مقدمة:
يعتبر العفو العام أو الشامل (Amnistie([1]بمثابة إسدال ستار النسيان على بعض الجرائم أو الأشخاص أو الأفعال أو الأحداث، ويشكّل سبباً من أسباب سقوط الدعوى العامة. وهو يمحو الجريمة، وبالتالي يمحو الدعاوى والأحكام التي نشأت عنها، كما يتجرد الفعل المادي من صفته الجرمية. وبعبارة أخرى، يجعل القانون لا يسري على الوقائع الجرمية التي يشملها. ويكون على نوع معين من الجرائم أياً كان مرتكبوها، مثلاً العفو عن جميع جرائم المطبوعات التي حصلت في مدة كذا، فهو عام ومُنصبّ على الفعل.
يعتبر سقوط الدعوى العامة بالعفو العام من النظام العام، بمعنى أنه يجب على المحكمة إثارته من تلقاء نفسها ولو لم يتم الدفع به من قبل المدعى عليه. ومن الوجهة المدنية لا يكون للعفو العام أي أثر على حقوق الشخص المتضرر من الجريمة، لأنه إذا كانت الجريمة قد زالت بفعل العفو فإن الفعل الضار لا يزال باقياً وقد نشأ عنه حق مكتسب في التعويض لمن لحقه الضرر. وبالتالي يعود للمتضرر الحق بالمطالبة بتعويض عن الضرر أمام المحكمة المختصة. إذاً العفو العام هو في الدرجة الأولى عمل إرادي وسلطوي، دستوري وتشريعي، يفرض نفسه دون اعتراض أو تأويل.
ورد النص الأساسي للعفو في المادة الحادية والخمسين من الدستور اللبناني، الصادر في 23 أيار 1926، والمتعلقة بصلاحيات رئيس الجمهورية الذي «له حق العفو الخاص. أما العفو الشامل فلا يُمنح إلا بقانون»[2]. ولم يطرأ أي تعديل على هذه الفقرة من المادة (51) في التعديل الدستوري الصادر بتاريخ 17/10/1927. إنما بموجب التعديلات الدستورية الصادرة بتاريخ 21/9/1990 نُقل هذا النص إلى المادة 53 من الدستور المتعلقة بتعداد صلاحيات رئيس الجمهورية، ليصبح البند (9) من هذه المادة، على الشكل الآتي:
«9- يَمنح العفو الخاص بمرسوم. أما العفو الشامل فلا يُمنح إلا بقانون».
نلاحظ من هذا النص بأن الدستور لا يحدد الأسباب المبررة لإصدار العفو بل يعيّن فقط المرجعية المخوّلة إصداره، فيعطي الصلاحية لرئيس الجمهورية في ما يتعلق بالعفو الخاص، ولمجلس النواب في ما يتعلق بالعفو العام. وتجدر الإشارة إلى أن النص الدستوري استعمل عبارة «العفو الشامل» في حين استعملت جميع القوانين الجزائية اللاحقة عبارة «العفو العام» للدلالة على المفهوم نفسه.
وقد عددت كل من المادة 147 المعدّلة من قانون العقوبات، والمادة 10 من قانون أصول المحاكمات الجزائية الأسباب التي تسقط معها الأحكام الجزائية أو تمنع أو تعلّق تنفيذها على أنها: وفاة المحكوم عليه، العفو العام، العفو الخاص، إعادة الاعتبار، مرور الزمن، ووقف التنفيذ. بعد أن جرى شطب سببين من أسباب الاسقاط وهما: صفح الفريق المتضرر، ووقف الحكم النافذ.
تتناول هذه الدراسة بحث موضوع العفو العام والآثار المترتبة عنه كسبب من أسباب سقوط الدعوى العامة، ومقارنته مع العفو الخاص، بالإضافة إلى ما يسمّى بالعفو المختلط. كما تعرض للنصوص التشريعية المتعلقة به اعتباراً من النص الأول الصادر في العام 1923 ولغاية العام 2005، تاريخ صدور آخر قانون عفو، وتفنيد مضمون هذه النصوص والأفعال التي شملتها.
أولاً- تعريف العفو العام وآثاره
بالإضافة إلى النص الدستوري الوارد في المادة (53) بشأن العفو الشامل، حدد قانون العقوبات صدور العفو العام عن السلطة الاشتراعية، واعتبر بأنه «يُسقط كل عقوبة، أصلية كانت أو فرعية أو إضافية. ولا يشمل التدابير الاحترازية والتدابير الاصلاحية إلا إذا نص قانون العفو صراحةً على ذلك. واشترط عدم رد الغرامات المستوفاة والأشياء المصادرة بمقتضى المادة 69 (عقوبات)[3].»
إذاً يعتبر العفو العام بمثابة منحة يقررها المشرّع لمرتكبي بعض الجرائم، ليضع فيها حداً نهائياً وحاسماً للملاحقة ومتابعتها في جميع مراحل الدعوى العامة. كما يحول دون تنفيذ كامل العقوبة المقضي بها، أو حتى ما تبقى منها. ويُسقط العفو العام عن المحكوم عليه أثر الجريمة فيصبح «نظيفاً»، أما العفو الخاص فيظل بعده أثر الجريمة موجوداً. وتتمثل قوة العفو العام بأنه يمحو الجريمة ومفاعيلها وكل ما يترتب عليها من آثار ونتائج. ويمحو أيضاً أثرها من قيود السجل العدلي. ويعيد للمحكوم عليه جميع الحقوق المدنية التي كان فقدها بمفعول الحكم الذي صدر بحقه. كما يزيل عن الفعل المادي صفته الجرمية وينفي الركن الشرعي للجريمة على اعتبار أنه يستهدف إسدال ستار الصفح والنسيان العام على الجرم.
ومن مراجعة القوانين المتعلقة بالعفو نلاحظ أنها لم تصدر في صيغة واحدة، بل اختلفت في أشكالها وأنواعها وفق إرادة المشترع، ووفق الظروف التي أملتها الوقائع عليه. فقد يأتي العفو شاملاً بحيث يُسقط كامل العقوبة المقضي بها والمعنية بالقانون الصادر بموجبه دون أي تفريق أو استثناء. وقد يأتي جزئياً كأن ينص على إسقاط قسم من مدة العقوبة كالنصف أو الثلث، فيزول هذا الشطر ويبقى الشطر غير المشمول بواجب التنفيذ.
كما أن العفو الشامل يوقف نهائياً الملاحقات الجزائية، بينما لا يؤثر الجزئي عليها، فتبقى سارية المفعول حتى صدور الحكم، إذ يتناول حينئذ، وفي حيثية خاصة، ما عناه من العقوبة، فلا يمحو مفاعيل الجريمة من الوجهة القانونية والتي تبقى قائمة، كبقاء العقوبة مدوّنة في السجل العدلي، ويظل المحكوم عليه معرّضاً لتطبيق قاعدتي التكرار واعتياد الاجرام بحقه، لأن العفو الجزئي، بخلاف الشامل، لا يمسّ صفة الفعل الجرمية.
وقد يكون العفو عاماً بحيث لا يستثني أي نوع من الجرائم بل يشملها كافة، وقد يأتي محدداً فيعيّن الأفعال التي يتناولها بشكل حصري ويستثني صراحةً بعضاً آخر لا يستفيد منه، كالجرائم الشائنة، والجرائم الواقعة على أمن الدولة، أو تلك المخلّة بالثقة العامة أو غيرها.
ويمكن أن يكون العفو مطلقاً لا يحدّه أي قيد أو شرط، وبالتالي يتحقق دون فرض أي قيود أو اعتبارات على المدعى عليه أو المحكوم عليه. وقد يكون معلّقاً على تنفيذ بعض الالتزامات كشرط للإفادة منه.
ثانياً- العفو العام والعفو الخاص
بالرغم من أن الدستور اللبناني أورد في مادة واحدة النص على العفو العام (l’Amnistie) والعفو الخاص (la Grâce) فإن كلاً منهما يخضع لنظام مختلف، وبالتالي نجد عدة تباينات بينهما. ويمكن إيراد بعض هذه التباينات على الشكل الآتي:
- يصدر العفو العام بموجب قانون عن السلطة التشريعية بينما تعود صلاحية منح العفو الخاص إلى رئيس الجمهورية.[4]
- يشمل العفو العام كافة الجرائم المعنية به مهما كان طور الممارسة القضائية الجزائية، ملاحقة أو محاكمة أو معاقبة فيلاشيها؛ في حين أنه يُشترط في العفو الخاص أن يصبح الحكم بالعقوبة مبرماً وغير قابل لأي طريق من طرق المراجعة.
- لا يتعلق العفو العام بالأشخاص المستفيدين منه لأنه موضوعي لا إسمي، بينما يطبق العفو الخاص على مجرم واحد محدد ومعروف بالاسم.
- يزيل العفو العام الصفة الجرمية عن الفعل؛ وإن بقي قائماً بغير جوانبه، بينما يكتفي العفو الخاص بإسقاط العقوبة أو جزء منها، أو إبدالها بعقوبة أدنى منها، دون أن يؤثر ذلك على الصفة الجرمية للفعل المُقترف.
- يُسقط العفو العام كل العقوبات التي يطالها، سواء كانت أصلية أم فرعية أم إضافية في حين يقتصر مفعول العفو الخاص على العقوبة الأصلية وحدها إلا في حال ورد النص صراحةً في مرسوم العفو على خلاف ذلك.
- للعفو العام مفعول نهائي وحاسم، يمحو كافة آثار الحكم الجزائي، بينما يزول سلطان العفو الخاص عندما يتم الإخلال بالشروط التي عُلّق عليها.
ثالثاً- إشكالية العفو المختلط بين العام والخاص
توجد طريقة مختلفة يمارسها المشترع أحياناً وتتمثل بإجازة إقرار عفو خاص يصدر في معرض العفو العام ويسمّى بالعفو المختلط (Grâce Amnistiante ou Amnistielle)، وهو نوع من الجمع والتوحيد ما بين العفو العام والعفو الخاص. وهذه الطريقة يمارسها المشترع حين يكون أكثر تسامحاً ويهدف إلى إصابة أشخاص معنيين بالذات.
يتبع العفو المختلط أصولاً خاصة به، إذ عندما يحدد قانون العفو العام الجرائم التي يشملها، يترك في الوقت نفسه، الحق بأن يعيّن فيما بعد الأشخاص الذين يستفيدون مباشرةً دون سواهم من الاعفاء من العقوبة المقضي بها.
ظهر العفو المختلط في فرنسا لأول مرة بموجب قانون 7/3/1879، كما كثر الرجوع إليه بعد الحرب العالمية الثانية وذلك لتمكين رئيس الدولة من منح العفو عن الأشخاص الذين حاربوا النازيين وناهضوا حكومة فيشي، وارتكبوا جرائم بسبب ذلك. ويسند العلماء صوابية هذا العفو إلى وضعه حدّاً من موضوعية العفو العام الذي يشمل كل الأشخاص مرتكبي الجرائم الذين يستفيدون منه حتى ولو كانوا خطرين اجتماعياً.
اعتمد المجلس النيابي اللبناني طريقة العفو المختلط في ثلاثة قوانين وذلك في الأعوام: 1949 و1958 و1991، وقد تكون هذه القوانين من أهم التشريعات المتعلقة بالعفو التي أُقرّت منذ الاستقلال نظراً لصدورها بعد فترة أحداث ونزاعات وحروب أهلية عاشها لبنان في تلك الأعوام.
