المجال اذ وجد نفسه امام حاجة ملحة تدعوه للتسليم بمبدأ الجمع. وعلى هذا، فان هذا المبدأ يكون وليد الاجتهاد الذي لم يأخذ ابدا بنصوص المسؤولية في القانون المدني الفرنسي ( المادة 1384 ) التي ترعى مسؤولية المستخدم ( بكسر الدال ) عن فعل المستخدم لديه، وذلك تركيزا منه على مبدا استقلالية وذاتية القانون الاداري.

ولمبدا الجمع هذا تفسيران:

أ ـ فهو يظهر في بعض الاحيان وكانه النتيجة الطبيعية لازدواجية القضاء ( عدلي واداري ) واستقلال كل منهما عن الاخر. مثال ذلك: اذا اقام المتضرر الدعوى في وقت واحد امام المحكمة العدلية ضد الموظف، وامام القضاء الاداري بوجه الدولة، ولم تثر هذه الاخيرة مشكلة الصلاحية امام القاضي العدلي، فيصدر حكمان: احدهما عن القضاء العدلي معتبرا ان خطأ الموظف شخصي، والاخر عن القضاء الاداري معتبرا ان هناك خطأ خدمة.

ب ـ وهناك مظهر ثان له، وهو المعتمد حاليا ونهائيا، حيث يحكم القضاء الاداري على الادارة بالتعويض عن الضرر بنتيجة خطأ شخصي ارتكبه الموظف.

لقد أكد مجلس شورى الدولة مرارا ان الخطأ المرتكب اثناء الوظيفة يجعل الادارة المختصة مسؤولة حتى لو كان الخطأ المذكور يحمل ايضا صفة الخطأ الشخصي[9].

جريا على اتجاه القضاء الاداري في لبنان الذي يهدف دائما الى حماية وضمان حقوق الافراد، جارى مجلس شورى الدولة اللبناني زميله الفرنسي فاعتبر الادارة مسؤولة عن الخطأ الشخصي لموظفيها الا في حالة وقوعه بعيدا عن الوظيفة، اي عندما يقع في نطاق حياة الموظف الخاصة. ولذا قرر المجلس المذكور مسؤولية السلطة العامة عن الخطأ الشخصي اذا ما ارتكب اثناء الخدمة اي اثناء القيام بمهام الوظيفة.

اما مفهوم الاجتهاد بعبارة " اثناء الوظيفة " فهو مفهوم واسع لانه يعتبر انه قد تسبب اثناء الوظيفة، ليس فقط كل حادث وقع اثناء الوظيفة بالمعنى المحصور اي خلال تنفيذ المهمة، بل كل حادث وقع بسبب الوظيفة او كل حادث يتعلق بصورة وثيقة بممارستها، وبعبارة اخرى عندما يتعلق الحادث فعلا او قانونا بالوظيفة او بممارستها[10].

والاجتهاد اللبناني مستقر فعلا على هذا المفهوم في كل قرارته بالموضوع[11] .

وقد جارى المشترع اللبناني هذا الاجتهاد فكرسه في المادة 62 من المرسوم الاشتراعي رقم 112 تاريخ 12/6/1959.

ب ـ نتائج الجمع:

ان نتائج مبدا الجمع، بالنسبة لحقوق المتضرر، تتلخص في طريقتين يمكن اعتمادهما وهما:

للمتضرر ان يختار بين مقاضاة الادارة امام القضاء الاداري، اما لان هناك خطأ خدمة، واما لان الخطأ الشخصي لا يخلو من اية علاقة مع الوظيفة، وبين مقاضاة الموظف امام القضاء العدلي وفقا لقواعد القانون الخاص، وللمتضرر في كلا الحالتين ان يطالب الفريق المدعى عليه بكامل التعويض.

انما اذا كان مبدأ الجمع بين المسؤوليتين يرمي الى اعطاء المتضرر حق اختيار المسؤول الاكثر ملاءة، وهو يختار بالطبع الادارة، فانه لا يحق لهذا المتضرر ان ينال تعويضين عائدين للقضية نفسها بنتيجة مقاضاته في آن واحد كل من الادارة والموظف امام القضائين الاداري والعدلي. فقبالة مبدا الجمع بين مسؤوليتين يبرز اذا مبدا عدم جواز الجمع بين تعويضين.

ولكي يعطى وحدة التعويض الفعالية المتوخاة، عمد الاجتهاد الفرنسي في بادىء الامر، الى تبني الطريقة المسماة " نظام الكفالة" système de garantie التي بموجبها كان القاضي الاداري يأخذ بعين الاعتبار المبلغ المحكوم به من قبل القاضي العدلي ويلزم الادارة بان تتكفل بكل او بعض المبلغ المشار اليه حسب مقتضى الحال[12] .

ولكنه تطور بعد ذلك، وتخلى عن الطريقة المذكورة ليتبنى، بدلا منها، طريقة الاحلالLa Subrogation التي تلزم المتضرر عندما يحكم له بكامل التعويض ان يحل الادارة محله في حقوقه على الموظف[13].