فالمرة الأولى التي أقرّ فيها المجلس النيابي طريقة العفو المختلط كانت في قانون العفو العام الصادر في 19 تشرين الأول سنة 1949، والذي استثنى من منحة العفو الجرائم الواقعة على أمن الدولة والتي تزيد العقوبة المحكوم بها أو التي سيُحكم بها عن السنة. إلا أن الفقرة الأخيرة من المادة (6) نصت على الآتي: «غير أنه يجوز للحكومة في خلال ثلاثة أشهر من تاريخ نشر هذا القانون أن تستصدر مرسوماً بعد استطلاع رأي لجنة العفو يمنح عفو كامل أو جزئي له مفعول العفو العام عن الجرائم المذكورة أعلاه.[5]»
والمرة الثانية كانت في القانون الصادر بتاريخ 24 كانون الأول 1958 إثر حوادث ذاك العام[6]، حيث نصت المادة الثانية من هذا القانون صراحةً على ما يلي: «لرئيس الدولة خلال سنة من تاريخ العمل بهذا القانون أن يصدر بمرسوم يتخذ في مجلس الوزراء عفواً خاصاً له مفاعيل العفو العام عن كل شخص محكوم أو ملاحق بإحدى الجرائم المنصوص والمعاقب عليها في المادتين 547 و560 والبندين 4 و5 من المادة 548 من قانون العقوبات، شرط أن تكون قد ارتُكبت قبل أول كانون الاول سنة 1958.»
وتكرر للمرة الثالثة اعتماد مثل هذا النص في قانون العفو رقم 84 الصادر بتاريخ 26/8/1991، حيث نصت المادة (9) من هذا القانون على أن «تُعطى الحكومة سلطة استثنائية لمدة سنة ابتداءً من تاريخ العمل بهذا القانون، لإصدار عفو خاص له مفاعيل العفو العام بموجب مرسوم يتخذ في مجلس الوزراء، عن كل شخص محكوم أو ملاحق بالجرائم المستثناة من العفو، الواقعة على أمن الدولة الداخلي أو الخارجي والمرتكبة قبل تاريخ 28 آذار 1991. وذلك ضمن القواعد الآتية:...».
وبناءً على هذا القانون، وبعد يومين من تاريخ العمل به، أصدرت الحكومة المرسوم رقم 1637 الذي منح عفواً خاصاً له مفاعيل العفو العام،[7] عن الضباط السابقين ميشال عون وإدغار معلوف وعصام أبو جمرا، عن الجرائم المحالين بها على المجلس العدلي بموجب المرسوم 656 تاريخ 19/10/1990 شرط مغادرتهم البلاد خلال مهلة ثمان وأربعين ساعة من تاريخ صدور هذا المرسوم وبقائهم في الخارج مدة خمس سنوات اعتباراً من تاريخ المغادرة. كما اشترط هذا المرسوم على هؤلاء الضباط عدم القيام بأي نشاط سياسي داخل البلاد وخارجها.
رابعاً- إشكالية تجاوز النص الدستوري المتعلق بالعفو العام
بالرغم من وضوح النص الدستوري لجهة وجوب صدور العفو الشامل أو العام بموجب قانون، نجد بأنه صدرت عدة نصوص تتعلق بالعفو العام بموجب قرارات عن المفوض السامي أو وكيله[8]، وذلك قبل مرحلة إقرار الدستور في العام 1926، وحتى بعد تلك المرحلة صدرت عدة قرارات بالمعنى نفسه. كما أنه جرى وضع عدة مراسيم اشتراعية من قبل الحكومة خاصةً في الفترات التي جرى فيها تعليق العمل بالدستور[9].
- قرارات عفو عام صادرة عن المفوض السامي
نشير بدايةً إلى أن المفوض السامي كان يصدر قرارات لها قوة القانون وتطبّق إلزامياً في الدول المشمولة بالانتداب. وبالتالي كان المفوض السامي أو وكيله هو من يتولى ممارسة السلطة الفعلية في لبنان بالرغم من وجود السلطتين التشريعية والتنفيذية. وقد مارس المفوض السامي هذه الصلاحية منذ بداية الانتداب الفرنسي. وفي 14 نيسان 1925 أصدر قراراً بتعيين الموعد الذي تصبح فيه مقرراته التشريعية والتنظيمية إلزامية بحيث تضمّن قراره ما يأتي: «من الآن وصاعداً تكون المقررات التشريعية والنظامية الصادرة عن المفوض السامي للجمهورية الفرنساوية إجبارية في كل من الدول الواقعة تحت الانتداب بعد يومين كاملين من تاريخ استلام النشرة الرسمية لأعمال المفوضية العليا في قصر الحكومة في كل من الدول المذكورة.»[10]
واعتبر القرار نفسه بأن المقررات التشريعية والنظامية الصادرة عن المفوض السامي قبل تاريخ وضع هذا القرار موضع الاجراء كأنها اكتسبت القوة التنفيذية يوم إذاعتها في النشرة الرسمية لأعمال المفوضية العليا إلا إذا كان هناك نص مخالف لذلك[11].
وفي هذا السياق صدر في العام 1923 قرار عن وكيل المندوب السامي روبير دي كه بالعفو الشامل. وبُني هذا القرار على عقد مصالحة جرى طبقاً للتقاليد والقواعد المتبعة عند العشائر في قريتي حور تعلا وبريتال في قضاء بعلبك، وقرية رنكوس في قضاء النبك.
وشمل العفو العام هذا جميع الجنايات والجنح (من قتل ونهب واعتداء) التي وقعت قبل 3 تشرين الثاني سنة 1922 في الأراضي السورية والأراضي اللبنانية والتي نسبها كل فريق إلى الآخر من أهالي قريتي بريتال وحورتعلا اللبنانيتين من جهة، وأهالي قرية رنكوس السورية من جهة ثانية[12].
وتوالت بعد ذلك قرارات العفو العام التي أصدرها المفوض السامي والتي شملت إما عفواً شاملاً عن عدة جرائم من مخالفات وجنح بخاصة ما تعلّق منها بجرائم مخالفة قانوني السير والمطبوعات، وإما عفواً جزئياً عن بعض الجنايات بحيث جرى إسقاط ثلث أو نصف العقوبة منها.
ونذكر من هذه القرارات القرار 305- LRالصادر في 30 كانون الاول سنة 1936 بإعلان عفو عام ومنح تدابير عفو خصوصية في لبنان والذي شمل العديد من الجرائم، كما نص على امكانية استفادة مجرمين لأول مرة من منحة العفو في جرائم أخرى غير معددة في هذا القرار وذلك بقرار من المفوض السامي وضمن شروط محددة.
والقرار 59/LR الصادر بتاريخ 17/4/1937 الذي شمل جميع الأعمال ذات الصبغة السياسية المرتكبة قبل تاريخ 1/3/1936 على الأراضي المشمولة بالانتداب.
والقرار 195/ LR الصادر بتاريخ 30/8/1939 الذي شمل جميع الجنح والمخالفات التي ارتكبت ابتداء من أول أيار 1939 بمناسبة إضراب السائقين.
والقرار 316/LR الصادر في 10 ت 2 سنة 1939 الرامي إلى العفو عن بعض العقوبات والإعفاء من القسم الباقي منها في حال كان المحكوم عليهم قد أتمّوا نصفها.
- عفو عام بموجب مراسيم اشتراعية
اضطر المجلس النيابي في العام 1929 إلى التنازل عن صلاحيته التشريعية للحكومة حين فوّضها بإصدار مراسيم اشتراعية،[13] وكان ذلك المثال الاول على هذه الطريقة الاشتراعية التي أُخذت عن الجمهورية الثالثة في فرنسا، ثم شاعت بعد ذلك[14]. فخلال جلسة مناقشة البيان الوزاري لحكومة الرئيس إميل إده اشترطت الحكومة الموافقة على برنامجها المتضمن استصدار مراسيم اشتراعية.
وقد ورد صراحةً هذا الطلب في متن البيان الوزاري الذي نص على الآتي:
«.. انه بالنظر إلى الظروف الاستثنائية ولأجل الاسراع في العمل، ترى الحكومة أنه لا يمكن عملياً تحقيق مثل هذا البرنامج إلا بالالتجاء إلى تدبير استثنائي. وهو إصدار مراسيم اشتراعية. فلذلك تطلب إليكم إذا وافقتم على برنامجها أن تمكنوها من تنفيذه بتصديقكم مشروع القانون الذي تقدمه للمجلس وهذا نصه:
يفوّض إلى الحكومة لمدة تنتهي في أول تموز سنة 1930 أن تجري بمقتضى مرسوم يتخذ في مجلس الوزراء كل إلغاء أو إدغام في الوظائف والمعاهد والدوائر حتى لو كانت هذه التدابير تقضي بتغييرات في المؤسسات والصيغ والمعاملات المحدود بقوانين أو بإلغاء اعتمادات مالية أو نقلها.
فعلى تصديق هذا البرنامج وتصديق هذا القانون معاً، تتقدم الحكومة بطلب الثقة.[15]»
وقد استندت الحكومة في العام 1930 إلى القانون الصادر في 26/12/1929،[16] لاستصدار أول مرسوم اشتراعي يمنح العفو العام عن مرتكبي جرائم محددة قبل تاريخ الأول من شباط 1930.
وتناولت هذه الجرائم جميع القباحات، وجميع الجنح الداخلة ضمن صلاحية حكام الصلح الجزائية حسبما حُددت في المواد 12 و13 و14 و15 من المرسوم الاشتراعي رقم 6 المؤرخ في 3 شباط سنة 1930 المختص بالتنظيم القضائي[17].
كما أنه في 9 أيار 1932 اتخذ المفوض السامي الفرنسي هنري بونسو، المعروف بقلة تعاطفه مع دستور 1926 قراراً بتعليق الدستور للمرة الاولى،[18] وعيّن رئيساً للحكومة ليمارس في الوقت نفسه صلاحيات السلطة التنفيذية والتشريعية، «بدعم من الدولة المنتدبة» وبمساعدة من «مجلس مديري المصالح العامة»[19]. وتبعاً لذلك قامت الحكومة باستصدار عدة مراسيم اشتراعية تتعلق بالعفو العام في عدة مجالات إضافةً إلى عدد من القرارات المتعلقة بالعفو العام الصادرة عن الحاكم الفرنسي.
وبالفعل صدر نصّان يتعلقان بالعفو العام في سنة 1933 عن مجلس المديرين برئاسة شارل دباس، وبُني هذان النصّان على قرار المفوض السامي عدد 55 المؤرخ في 9 أيار 1932، الذي لحظ بأن «لرئيس الحكومة الصفة اللازمة في أثناء المدة المؤقتة لاتخاذ مراسيم تعتبر كقوانين لا سيما فيما يتعلق بالميزانية بناء على موافقة مجلس المديرين. أما المراسيم ذات الصفة التشريعية فتتخذ مع موافقة المفوض السامي التي تجعلها نافذة[20]».
وفي العام 1939 صدر في عهد الرئيس إميل إده مرسوم اشتراعي (رقم 22/LE) تاريخ 27/12/1939، الذي منح عفواً عاماً عن مخالفات السير، وبُني أيضاً على قرار المفوض السامي رقم 246ل.ر. تاريخ 21 ايلول 1939، الذي أوقف، في المادة الأولى منه، تطبيق مواد الدستور المتعلقة بممارسة السلطتين التشريعية والتنفيذية في كل شيء تخالفان فيه هذه المواد أحكام هذا القرار. وأعطى هذه المرسوم، في المادة الخامسة منه، لرئيس الجمهورية الصفة اللازمة ليتخذ بناء على اقتراح أمين سر الدولة مراسيم يكون لها قوة القانون لا سيما فيما يختص بالميزانية. على أن تقترن المراسيم الاشتراعية هذه بمصادقة المفوض السامي لجعلها نافذة.