بقي ان نشير الى انه ليس للمتضرر ان يطلب من القاضي العدلي الحكم على الادارة، او من القاضي الاداري الحكم على الموظف، وذلك عملا بمبدأ فصل السلطات واستقلال كل من القضائين عن الآخر.

اذا كانت نتائج مبدأ الجمع بالنسبة لعلاقة المتضرر بالادارة والموظف ليست معقدة، فهي على العكس من ذلك تبدو معقدة بالنسبة للتوزيع النهائي للتعويض، بين الادارة والموظف.

فما هي الاسس المعتمدة للتوزيع ؟

هناك ثلاث حالات:

  • الحالة الاولى : المسؤولية مشتركة بين الادارة والموظف

هذا ما يحصل عندما يجتمع الخطأ الشخصي بخطا الخدمة. ففي هذه الحالة، ان الحصة النهائية من التعويض التي يتحملها كل من الادارة والموظف توزع بينهما بنسبة خطأ كل منهما في التسبب بالضرر.

  • الحالة الثانية : تحميل الموظف كامل التعويض

يتفرع عن هذه الحالة احتمالان:

اولهما: وفيه يكون الموظف ملزما وحده بتحمل كامل التعويض، نهائيا، عندما تضطر الادارة بنتيجة حكم قضائي، وبمعزل عن اي خطأ خدمة، ان تدفع هذا التعويض للمتضرر لان الخطأ الشخصي كان لا يخلو من اية علاقة مع المرفق العام.

  • الحالة الثالثة: وهي تتعلق بحق الموظف في الرجوع على الادارة

ان حق الموظف في الرجوع على الادارة يحصل في حالتين مقابلتين لحالتي الجمع اللتين بحثناهما اعلاه.

  1. فقد يحصل ان يكون المتضرر قد اقام الدعوى على الموظف بسبب خطأ شخصي ارتكبه في حين ان الخطأ في الحقيقة هو خطأ خدمة، واغفلت الادارة اثارة مشكلة الصلاحية امام القاضي العدلي الذي يعتبر خطأ ان هناك خطأ شخصيا، فيصدر بنتيجة ذلك حكما على الموظف. والذي يحصل اذا هو ان الموظف، في مثل هذه الحال، يكون قد تحمل بدون وجه حق اعباء مالية لا تترتب عليه اصلا بل على الادارة وحدها.

فلكي يحول دون هذا الظلم، كان الاجتهاد في بادىء الامر يجيز للموظف ان يلاحق الادارة انما فقط قبل صدور الحكم عن القاضي العدلي[14].

ومن ثم ، جاءت المادة 11 من قانون 4 شباط 1959 في حينه، فحلت المشكلة نهائيا ( كان هناك نص مماثل في 1946) اذ نصت على انه، في مثل هذه الحال، وعندما لا يكون هناك خطأ شخصي يمكن فصله عن الوظيفة ولا تقدم الادارة على اثارة مشكلة الصلاحية بوجه المتضرر، فانها تكون ملزمة بتحمل كامل التعويض المقضي به على الموظف من قبل القاضي العدلي. ووردت ايضا نصوص مماثلة في انظمة المستخدمين في البلديات والمؤسسات العامة.

اذا بمقتضى هذه النصوص ، اصبحت امكانية الرجوع على الادارة واردة في كل الاحوال. وانما ذلك لا يعني على الاطلاق انه لولاها لكان مثل هذا الرجوع متعذرا. فاجتهاد مجلس شورى الدولة يعتبر ان هذه النصوص ليست سوى تكريس لمبدأ قانوني عام يجيز ذلك[15].

 

  1. وقد يحصل ايضا، وبنتيجة مبدأ الجمع، ان يحكم على الموظف من قبل محكمة عدلية في حين ان المسؤولية تكون مشتركة بينه وبين الادارة.

في مثل هذه الحال، كان الاجتهاد الاداري لا يقر للموظف بحق الرجوع على الادارة، وقد استمر هذا الاتجاه لمدة طويلة[16]. الا انه لم يلبث ان نقضه وأقر بمبدأ الرجوع نهائيا [17].

ومع الاشارة تكرارا الى ان القاضي الاداري ليس مقيدا بالحكم الصادر عن القاضي العدلي بشأن تقدير مبلغ التعويض عن الضرر او بشأن توزيع الاعباء بين الادارة والموظف، الا اذا ادخلت الادارة في الدعوى امام القاضي العدلي، لانه يكون عندئذ لا بد من الرضوخ لقوة القضية المحكمة[18].

ومع الاشارة ايضا الى ان القواعد ذاتها واجبة التطبيق عندما يكون المشترك في ارتكاب الفعل الخاطىء فردا عاديا، اي غير موظف[19] ، علما بانه لا تكافل ولا تضامن بين مرتكبي خطا شخصي واحد تجاه الدولة كما هي الحال في القانون المدني حيث يوجد تكافل وتضامن بين عدة مشتركين في دين واحد تجاه دائنهم [20].