أيضاً في العام 1941 أصدر الرئيس ألفرد نقاش المرسوم الاشتراعي رقم 128/NI الذي منح عفواً عاماً عن الجرائم الواقعة قبل تاريخ 27 تشرين الثاني 1941 وشمل كافة المخالفات، وعدداً كبيراً من الجنح والجنايات المحددة بصورة واضحة في متن هذا التشريع.
خامساً- تشريعات العفو قبل الاستقلال
قبل عهد الاستقلال توزعت تشريعات العفو العام بين قرارات أصدرها المفوض السامي، وقوانين أقرّها المجلس النيابي، بالإضافة إلى عدة مراسيم اشتراعية أصدرتها الحكومة. وسنعرض لبعض هذه النصوص التي صدرت تباعاً حسب تسلسلها التاريخي.[21]
1- العفو عن مخالفات قانون السير (من عام 1923 الى عام 1939)
تبع العفو الأول الصادر في العام 1923 عدة نصوص صدرت إما بقوانين عن المجلس النيابي أم بقرارات عن وكيل المندوب السامي، ومنحت هذه النصوص عفواً عاماً عن المخالفات المتعلقة بسير السيارات وذلك في الفترة ما بين عامي 1925 و 1929. وأشارت هذه النصوص إلى أن سقوط دعوى الحق العام بموجب منحة العفو لا يُسقط دعوى الحقوق الشخصية. وتكرر إصدار نصوص مشابهة متعلقة بمنح العفو عن مخالفات السير في آذار 1933 وشباط 1935 وأيار 1936 ونيسان 1938 وآب 1939 وكانون الاول 1939.
2- العفو العام عن بعض الجنح والمخالفات (1930-1934)
في العام 1930 صدر عن الحكومة بتاريخ 8 شباط المرسوم الاشتراعي رقم 11 الذي منح عفواً عاماً عن عدد من الجنح الداخلة في اختصاص حكّام الصلح، وكان الهدف منه إنقاص عدد الدعاوى الجزائية الصغيرة الشأن والمتراكمة لدى المحاكم المحدثة. كذلك شهدت نهاية سنة 1930 إصدار قانون عفو عام عن مرتكبي جميع الجرائم التي اقترفت بين أول حزيران و12 تموز 1929 بمناسبة الانتخابات النيابية سواء أكانت من نوع الجناية أو الجنحة أو القباحة، على أن لا يسري مفعول هذا العفو على حقوق الشخص الثالث الذي يبقى له الحق في إقامة دعواه أمام المحكمة المدنية.
كما أنه في مرحلة تعليق الدستور صدر المرسوم الاشتراعي رقم 114/ل تاريخ 31/8/1934 الذي منح العفو العام عن جميع الموظفين الاداريين والعدليين عن جميع الجرائم التي ارتكبوها أثناء قيامهم بوظائفهم أو بمناسبتها قبل 9 أيار سنة 1932.
3- العفو الشامل والعفو الجزئي (1934)
بتاريخ 30 نيسان 1934 صدر قانون تضمن عفواً شاملاً عن جميع القباحات المرتكبة قبل أول أيار سنة 1934، وعفواً جزئياً بحيث أُسقط الثلث من عقوبات الحبس والجزاء النقدي في الجنح غير الشائنة المرتكبة قبل أول أيار سنة 1934، على أن يجري هذا الإسقاط من قبل المحاكم. وإذا نظرنا إلى ماهية هذا العفو من الوجه القانوني وجدنا أنه ليس بالعفو العام الذي تصدره السلطة الاشتراعية وليس بالعفو الخاص الذي يحق لرئيس الجمهورية أن يمنحه بمقتضى المادة الـ 51 من الدستور اللبناني بل هو يتردد بين هذين النوعين من العفو. فالعفو العام مُسقط للجريمة وجميع مفاعيلها ما خلا الحقوق الشخصية التي تنشأ عنها وهو يصدر عن السلطة الاشتراعية على وجه عام بدون تعيين أشخاص، بينما العفو الخاص يُسقط العقوبة فقط ويمنحه رئيس الجمهورية أشخاصاً معينين، وصفته المميّزة أن يكون إفرادياً. أما العفو الذي صدر بموجب هذا القانون فهو شبيه بالعفو العام لأنه لا يتناول أفراداً معينين، وهو شبيه بالعفو الخاص لأنه يمنع من تنفيذ قسم من العقوبة.
4- العفو العام عن مخالفات خلط أو غش أو بيع الحليب الفاسد أو غير النظيف(1936)
في العام 1936 وبسبب تعديل النظام البلدي المختص ببيع الحليب وعدم اعتياد باعة الحليب على أحكامه تكاثرت المخالفات والأحكام الصادرة بالحبس والجزاء النقدي ولم يعد بوسع أولئك الباعة الفقراء، نظراً للضائقة المالية، إيفاء ما يترتب عليهم من تلك الجزاءات والرسوم.
وحتى لا يتم تحويل هذه الجزاءات والرسوم إلى حبس من شأنه أن يحول دون مزاولة أولئك الباعة مهنتهم وهي الوسيلة الوحيدة لإعاشة عائلاتهم، اقترحت الحكومة رحمة بهم استصدار عفو عام عن جميع المخالفات المتعلقة بغش الحليب والمرتكبة قبل 7 نيسان سنة 1935.[22] وبالفعل صادق المجلس النيابي على هذا القانون الذي منح العفو العام عن جميع المخالفات المختصة ببيع الحليب والمنصوص على عقوباتها في المادة 194 (الفقرة الرابعة) من قانون الجزاء والمرتكبة قبل 7 نيسان سنة 1935. وشمل هذا العفو أيضاً رسوم المحاكم[23].
5- العفو العام عن الجرائم السياسية وجرائم المطبوعات (1936-1938)
أصدر المفوض السامي دميان دي مارتيل في عامي 1936 و1937 قرارين بالعفو العام السياسي. شمل القرار الأول (عدد 305-LR) الصادر بتاريخ 30/12/1936 جميع الجنح والمخالفات التي ارتُكبت بمادة اجتماع وانتخاب، ما عدا جنح الغش في الانتخابات والمرتكبة قبل تاريخ 25/6/1936. والجنح المتعلقة بقانون المطبوعات في الفترة ذاتها. وعدداً آخر من الجرائم المتعلقة بمخالفة النظام العام وغير المتضمنة أعمال عنف. ونص القرار نفسه على المحافظة بصورة صريحة على حقوق الغير، وعلى أن لا يطبق العفو على نفقات الملاحقات والدعاوى التي دفعتها الدولة ولا على الجزاءات النقدية التي لها صفة تعويض مدني ولا على الرسوم المرتكب فيها الغش ولا على المبالغ الواجب إرجاعها أو دفعها بمثابة عطل وضرر.
أما القرار الثاني (عدد59 -LR) الصادر بتاريخ 17/4/1937 فتضمن عفواً عن جميع الأعمال ذات الصبغة السياسية المرتكبة قبل تاريخ الأول من آذار سنة 1936. على أن تبقى حقوق الأشخاص الآخرين محفوظة صراحة. كما نص هذا القرار على أن هذا العفو يؤدي إلى الإعفاء من جميع العقوبات الرئيسية والفرعية التي يكون قد حُكم بها عند صدور الحكم.
بتاريخ 12/1/1938 أصدر المجلس النيابي قانوناً منح بموجبه عفواً عاماً عن مخالفة القوانين والقرارات المرتكبة قبل تاريخ 24/12/1937 فيما يختص بالمطبوعات، ولم يشمل هذا العفو الجزاء النقدي والرسوم العدلية التي استوفيت حسب الأصول بمقتضى الأحكام المبرمة. ونص هذا العفو صراحةً على محو الجرائم المشمولة به من أساسها وعدم ذكرها في السجلات العدلية المختصة بالمحكوم عليهم.
وتكرر منح العفو العام بعد ستة أشهر حين صدر قانون جديد بتاريخ 7/5/1938 مانحاً العفو العام والشامل عن مرتكبي الجرائم المنصوص عليها في القرار عدد 111/LR تاريخ 12 آب 1932 وعن شركائهم والمتدخلين معهم تدخلاً فرعياً وكذلك عن الجرائم المنصوص عليها في القوانين والمراسيم والقرارات فيما يختص بالجمعيات والاجتماعات العامة والتجمهرات المرتكبة قبل تاريخ الأول من كانون الثاني سنة 1938. وشمل هذا القانون العفو عن الجرائم التي ارتكبت أثناء أو بمناسبة التظاهرات على الطرق أو التي أخلّت بالأمن أياً كان فاعلوها، واستثنى منها جرائم القتل والسرقة والنهب.
وبموجب المرسوم الاشتراعي رقم 128/NI تاريخ 19/12/1941 تمّ العفو عن كافة المخالفات وعن عدد كبير من الجنح ما عدا الشائنة منها، وفي الجنايات تمّ تخفيض عقوبة الإعدام إلى عقوبة الأشغال الشاقة المؤبدة، وعقوبة الأشغال الشاقة المؤبدة إلى الأشغال الشاقة لمدة خمس عشرة سنة، وطُرح ثلث مدة سائر العقوبات.
العفو الأخير الذي أقرّ قبل الاستقلال تمثل بالقانون الصادر بموجب المرسوم الاشتراعي رقم 31/ET الصادر بتاريخ 12 أيار 1943، والذي أعفى عن مخالفة كل القوانين والمراسيم والقرارات المتعلقة بالسير، والمرتكبة قبل تاريخ الأول من أيار سنة 1943. ولم يشمل هذا العفو المخالفات التي هي من اختصاص المحاكم العسكرية، وكذلك المخالفات التي ارتُكبت في حالة السكر أو بدون إجازة سير.
سادساً- تشريعات العفو بعد الاستقلال
منذ إعلان الاستقلال في 22 تشرين الثاني 1943 ولغاية العام 2005 صدرت قوانين عفو عام في كل العهود الرئاسية. وراوحت هذه القوانين بين العفو الشامل عن كافة الجرائم والعفو عن جرائم منصوص عليها في قوانين خاصة كالمطبوعات، والميرة وغيرها. كما تدرّجت أحكامها بين إسقاط كامل للعقوبة وبين إسقاط ثلثها أو نصفها في بعض الأحيان. كما أنه صدرت أحكام تتعلق بالعفو العام في متن نصوص خاصة كقانون السير، وقانون الضمان الاجتماعي وقانون قيد وثائق الأحوال الشخصية.
تجدر الإشارة إلى أن اختلاف الظروف السياسية والاجتماعية والاقتصادية التي رافقت إقرار تشريعات العفو هذه فرضت وضع أحكام خاصة في كل منها. ولذلك نجد نصوصاً منحت عفواً شاملاً وموسعاً وأخرى منحت عفواً جزئياً ومحدداً. وسنعرض لكافة هذه النصوص بحسب الترتيب الزمني لتاريخ صدورها.
1- قانون العفو العام (شباط 1944)
ناقش المجلس النيابي أول مشروع قانون يتعلق بالعفو العام بعد إعلان الاستقلال،[24] وذكر تقرير لجنة الإدارة والعدلية المرفق بهذا المشروع أنه «بمناسبة عودة الحياة الدستورية، وفك عقال الدستور اللبناني وتشكيل السلطات العامة على أساس السيادة القومية والمبادئ الدستورية، وبمناسبة الحوادث الخطيرة التي رافقت عهد الاستقلال، رأت اللجنة أن تحدد تاريخ فعالية هذا القانون بالثاني والعشرين من تشرين الثاني سنة 1943 وهو التاريخ الذي استؤنفت فيه الحياة النيابية والعهد الاستقلالي بعد ما تخللته تلك الحوادث المعلومة[25]». وذلك بدلاً من تاريخ 21 أيلول 1943 المحدد من قبل الحكومة في مشروعها.
شمل هذا العفو كافة المخالفات، والعديد من الجنح باستثناء تلك المتعلقة بزراعة المخدرات وصنعها والاتجار بها، والجنح المنصوص عليها في قانون البغاء. وتمّ طرح نصف العقوبة من الجنح المنصوص عليها في التشريع الخاص بالإعاشة وتحديد الأسعار وقمع الاحتكار.
أما في الجنايات فقد أسقط قانون العفو ثلث العقوبات عن جميع الأفعال الجنائية ما عدا الجنايات المتعلقة بقتل الآباء والأجداد. وأسقط أيضاً نصف العقوبة مهما كان نوع الجرم عن الأحداث الذين كانوا دون الثامنة عشرة من العمر حين اقتراف الجرم. كما أسقط ثلاثة أرباع العقوبات مهما كان نوع الجرم عن الشيوخ الذين بلغوا بتاريخ 22 تشرين الثاني 1943 الخامسة والستين من العمر. وأعفى نهائياً مرتكبي كافة أنواع الجرائم ممن بلغوا الخامسة والسبعين من العمر.
لم تتناول أحكام هذا العفو الحرمان من الرتبة والوظيفة وحق الانتخاب للهيئات التابعة للدولة أو المهن. كما لم تتناول جميع الغرامات الأميرية، ولا العقوبات التي تفرضها المجالس التأديبية أو النقابات، ولا سائر التدابير الاحترازية كمنع الإقامة وطرد الأجنبي وإقفال المحل الذي تمت فيه الجريمة.
ولم يكن لهذا العفو أي تأثير على الحقوق الشخصية العائدة للأفراد أو للدوائر العامة على أن يبقى حق النظر في دعاوى هذه الحقوق للمحاكم الجزائية إذا كانت وضعت يدها على الدعوى قبل نشر هذا القانون.[26]
2- قانون العفو العام (تشرين الثاني 1945)
لمناسبة انتهاء الحرب العالمية وضعت الحكومة مشروع قانون يرمي إلى منح عفو عام[27] عن الجرائم، وأحالته إلى المجلس النيابي الذي ناقشه على مدى جلستين متتاليتين وأدخل عليه عدة تعديلات[28]. قضى هذا القانون بمنح العفو عن جميع المخالفات والجنح العادية، وبإسقاط ثلث العقوبات الجنائية سواء أكانت هذه الأفعال من صلاحية المحاكم العادية أم الاستثنائية أم العسكرية. ونظراً لصدور عدة قوانين عفو في السنوات الأخيرة ولعدم انتهاء الأزمة الاقتصادية الناشئة عن الحرب ولأهمية بعض الجرائم وتأثيرها على المجتمع، تقرر أن لا يكون العفو مطلقاً شاملاً. فقد نص هذا القانون على إسقاط نصف العقوبات عن الجنح الشائنة والجنح التي أوجدتها ظروف الحرب ولها مساس بالحالة الاقتصادية
وقد استُثني من منحة العفو الجنايات الهامة كالقتل، ومحاولة القتل، والاغتصاب، والفعل الشنيع بقاصر، والإفلاس الاحتيالي، والسرقة، والتزوير، وتزييف العملة. كما استثنى القانون من أحكامه الغرامات التي تفرضها أنظمة الميرة والجمارك وإدارة حصر التبغ والمصالح المشتركة لأن لهذه الغرامات صفة التعويض. وشمل الاستثناء أيضاً الجرائم المعتبرة من الجرائم الحربية وعقوبات الحرمان من الوظيفة وطرد الأجنبي. ولوضع حد لتضارب الآراء في مدى هذا القانون أوردت المادة السادسة منه نصاً صريحاً يتضمن أنه يطبق على العقوبة الباقية الجاري تنفيذها.
وأخيراً شمل هذا العفو الجرائم المحكوم بها أو التي سيحكم بها من قبل المحاكم العسكرية أجنبية كانت أم وطنية مع طرح ثلثي العقوبة المحكوم بها عن الجنح والجنايات المستثناة، واستبدال عقوبة الاعدام بالأشغال الشاقة لمدة خمس عشرة سنة. وعقوبة الأشغال الشاقة المؤبدة أو الاعتقال المؤبد بالأشغال الشاقة لمدة عشر سنوات.
بالمقابل، لم يشمل هذا القانون الجرائم الواقعة على أمن الدولة المنصوص عليها في المواد 270 حتى 320 من قانون العقوبات، ولا عقوبة الحرمان من الوظيفة وطرد الأجنبي، كذلك ما دُفع قبل نشر القانون من الجزاءات النقدية والرسوم والنفقات القضائية. كما أنه لا تأثير لهذا القانون على الحقوق الشخصية العائدة للأفراد أو للدوائر العامة التي يبقى حق النظر فيها من اختصاص المحاكم الجزائية.
- العفو العام عن مخالفات السير (1946 و 1949)
من أكثر النصوص التشريعية التي تكرر صدورها تمثل بالعفو عن مخالفات القوانين والمراسيم والقرارات المتعلقة بالسير، ولم تختلف مرحلة ما بعد الاستقلال عمّا قبلها لجهة استصدار عدة تشريعات تلحظ العفو عن هذه المخالفات. ففي العام 1946 صدر قانون منح بموجبه العفو العام عن المخالفات المتعلقة بالسير والمرتكبة قبل سنة 1946. وجاء هذا التشريع بعد كثرة المطالبات النيابية للحكومة بالتشدد في تطبيق الأنظمة، وتأمين سلامة السير حفاظاً على السلامة العامة وعلى تطبيق الأنظمة في هذا الموضوع، وعلى قمع المخالفات بكل حزم وشدة في بدء موسم الاصطياف.
ومن مبررات إقرار هذا العفو كان صدور قانون زيادة الرسوم على المخالفات البلدية، حيث فسرت معظم المحاكم اللبنانية أن هذا التعديل (الذي يجعل الجزاء النقدي خمس ليرات إلى خمس وعشرين ليرة بدلاً من ليرة إلى خمس ليرات) يشمل مخالفات السير المنصوص عنها والمعاقب عليها بموجب أحكام القرار 15 ل. ر. وهو قانون الطرقات العام في لبنان. ولما كانت الأحكام التي صدرت بموجب هذا القانون والتي تعد بالألوف قد أصبحت مبرمة فلم يجد المجلس النيابي وسيلة لتحاشي الحيف اللاحق بالسواقين المحكومين بأضعاف ما يجب أن يحكم عليهم إلا بوضع قانون العفو هذا.
وتكرر إصدار عفو مماثل ولكن ضمن قانون السير الذي تمّ إقراره في 25/6/1949 حيث نصت
المادة 105 من هذا القانون على أن: «يمنح عفو عام عن جميع مخالفات القوانين والمراسيم والقرارات المتعلقة بالسير المرتكبة قبل تاريخ 26 حزيران سنة 1949. ولا تأثير لهذا العفو على الحقوق الشخصية التي يبقى حق النظر بها من اختصاص المحاكم الجزائية إذا كانت الدعوى قد تقدمت للمحكمة مباشرةً أو بقرار إحالة قبل العمل بهذا القانون.»
- العفو العام عن مخالفات أنظمة الميرة (كانون الأول 1948)
بعد مطالبات نيابية ونقاشات عديدة صدر بتاريخ 2/12/1948 قانون منح العفو العام عن مخالفات أنظمة الميرة. ومجلس الميرة الأعلى أنشئ بناءً على بروتوكول دولي مؤرخ في 10 آذار 1943 وموقّع عليه من سوريا ولبنان وفرنسا وبريطانيا. ويتولى هذا المجلس «تأمين جمع حاجة كل من لبنان وسوريا من الحبوب، كما يتولى مكافحة التهريب وملاحقة محاضر المخالفات وتأمين قبض الرسوم والغرامات ومسك حساب المواد والنقود. ويتمتع مجلس الميرة بالاستقلال المالي ضمن نطاق وزارة التموين في كل من البلدين».
ويجعل هذا البروتوكول حكومتي لبنان وسوريا تفوّضان هيئة مجلس الميرة بأن يقوم بكل أعمال الحكومة المتعلقة بهذا الصدد. كما أعطى هذا البروتوكول الحق بالاشتراع. وتبعاً لذلك، كان كل ما يصدر عن مجلس الميرة الأعلى من قرارات يطبّق في لبنان وسوريا بعد التصديق عليه من قبل ممثل الحكومتين البريطانية والفرنسية كي يصبح نافذاً. ولا يملك المجلس النيابي اللبناني الحق بإصدار عفو عن جرائم وقعت بموجب تشريع صادر عن هيئة دولية.
وبعد أن استصدرت الحكومة السورية بتاريخ 19 أيلول سنة 1945 قانوناً رقمه 204 يقضي بمنح عفو عام عن جميع المخالفات المقترفة في أراضيها قبل تاريخ 17 آب سنة 1945 وقد شمل هذا العفو المخالفات المرتكبة لأنظمة الميرة، قامت الحكومة اللبنانية بإعداد مشروع قانون يمنح عفواً عاماً عن جميع المخالفات المتعلقة بنقل الحبوب الصالحة للخبز واقتنائها وبيعها والاتجار بها المرتكبة قبل تاريخ 18 آب سنة 1945. كما لحظ قانون العفو عدم تسديد فريضة الحبوب عن مواسم الأعوام 1942، و1943، و1944، و1945. وعلى أن لا يوجب هذا العفو رد الغرامات وبدلات المحصولات المستوفاة عن المخالفات المذكورة قبل صدور هذا القانون.
كما جاء هذا التشريع بعد الجهود الكبيرة التي بذلها المزارع اللبناني لتحسين مواسم الحبوب وتخفيف أزمة الإعاشة ومن حقه أن ينال جزاء هذا العمل الصالح بإعفائه من العقوبات المحكوم بها لمخالفته أنظمة الميرة. وفضلاً عن ذلك فإن هذه الأحكام يتعذر تنفيذ قسم كبير منها إما لوفاة المحكومين أو تركهم البلاد وإما لمرور الزمن عليها. لذلك، أقرّ المجلس النيابي هذا القانون بتاريخ 3/11/1948 وصدر عن رئيس الجمهورية بتاريخ الثاني من كانون الأول 1948.
- العفو العام (تشرين الاول 1949)
منح هذا القانون العفو العام عن الجرائم المقترفة قبل 21 أيلول سنة 1949 سواء قضت بها المحاكم العادية أو المحاكم الاستثنائية إنما ضمن شروط حددها، على أن يشمل كافة المخالفات، والمحكومين بالغرامة أو بالحبس لأجل جنحة أو جناية غير شائنة لمدة سنة أو أقل من السنة والذين سيحكمون بسنة فما دون. كما نص على إسقاط نصف العقوبات الجناحية التي حُكم أو سيُحكم بها لأجل جنحة أو جناية غير شائنة بالغرامة أو بالحبس أكثر من سنة.
أما بالنسبة للعقوبات الجنائية فنص هذا القانون على إسقاط ثلث العقوبات ما عدا في جنايات القتل سواء كانت عن قصد أو عن عمد، والاغتصاب، والفعل الشنيع بقاصر، والافلاس الاحتيالي، والسرقة الموصوفة والتزوير بأوراق رسمية وتزييف العملة التي قرر القانون طرح الخُمس من عقوبتها.
على أن تُخفض عقوبة الاعدام إلى الأشغال الشاقة المؤبدة، وعقوبة الأشغال المؤبدة أو الاعتقال المؤبد إلى الأشغال الشاقة أو الاعتقال لمدة عشرين سنة.