وفي الختام تقتضي الاشارة الى ان المشهد القانوني للجريمة لم يكتمل بعد وتبقى كل الاحتمالات واردة سواء على صعيد المسؤولين عن الجريمة او على صعيد التعويضات والجهة المختصة للحكم بها. ولكن في الوقت الحاضر، يقتضي فورا اتخاذ صفة الادعاء الشخصي بشكاوى فردية ( وليس جماعية ) امام المجلس العدلي، لان الشكاوى الجماعية فضلا عن انها مخالفة للاصول لاختلاف الاشخاص ، فان من شأنها ان تعيق المحاكمات وتؤخر الفصل بها.

ويبقى السؤال المطروح انه اذا اظهرت التحقيقات ان الجريمة هي من نوع الجرائم المنصوص عنها في القانون رقم 318/2001، تاريخ 20/4/2001 ( مكافحة تبييض الاموال ) لانها متعلقة باتجار غير مشروع بالاسلحة وباعمال ارهابية. فان الجريمة المذكورة تصبح جريمة دولية تتخطى حدود الاقليم لتؤلف جريمة ضد الانسانية ويصبح المس بحقوق الانسان موضوعها الاساسي، وهنا يكون لنا حديث آخر.(تحميل النسخة الكاملة)

 


[1]  E. Laferrière, Traité de la juridiction administrative et des recours contentieux, éd. 1983, Tome premier, p. 594.

[2]  محكمة الخلافات الفرنسية، 14 كانون الثاني 1935، تيباز Thépaz ، سيراي، 1935، 3 ، 17، تعليق Alibert ، مجموعة، ص 244.

[3] مثلا: شورى لبنان 23 تشرين الاول 1962، النجار، المجموعة الادارية  1962، ص 196، وسلسلة قرارات اخرى.

[4] خلافات فرنسية 17 تموز 1952، Devénat، مجموعة، ص 638، وتمييز جنائي فرنسي 3 نيسان 1942، Leroutier، داللوز 1942، ص 136، تعليق " فالين "، و28 تشرين الاول 1981، Genod ، J.C.P 1982، ص 23، ومحكمة " ديجون الجزائية ( استئناف 17 اذار 1989، Dandel، داللوز 1991، S.C ، ص 177. (وهذان القراران الاخيران يتعلقان باهمال ارتكبه ممرض وطبيب ادى الى وقوع جرم جزائي = خطأ خدمة ).

[5] شورى لبنان، 9 كانون الاول 1957، الضاهر، المجموعة الادارية 1958، ص 14.

[6] شورى لبنان، 28 تشرين الثاني 1960، الحلو، المجموعة الادارية، 1961، ص 6.

[7] خلافات فرنسية 4 تموز 1934، Curé de Réalmont، سيراي 1935، 3، 97، تعليق الاروك Laroque.

[8] خلافات فرنسية 8 نيسان 1935، L’action Française ، مجموعة، ص 1226، مطالعة Josse.

[9] شورى فرنسي، 7 تشرين الثاني 1947، الكسي وولف، الاسبوع القانوني، 1947، 2، 4006، مطالعة Celier ، تعليق Mastre، 11 آذار 1949،   Legrand  ، سيراي ، 1950، 3، 24؛ و28 كانون الثاني 1949، مكتبة Hachette   ، مجموعة، ص 43؛ 9 أيار 1948،   ، مجموعة ، ص 221.

[10] شورى لبنان، قرار رقم 629 تاريخ 19 آذار 1963، ص 191 – 192.

[11] شورى لبنان، قرار رقم 266/60، بلدية بيروت / قيومجيان، المجموعة الادارية 1960، ص 220. وبالمعنى ذاته: 27 شباط 1985، رزق الله، المجموعة الادارية ،العدد الثاني 1986، ص 110. و12 تموز 1984، شركة النهار، المجموعة الادارية، العدد الاول 1985، ص 126، الخ.

[12] شورى فرنسا 6 تموز 1914،  Badouet   ، مجموعة، ص 882.

[13] شورى فرنسا 23 حزيران 1916، قرار Thevenet السالف ذكره.

[14] شورى فرنسا 8 شباط 1924، " ريمون " ، سيراي 1926، تعليق " هوريو ".

[15] مثلا: شورى فرنسا 26 نيسان 1963، المركز الاستشفائي في مدينة   Bescançon    ، مجموعة، ص 243، مطالعة " شاردو ".

[16] مثلا: شورى فرنسا 9 تشرين الثاني 1937،  Cie La Préservatrice  ، مجموعة، ص 919.

[17] مثلا: شورى فرنسا 11 كانون الاول 1942، الشركة العقارية ، داللوز ( D.C ) 1943، ل، ص 51، تعليق J.C.D و28 تموز 1951، قرار " دلفيل " اعلاه.

[18] مثلا: شورى فرنسا 16 آذار 1945، " دورياك Dauriac" داللوز 1946، 141، مطالعة " Lefas " الخ.

[19] Cie l’Urbaine de la seine, A.J.D.A 1962, 320” الخ.

[20] شورى فرنسا 22 آذار 1957، " جانييه Jeannier " مجموعة، ص 196، مطالعة " Khan ".

احدث المواضيع

{{subject.ShortTitle}}

البوابة القانونية الالكترونية الأشمل و الأكثر استخداما في لبنان