واستُثنيت من أحكام هذا القانون الجرائم الواقعة على أمن الدولة المنصوص عليها في المواد 270 إلى 320 من قانون العقوبات والتي تزيد العقوبة المحكوم بها أو التي سيحكم بها عن سنة. كما استُثنيت الجرائم المنصوص والمعاقب عليها في المادة 130 من قانون العقوبات العسكري المعدل بقانون 5 شباط سنة 1948. واستُثنيت الغرامات التي تفرضها أنظمة الجمارك وحصر التبغ والقطع والمصالح المشتركة من أحكام العفو. ولم تشمل أحكام العفو التدابير الاحترازية إنما شملت التدابير الاصلاحية.
والأمر الجديد الذي استحدثه قانون العفو هذا هو منح الحكومة في خلال ثلاثة أشهر من تاريخ نشر هذا القانون ان تستصدر مرسوماً بعد استطلاع رأي لجنة العفو بمنح عفو كامل أو جزئي له مفعول العفو العام عن الجرائم المذكورة أعلاه. على أن لا يستفيد من منحة العفو الفارون من وجه العدالة الذين لا يسلّمون أنفسهم في مهلة ثلاثة أشهر من تاريخ نشر هذا القانون.
وأخيراً ورد النص على أن لا تأثير لهذا القانون على الحقوق الشخصية العائدة للأفراد أو الدوائر العامة التي يبقى حق النظر فيها من اختصاص المحاكم الجزائية إذا كانت الدعوى تقدمت للمحكمة مباشرة أو بقرار إحالة قبل نشر هذا القانون.
- العفو العام عن جرائم ناشئة عن أسباب انتخابية (آب 1951)
في العام 1951 وبعد أن تخلل فترة الانتخابات النيابية عدة حوادث ليست من الأهمية بمكان بالنسبة للأمن ولكنها خلقت في نفوس الأهلين التنافر والأحقاد. فكان لا بد للحكومة من أن تسعى لإزالتها في سبيل توحيد القلوب توطئة لتوحيد الكلمة والعمل في سبيل مصلحة البلاد العليا[29]. ولهذا رأت أن تتقدم بمشروع قانون يقضي بمنح عفو عام عن المخالفات كافة وعن الجنح المرتكبة لأسباب انتخابية في الفترة الواقعة بين أول آذار و23 نيسان سنة 1951.
وعلى هذا الأساس وافق المجلس النيابي على إقرار عفو عام عن كافة المخالفات المرتكبة في خلال الفترة القائمة بين تاريخ مرسوم دعوة الناخبين في 15 اذار سنة1951 و30 نيسان سنة 1951، وعن الجنح المرتكبة في خلال الفترة القائمة بين تاريخ مرسوم دعوة الناخبين، و30 نيسان سنة 1951 والناشئة عن أسباب انتخابية.
- العفو العام عن جرائم كانت من اختصاص المحاكم العسكرية الفرنسية (شباط 1954)
على خلاف قوانين العفو السابقة التي كانت الحكومة تبادر في إرسال مشاريع قوانين تتعلق بالعفو العام، جاءت المبادرة في اقتراح العفو العام عن الجرائم التي كانت من اختصاص المحاكم العسكرية الفرنسية من قبل النواب، وذلك حين تقدم نائبا عكار رؤوف حنا وبشير العثمان بسؤال إلى الحكومة أتبعاه باقتراح طلب العفو عن المحكومين من المحاكم العسكرية الفرنسية. وجاء تبرير الاقتراح على الشكل الآتي:
«بما أن المحكومين من قبل المحاكم العسكرية الفرنسية بأكثريتهم الساحقة قد نفذوا العقوبات التي قضي عليهم بها. ولما كان بقاء العقوبات المذكورة على سجلات المحكومين العدلية يضطرهم لتقديم طلبات إعادة اعتبار إلى قضاة الإحالة وتكبد نفقات ومعاملات. ولما كانت المدة المعينة لإعادة الاعتبار قد مرت فقد أصبح إصدار عفو عام عن الأحكام العسكرية الفرنسية ليس أمراً سهلاً فحسب بل من الضرورة بمكان لمصالح المحكومين دون أن يوقع ضرراً ما بمصلحة العدالة في لبنان.
لذلك فإننا نقترح وبصورة مستعجلة إصدار عفو عام عن الأحكام العسكرية الفرنسية وفق المادة الوحيدة التالية:
مادة وحيدة: يعفى المحكومون من قبل المحاكم العسكرية الفرنسية من العقوبات المحكوم بها عليهم من أي نوع كانت وسواء كانت قد نفذت أو لم تنفذ حتى بدء أعمال المحاكم العسكرية اللبنانية.»
ووافقت حكومة الرئيس عبدالله اليافي على الاقتراح بشرط تعديله بحيث يجري منح العفو العام عن الجرائم التي كانت من اختصاص المحاكم العسكرية الفرنسية المرتكبة قبل إنشاء المحاكم العسكرية اللبنانية، وذلك لأن العفو العام يُمنح عن الجرائم وليس عن الأشخاص[30]. وأقرّ المجلس النيابي هذا القانون وفق الصيغة التي اقترحتها الحكومة، وصدر عن رئيس الجمهورية بتاريخ 23 شباط سنة 1954.
- قانون العفو العام (كانون الاول 1958)
إثر الأحداث الجسام التي شهدها العام 1958 كان من المألوف صدور قانون عفو عام عن الجنايات التي لها علاقة بالحوادث التي شهدها هذا العام. وبالفعل صدر بتاريخ 24 كانون الأول 1958 قانون عفو عام عن الجرائم التالية المرتكبة قبل 15 تشرين الاول سنة 1958. وقضى أيضاً بتنزيل العقوبة حتى نصفها في الجنايات الاخرى. كذلك نصّ على منح عفو عام كامل عن المخالفات والجنح باستثناء الجرائم الشائنة، والجرائم المنصوص والمعاقب عليها بقانون 23 حزيران سنة 1955 المتعلق بمقاطعة اسرائيل، ومخالفات الجمارك وحصر التبغ والانظمة المالية وقوانين البناء والتخطيط.
إنما المسألة المهمة التي أوردها هذا القانون تمثلت بإعطاء رئيس الدولة خلال سنة الحق في أن يصدر بمرسوم يتخذ في مجلس الوزراء عفواً خاصاً له مفاعيل العفو العام في الجرائم السياسية أو التي لها علاقة بالجرائم التي تناولها العفو العام.
وعدّد قانون العفو لعام 1958 الجرائم التي شملها وهي الجرائم الواقعة على امن الدولة الداخلي، والجرائم المنصوص والمعاقب عليها في المواد 288 و346 و587 والبند 3 من المادة 548 من قانون العقوبات، والجرائم المنصوص والمعاقب عليها في قانون 11 كانون الثاني 1958، والجرائم المنصوص والمعاقب عليها في المواد 91 و92 و98 و127 من قانون العقوبات العسكري، والجرائم السياسية، أو التي ترتدي طابعاً سياسياً عاماً، أو محلياً، شرط أن لا تكون قد ارتكبت لغاية أو منفعة شخصية. بالإضافة إلى الجنح والمخالفات. كما جرى تخفيض باقي العقوبات عن الجرائم التي لم يشملها قانون العفو. ولم يؤثر هذا القانون على الحقوق الشخصية العائدة للأفراد أو للدوائر العامة التي يبقى حق النظر فيها في مطلق الاحوال من اختصاص القضاء الجزائي العادي.
- قانون منح عفو عام (شباط 1969)
في نهاية العام 1968 أقرّ المجلس النيابي، بعد نقاشات طويلة استمرت على مدى عدة جلسات، قانوناً للعفو العام شمل العديد من الجرائم ولم يستثنِ الشائنة منها وذلك خلافاً لما درجت عليه قوانين العفو المتعاقبة في لبنان باستثناء القانون الذي صدر في العام 1949.
لكن هذا القانون اصطدم بمعارضة من قبل رئيس الجمهورية شارل حلو الذي قام، وفقاً لصلاحيته الدستورية، بردّه إلى المجلس النيابي لقراءة ثانية نظراً لما اعتبره إخلالاً بأصول منح العفو العام. وأورد الرئيس في أسباب الإعادة[31] بأن هذا القانون يأتي في ظروف تحتاج فيها العمليات الاقتصادية أكثر من أي زمن آخر إلى الثقة، وتستدعي تطبيق مبادئ الاستقامة والقوانين التي ترعى هذه المبادئ، بالإضافة إلى الخشية من أن يساعد العفو عن الجرائم الشائنة على التكرار. كما أن القانون الذي أقرّه المجلس النيابي نص على «أن حق النظر في الحقوق الشخصية العائدة للأفراد وللإدارات العامة يبقى للقضاء الجزائي المختص برؤية المجرم»، فاعتبر رئيس الجمهورية بأن هذا النص يتناقض مع مفاعيل ونتائج العفو، والافضل أن يذكر بأن لا تأثير لهذا القانون على الحقوق الشخصية العائدة للأفراد او للإدارات العامة التي يبقى حق النظر فيها من اختصاص المحاكم الجزائية إذا كانت الدعوى تقدمت للمحكمة مباشرةً أو بقرار إحالة قبل تاريخ العمل بهذا القانون.
أيضاً أوردت أسباب الإعادة بأن القانون المصادق عليه أغفل كيفية تطبيق أحكامه على الفارين من وجه العدالة وكيفية حل الصعوبات التي تنشأ في معرض تنفيذه. فارتأى رئيس الجمهورية، تلافياً لهذا النقص وتسهيلا لتطبيق القانون تطبيقاً صحيحاً أن تكون النيابة العامة التمييزية هي المرجع الصالح للبت بهذه الأمور. وقرر المجلس بعد مناقشة أسباب الإعادة الأخذ برأي رئيس الجمهورية، وتعديل القانون وفقاً للمقترحات المذكورة في مرسوم الردّ. وعلى هذا الأساس تمّ تصديق قانون العفو مرة ثانية مع وضع استثناءات شملت جرائم القتل إذا ارتُكبت تسهيلاً للسرقة أو إخفاءً لها أو لسبب سافل؛ كما استُثنيت من منحة العفو جرائم الخيانة والتجسس المنصوص عنها في المواد 273و284 من قانون العقوبات؛ والجرائم المنصوص عنها في قوانين مقاطعة إسرائيل؛ وجرائم الافلاس الاحتيالي والجرائم المنصوص عليها في قوانين المصارف الصادرة سنة 1966 وما بعده؛ بالإضافة إلى الجرائم الشائنة.[32].
- قوانين عفو متفرقة
بالإضافة إلى قوانين العفو الأساسية، صدرت في عهد الاستقلال عدة تشريعات تتعلق بالعفو عن
المخالفين الذين لم يقوموا بإجراء التصريحات المفروضة عليهم فيما يتعلق بقيد وثائق الأحوال الشخصية، والمنصوص عليها في القانون الصادر بتاريخ 7/12/1951، وجرى منحهم مهلة ستة أشهر لإجراء هذه التصريحات وإعفائهم من العقوبة[33]. وتجدد إقرار نص مماثل في العام 1967 بحيث جرى منح مهلة سنتين لإجراء التصريحات تسري من اليوم الذي يلي نشر هذا القانون في الجريدة الرسمية[34].
وما بين العامين 1965 و1970 أقرّ المجلس النيابي أربعة قوانين تتعلق بالعفو العام عن جرائم المطبوعات المنصوص عليها في قانون المطبوعات (المواد 56 إلى 64منه)، والمرتكبة في عدة فترات زمنية، وسواء كانت من اختصاص المحاكم العدلية أم العسكرية. وأجمعت هذه التشريعات على عدم المساس بالحقوق الشخصية التي يعود أمر الفصل فيها لمحكمة المطبوعات. وجاءت هذه القوانين بمبادرة نيابية أقرّها المجلس النيابي بمادة وحيدة بعد تقديمها بصفة المعجل المكرر[35].
كذلك صدرت عدة نصوص منحت بموجبها عفواً عاماً عن جميع مخالفات أحكام قانون الضمان الاجتماعي والتي ارتكبت في فترات متفاوتة وكذلك عن العقوبات والغرامات المحكوم بها شرط قيام المعنيين بالأمر تأدية كافة موجباتهم المتأخرة تجاه الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي ولا سيما المتعلق منها بتقديم التصاريح وكشوفات الحساب وتسديد الاشتراكات نقداً أو بأي طريقة من طرق الدفع النظامية المعمول بها لدى الصندوق[36].
11- العفو عن بعض الجرائم وفقاً لشروط محددة (آب 1991)[37]
أقر المجلس النيابي قانوناً يمنح العفو العام عن الجرائم المرتكبة قبل تاريخ 28 آذار 1991 وفقاً لشروط محددة[38]. وجاء هذا القانون بعد انتهاء الاحداث ليطوي صفحة الحرب التي حفلت بجرائم خطيرة بقي معظمها بمنأى عن الملاحقة. وشمل هذا العفو العام «الجرائم السياسية أو التي ترتدي طابعاً سياسياً عاماً أو محلياً بما فيها جرائم القتل لدوافع سياسية شرط أن لا تكون قد ارتكبت لغاية أو منفعة شخصية على أن يبت بالموضوع المرجع القضائي المختص الواضع يده على الدعوى، ويعتبر القرار من قبيل البت بالدفوع الشكلية ويقبل طرق المراجعة المنصوص عليها في قانون أصول المحاكمات الجزائية.»[39]
واعتُبر هذا العفو عاملاً مخففاً عن كاهل المحاكم بما تراكم لديها من دعاوى لم تسعفها الظروف الامنية على البت بها فتقادم عليها الزمن بحيث أصبحت العقوبات، في حال فرضها، عديمة الفائدة والتأثير لان فاعلية العقوبة تكمن في سرعة فرضها وتنفيذها.
غير أن هذا العفو لم يشمل جميع الجرائم خاصة تلك المتعلقة بالمبادئ الاساسية التي يرتكز عليها النظام أو تلك التي ألحقت ضرراً بالغاً بالاقتصاد الوطني وبالملكية العامة والخاصة على السواء. كما أن هذا العفو لم يطاول الحقوق الشخصية الناجمة عن الجرائم، وبقي للمدعي الحق عند تنفيذ الحكم بالتعويض الصادر عن المحاكم الجزائية أو العادية أن يطلب حبس المحكوم عليه إكراها. واستثني من قانون العفو «الجرائم المحالة على المجلس العدلي قبل تاريخ نفاذه.» وأبرزت المادة (8) من هذا القانون جرائم الاغتيالات المحالة على المجلس العدلي بالنص الآتي: «خلافاً لأي نص آخر، تعتبر منذ تاريخ ارتكابها محالة حكماً على المجلس العدلي جميع جرائم اغتيال أو محاولة اغتيال رجال وعلماء الدين والقادة السياسيين، المرتكبة قبل تاريخ 28 آذار 1991 ضمناً»
12- العفو عن جرائم المخدرات (كانون الأول 1997)
قد يكون قانون العفو عن جرائم المخدرات الصادر في العام 1997 من أكثر القوانين التي أخذت جدلاً واسعاً في المجلس النيابي بين مؤيد ومعارض نظراً لحساسية هذا الموضوع وتشعّبه. ففي حين شمل قانون العفو الصادر في العام 1991 جرائم زراعة المخدرات دون غيرها من جرائم المخدرات المتفرعة عنها، الأمر الذي أبقى عدداً كبيراً من اللبنانيين قيد الملاحقة، مما ينتقص من مفهوم العفو العام بقصد طي ملف الاحداث اللبنانية المأساوية.
واستند مقدمو اقتراح القانون والمدافعون عنه[40] آنذاك إلى أن غياب سلطة الدولة كان أحد الأسباب التي دفعت بالبعض إلى توسّل تحصيل موارد رزقهم بطرق غير مشروعة بالإضافة إلى حالة الضيق والعوز لدى الكثير من اللبنانيين. وبما أن هذا الموضوع قد أثقل المحاكم بعدد من الملاحقات التي تعود إلى سنوات طويلة ماضية، فضلاً عن انعدام مبررات إبقاء هذه الأحكام والدعاوى والملاحقات غير مشمولة بقانون العفو العام، والتي تستنزف الجزء الكبير من عمل المحاكم. وبهدف تمكين هؤلاء الملاحقين من البدء في حياة جديدة سليمة، في ظل سيادة القانون واحترام احكامه جرى وضع اقتراح قانون يمنح العفو العام عن جرائم المخدرات المرتكبة قبل تاريخ 31/12/1995. أما الآراء المعارضة لهذا الاقتراح فقد استندت إلى أنه لا يجوز التساهل في موضوع جرائم المخدرات نظراً لنتائجه السلبية سواء كان على المجتمع اللبناني أم على سمعة لبنان دولياً.
وبعد جدل طويل توصل المجلس النيابي إلى اقرار اقتراح القانون مع وضع عدة ضوابط له بحيث نص على سقوط منحة العفو على مرتكبي جرائم المخدرات إذا أقدموا بعد نفاذ هذا القانون على ارتكاب أي جرم يتعلق بالمخدرات مهما كان نوعه، وتُستأنف عندها الملاحقة من النقطة التي توقفت عندها بمفعول العفو. كما شدد هذا القانون (في المادة 3 منه) عقوبة الأشغال الشاقة المؤقتة المنصوص عليها في قانون المخدرات الصادر بتاريخ 18 حزيران 1946 وتعديلاته بين سبع سنوات وخمس عشرة سنة[41].
يُذكر أن هذا القانون تمّ توقيعه من قبل رئيس الجمهورية بتاريخ 29/12/1997 وحمل الرقم 666 ونشر في اليوم التالي في الجريدة الرسمية عدد 59 تاريخ 30/12/1997.
13- قانونا عفو عام (تموز 2005)
يعود التشريع الأخير المتعلق بالعفو العام إلى العام 2005، ففي الجلسة العامة لمجلس النواب المنعقدة بتاريخ 18 تموز 2005 تمت الموافقة على نصين تشريعيين يتعلقان بالعفو العام عن بعض الجرائم والملاحقات، وذلك بموجب اقتراحي قانونين قُدّما بصفة المعجل المكرر وبمادة وحيدة. تناول الأول العفو عن بعض الجرائم موضوع الأحكام الصادرة عن المجلس العدلي والحكم الصادر عن محكمة جنايات بيروت (العفو عن سمير جعجع). وتناول الثاني منح عفو عام في ملف أحداث الضنية ومجدل عنجر.
وجاء إقرار هذين الاقتراحين على خلفية اتفاق سياسي وتسهيلاً لقضية المصالحة الوطنية وطي صفحة الماضي. واعتبر مقدمو الاقتراحين في الأسباب الموجبة بأن «جوهر الوفاق الوطني هو المصالحة، وإسدال ستار النسيان على مآسي الماضي، مع ما يقتضيه ذلك من تبادل الصفح والمسامحة. فبعد وثيقة الوفاق الوطني، لم يعد ثمة مجال لتصنيف اللبنانيين، ولم يعد جائزاً استثناء أي منهم، أو نبذه، أو استفراده.
وجاءت التعديلات الدستورية تؤكد المساواة بين اللبنانيين، وتضع مبادئ واضحة وأساسات راهنة للوحدة الوطنية، في المقدمة والأحكام العامة، كما في المواد. وبدلاً من فتح صفحة جديدة بيضاء في حياة الوطن والمواطنين، بقيت الرواسب تتجمع وتتفاعل، وحصلت ملاحقات ومحاكمات أدت إلى اختلال موازين العدالة، بخرق مبدأ المساواة، وتصنيف المواطنين، كما أوجدت شعوراً بالخيبة، وعمقت الانقسامات، بدلاً من أن تزيلها، وفسحت مجالات واسعة للاجتهاد والانتقاء، وشتى التأويلات الاستنسابية[42].»
بناءً على ذلك، أقر المجلس قانوني العفو عن سمير جعجع، وعن الأشخاص الملاحقين في ملف أحداث الضنية ومجدل عنجر، وتمّ إسقاط كافة الأحكام والعقوبات الأصلية والفرعية والتدابير الاحترازية، وجميع الملاحقات والتحقيقات العالقة، والأحكام الصادرة عن المجلس العدلي ومحكمة الجنايات والمحكمة العسكرية. كما أُسقطت كافة مذكرات التوقيف المتعلقة بالقضايا المشمولة بالعفو.
وصدر القانونان عن رئيس الجمهورية في اليوم التالي (قانون رقم 677 وقانون رقم 678 تاريخ 19/7/2005)، ونُشرا في ملحق خاص للجريدة الرسمية (العدد 30 تاريخ 20/7/2005).
- الخاتمة
يتبيّن من استعراض التشريعات المتعلقة بالعفو العام بأن هذا العفو يُخرج الفعل من نطاق النموذج الجرمي على الرغم من مطابقته له، ومن ثم يتخذ صورة الاستثناء الوارد على نص التجريم، إذ تعني آثاره عدم تطبيق ذلك النص على الفعل الذي صدر العفو عنه.
وتأيّد هذا الرأي في اجتهاد المحاكم التي اعتبرت بأن «من أهم مميزات ومفاعيل العفو العام أن أحكامه تتعلق بالنظام العام ويجب تطبيقها عفواً وأنه يوقف متابعة دعوى الحق العام ويسقطها، كما أنه يمنع تنفيذ العقوبة المحكوم بها على الأفعال التي شملها ستار النسيان ماحياً ذكرها ونتائجها معتبراً بمفعول رجعي كأنها لم تكن ولم تحدث كأفعال جرمية، وبالاختصار إن العفو العام يمحو الجريمة يوقف ملاحقتها[43]».
إنما بالرغم من هذه القوة القانونية للعفو العام نجد بأن آثاره ليست مطلقة وشاملة، إذ وضع المشترع واجتهاد المحاكم عدة قيود تحدّ من سريانه. ونجد بأن جميع تشريعات العفو المتعاقبة أوردت نصاً يفيد بأن سقوط دعوى الحق العام بموجب العفو لا يشمل الحقوق الشخصية، وبالتالي لا تأثير لقانون العفو على هذه الحقوق العائدة للأفراد كما للدوائر العامة والتي يبقى حق النظر فيها من اختصاص المحاكم الجزائية.
ولا يشمل العفو العام التدابير الاحترازية أو الإصلاحية، ولا يتم رد الغرامات التي تمّ دفعها عملاً بأحكام المادة 150 من قانون العقوبات، إلا في حال النص صراحةً عليها في متن قانون العفو. وتجدر الإشارة أيضاً إلى أن المشترع اعتبر بأن الغرامات التي لها صفة التعويض المدني غير مشمولة بأحكام العفو، في حين أن الغرامات ذات الصفة المزدوجة التي تجمع بين العقوبة والتعويض يشملها العفو العام.
كما أن قانون العفو يبقى غير ذي تأثير على العقوبات المسلكية الصادرة عن مجالس التأديب، وهذا ما استقر عليه التشريع واجتهاد المحاكم وذلك بسبب استقلالية هذه التدابير وذاتيتها. فنظام الموظفين أورد نصاً صريحاً لجهة عدم جواز العفو عن العقوبات التي تفرضها مجالس التأديب[44].
وأورد قانون التقاعد والصرف من الخدمة، في المادتين 36 و37 منه، نصوصاً تحرم الموظف من الحصول على المعاش التقاعدي أو تعويض الصرف في حال صدور حكم قضائي عليه باختلاس أموال الدولة أو الأمانات المودعة لديه، أو الرشوة في أمور تتعلق بالوظيفة أو التزوير في مستندات رسمية ساعدت على الاختلاس، واعتبر بأنه لا تسري على هذه الأحكام مفاعيل العفو لا العام ولا الخاص، وبالتالي لا تتم إعادة الحقوق المفقودة بموجب العفو.[45]
كما أن قانون الهيئة العليا للتأديب المتعلق بالموظفين نص صراحةً على أنه «لا يجوز العفو عن قرارات الهيئة العليا للتأديب، ولا تقبل قراراتها أي طريق من طرق المراجعة بما في ذلك طلب الإبطال لتجاوز حد السلطة أو طلب التعويض عن طريق القضاء الشامل»[46]. فالعفو حسب مفهومه القانوني يتناول فقط الجرائم، أما قرارات المجالس التأديبية فليس لها بالضرورة مضمون الجرائم، بل قد تكون مخالفات مسلكية تقضي بها المجالس التأديبية وتُصدر بها قرارات، وهذه القرارات غير قابلة للعفو بمعناه القانوني.
تقتضي الإشارة إلى استثناء واحد لجهة العفو عن قرار مجلس تأديبي صدر خلافاً للقانون في زمن المرحوم شارل دباس الذي أصدر عفواً عن قرار مجلس تأديبي صدر بحق سامي الصلح، كون هذا القرار كان قد صدر ظلماً[47].
جدول رقم (1)
تشريعات العفو العام الصادرة بموجب قرارات المفوض السامي الفرنسي
العدد
|
قرار رقم
|
الموضوع
|
التاريخ
|
المرجع
|
1
|
قرار 1889
|
عفو شامل لجميع الجنايات والجنح (من قتل ونهب واعتداء) التي وقعت قبل 3 تشرين الثاني 1922 بين قريتي بريتال وحور تعلا (قضاء بعلبك) وقرية رنكس (قضاء النبك)
|
12/3/1923
|
وكيل المندوب السامي
روبير دي كه
|
2
|
قرار عدد 148/S
|
يختص بالعفو العام عن مرتكبي بعض مخالفات حدثت قبل 16 أيار سنة 1925
|
13/6/1925
|
وكيل المندوب السامي
لاون كايلا
|
3
|
قرار عدد 305
- LR
|
قرار عدد 305- LRصادر في 30 كانون الاول سنة 1936 بإعلان عفو عام ومنح تدابير عفو خصوصية في لبنان
|
30/12/1936
|
المفوض السامي
د. دي مارتيل
|
4
|
قرار عدد59/LR
|
بمنح عفو سياسي جميع عن الأعمال ذات الصبغة السياسية المرتكبة قبل تاريخ 1/3/1936 على الأراضي المشمولة بالانتداب
|
17/4/1937
|
المفوض السامي
د. دي مارتيل
|
5
|
قرار عدد 195/ LR
|
بمنح عفو عن جميع الجنح والمخالفات التي ارتكبت ابتداء من أول أيار 1939 بمناسبة إضراب السائقين
|
30/8/1939
|
المندوب العام
دي هوتكلوك
|
6
|
قرار عدد 316/LR
|
قرار المفوض السامي عدد 316/LR الصادر في 10 ت 2 سنة 1939 بالعفو الجزئي عن العقوبة في حال كان المحكوم عليهم قد أتموا نصفها
|
10/11/1939
|
المفوض السامي
بيو
|
جدول رقم (2)
تشريعات العفو العام الصادرة بموجب مراسيم اشتراعية
العدد
|
نوع النص
|
الموضوع
|
التاريخ
|
المرجع
|
العهد
|
1
|
مرسوم اشتراعي رقم 11
|
منح عفو عام عن جميع القباحات والجنح الداخلة ضمن صلاحية حكام الصلح الجزائية
|
8/2/1930
|
الحكومة
|
شارل دباس
|
2
|
مرسوم اشتراعي رقم 82/ل
|
منح عفو عام عن المخالفات المنصوص عليها في القوانين والمراسيم والقرارات المتعلقة بسير السيارات
|
21/3/1933
|
مجلس المديرين
|
شارل دباس
|
3
|
مرسوم اشتراعي رقم 114/ل
|
منح عفو عام لجميع الموظفين الاداريين والعدليين عن جميع الجرائم التي ارتكبوها في اثناء قيامهم بوظائفهم أو بمناسبة قيامهم بها قبل 9 أيار 1932
|
31/8/1933
|
مجلس المديرين
|
شارل دباس
|
4
|
مرسوم اشتراعي رقم 22/LE
|
بمنح عفو عام عن مخالفات السير قبل أول نيسان سنة 1939 واستثني من منحة العفو مخالفات السائقين الذين كانوا بحالة سكر أو غير الحائزين على إجازة سوق
|
27/12/1939
|
الحكومة
|
إميل إده
|
5
|
مرسوم اشتراعي رقم 128/NI
|
بمنح عفو عام شمل الجرائم الواقعة قبل تاريخ 27 تشرين الثاني 1941 مع استثناءات واسعة
|
19/12/1941
|
الحكومة
|
ألفرد نقاش
|
6
|
مرسوم اشتراعي رقم 31/ET
|
بمنح عفو عام عن جميع مخالفات القوانين والمراسيم والقرارات المتعلقة بالسير ، إنما لم يشمل الرسوم القضائية ولا المخالفات التي هي من اختصاص المحكمة العسكرية
|
12/5/1943
|
الحكومة
|
أيوب تابت
|
جدول رقم (3)
تشريعات العفو العام الصادرة بموجب قوانين عن المجلس النيابي
العدد
|
نوع النص
|
الموضوع
|
التاريخ
|
العهد
|
1
|
قانون
|
يقضي بمنح العفو العام عن مرتكبي المخالفات المنصوص عليها في القرارات المتعلقة بسير السيارات الحاصلة قبل 9/11/1927
|
19/11/1927
|
شارل دباس
|
2
|
قانون
|
العفو العام عن مخالفات سير السيارات الحاصلة قبل 12 تموز 1929
|
19/11/1929
|
شارل دباس
|
3
|
قانون
|
منح عفو عام عن جميع مرتكبي الجرائم التي اقترفت فيما بين الأول من حزيران 1929 و 12 تموز 1929 بمناسبة الانتخابات النيابية
|
4/12/1930
|
شارل دباس
|
4
|
قانون
|
يختص بمنح عفو عام عن فئة من المخالفات والجنح
|
28/5/1931
|
شارل دباس
|
5
|
قانون
|
منح عفو عام عن جميع القباحات المرتكبة قبل 1 ايار 1934 ولم تشمل منحة العفو الغرامات الاميرية ولا رسوم المحاكمة والجزاءات النقدية التي تم استيفاؤها قبل تاريخ العمل به
|
30/4/1934
|
حبيب السعد
|
6
|
قانون
|
بمنح عفو عام عن جميع مخالفات القوانين والمراسيم والقرارات المتعلقة بالسير والمرتكبة قبل أول شباط 1935 وشمل هذا القانون أيضاً رسوم المحاكمة
|
1/2/1935
|
حبيب السعد
|
7
|
قانون
|
بمنح العفو العام عن جميع المخالفات الناشئة عن خلط أو غش أو بيع الحليب الفاسد أو غير النظيف
المرتكبة قبل 7/4/1935
|
9/1/1936
|
حبيب السعد
|
8
|
قانون
|
بمنح عفو عام عن مخالفات السير المرتكبة قبل تاريخ أول شباط سنة 1936 وشمل هذا العفو رسوم المحاكمة
|
4/5/1936
|
إميل إده
|
9
|
قانون
|
بمنح عفو عام عن مخالفات القوانين والقرارات المرتكبة قبل 24 كانون الاول سنة 1937 فيما يختص بالمطبوعات ولا يشمل هذا العفو الجزاء النقدي والرسوم العدلية المستوفاة،
|
12/1/1938
|
إميل إده
|
10
|
قانون
|
بمنح عفو عام عن مخالفات السير المرتكبة قبل تاريخ أول نيسان سنة 1938 وشمل هذا العفو الرسوم القضائية
|
5/4/1938
|
إميل إده
|
العدد
|
نوع النص
|
الموضوع
|
التاريخ
|
العهد
|
11
|
قانون
|
بإصدار عفو عام شمل الجرائم المنصوص عليها في القوانين والمراسيم والقرارات المتعلقة بالجمعيات والاجتماعات العامة والتجمهرات المرتكبة قبل تاريخ 1/1/1938
|
7/5/1938
|
إميل إده
|
12
|
قانون
|
بمنح عفو عام شمل العفو عن جرائم كثيرة إنما استثني منه المكرر أكثر من مرة ومرتكبي جرائم قتل الآباء والأجداد
|
1/2/1944
|
بشارة الخوري
|
13
|
قانون
|
بمنح عفو عام انما تضمن استثناءات خاصة لجهة الجرائم الشائنة الواقعة على أمن الدولة
|
14/11/1945
|
بشارة الخوري
|
14
|
قانون
|
بمنح عفو عام عن جميع مخالفات القوانين والمراسيم والقرارات المتعلقة بالسير والمرتكبة قبل أول تشرين الاول 1946 وعدم شموله ما تمّ دفعه من جزاءات ورسوم قبل نشره
|
3/12/1946
|
بشارة الخوري
|
15
|
قانون
|
بمنح عفو عام عن مخالفات أنظمة الميرة ولا يوجب هذا القانون رد الغرامات وبدلات المحصولات المستوفاة
|
2/12/1948
|
بشارة الخوري
|
16
|
قانون
|
قانون تصديق مشروع قانون السير
المادة 105 من قانون السير نصت على أن:
«يمنح عفو عام عن جميع مخالفات القوانين والمراسيم والقرارات المتعلقة بالسير المرتكبة قبل تاريخ 26 تاريخ سنة 1949. ولا تأثير لهذا العفو على الحقوق الشخصية التي يبقى حق النظر بها من اختصاص المحاكم الجزائية إذا كانت الدعوى قد تقدمت للمحكمة مباشرة أو بقرار إحالة قبل العمل بهذا القانون.»
|
25/6/1949
|
بشارة الخوري
|
17
|
قانون
|
قانون العفو الصادر في 19 تشرين الاول سنة 1949 وشمل الجرائم المقترفة قبل 21 ايلول 1949 وفقاً لشروط محددة في هذا القانون
|
19/10/1949
|
بشارة الخوري
|
18
|
قانون
|
منح عفو عام عن المخالفات والجنح غير الشائنة المرتكبة والناشئة عن أسباب انتخابية
|
31/8/1951
|
بشارة الخوري
|
19
|
قانون
|
منح عفو عام عن بعض الجرائم المرتكبة قبل إنشاء المحاكم العسكرية اللبنانية وشمل الجرائم التي كانت من اختصاص المحاكم العسكرية الفرنسية
|
23/2/1954
|
كميل شمعون
|
20
|
قانون
|
إعطاء مهلة لقبول طلبات قيد وثائق الأحوال الشخصية
|
1/12/1954
|
كميل شمعون
|
21
|
قانون
|
قانون صادر بتاريخ 24 كانون الاول 1958 بمنح عفو عام وشمل الجرائم المرتكبة قبل تاريخ 15/11/1958 مع استثناءات واسعة
|
24/12/1958
|
فؤاد شهاب
|
22
|
قانون رقم 37/65
|
العفو العام عن جرائم المطبوعات المرتكبة قبل 6 ايار 1965
|
24/6/1965
|
شارل حلو
|
23
|
قانون رقم 57/65
|
منح عفو عام عن جرائم المطبوعات المرتكبة قبل 28/11/1965 سواء كانت من اختصاص المحاكم العدلية أم العسكرية
|
16/11/1965
|
شارل حلو
|
24
|
قانون رقم 15/67
|
العفو عن مخالفات قيد وثائق الأحوال الشخصية في حال أجريت التصريحات المطلوبة في مهلة سنتين من تاريخ نشر هذا القانون
|
10/2/1967
|
شارل حلو
|
25
|
قانون رقم 8/69
|
منح عفو عام شمل العديد من الجرائم واستثني منه مخالفات قوانين الجمارك ومخالفات قوانين الأبنية والتنظيم المدني
|
17/2/1969
|
شارل حلو
|
26
|
قانون رقم 14/69
|
منح عفو عام عن جرائم المطبوعات المرتكبة قبل 1/4/1969
|
24/4/1969
|
شارل حلو
|
27
|
قانون رقم 15/70
|
منح عفو عام عن جرائم المطبوعات سواء كانت من اختصاص المحاكم العادية أم العسكرية
|
11/12/1970
|
سليمان فرنجيه
|
28
|
قانون رقم 14/78
|
منح عفو عام عن المخالفات والعقوبات والغرامات وزيادات التأخير المتعلقة بأحكام قانون الضمان الاجتماعي على ان لا يسري على العقوبات وغرامات التأخير التي اقترنت بالتنفيذ الفعلي والنهائي قبل تاريخ العمل به
|
24/4/1978
|
الياس سركيس
|
29
|
قانون رقم 84
|
منح عفو عام عن الجرائم المرتكبة قبل تاريخ 28/3/1991 وفقاً لشروط محددة، ومنح الحكومة سلطة استثنائية لمدة سنة من تاريخ العمل بهذا القانون، لإصدار عفو خاص له مفاعيل العفو العام عن كل شخص محكوم او ملاحق بالجرائم المستثناة من قانون العفو والواقعة على أمن الدولة الخارجي، وذلك ضمن قواعد محددة
|
26/8/1991
|
الياس الهراوي
|
30
|
قانون رقم 666
|
منح عفو عام عن جرائم المخدرات المرتكبة قبل تاريخ 31/12/1995 مع النص على سقوط منحة العفو على المرتكبين إذا أقدموا بعد نفاذ هذا القانون على ارتكاب أي جرم يتعلق بالمخدرات
|
29/12/1997
|
الياس الهراوي
|
31
|
قانون رقم 677
|
منح عفو عام عن بعض الجرائم الصادرة فيها أحكام عن المجلس العدلي ومحكمة جنايات بيروت (العفو عن سمير جعجع)
|
19/7/2005
|
إميل لحود
|
32
|
قانون رقم 678
|
منح عفو عام في ملف أحداث الضنية ومجدل عنجر المحالة إلى المجلس العدلي وإلى القضاء العسكري
|
19/7/2005
|
إميل لحود
|
[1] «Amnistie: Synonyme de pardon légal. Sans effacer les faits matériels et leurs conséquences civiles, l’amnistie, prévue
par une loi, éteint l’action publique et efface la peine prononcée. (Code pénal, art. 133-9s)» - Dalloz, Lexique des termes juridiques, 21ème édition 2014, p. 60
[2] - نشر نص الدستور في ملحق العدد 1984 من الجريدة الرسمية تاريخ 25 حزيران 1926 (ص 3)
[3] - المادة 150 من قانون العقوبات الصادر بالمرسوم الاشتراعي رقم 340 تاريخ 1/3/1943
[4]- البند (9) من المادة 53 من الدستور، والمادة 150 من قانون العقوبات
[5] - نشر هذا القانون في الجريدة الرسمية عدد 43 تاريخ 26/10/1949
[6] - نشر هذا القانون في الجريدة الرسمية عدد 53 تاريخ 24/12/1958
[7] - نشر هذا المرسوم في الجريدة الرسمية عدد 36 تاريخ 5/9/1991
[8]- مراجعة الجدول رقم (1) المتعلق بقرارات العفو العام الصادرة عن المفوض السامي الفرنسي
[9]- تمّ تعليق الدستور للمرة الأولى بتاريخ 9 أيار 1932 ولغاية 22 تشرين الثاني 1934. وللمرة الثانية بتاريخ 21 أيلول 1939 ولغاية آذار 1943. وللمرة الثالثة بتاريخ 11 تشرين الثاني 1943 ولغاية 22 تشرين الثاني 1943.
[10]- المادة الأولى من القرار رقم 96-S تاريخ 14 نيسان 1925(الموعد الذي تصبح فيه المقررات التشريعية والنظامية الصادرة من المفوض السامي إجبارية عند الدول المشمولة بالانتداب)
[11]- المادة (4) من القرار رقم 96-S تاريخ 14 نيسان 1925
[12]- قرار رقم 1889 تاريخ 12 آذار سنة 1923
[13]- مراجعة الجدول رقم (2) المتعلق بالمراسيم الاشتراعية المتعلقة بالعفو العام الصادرة عن الحكومة
[14]- إدمون رباط، التكوين التاريخي للبنان السياسي والدستوري، الجزء الثاني، منشورات الجامعة اللبنانية، ص 638
[15]- محاضر مجلس النواب جلسة الهيئة العامة لمناقشة البيان الوزاري لحكومة الرئيس إميل إده المنعقدة بتاريخ 22 تشرين الثاني 1929
[16]- قانون صادر بتاريخ 26 كانون الاول 1929 يفوّض إلى الحكومة اصدار مراسيم اشتراعية (نشر في الجريدة الرسمية عدد 2288 تاريخ 27/12/1929)
[17]- المادة الأولى من المرسوم الاشتراعي رقم 11 تاريخ 8 شباط 1930 (منح عفو عام)
[18]- تمّ تعليق الدستور للمرة الأولى بتاريخ 9 أيار 1932 ولغاية 22 تشرين الثاني 1934. وللمرة الثانية بتاريخ 21 أيلول 1939 ولغاية آذار 1943. وللمرة الثالثة بتاريخ 11 تشرين الثاني 1943 ولغاية 22 تشرين الثاني 1943.
[19]- إدمون رباط، التكوين التاريخي للبنان السياسي والدستوري، الجزء الثاني، منشورات الجامعة اللبنانية، ص 642
[20] - المادة (4) من قرار المفوض السامي عدد 55 المؤرخ في 9 أيار 1932 (إيقاف تطبيق القانون الأساسي للجمهورية اللبنانية توقيفاً مؤقتاً)
[21] - مراجعة الجداول المرفقة بهذه الدراسة والمتضمنة كافة نصوص العفو العام (قوانين- مراسيم اشتراعية- قرارات مفوض سامي)
[22] - من الأسباب الموجبة للقانون الصادر بتاريخ 9/1/1936 والمُحال إلى المجلس النيابي بموجب المرسوم رقم 2532 تاريخ 2/12/1935
[23] - محاضر مجلس النواب، الدور التشريعي الثالث، العقد العادي الثاني، الجلسة السادسة عشرة المنعقدة بتاريخ 30/12/1935
[24]- أحيل هذا المشروع إلى المجلس النيابي بموجب المرسوم رقم 274 تاريخ 14/12/1943
[25]- محاضر مجلس النواب، الدور التشريعي الخامس، العقد العادي الثاني، الجلسة السابعة المنعقدة في 30/12/1943، والجلسة الأولى من العقد الاستثنائي الثاني المنعقدة بتاريخ 27/1/1944
[26]- صدر هذا القانون عن رئيس الجمهورية بتاريخ 1/2/1944 ونشر في الجريدة الرسمية عدد 5 تاريخ 2/2/1944
[27]- أحيل هذا المشروع إلى المجلس النيابي بموجب المرسوم رقم 3888/K تاريخ 14/9/1945
[28]- محاضر مجلس النواب، الدور التشريعي الخامس، العقد الاستثنائي الأول، الجلسة الخامسة المنعقدة بتاريخ 9/10/1945، والعقد العادي الثاني، الجلسة الثالثة المنعقدة بتاريخ 13/11/1945،
[29] - من الأسباب الموجبة لمشروع قانون العفو العام عن المخالفات كافة وعن الجنح المرتكبة لأسباب انتخابية في الفترة الواقعة بين أول آذار و23 نيسان سنة 1951، المُحال إلى المجلس النيابي بموجب المرسوم رقم 4851 تاريخ 8/5/1951
[30] - محاضر مجلس النواب، الدور التشريعي الثامن، العقد الاستثنائي الثاني، الجلسة الثانية المنعقدة بتاريخ 2 شباط 1954
[31] - أُعيد هذا القانون إلى المجلس النيابي بموجب المرسوم رقم 11619 تاريخ 4/1/1969
[32] - أقرّ المجلس النيابي هذا القانون في جلسته المنعقدة بتاريخ 13 شباط 1969 وصدر عن رئيس الجمهورية بتاريخ 17/2/1969 برقم 8/69
[33] - قانون صادر بتاريخ الاول من كانون الاول سنة 1954
[34] - قانون رقم 15/67 تاريخ 10 شباط سنة 1967
[35] - القانون رقم 37/65 تاريخ 24/6/1965 (العفو العام عن جرائم المطبوعات المرتكبة قبل 6 ايار 1965)، والقانون رقم 57/65 تاريخ 16/11/1965 (منح عفو عام عن جرائم المطبوعات المرتكبة قبل 28/11/1965 سواء كانت من اختصاص المحاكم العدلية أم العسكرية)، والقانون رقم 14/69 تاريخ 24/4/1969 (منح عفو عام عن جرائم المطبوعات المرتكبة قبل 1/4/1969)، والقانون رقم 15/70 تاريخ 11/12/1970 (منح عفو عام عن جرائم المطبوعات سواء كانت من اختصاص المحاكم العادية أم العسكرية)
[36] - القانون رقم 32/68 تاريخ 14/12/1968، والقانون رقم 14/78 تاريخ 24/4/1978
[37] - قانون رقم 84 تاريخ 26/8/1991، نشر في الجريدة الرسمية عدد 34 تاريخ 27/8/1991
[38] - محاضر مجلس النواب، الدور التشريعي السابع عشر، العقد الاستثنائي الاول، الجلسة الخامسة المنعقدة يوم الاثنين 26/8/1991
[39] - البند (ج) من المادة (2) من القانون رقم 84 تاريخ 26/8/1991
[40] - محاضر مجلس النواب، الدور التشريعي التاسع عشر، العقد العادي الثاني، الجلسة الرابعة المنعقدة يومي الخميس والاثنين 18و22 كانون الأول 1997
[41] - كانت المادة الثالثة من قانون المخدرات الصادر في حزيران 1948تعاقب بالحبس من سنة الى ثلاث سنوات
[42] - محاضر مجلس النواب، الدور التشريعي الواحد والعشرون، العقد الاستثنائي الثاني، الجلسة الثانية المنعقدة بتاريخ 18 تموز 2005
[43]- قرار محكمة التمييز اللبنانية رقم 9 تاريخ 12 أيار 1967، مجلة العدل 1968 رقم 315 ص 441
[44]- البند 2 من المادة (60) من المرسوم الاشتراعي رقم 112 تاريخ 12/6/1959 (نظام الموظفين)
[45]45- المادتان 36 و37 من المرسوم الاشتراعي رقم 47 تاريخ 29/6/1983 (نظام التقاعد والصرف من الخدمة)
[46]- الفقرة الأخيرة من البند ثانياً من المادة (13) من القانون رقم 54/65 تاريخ 2/10/1965 وتعديلاته (الهيئة العليا للتأديب)
[47]- محاضر مجلس النواب، الدور التشريعي الحادي عشر، العقد الاستثنائي الثالث، الجلسة الثالثة المنعقدة بتاريخ 9 أيلول 1965